تعرف على الصحابة الكرام و سيرهم الخالدة

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
الهارب من الفتن محمد بن مسلمة رضي الله عنه

الهارب من الفتن محمد بن مسلمة رضي الله عنه
إنه أبو عبد الله محمد بن مسلمة الأنصاري، أحد فضلاء الصحابة، شهد بدرًا وما بعدها من الغزوات، ولد قبل البعثة باثنتين وعشرين سنة، وكان أسمر شديد السمرة، طويلاً، أصلع الرأس، ضخم الجسم، استخلفه النبي ( على المدينة في بعض غزواته، وأمَّره على نحو (51) سرية، وكان يرسله ليأتي بالصدقات من الإمارات الإسلامية.
وآخى الرسول ( بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح، وأسلم على يد مصعب بن عمير حينما كان في المدينة، وكان أحد الذين قتلوا
كعب بن الأشرف الشاعر اليهودي الذي كان يؤذي النبي (.
وظل يجاهد في سبيل الله بعد وفاة النبي ( مع أبي بكر وعمر، وعثمان -رضي الله عنهم-.
وكان عمر -رضي الله عنه- يعتمد عليه في الأمور الصعبة، فقد بعثه إلى
سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- حين بنى لنفسه قصرًا بالكوفة، واحتجب عن الرعية، وأمره أن يحرق باب القصر، فذهب إلى هناك، وفعل ما أمره به أمير المؤمنين.
وكان -رضي الله عنه- شجاعًا في الحق، فقد روى أنه لما تولى عمر بن الخطاب الخلافة سأل قائلاً: كيف تراني يا فلان؟ فقال له: أراك والله كما أحب، وكما يحب من يحب لك الخير، أراك قويًّا على جمع المال، عفيفًا عنه، عدلاً في قسمه، ولو مِلْتَ عدلناك كما يعدل السهم في الثقاب، فقال عمر متعجبًا من شجاعته، ومسرورًا بما قال: الحمد لله الذي جعلني في قوم إذا مِلْتُ عدلوني.
وعندما قامت الفتنة الكبرى بعد مقتل عثمان، أخذ محمد بن مسلمة سيفه، وذهب إلى صخرة قوية، وأخذ يضرب السيف على الصخرة حتى كسَّر السيف، واتخذ لنفسه سيفًا من خشب، وذهب إلى الربذة وبنى لنفسه بيتًا صغيرًا جلس فيه، فقال له أصحابه: لماذا فعلت ذلك يا محمد؟ فأجابهم قائلا: أعطاني رسول الله ( سيفًا، وقال لي: (يا محمد بن مسلمة، جاهد بهذا السيف في سبيل الله، حتى إذا رأيت أمتي يضرب بعضهم بعضًا، فائت به أُحَدًا (أي: جبل أحد) فاضرب به حتى ينكسر، ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية (يعنى الموت))، وقد فعلت ما أمرني به رسول الله (. [أحمد].
ومات -رضي الله عنه- سنة (43 هـ)، وعمره (77) سنة، وترك من الولد عشرة ذكور وست بنات، وقد روى بعض الأحاديث عن رسول الله (.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
سفير الصدق حبيب بن زيد رضي الله عنه

سفير الصدق حبيب بن زيد رضي الله عنه
إنه حبيب بن زيد -رضي الله عنه- أحد الصحابة الفضلاء، وأحد الرجال السبعين الذين بايعوا النبي ( في بيعة العقبة الثانية، وكان أبوه وأمه ممن شاركوا في هذه البيعة أيضًا، وقد لازم رسول الله ( بعد الهجرة، وشهد معه الغزوات كلها، ولم يتخلف عن غزوة واحدة.
ولما ادعى مسيلمة الكذاب النبوة، وزاد إضلاله وفساده، رأى الرسول ( أن يبعث إليه رسالة ينهاه فيها عن حماقته، ووقع اختيار النبي ( على حبيب بن زيد بن عاصم ليكون سفيره إلى مسيلمة الكذاب.
وأخذ حبيب الرسالة وسافر إلى مسيلمة متمنيًا أن يكون سببًا في هدايته وعودته إلى رشده، ووصل حبيب إلى مسيلمة وأعطاه رسالة الرسول (، ولكن مسيلمة أصر على ضلاله وغروره، وأمر شرذمة من قومه أن يعذبوه أمام حشد كبير من بني حنيفة.
وظن مسيلمة أن كل هذا التعذيب سيجعل حبيبًا يؤمن به، وبذلك يحقق معجزة أمام قومه الذين دعاهم لحضور هذا المشهد، وتوجه مسيلمة بالحديث إلى حبيب قائلا: أَتَشْهَدُ أن محمدًا رسول الله؟
قال حبيب: نعم أشهد أن محمدًا رسول الله.
فأصاب الخزى مسيلمة، وعاد يسأل حبيبًا في غضب: وتشهد أني رسول الله؟ فقال حبيب في سخرية واستهزاء: أنا أصم لا أسمع، فكرر مسيلمة السؤال مرارًا، ولكن حبيبًا ظل يردد جوابه السابق، فاسودَّ وجه مسيلمة الكذاب، وفشلت خطته، فهاج، ونادى جلاده، فجاء برمحه وطعن حبيبًا، ثم قطع جسده عضوًا عضوًا، وحبيب يردِّد في إيمان صادق: لا إله إلا الله، محمد رسول الله.
وبلغ رسول الله ( نبأ استشهاد حبيب، فغضب غضبًا شديدًا، وجهز جيشًا لمحاربة مسيلمة، ولكنه ( توفي قبل توجه الجيش لمحاربته. فلما تولى أبو بكر الخلافة من بعده، لاقى مسيلمة في موقعة اليمامة تلك المعركة التي انتصر فيها المسلمون، وقُتل مسيلمة وأصحابه، وثأر المسلمون لحبيب من هذا الكذاب.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
الشهيد ذو الإبتسامة أبو حذيفة بن عتبة رضي الله عنه

الشهيد ذو الإبتسامة أبو حذيفة بن عتبة رضي الله عنه
إنه الصحابي الجليل أبو حذيفة بن عتبة -رضي الله عنه-، ابن عتبة بن ربيعة
شيخ قريش، وأخته هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان، كان من السابقين إلى الإسلام، فقد أسلم قبل دخول المسلمين دار الأرقم بن أبي الأرقم، وهاجر مع امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو إلى أرض الحبشة، وولدت له هناك ابنه محمد بن أبي حذيفة، ثم قدم على الرسول ( في مكة، فأقام بها حتى هاجر إلى المدينة، وشهد المشاهد والغزوات كلها مع النبي (.
وفي غزوة بدر، كان أبو حذيفة يقاتل في صفوف المسلمين، بينما أبوه عتبة وأخوه الوليد وعمه شيبة يقفون في صفوف المشركين، فطلب أبو حذيفة من أبيه الكافر عتبة بن شيبة أن يبارزه، فقالت أخته: هند بنت عتبة شعرًا، جعلته يصرف النظر عن مبارزة أبيه، وبعد انتهاء غزوة بدر، أمر النبي ( بسحب القتلى المشركين؛ لتطرح جثثهم في البئر، ثم وقف على حافة البئر، وخاطب المشركين، وقال: (يا أهل القليب، هل وجدتم ما وعد ربكم حقًّا فإني قد وجدت ما وعدني ربى حقًّا؟) فقالوا: يا رسول الله، تكلم قومًا موتي؟ قال: (والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون الجواب).
ورأى أبو حذيفة أباه يسحب ليرمي في البئر، فتغير لونه، وأصابه الحزن، وعرف النبي ( ذلك في وجهه، فقال له: (كأنك كاره لما رأيت) فقال: يا رسول الله، إن أبي كان رجلاً سيدًا، فرجوت أن يهديه ربه إلى الإسلام، فلما وقع الموقع الذي وقع أحزنني ذلك، فدعا رسول الله ( له بخير.
[ابن جرير].
وكان أبو حذيفة يتمنى أن يستشهد في سبيل الله، فظل يجاهد حتى توفي الرسول (، وفي عهد الخليفة أبي بكر -رضي الله عنه-، كان أبو حذيفة في أول صفوف الجيش الإسلامي المتجه إلى اليمامة لقتال مسيلمة الكذاب، وتحقق لأبي حذيفة ما كان يتمناه من الشهادة في سبيل الله فوقع شهيدًا، وعلى وجهه ابتسامة لما رأى من منزلته عند ربه.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
راهب الليل عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

راهب الليل عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

إنه الصحابي الكريم عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ولد بعد البعثة النبوية الشريفة بثلاث سنوات، وعندما هاجر كان عمره إحدى عشرة سنة، وفي غزوة أحد أراد أن يخرج للجهاد، فعرض نفسه على النبي ( فردَّه لصغر سنه، وفي غزوة الخندق ظل يلح على النبي ( حتى وافق على خروجه، وكان عمره خمس عشرة سنة، واستمر بعد ذلك يجاهد في جميع الغزوات والمواقع.
وكان -رضي الله عنه- يتبع آثار النبي ( ويقتدي به في جميع أموره؛ لدرجة أنه كان يتحرى أن يصلي في كل مكان صلى فيه النبي (، ويسير في كل طريق سار فيه، رجاء أن توافق صلاته أو مشيته مكانًا صلى فيه الرسول ( أو سار فيه، وعلم أن النبي ( نزل تحت شجرة يستظل بها، فكان عبدالله ينزل عندها، ويتعهدها بالسقي فيصب في جذرها حتى لا تيبس. [ابن سعد].
يقول عبد الله: كان الرجل في حياة النبي ( إذا رأى رؤيا قصها على النبي (، فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي (، وكنت غلامًا شابًا، وكنت أنام في المسجد على عهد النبي (، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان، وإذا فيها أناس قد عرفتهم فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، فلقينا ملك آخر، فقال لي: لم ترع (لا تخف)، فقصصتها على حفصة (أخته وزوج النبي ()، فقصتها حفصة على النبي (، فقال: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل) قال سالم: فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلاً [متفق عليه]. وكان إذا فاتته العشاء في جماعة، أحيي بقية ليلته. [أبو نعيم]، وكان لعبد الله مهراس (حجر مجوف) يوضع فيه الماء للوضوء فيصلي ما قدر له، ثم يصير إلى الفراش فيغض إغفاء الطائر (ينام نومًا قصيرًا)، ثم يقوم فيتوضأ ويصلي، يفعل ذلك في الليل أربع مرات أو خمسًا. [ابن المبارك].
وكان عبد الله من أهل التقوى والورع والعلم، وكان مع علمه الشديد يتحرى في فتواه، ويخاف أن يفتي بدون علم، وقد جاءه يومًا رجل يستفتيه في شيء، فأجابه معتذرًا: لا علم لي بما تسأل عنه، ثم فرح وقال: سئل ابن عمر عما لا يعلم فقال: لا أعلم. وقال عنه ميمون بن مهران: ما رأيت أتقى من ابن عمر.
وكان كارهًا لمناصب الدنيا، خائفًا من تحمل أعبائها، وقد أرسل إليه
عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وعرض عليه منصب القضاء فرفض ابن عمر، وكان عبد الله يحب الحق ويكره النفاق، وقد جاء إليه عروة بن الزبير بن العوام وقال له: يا أبا عبد الرحمن، إنا نجلس إلى أئمتنا هؤلاء فيتكلمون بالكلام، ونحن نعلم أن الحق غيره فنصدقهم، ويقضون بالجور (أي يحكمون بين الناس بغير الحق) فنقويهم ونحسنه لهم، فكيف ترى في ذلك؟! فقال ابن عمر لعروة: يابن أخي، كنا مع رسول الله ( نعدَّ هذا النفاق، فلا أدرى كيف هو
عندكم؟!
وذات يوم رأى رجلاً يمدح رجلاً آخر، فأخذ ابن عمر ترابًا ورمى به في وجهه وقال له: إن رسول الله ( قال: (إذا رأيتم المدَّاحين فاحثوا (ألقوا) في وجوههم التراب) [مسلم]. وكان رقيق القلب، حسن الطباع، لا يسمع ذكر النبي ( إلا بكى، وما كان يمر بمسجده وقبره ( إلا بكى حبًّا وشوقًا إليه.
وكان حسن الخلق لم يلعن خادمه قط، ولم يسَبَّ أحدًا طوال حياته، وقد ارتكب خادمه خطأ ذات مرة فهمَّ أن يشتمه، فلم يطاوعه لسانه، وندم على ما همَّ به فأعتقه لوجه الله تعالى، وكان قارئًا للقرآن، خاشعًا لله، وكلما قرأ أو سمع آية فيها ذكر القيامة بكى حتى تبتل لحيته من كثرة الدموع، فعن نافع قال: كان ابن عمر إذا قرأ: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله} [الحديد: 16] بكى حتى يغلبه البكاء. [أبو نعيم].
وكان يعظم صحابة النبي ( ويعرف قدرهم، وكان يخرج إلى السوق من أجل السلام على المسلمين فقط، وكان كثير التصدق وجوادًا كريمًا يكثر الإنفاق في سبيل الله، وكان إذا أحب شيئًا أو أعجب به أنفقه في سبيل
الله، وكان من أشد الناس زهدًا في نعيم الدنيا، ومن أحسن الناس حبا لفعل
الخير، فيحكى أنه كان مريضًا فقال لأهله: أني أشتهي أن آكل سمكًا فأخذ الناس يبحثون له عن سمك فلم يجدوا إلا سمكة واحدة بعد تعب شديد، فأخذتها زوجته صفية بنت أبي عبيدة فأعدتها، ثم وضعتها أمامه فإذا بمسكين يطرق الباب، فقال له ابن عمر: خذ هذه السمكة، فقال أهله: سبحان الله! قد أتْعَبتنا حتى حصلنا عليها، وتريد أن تعطيها للمسكين؟! كلْ أنت السمكة وسنعطي له درهما فهو أنفع له يشتري به ما يريد.
فقال ابن عمر: لا أريد أن أحقق رغبتي وأقضي شهوتي، إنني أحببت هذه السمكة فأنا أعطيها المسكين إنفاقًا لِمَا أُحِبُّ في سبيل الله.
[ابن سعد وأبو نعيم والهيثمي].
وبينما كان عبد الله -رضي الله عنه- يؤدي فريضة الحج أصابه سن رمح كان مع أحد الرجال في منى فجرحه، فأدى هذا الجرح إلى وفاته، ودفن بمكة في سنة (73هـ)، وقد روى كثيرًا من أحاديث الرسول (، حيث روى ألفين وست مئة وثلاثين حديثًا
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
شاعر الرسول حسان بن ثابت رضي الله عنه

شاعر الرسول حسان بن ثابت رضي الله عنه
إنه الصحابي الجليل حسان بن ثابت بن المنذر الأنصاري -رضي الله عنه-، وكان يكنى أبا عبد الرحمن، وأبا الوليد، وأبا الحسام، ويقال له: شاعر رسول الله (. وهو أحد فحول الشعراء، وكان شعره في الجاهلية من أجود الشعر، قال عنه أبو عبيدة: فُضِّل حسان على الشعراء بثلاث: كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر النبي ( في أيام النبوة، وشاعر اليمن كلها في الإسلام.
وكان ( يضع له منبرًا في المسجد وهو ينشد الشعر، ويقول: (إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما ينافح (يدافع) عن رسول الله (
) [أحمد والترمذي]، وقال له النبي :) (اهج -يعنى المشركين- وجبريل معك) [البخاري]، وقال له :) (اهج قريشًا، فإنه أشد عليهم من رشق النبل) [مسلم].
وعندما استأذن حسان النبي ( في هجاء قريش، قال له :) (فكيف بنسبي؟) فقال: والله لأسلنَّك (أنزعك) منهم كما تُسلُّ الشعرة من العجين. [البخاري]، فقال له :) (إيت أبا بكر، فإنه أعلم بأنساب القوم منك)، فكان حسان يذهب إلى أبي بكر ليعرف منه أنسابهم. فلما سمعت قريش هجاء حسان لهم، قالوا: إن هذا الشعر ما غاب عنه ابن أبي قحافة (أي: أبا بكر). وقد هجا حسان أبا سفيان، قائلاً:
هَجَوْتَ مُحَمّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ وَعَنْدَ اللَّهِ في ذَاكَ الجــَزَاءُ
هَجَوْتَ مُطَهرًا بـــرَّا حَنِيفًا أمين الله شِيمتُه الوفــاءُ
فإنَّ أبي وَوَالِدَتِي وَعِرضي لِعِرْضِ مُحَمّدٍ مِنْكُم وِقَاءُ
وقد أعطاه النبي ( جارية اسمها سيرين، وهى التي أرسلها المقوقس حاكم مصر هدية له ( مع أختها مارية، فتزوجها حسان، وأنجبت له عبد الرحمن. وقال حسان في وصف النبي :)
مَتَى يَبْدُ في الدَّاجِي البَهيمِ جَبِينـُه يَلُحْ مثلَ مِصْبَاحِ الدُّجى المتوقدّ
فَمَنْ كَانَ أوْ مَنْ قَدْ يَكُونُ كأَحْمَدٍ نِظَام لحقِّ أوْ نِكَال لِملْحِــدِ
ومرَّ به عمر وهو ينشد الشعر في المسجد، فقال: أتنشد مثل هذا الشعر في مسجد رسول الله (. فقال حسان: لقد كنت أنشد وفيه من هو خير منك (أي: النبي ()، فسكت عمر.
[متفق عليه].
وقيل لحسان: ضعف شعرك في الإسلام يا أبا الحسام. فقال: إن الإسلام يمنع من الكذب، وإن الشعر يزينه الكذب، والشعر الجيد يقوم على المبالغة في الوصف، والتزيين بغير الحق، وذلك كله كذب. وتوفي حسان في خلافة عليّ، وعمره مائة وعشرون عامًا، ستون منها في الجاهلية، وستون في الإسلام.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
الذي أطعمه الله وسقاه أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه

الذي أطعمه الله وسقاه أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه
إنه أبو أمامة الباهلي صدى بن عجلان -رضي الله عنه-، وعندما أسلم، وبعثه رسول الله ( إلى قومه باهلة يدعوهم إلى الله عز وجل، ويعرض عليهم شرائع الإسلام، فلما جاءهم قالوا له: سمعنا أنك صبوت (أسلمت) إلى هذا الرجل الذي يدعى محمدًا، فقال أبو أمامة لهم: لا ولكن آمنت بالله ورسوله، وقد أرسلني رسول الله إليكم أدعوكم إلى عبادة الله الواحد الأحد، وأعرض عليكم الإسلام، ثم أخذ أبو أمامة يحدثهم عن الإسلام ويدعوهم إليه، ولكنهم أصروا على الشرك وعبادة الأوثان.
فلما أطال الحديث معهم، ويئس منهم، قال لهم: ويحكم، ايتوني بشربة ماء، فإني شديد العطش وكان عليه عمامة، فقالوا له: لا، ولكن ندعك تموت عطشًا، فحزن أبو أمامة وضرب رأسه في عمامته ونام، وكان الحر شديدًا، فأتاه آت في منامه حسن المنظر بإناء فيه شراب، لم ير الناس أجمل منه لونًا وطعمًا، فأخذه منه، وشرب حتى ارتوى.
فلما شبع من الشراب، استيقظ من نومه، فلما رآه القوم قد استيقظ قال رجل منهم: يا قوم أتاكم رجل من سراة القوم فلم تتحفوه (أي تعطوه ما يريد)، فأتوني بلبن، فقال له أبو أمامة: لا حاجة لي به، إن الله أطعمني وسقاني، ثم أظهر لهم بطنه، فلما رأوا بطنه مملوءة، وليس به عطش ولا جوع قالوا له: ماذا حدث يا أبا أمامة، فحكى لهم ما رآه في منامه فأسلموا جميعًا.
وقال أبو أمامة بعد تلك الشربة: فوالله ما عطشت، ولا عرفت عطشًا بعد تيك (تلك) الشربة
) [الطبراني والحاكم والبيهقي].
وكان -رضي الله عنه- يحب الجهاد في سبيل الله، وفي يوم بدر أراد أن يخرج مع رسول الله (، فقال له خاله أبو بردة بن نيار: ابق مع أمك العجوز؛ لتقض حاجتها، فقال له أبو أمامة: بل ابق أنت مع أختك. وظل كل منهما يريد أن يخرج مع الرسول ( للجهاد، فاحتكما إلى رسول الله ( في ذلك، فأمر رسول الله ( أبا أمامة أن يبقى مع أمه.
وظل -رضي الله عنه- ملازمًا النبي ( في جميع غزواته لا يتخلف عن غزوة ، ولا يتقاعس عن جهاد. وشارك -رضي الله عنه- في جميع الحروب مع خلفاء الرسول (.
وتوفي أبو أمامة الباهلي بحمص في الشام سنة (81هـ)، وقيل سنة (86هـ)، وكان عمره (91) سنة، وقيل: إنه آخر من مات بالشام من صحابة رسول الله (.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
صاحب سر رسول الله حذيفة بن اليمان رضي الله عنه

صاحب سر رسول الله حذيفة بن اليمان رضي الله عنه
إنه الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-، كان يكنَّى أبا عبد الله، دخل هو وأبوه اليمان في دين الإسلام، وحاَلفَ أبوه بني عبد الأشهل من الأنصار، وعندما توجها إلى المدينة أخذهما كفار قريش، وقالوا لهما: إنكما تريدان محمدًا، فقالا: ما نريد إلا المدينة، فأخذ المشركون عليهما عهدًا أن ينصرفا إلى المدينة، ولا يقاتلا مع النبي (، فلما جاءت غزوة بدر أخبرا النبي ( بعهدهما مع المشركين، فقال لهما النبي :) (انصرفا نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم) [مسلم].
وشارك حذيفة وأبوه في غزوة أحد، وأثناء القتال، نظر حذيفة إلى أبيه، فرأى المسلمون يريدون قتله ظنًّا منهم أنه من المشركين، فناداهم حذيفة يريد أن ينبههم قائلاً: أي عباد الله! أبي، فلم يفهموا قوله حتى قتلوه، فقال حذيفة: يغفر الله لكم، وأراد النبي ( أن يعطيه دية لأبيه، ولكن حذيفة تصدق بها على المسلمين.
وفي غزوة الأحزاب، حيث كان المشركون متجمعين حول المدينة، أراد الرسول ( أن يعرف أخبارهم، وطلب من الصحابة أن يقوم رجل
منهم ويتحسس أخبارهم، قائلاً: (من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم، ثم يرجع، أسأل الله تعالى أن يكون رفيقي في الجنة؟) فما قام رجل من القوم من شدة الخوف، وشدة الجوع وشدة البرد، قال حذيفة: فلما لم يقم أحد دعاني رسول الله ( فلم يكن لي بد من القيام حيث دعاني، فقال: (يا حذيفة، اذهب فادخل في القوم فانظر ماذا يصنعون، ولا تُحْدِثَنَّ شيئًا
حتى تأتينا).
فذهبت فدخلت في القوم، والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل، لا تقر لهم قدرًا ولا نارًا ولا بناء، فقام أبو سفيان، فقال: يا معشر قريش، لينظر امرؤ من جليسه؟ قال حذيفة: فأخذت بيد الرجل الذي كان إلى جنبي، فقلت: من أنت؟ قال: فلان بن فلان، ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش، إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع والخف، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، فارتحلوا إني مرتحل. وعاد حذيفة إلى النبي ( وأخبره بما حدث.
وذات يوم دخل حذيفة المسجد فوجد الرسول ( يصلي، فوقف خلفه يصلي معه، فقرأ النبي ( سورة الفاتحة ثم البقرة ثم النساء ثم آل عمران في ركعة واحدة، وإذا مَرَّ النبي ( بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرَّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ استعاذ...)_[مسلم].
وقد استأمنه الرسول ( على سرِّه، وأعلمه أسماء المنافقين، فكان يعرفهم واحدًا واحدًا، وكان عمر ينظر إليه إذا مات أحد من المسلمين، فإذا وجده حاضرًا جنازته علم أن الميت ليس من المنافقين فيشهد الجنازة، وإن لم يجده شاهدًا الجنازة لم يشهدها هو الآخر. وقال علي -رضي الله عنه-: كان أعلم الناس بالمنافقين، خَيَّرَه رسول الله ( بين الهجرة والنصرة فاختار النصرة.
ودخل حذيفة المسجد ذات مرة فوجد رجلا يصلي ولا يحسن أداء الصلاة، ولا يتم ركوعها ولا سجودها، فقال له حذيفة: مُذْ كم هذه صلاتك؟ فقال الرجل: منذ أربعين سنة، فأخبره حذيفة أنه ما صلى صلاة كاملة منذ أربعين سنة، ثم أخذ يعلِّمه كيف يصلي.
وكان حذيفة فارسًا شجاعًا، وحينما استشهد النعمان بن مقرن أمير جيش المسلمين في معركة نهاوند، تولى حذيفة القيادة، وأخذ الراية وتم للمسلمين النصر على أعدائهم، وشهد فتوح العراق وكان له فيها مواقف عظيمة.
وعرف حذيفة بالزهد، فقد أرسل إليه عمر مالاً ليقضي به حاجته، فقسم حذيفة هذا المال بين فقراء المسلمين وأقاربه، وأرسله عمر أميرًا على المدائن، وكتب لأهلها أن يسمعوا لحذيفة، ويطيعوا أمره، ويعطوه ما يسألهم، وخرج حذيفة متوجهًا إلى المدائن، وهو راكب حمارًا، وبيده قطعة من اللحم، فلما وصل إلى المدائن قال له أهلها: سلنا ما شئت. فقال حذيفة: أسألكم طعامًا آكله، وعلف حماري ما دمت فيكم. وظل حذيفة على هذا الأمر، لا يأخذ من المال قليلاً ولا كثيرًا إلا ما كان من طعامه وعلف حماره.
وأراد عمر أن يرى حال حذيفة وما أصبح فيه، فكتب إليه يطلب قدومه إلى المدينة، ثم اختبأ في الطريق حتى يرى ماذا جمع؟ فرآه على نفس الحال التي خرج بها، فخرج إليه فرحًا سعيدًا يقول له: أنت أخي وأنا أخوك. وكان عمر يقول: إني أتمنى أن يكون ملء بيتي رجالا مثل أبي عبيدة ومعاذ بن جبل وحذيفة بن اليمان أستعملهم في طاعة الله.
وكان حذيفة -رضي الله عنه- يحب العزلة ويقول: لوددت أن لي مَنْ يصلح من مالي (يدير شئونه)، وأغلق بابي فلا يدخل عليَّ أحد، ولا أخرج إليهم حتى ألحق بالله.
وذات مرة غضب الناس من أحد الأمراء، فأقبل رجل إلى حذيفة في المسجد فقال له: يا صاحب رسول الله ( ألا تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فرفع حذيفة رأسه، وعرف ما يريد الرجل، ثم قال له: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لحسن، وليس من السنة أن تشهر (ترفع) السلاح على أميرك. وقد سئل: أي الفتنة أشد؟ فقال: أن يعرض عليك الخير والشر، فلا تدري أيهما تركب. وقال لأصحابه: إياكم ومواقف الفتن، فقيل له، وما مواقف الفتن يا أبا عبد الله؟ قال: أبواب الأمراء، يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب ويقول له ما ليس فيه. وتُوفي -رضي الله عنه- سنة (36هـ).
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
معلم الخير عبادة بن الصامت رضي الله عنه

معلم الخير عبادة بن الصامت رضي الله عنه
إنه الصحابي الجليل أبو الوليد عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-، أحد أفراد وفد الأنصار الذين جاءوا إلى مكة ليبايعوا رسول الله ( بيعة العقبة الأولى، وكان أحد الاثني عشر نقيبًا الذين اتخذهم الرسول ( نقباء على أهليهم وعشائرهم.
وواحد من أولئك الذين قال فيهم رسول الله :) (لو أن الأنصار سلكوا واديًا أو شعبًا، لسلكت في وادي الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرءًا من الأنصار) [البخاري].
وقد شهد بدرًا وأحدًا والخندق والغزوات كلها مع رسول الله (، ولم يتخلف عن مشهد، وهو أحد الذين ساهموا في جمع القرآن زمن النبي (.
وقد كان ولاؤه لله ورسوله عظيمًا، حيث يُروى أن قومه كانوا مرتبطين بعهد مع يهود بني قينقاع بالمدينة قبل مجيء النبي ( إليها، ولما هاجر الرسول ( وأصحابه واستقروا بها، وتجمعت قبائل اليهود عقب غزوة بدر، وافتعلت إحدى قبائلهم وهم بنو قينقاع أسبابًا للفتنة والصدام مع المسلمين، فلما رأى عبادة موقفهم هذا نبذ إليهم عهدهم قائلا: إنما أتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ إلى الله ورسوله من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم.
فنزل القرآن مؤيدًا موقفه هذا قائلاً: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} إلى أن قال: {ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون} [المائدة: 51-56].
لقد سمع عبادة بن الصامت رسول الله ( يومًا وهو يتحدث عن مسئولية الأمراء والولاة، والمصير الذي ينتظر من يفرط منهم في حق من حقوق المسلمين، قائلاً: (والذي نفس محمد بيده، لا ينال أحد منكم منها شيئًا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه) [مسلم]، فأقسم عبادة بالله ألا يكون أميرًا على اثنين.
ولما فتح المسلمون الشام أرسل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عبادة ومعاذ بن جبل وأبا الدرداء إلى أهلها؛ ليعلموهم القرآن ويفقهوهم في الدين، فأقام عبادة بحمص، ثم انتقل منها إلى فلسطين؛ حيث تولى القضاء بها، فكان بذلك أول من تولى قضاء فلسطين.
وفي سنة (34 هـ) توفي عبادة بالرَّمْلَة من أرض الشام -وقيل ببيت المقدس-، فرضي الله عنه وأرضاه.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
الشهيد القارئ سعد بن عبيد رضي الله عنه

الشهيد القارئ سعد بن عبيد رضي الله عنه
إنه أبو عمير سعد بن عبيد بن النعمان الأنصاري الأوسي -رضي الله عنه-، أسلم قبل الهجرة، وعمل على نشر الإسلام بالمدينة، فأسلم معه جماعة من الأنصار، ولما هاجر النبي ( ورأى ما صنعه سعد، جعله إمامًا لمسجد قباء الذي بناه رسول الله (، ولقبه بالقارئ، ولم يلقب بهذا اللقب غيره، ثم جاء أبو بكر فأقرّه على إمامة المسجد، وكذلك فعل عمر بن الخطاب.
وكان سعد أحد الأنصار الأربعة الذين جمعوا القرآن الكريم على عهد رسول (، ولم ينصرف سعد إلى العلم والتفقه في الدين فقط، بل وهب روحه ونفسه في سبيل الله، واشترك في الجهاد ضد المشركين في بدر وأحد، وفي كل المشاهد مع رسول الله (.
وخرج -رضي الله عنه- مع جيش أسامة وتحت إمرته لقتال الروم، كما أذن له الصديق -رضي الله عنه- في الخروج إلى العراق للجهاد في سبيل الله، وحمله أمانة تعليم المسلمين والقضاء فيما بينهم، فخرج سعد القارئ -رضي الله عنه- خلف قائده أبي عبيد بن مسعود الثقفي -رضي الله عنه- يبارز بالسيف، ويعلم بالقلم.
ثم خرج في جيش المسلمين تحت إمرة سعد بن أبي وقاص في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى بلاد كسرى في العراق؛ ليواصل جهاده هناك، لتكون كلمة الله هي العليا.
ويبدأ الجيش المسلم سلسلة من اللقاءات الحاسمة مع أعداء الله، بدأها بلقاء مع ملك الحيرة وحليف كسرى، الملك العربي النصراني المنذر بن النعمان بن المنذر.
واصطف الجيشان، وبدأ ملك الحيرة يخطب في جيشه؛ ليشجعهم على القتال، ويشعل الحماسة في قلوبهم، وبينما هو كذلك إذ صاح الحاجب: رسول من قائد الأعداء يطلب مقابلتك أيها الملك.
فحدث بين صفوف الجيش هرج ومرج، فقال ملك الحيرة غاضبًا: ائتني به. فدخل القارئ مرفوع الرأس، ثابت الخطأ يدكُّ الأرض برجله وسيفه، وهو يخترق تلك الجموع الحاشدة التي تأهبت لقتال المسلمين ثم وقف أمام الملك، فقال قائد الحرس لسعد القارئ: قبل الأرض تحية للملك.
فنظر القارئ باستخفاف واستنكار قائلا: الله أمرنا ألا يسجد بعضنا لبعض، ولعمري إن هذه كانت العادة المعروفة في الجاهلية قبل أن يبعث الله نبيه محمدًا (، فلما بعث جعل تحيته السلام، أما تحيتكم هذه فهي تحية جبابرة الملوك. اضطرب ملك الحيرة، وارتاع من جرأته، فأسرع صائحًا: ويح قومك! ما الذي جئت لأجله.
فعرض عليهم سعد الإسلام وخيّرهم بين ثلاثة أمور: إما الإسلام، أو الجزية، أو هي الحرب.
فقال له الملك: لقد حدثتكم أنفسكم بالأباطيل، أظننتم أن الفرس مثل الروم؟ كلا، وحق المسيح، إنهم أثبت وأشد، وهذا الملك أزدشير ملك الفرس قد جمع لكم جيوشه وعساكره، وسينالون منكم. فرد سعد القارئ في حزم وقوة: أيها الملك لقد تشرفت بالباطل، وتفوهت بكلام غير عاقل، أما علمت أن العاقبة للمتقين، وأن الله بكرمه يرفع عنا البأس، ويظفرنا بجميع الناس، وإن نبينا ( قال: (ستفتح على أمتي كنوز كسرى وقيصر) فأما كنوز قيصر فقد فتحها الله علينا، وبقيت كنوز صاحبك.
فزاد غضب ملك الحيرة حتى فقد صوابه، فقال: ما عندنا جواب إلا السيف. ورجع القارئ إلى المعسكر، وأخبر قائده سعد بن أبي وقاص بالأمر، وما هي إلا فترة وجيزة حتى زحفت قوات الحق على أهل الباطل، فتطايرت الرءوس، وعلت الصيحات، وكتب الله النصر للمسلمين.
وتقدم المسلمون نحو القادسية، وهناك كانت جيوش الفرس في أوج أهبتها واستعدادها؛ فقد جمعت عدتها وعتادها في انتظار المسلمين.
وظلت الحرب دائرة يومين، وفي مساء اليوم الثالث، أخذ القارئ يحدث الناس، ويحمسهم، ويحثهم على الصبر والإخلاص، ويرغبهم في الشهادة، وما أعده الله للشهيد من فضل وكرامة، وقال لأصحابه: إنا مستشهدون غدًا، فلا تكفنونا إلا في ثيابنا التي أُصِبْنَا فيها.
وفي الصباح كتب الله للمسلمين النصر، وأنعم الله على القارئ بما كان يتمناه، فاستشهد في سبيل الله.
وقد روى سعد القارئ -رضي الله عنه- كثيرًا من أحاديث النبي (، وترك بنين وبنات، أشهرهم ابنه عمير الذي ولاه أمير المؤمنين
عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ولاية الشام.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
المؤمن المنيب أبو موسى الأشعري رضي الله عنه

المؤمن المنيب أبو موسى الأشعري رضي الله عنه
إنه الصحابي الجليل عبدالله بن قيس بن سليم، المعروف بأبي موسى الأشعري، وقد رزقه الله صوتًا عَذْبًا فكان من أحسنِ الصحابة صوتًا في قراءة القرآن، قال عنه الرسول :) (لقد أُعْطِىَ أبو موسى مزمارًا من مزامير آل داود) [النسائي].
وقد مَرَّ به النبي ( ومعه السيدة عائشة، فوجداه يقرأ القرآن في بيته، فاستمعا لقراءته، فلما أصبح أخبره النبي ( بذلك، فقال أبو موسى: لو أعلم بمكانك لحبَّرْتُه لك تحبيرًا (أي جودته وحسنته).
وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كلما رأى أبا موسى دعاه؛ ليتلو عليه من كتاب الله، وقال له: شوِّقْنَا إلى ربنا يا أبا موسى.
وقد جاء أبو موسى إلى مكة قبل ظهور الإسلام، واشتهر بين أهل مكة بالتجارة وحسن المعاملة، ولما ظهر الإسلام، ودعا رسول الله ( إليه، أسرع أبو موسى ليعلن إسلامه، ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ثم طلب من النبي ( أن يرجع إلى قومه بني أشعر ليدعوهم إلى الله، وينشر بينهم الإسلام، ويعلمهم أمور الدين الحنيف، فأذن له رسول الله (.
فذهب أبو موسى إلى قومه، وأخذ يدعوهم إلى الإسلام، فاستجاب له كثيرون، فهاجر بهم إلى الحبشة، وكان عددهم يزيد على الخمسين رجلا، من بينهم شقيقاه؛ أبو رُهْم وأبو عامر، وأمه ظبية بنت وهب، وبعض النساء والصبيان.
وبعد أن هاجر الرسول ( إلى المدينة، واستقر له الأمر فيها، هاجر المسلمون من الحبشة إلى المدينة، وكان أبو موسى الأشعري وقومه من هؤلاء المهاجرين، وقد قال النبي ( لأصحابه: (يَقْدُمُ عليكم غدًا قوم هم أرقُّ قلوبًا للإسلام منكم).
فقدم الأشعريون، ولما اقتربوا من المدينة كانوا يقولون: غدًا نلقى الأحبة محمدًا وحزبه، ولما دخل أبو موسى الأشعري وقومه المدينة قال لهم الرسول :) (لكم الهجرة مرتين؛ هاجرتم إلى النجاشي، وهاجرتم إليَّ)
[متفق عليه].
ولما نزل قول الله تعالى: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} [المائدة: 54]، قال النبي :) (هم قومك يا أبا موسى وأومأ (أشار) إليه)
[ابن سعد والحاكم].
واستعمله النبي ( على زُبيد وعَدَن، وغزا أبو موسى وجاهد مع النبي ( حتى قيل عنه: سيد الفوارس أبو موسى.
[ابن سعد]. ودعا له النبي ( فقال: (اللهم اغفر
لعبد الله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مدخلا كريمًا
) [متفق عليه].
وذات ليلة كان النبي ( واقفًا عند باب المسجد مع خادمه بريدة، فوجدا أبا موسى يصلي بخشوع وخضوع فقال النبي ( له: (يا بريدة أتراه يرائي؟) قال بريدة: الله ورسوله أعلم. قال: (بل هو مؤمن منيب، لقد أعطى مزمارًا من مزامير آل داود)، فأتاه بريدة فوجد الرجل الذي مدحه الرسول ( وأثنى عليه هو أبو موسى فأخبره. [مسلم].
وكان النبي ( يضرب بالأشعريين المثل في تكافلهم وتعاونهم فيقول: (إن الأشعريين إذا أرملوا (افتقروا) في الغزو، أو قلَّ طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم بالسَّوية، فهم منِّي وأنا منهم) [البخاري].
وظل أبو موسى الأشعري مصاحبًا رسول الله ( طوال حياته، وبعد وفاة الرسول ( اشترك أبو موسى في حروب الردة في عهد خليفة المسلمين أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، وجاهد فيها جهادًا حسنًا.
وكان أبو موسى -رضي الله عنه- متواضعًا، يروى أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ولاه إمارة البصرة، فقال أبو موسى لأهلها حين وصل إليهم: بعثني إليكم أمير المؤمنين أعلِّمكم كتاب ربكم -عز وجل- وسنة نبيكم (، وأنظف لكم طرقكم. فتعجب القوم إذ كيف ينظف الأمير طرق المدينة.
وكان أبو موسى بحرًا في العلم والفقه وأمور الدين، فقد قال عنه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حين سُئِلَ عن علمه: صُبغ في العلم صبغة.
وغزا أبو موسى بالبصريين ابتغاء الأجر والثواب من الله -عز وجل-، فافتتح الأهواز، كما فتح الرها وسميساط وغير ذلك، وظل واليًا على البصرة في خلافة عثمان بن عفان حتى طلب أهل الكوفة من أمير المؤمنين أن يوليه عليهم، فوافق الخليفة عثمان على ذلك، وأقرَّه أميرًا على الكوفة.
ومكث أبو موسى في إمارة الكوفة حتى استشهد عثمان -رضي الله عنه-، وجاء من بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، فعاد أبو موسى إلى مكة المكرمة، وعكف على العبادة والصلاة حتى توفي -رضي الله عنه- سنة (42) من الهجرة.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
فادي النبي قتادة بن النعمان رضي الله عنه

فادي النبي قتادة بن النعمان رضي الله عنه
إنه الصحابي الجليل قتادة بن النعمان -رضي الله عنه-، أحد الأنصار الذين شهدوا بيعة العقبة، وعاهدوا الرسول ( على أن ينصروه ويمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم ونساءهم وأبناءهم، ووفوا له بعهدهم، فرضوان الله عليهم أجمعين.
جاهد قتادة مع الرسول ( جهادًا عظيمًا، وعندما اشتد القتال يوم أحد، ولاحت في سماء المعركة هزيمة المسلمين؛ انتهز المشركون هذه الفرصة ليتخلصوا من رسول الله (، خاصة بعد أن انفضّ عنه أكثر أصحابه، ولم يبق معه إلا قليل، وكان قتادة -رضي الله عنه- واحدًا من أولئك القليل، وكان الرسول ( قد دفع إليه قوسًا، فأخذها وظل يرمي بها بين يدي رسول الله ( حتى لم تعد صالحة للرمي؛ فوجد قتادة -رضي الله عنه- نفسه، وليس معه ما يدافع به عن نبيه (، وهو أحب الناس إليه، فوضع جسده أمام رسول الله ( ليتلقى عنه السهام المصوبة نحوه.
فأصاب سهم وجهه فسالت منه عين قتادة -رضي الله عنه- على خده، ورأى الصحابة أن عين قتادة بن النعمان قد أصيبت، فسالت حدقته على وجنته، ورأى الصحابة ما أصاب أخاهم فأشاروا عليه بقطعها، ولكنه ذهب إلى رسول الله ( وهو يحمل عينه في كفه، فلما رآه رسول الله ( رقَّ له، ودمعت عيناه، وقال: (اللهم إن قتادة قد وقى وجه نبيك بوجهه، فاجعلها أحسن عينيه وأحدَّهما نظرًا) [ابن عبد البر]، فاستجاب الله لدعوة نبيه (.
فما أروع التضحية بالنفس الغالية، انتصارًا لدين الله، وإبقاء على حياة رسول الله (، وما أعظم الجزاء من الله -عز وجل-.
وفي ليلة مظلمة من ليالي الشتاء شديدة البرد؛ حيث يقل الساعون إلى المسجد للصلاة، تحن نفس قتادة -رضي الله عنه- إلى رؤية النبي (، ويقول في نفسه: لو أتيت رسول الله ( وشهدت معه الصلاة وآنسته بنفسي، فقام وخرج إلى المسجد؛ فلما دخل برقت السماء (أضاءها البرق) فرآه رسول الله ( فقال: (ما السُّري يا قتادة؟)، ما هاج عليك (أي ما الذي أخرجك في هذه الليلة). فقال قتادة -رضي الله عنه-: إن شاهد الصلاة الليلة قليل؛ فأحببت أن أشهدها معك بأبي أنت وأمي وأؤنسك بنفسي. فقال: (فإذا صليت فأت). قال قتادة: فأتيته؛ فقال: خذ هذا العرجون فتحصَّن به، فإنك إذا خرجت أضاء لك عشرًا (أي أمامك وعشرًا خلفك)، ثم قال لي: (فإذا دخلت البيت ورأيت سوادًا في زاوية البيت فاضربه قبل أن يتكلم فإنه شيطان)، فلما دخلت البيت وجدته كما وصف لي، فضربته حتى خرج من بيتي.
[أحمد].
وكرامة ثالثة يرويها المفسرون أكرم الله بها قتادة -رضي الله عنه-، فقد كان رفاعة بن زيد -رضي الله عنه- عمًا لقتادة بن النعمان -رضي الله عنه- وكانت له مشربة (غرفة) يضع فيها طعامه وشرابه، فعمد رجل من المنافقين اسمه
بشر بن أبيرق إلى تلك المشربة فنقبها (أحدث بها فتحة)، وأخذ ما فيها من طعام وسلاح.
فلما أصبحوا جاء قتادة إلى عمه فأخبره بالخبر، فأخذا يتحسسان الأمر ليعلما من الذي اعتدى على غرفتهما، وأخذ الطعام والسلاح إلى أن تأكد لهما أن الذي صنع ذلك هو ابن أبيرق، فقال رفاعة لابن أخيه: لو أتيت رسول الله (، فقلت: يا رسول الله، إن أهل بيت منا أهل جفاء، عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد فنقبوا شربة له، وأخذوا سلاحه وطعامه، فليردوا علينا سلاحنا، وأما الطعام فلا حاجة لنا فيه.
ولكن المنافقين من بني أبيرق ومن ناصرهم لا يفقهون، عمدوا إلى رسول الله ( فكذبوا عليه ليضلوه، قالوا: يا رسول الله، إن
قتادة بن النعمان وعمه عمدا إلى أهل بيت من أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة، وكذبوا، ورسول الله ( بشر لا يعلم من الغيب شيئًا إلا ما يخبره به ربه.
وجاء قتادة -رضي الله عنه- ليعرف منه الجواب، فلقيه رسول الله ( محتدًا يقول له: عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح ترميهم بالسرقة من غير بينة تثبت، وكانت مفاجأة لقتادة -رضي الله عنه- حين غاب عنه أنه لا يجوز اتهام الناس من غير بينة ولا دليل. فخشى قتادة أن يكون رسول الله ( قد غضب عليه، وأخذ يقول في نفسه: لوددت أني خرجت من أهلي ومالي (فُقدت) ولم أكلم رسول الله (
في ذلك. ويأتيه عمه يسأله: يابن أخي ما صنعت؟ فيخبره بما قال رسول الله (، فيقول عمه: كما قال نبي الله يعقوب: فصبر جميل والله المستعان.
وينزل القرآن: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيمًا. واستغفر الله إن الله كان غفورًا رحيمًا}
[النساء: 105-106]. ويدعو الرسول ( قتادة فيقرؤه عليه، ويأتي بالسلاح فيدفعه إليه ليرده إلى عمه رفاعة، ففرح قتادة بتأييد الله له، فحمل السلاح إلى عمه، فينتفض الرجل فرحًا؛ ليس لرجوع سلاحه وعتاده، لكن لمثل ما فرح به قتادة، ثم يزيد فيقول: يابن أخي هي في سبيل الله. [الترمذي].
وتوفي قتادة -رضي الله عنه- في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فحضر عمر جنازته وصلى عليه.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
التائب الصادق كعب بن مالك رضي الله عنه

التائب الصادق كعب بن مالك رضي الله عنه
إنه الصحابي الجليل كعب بن مالك -رضي الله عنه-، صاحب التوبة الصادقة، وكان كعب قد أسلم حين سمع بالإسلام، فأتى مكة، وبايع النبي ( في بيعة العقبة الثانية، فلما هاجر الرسول ( وأصحابه آخى النبي بينه وبين طلحة بن عبيد الله.
وكان كعب شاعرًا مجيدًا، وخاصة في مجال المغازي والحروب الإسلامية، وكان واحدًا من شعراء الرسول ( الثلاثة الذين يردون عنه الأذى بقصائدهم، وهم: كعب بن مالك، وحسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، فكان كعب يخوفهم بالحرب، وكان حسان يهجوهم بالأنساب، وكان عبد الله يعيرهم بالكفر.
وقد جاء كعب إلى النبي ( فقال: يا رسول الله، ماذا ترى في الشعر؟ فقال رسول الله :) (المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه)
[ابن عبد البر].
وكان لكعب مواقف مشهودة في غزوة أحد، حين دعاه النبي ( وألبسه ملابسه التي يلبسها في الحرب، ولبس النبي ( ملابس كعب الحربية، يقول كعب: لما انكشفنا يوم أحد كنت أول من عرف رسول الله ( وبشرت به المؤمنين حيًّا سويًّا، وأنا في الشِّعْب، وقد جرح سبعة عشر جرحًا. [ابن هشام]، وكان المشركون يوجهون إليه السهام ظنًّا منهم أنه رسول الله (.
وكان كعب قد تخلف عن غزوة تبوك التي سمي جيشها بجيش العسرة، والسبب في هذه التسمية أن المسلمين مروا بصعوبات كثيرة في تمويل الجيش؛ حيث إن العدد كان كبيرًا، وعدتهم كانت ضئيلة، وقد تخلف المنافقون عن هذه الغزوة بدون أعذار.
ولما عاد المسلمون إلى المدينة دخل الرسول ( إلى المسجد أولا، وصلَّى فيه ركعتين، فدخل عليه المنافقون الذين تخلفوا عن الجهاد مع النبي (، وبدءوا يكذبون على الرسول (، ويتعللون بأعذار واهية.
ولكن كعبًا لم يكذب على النبي (، وأقر بذنبه وتقصيره في حق الله وتكاسله عن الجهاد، وفعل مثله هلال بن أمية ومرارة بن الربيع، وكانا قد تخلفا أيضًا.
وبعدما سمع النبي ( كلام كعب، أمر المسلمين أن يقاطعوه وصاحبيه الذين تخلفوا عن غزوة تبوك بدون عذر، فلم يكلمهم أحد من المسلمين، ولم يتعاملوا معهم.
فجلس الاثنان كل منهما في بيته يبكيان، أما كعب فلم يحبس نفسه مثلهما، بل كان يخرج للصلاة، وكان إذا سار في السوق أو غيره لا يتحدث معه أحد، وكان لكعب ابن عم يحبه حبًّا شديدًا هو الصحابي الجليل أبو قتادة -رضي الله عنه-، ولما اشتد الأمر بكعب، ذهب إلى ابن عمه أبي قتادة في بستانه وألقى عليه السلام، ولكن أبا قتادة لم يرد عليه، فقال له كعب: يا أبا قتادة، أنشدك بالله، هل تعلمني أحب الله ورسوله (؟ فلم يرد عليه أبو قتادة، فكرر كعب السؤال، فقال أبو قتادة: الله ورسوله أعلم، ففاضت عينا كعب بالدموع وتركه.
وذات يوم، ذهب كعب إلى السوق، فإذا برجل نصراني من الشام يسأل عنه، وعندما قابله أعطاه النصراني رسالة من ملك غسان، فقرأها كعب ووجد فيها: أما بعد، فإنه قد بلغني أن صاحبك محمدًا جفاك، (هجرك وتركك) ولم يجعلك الله بدار مذلة أو هوان، فالحق بنا نواسك.
وبعد أن قرأ كعب الرسالة قال في نفسه: والله إن هذه أيضا من الفتنة والابتلاء، ثم ألقى بالرسالة في النار.
ومضى على كعب وصاحبيه أربعون يومًا، وهم على تلك الحالة من الندم والبكاء والمقاطعة الكاملة من كل المسلمين، وبعدها أمرهم النبي ( أن يهجروا زوجاتهم، وظلوا على هذه الحالة عشرة أيام.
وبعد خمسين يومًا جاء الفرج، ونزلت التوبة من الله على هؤلاء المؤمنين الصادقين الذين لم يكذبوا على رسول الله (، فبعد أن صلى كعب صلاة الفجر، جلس بمفرده، فسمع صوتًا ينادى من بعيد: يا كعب، أبشر يا كعب، فلما سمعها كعب خرَّ ساجدًا لله -عز وجل-، وعلم أن الله قد تاب عليه، وبلغ من شدة فرحته أنه خلع ثوبه وألبسه للرجل الذي بشره، ثم انطلق مسرعًا إلى النبي ( في المسجد، فاستقبله الصحابة وهم سعداء، وقام
طلحة بن عبيد الله من بين الحاضرين جميعًا وأسرع ليهنئ كعبًا، فلم ينسها له كعب أبدًا، وتبسم له الرسول ( وقال له: (أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك
) [البخاري]، وأنزل الله فيه وفي صاحبيه قرآنًا، قال تعالى: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب} [التوبة: 118].
وكان كعب -رضي الله عنه- يقول: والله، ما مر عليَّ يوم كان خيرًا ولا أحب إليَّ من ذلك اليوم الذي بشرت فيه بتوبة الله تعالى عليَّ وعلى صاحبيّ، ثم قال للرسول :) إن من توبتي أن أتصدق بمالي كله لله ولرسوله، فقال له النبي :) (أمسك عليك بعض مالك، فهو خير لك) [البخاري]، فقال كعب: يا رسول الله، إن الله تعالى أنجاني بالصدق، وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقًا ما بقيت، فوالله ما أعلم أحدًا من المسلمين ابتلاه الله في صدق الحديث أحسن مما ابتلاني.
وكان كعب يقول بعد ذلك: ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله ( إلى يومي هذا شيئًا من الكذب، وإني لأرجو أن يحفظني الله تعالى بقية عمري.
وكان كعب -رضي الله عنه- يقول: والله ما أنعم الله عليَّ من نعمة قط بعد إذ هداني الله للإسلام أعظم في نفسي من صدقي أمام رسول الله ( أن لا أكون كذبته، فأهلك كما هلك الذين كذبوا، فقد قال الله تعالى:
{سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنه إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاءً بما كانوا يكسبون. يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين} [التوبة: 95-96].
وهكذا كان صدق كعب سببًا في نجاته، وقبول توبة الله عليه، بينما أهلك الله المنافقين الذين كذبوا على رسول الله (، واعتذروا بالباطل، فجعلهم الله من أهل النار.
وظل كعب يجاهد في سبيل الله، ولا يتخلف عن حرب أبدًا، فحارب المرتدين في عهد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، وشارك في الفتوحات الإسلامية على عهد الفاروق عمر، وكذلك في خلافة كل من عثمان وعليّ وأول خلافة معاوية -رضي الله عنهم-، وظل على صدق إيمانه وقوة عقيدته.
وتوفي -رضي الله عنه- بالشام في خلافة معاوية سنة (50هـ) وقيل سنة
(53 هـ)، وعمره آنذاك (77) سنة ويقال: إن الله سبحانه قد ابتلاه بفقد بصره قبل وفاته، فصبر لذلك حتى ينعم بما عند الله من الجنة.
وقد روى كعب بن مالك ثلاثين حديثًا من أحاديث رسول الله (، وروى عنه جماعة من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
سيد فتيان الجنة أبو سفيان بن الحارث رضي الله عنه

سيد فتيان الجنة أبو سفيان بن الحارث رضي الله عنه
إنه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب -رضي الله عنه-، أحد فضلاء الصحابة، وابن عم النبي (، وأخوه في الرضاعة إذ أرضعتهما حليمة السعدية، قال فيه النبي :) (أبو سفيان بن الحارث سيد شباب أهل الجنة، أو سيد فتيان أهل الجنة) [ابن عبدالبر وابن سعد]. وكان أبو سفيان قبل إسلامه يعادي النبي ( ويهجوه بشعره، ولا يتخلف عن موضع تسير فيه قريش لقتاله.
وعندما عاد أبو سفيان بن الحارث من بدر، ناداه أبو لهب: يابن أخي، هلم إلينا، حدثنا كيف كان أمر الناس؟ فقال أبو سفيان: والله ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا كيف شاءوا، ويأسروننا كيف شاءوا، وأيم الله مع ذلك ما لمتُ الناس، لقينا رجالاً بيضًا على خيل بُلق بين السماء والأرض، والله ما تليق شيئًا، ولا يقوم لها شيء ولا يقف أمامها شيء.
وفي الوقت الذي توجه فيه النبي ( إلى مكة عام الفتح، كان الله قد ألقى الإسلام في قلب أبي سفيان بن الحارث، فخرج هو وابنه جعفر، وعبد الله بن أبي أمية، ولقوا النبي ( فأعرض عنهم، فقالت أم سلمة، لا يكن ابن عمك وأخو ابن عمتك أشقى الناس بك. فقال علي بن أبي طالب لأبي سفيان: إيت رسول الله ( من قبل وجهه، فقل له ما قال أخوة يوسف ليوسف: {تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين}
[يوسف: 91]، فإنه لا يرضى أن يكون أحد أحسن قولاً منه، ففعل أبو سفيان ذلك.
فقال له الرسول :) {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين} [يوسف: 92] [ابن عبدالبر]. وأسلم أبو سفيان وحسن إسلامه.
وشهد مع الرسول ( غزوة حنين، وثبت معه ( عندما فرَّ المسلمون، وأمسك بلجام فرسه (، وراح يضرب رءوس الكفار حتى عاد المسلمون إلى مكانهم، وقاتلوا مع نبيهم، ولما انتهت المعركة نظر ( فوجد أحد أصحابه ممسكا بلجام فرسه، فقال: (من هذا؟) فقال أبو سفيان: أنا ابن أمك يا رسول الله. [ابن هشام].
ولما مات الرسول ( حزن عليه أبو سفيان حزنًا شديدًا، ورثاه بالشعر، وذات يوم خرج أبو سفيان للحج، وهناك وافته منيته، حيث قطع الحلاق دملاً كان في رأسه، ثم وجدوه يحفر قبرًا، فتعجبوا من ذلك، فقال لهم: إني أعد قبري. ولم تمض ثلاثة أيام حتى مرض، فبكى عليه أهله، فلما رآهم يبكون قال لهم: لا تبكوا علي فإني لم أتلطخ بخطيئة منذ أسلمت.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
قاتل السبعة عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه

قاتل السبعة عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه
إنه عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة -رضي الله عنه-، يكنى أبا عبد الله، وقيل أبا محمد، وأمه أم رومان بنت الحارث، وهو شقيق أم المؤمنين عائشة
-رضي الله عنها-.
كان أشجع رجال قريش، وأرماهم بسهم، وقف ضد المسلمين في بدر، وكان أحد الرماة الذين جندتهم قريش يوم أحد، تأخر إسلامه حتى هدنة الحديبية (الفترة التي توقف فيها القتال)، رغم أن أباه كان أول الناس إيمانًا بالله ورسوله.
كان على رأس رماة قريش في غزوة أحد، وقبل أن يلتحم الجيشان، وقف
عبد الرحمن متحديًا يدعو من يبارزه من المسلمين، ونهض أبوه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- ليبارزه، لكن رسول الله ( أمسك به ومنعه من مبارزة ولده.
وظل عبد الرحمن يحارب دين الله حتى شرح الله صدره للإيمان، فاندفع إلى الرسول ( معلنًا إسلامه، فتألق وجه أبي بكر، وفرح حينما رأى ابنه يبايع رسول الله (، وانطلق عبد الرحمن بعد إسلامه يدافع عن رسول الله ( ليعوض ما فاته، وبعد وفاة الرسول ( ظل يجاهد في سبيل الله مع الخلفاء الراشدين، لا يتخلف عن غزو، ولا يقعد عن جهاد.
وفي يوم اليمامة وقف موقفًا عظيمًا، وجاهد جهادًا كبيرًا، وكان له دور كبير في كسب المعركة؛ حيث قتل محكم بن الطفيل العقل المدبر لمسيلمة الكذاب، والذي كان يحمي بقوته أهم أماكن الحصن الذي احتمى فيه جيش مسيلمة، فلما قتل محكم بسهم من عبد الرحمن تفرق من معه، وانفتح الحصن، فتدفق المسلمون داخله، وتم نصر الله، وقد قتل عبد الرحمن سبعة من الكفار في هذه المعركة.
وكان -رضي الله عنه- صالحًا، يخلص لله في عبادته، ويخاف عقابه، وكان يتمتع بروح الدعابة والظرف، وشارك في فتح الشام في عهد أمير المؤمنين
عمر بن الخطاب.
وكان -رضي الله عنه- لا يخاف في الله لومة لائم، يدافع عن الحق أينما وجد، ويعلنه في كل مكان.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
التقي المغمور سعيد بن عامر رضي الله عنه

التقي المغمور سعيد بن عامر رضي الله عنه
إنه سعيد بن عامر -رضي الله عنه-، أحد كبار الصحابة، أسلم قبل فتح خيبر، ولازم رسول الله ( في جميع غزواته، وكان تقيًّا ورعًا زاهدًا، فذات يوم أخذ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يبحث عن صحابي يوليه على الشام، وكانت الشام في ذلك الحين بلدًا كبيرًا، ومركزًا هامًا للتجارة، ودار إغراء لكثرة ثرواتها، ولا يصح لها في نظر عمر إلا زاهد تفر أمام زهده كل شياطين الإغراء.
وبعد قليل صاح عمر قائلاً: ائتوني بسعيد بن عامر، فجاء سعيد إلى أمير المؤمنين، فعرض عليه ولاية حمص، فاعتذر سعيد قائلاً: لا تفتني يا أمير المؤمنين، ولكن عمر أصر على رأيه وقال: والله لا أدعك، أتضعون أمانتكم وخلافتكم في عنقي، ثم تتركونني. فوافق سعيد سمعًا وطاعة لأمير المؤمنين، وخرج إلى حمص ومعه زوجته، وكانا عروسين جديدين، وزوده عمر بقدر من المال.
ولما وصلا إلى حمص أرادت زوجته أن تستفيد من المال الذي أعطاه عمر لهما، فأشارت على زوجها سعيد أن يشتري لها ما يلزمها من الثياب والمتاع، ثم يدخر الباقي، فقال لها سعيد: ألا أدلك على خير من هذا؟ نحن في بلاد تجارتها رابحة، وسوقها رائجة، فلنعط هذا المال لمن يتاجر لنا فيه ويزيده. فقالت: فإن خسرت تجارته؟ قال سعيد: سأجعل ضمانها عليه، فقالت: نعم، وخرج سعيد فاشترى بعض ضرورات حياته، ثم تصدق بجميع ماله على الفقراء والمحتاجين، وكانت زوجته كلما سألته عن التجارة ، يقول لها: إنها تجارة موفقة، وإن الأرباح تزيد كل يوم.
وذات يوم أعادت سؤالها عليه أمام قريب لهما يعرف حقيقة الأمر، ويعلم ما صنعه سعيد، فضحك ضحكة فهمت منها الزوجة شيئًا، فألحت عليه أن يصارحها بالحقيقة، فقال لها: إنه تصدق بالمال كله في ذلك اليوم البعيد، فبكت زوجته، وحزنت على المال الذي لم تنتفع منه بشيء.
فنظر إليها سعيد، وقال: لقد كان لي أصحاب سبقوني إلى الله، وما أحب أن أنحرف عن طريقهم، ولو كانت لي الدنيا بما فيها. ثم قال: تعلمين أن في الجنة من الحور العين، والخيرات الحسان، ما لو أطلت واحدة منهن على الأرض لأضاءتها جميعًا، ولقهر نورها نور الشمس والقمر معًا، فلأن أضحي بك من أجلهن أحرى وأولى من أن أضحى بهن من أجلك. فاقتنعت زوجته، وعلمت أن ما فعله زوجها هو الصواب.
وكان أهل الشام يحبون سعيد بن عامر حبًّا شديدًا، ويفرحون بإمارته وولايته عليهم، حتى إن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال له يومًا: إن أهل الشام يحبونك، فقال له سعيد: لأني أعاونهم، وأواسيهم. وحدث أن اشتكاه بعضهم لأمير المؤمنين عمر؛ فعندما سألهم عمر قائلا: ما تقولون في سعيد؟ فقال بعضهم: نشكو منه أربعًا لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار، ولا يجيب أحدًا بليل، وله في الشهر يومان لا يخرج فيهما إلينا ولا نراه، وأخرى لا حيلة له فيها ولكنها تضايقنا، وهى أنه تأخذه الغشية (الإغماء) بين الحين والحين، فقال عمر في نفسه: اللهم إني أعرفه من خير عبادك، اللهم لا تخيب فيه فراستي، ثم دعا عمر سعيدًا ليدافع عن نفسه.
فقال سعيد: أما قولهم: إني لا أخرج إليهم حتى يتعالى النهار، فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب، إنه ليس لأهلي خادم، فأنا أعجن عجيني، ثم أدعه (أتركه) حتى يختمر، ثم أخبز خبزي، ثم أتوضأ للضحى، ثم أخرج إليهم. أما قولهم: لا أجيب أحدًا بليل، فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب، إني جعلت النهار لهم، والليل لربي.
وأما قولهم: إن لي يومين في الشهر لا أخرج فيهما، فليس لي خادم يغسل ثوبي، وليس لي ثياب أبدلها، فأنا أغسل ثوبي، ثم أنتظر حتى يجف، ثم في آخر النهار أخرج إليهم.
وأما قولهم: إن الغشية تأخذني بين الحين والحين، فقد شهدت خبيب بن عدي حين صلب بمكة، وهم يقولون له: أتحب أن محمدًا مكانك، وأنت سليم معافى؟ فيجيبهم قائلاً: والله ما أحب أني في أهلي وولدي، معي عافية الدنيا ونعيمها، ويصاب رسول الله ( بشوكة، ثم دعا عليهم قائلاً: اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تبق منهم أحدًا، فكلما تذكرت ذلك المشهد الذي رأيته، وأنا يومئذ من المشركين، أرتجف من عذاب الله، ويغشاني الذي يغشاني. ففرح عمر لما سمع هذا، وقام يعانق سعيدًا ويقبل جبهته ويقول: الحمد لله الذي لم يخيب فراستي.
وكان سعيد -رضي الله عنه- يتصدق براتبه على الفقراء والمحتاجين، ولقد قيل له يومًا: توسع بهذا الفائض على أهلك وأصهارك. فقال: ولماذا أهلي وأصهاري؟ لا والله، ما أنا ببائع رضا الله بقرابة، ما أنا بالمتخلف عن الرعيل الأول (أوائل الصحابة).
وفي غزوة اليرموك، كثر عدد الروم، فاستغاث قادة الجيوش الإسلامية بأبي بكر
-رضي الله عنه- فأمدهم بسعيد بن عامر، وتوفي سعيد -رضي الله عنه- سنة (20 هـ) في خلافة الفاروق عمر بن الخطاب، وهو ابن أربعين سنة.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
صاحب العمامة الحمراء أبو دجانة الأنصاري رضي الله عنه

صاحب العمامة الحمراء أبو دجانة الأنصاري رضي الله عنه
إنه الصحابي الجليل أبو دجانة الأنصاري، واسمه سِمَاك بن أوس بن خرشة، أسلم وآمن بالله ورسوله (، وقد آخى الرسول ( بينه وبين عتبة بن غزوان، وكان شديد الحب لله ولرسوله (، كثير العبادة، اشترك في غزوة بدر وحضر المعارك مع رسول الله (، وأبلى فيها بلاء حسنًا.
وقف يوم أحد إلى جانب فرسان المسلمين، يستمع إلى رسول الله ( وهو يعرض عليهم سيفه، قائلا: (من يأخذ مني هذا؟) فبسطوا أيديهم، كل إنسان منهم يقول: أنا ..أنا، فقال رسول الله :) (فمن يأخذه بحقه؟)، فأحجم القوم، فقال أبو دجانة: أنا آخذه بحقه، فأخذه أبو دجانة، ففلق به هام المشركين (أي شق رءوسهم) [مسلم].
وأخذ أبو دجانة عصابته الحمراء وتعصب بها، فقال الأنصار من قومه: أخرج أبو دجانة عصابة الموت، ثم نزل ساحة المعركة، وهو ينشد:
أَنَا الذي عَاهَدَنِي خَلِيــلِي وَنَحْنُ بِالسَّفْحِ لَدَى النَّخِيــلِ
أَنْ لا أُقِيمَ الدَّهرَ في الكبُولِ أَضــْرِبُ بِسَيْفِ اللَّهِ وَالرَّسُولِ
وأخذ يقتل المشركين، ويفلق رءوسهم بسيف الرسول ( حتى بدأ النصر يلوح للمسلمين، فلما ترك الرماة أماكنهم، وانشغلوا بجمع الغنائم، عاود المشركون هجومهم مرة أخرى، ففر كثير من المسلمين، وثبت بعضهم يقاتل حول رسول الله (، منهم أبو دجانة الذي كان يدفع السهام عن رسول الله ( بعدما رأى كتائب المشركين تريد الوصول إليه، فتصدى لهم بكل ما أوتى من قوة؛ أملا في الحصول على الشهادة.
ومات الرسول ( وهو راض عنه، فواصل جهاده مع خليفته
أبي بكر الصديق، وشارك في حروب الردة، وكان في مقدمة جيش المسلمين الذاهب إلى اليمامة لمحاربة مدعى النبوة مسيلمة الكذاب وقومه بني حنيفة، وقاتل قتال الأسد حتى انكشف المرتدون، وفروا إلى حديقة مسيلمة، واختفوا خلف أسوارها وحصونها المنيعة، فألقى المسلمون بأنفسهم داخل الحديقة وفي مقدمتهم أبو دجانة، ففتح الحصن، وحمى القتال، فكسرت قدمه، ولكنه لم يهتم، وواصل جهاده حتى امتلأ جسده بالجراح، فسقط شهيدًا على أرض المعركة، وانتصر المسلمون، وفرحوا بنصر الله، وشكروا لأبي دجانة صنيعه من تضحية وجهاد لإعلاء كلمة الله.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
صاحب المال الرابح أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه

صاحب المال الرابح أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه
إنه أبو طلحة زيد بن سهل الخزرجي الأنصاري -رضي الله عنه-، أحد النقباء الاثني عشر الذين حضروا بيعة العقبة، وكان أبو طلحة يعبد شجرة قبل أن يسلم، فأراد أن يتزوج أم سليم -رضي الله عنها-، وكانت مسلمة، فقالت له: ألست تعلم أن إلهك الذي تعبد نبت من الأرض؟ قال: بلى، قالت: أفلا تستحي أن تعبد شجرة؟ إن أسلمت فإني لا أريد منك صداقًا (مهرًا) غيره. قال: حتى أنظر في أمري، فذهب، ثم جاء فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فقالت لولدها أنس: يا أنس زَوِّج أبا طلحة، فزوجه.
وحضر أبو طلحة مع الرسول ( كل الغزوات، وكان ( في غزوة أحد إذا رمى أبو طلحة سهمًا يرفع بصره ينظر إلى أين يقع السهم، وكان يدفع صدر الرسول ( بيده لخوفه عليه، ويقول: يا رسول الله هكذا لا يصيبك سهم. [أحمد]. وكان يقول له: نفسي لنفسك الفداء، ووجهي لوجهك الوقاء. وفي غزوة حنين قتل أبو طلحة عشرين رجلاً وأخذ أسلابهم. [أبوداود والدارمي والحاكم].
وكان أبو طلحة أكثر الأنصار مالاً، وكان أحب أمواله إليه (بيرحاء) وهى أرض بها نخيل، وكانت أمام المسجد، فكان النبي ( يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، فلما نزل قوله تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} [آل عمران: 92]، ذهب إلى النبي ( وقال له: إن أحب أموالي إليَّ بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث شئت، فقال :) (بخٍ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت فيها، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين)، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه [متفق عليه].
وكان أبو طلحة كثير الصيام، وكان حريصًا على الجهاد رغم كبر سنه؛ لقوله تعالى: {انفروا خفافًا وثقالا}، فكان يقول لأبنائه: لا أرى ربنا إلا يستنفرنا شبابا وشيوخًا، يا بني جهزوني، فإني خارج معكم إلى الغزو، فيقول أبناؤه: يرحمك الله يا أبانا، قد غزوت مع الرسول ( حتى مات، وغزوت مع أبي بكر حتى مات، وغزوت مع عمر حتى مات، فدعنا نغزو عنك، ولكنه صمم على رأيه، ولبس ثياب الحرب، وخرج معهم، ومات أثناء غزوة في البحر، ولم يجد الصحابة جزيرة قريبة ليدفنوه فيها إلا بعد سبعة أيام، ولم تتغير رائحة جسده.
[ابن سعد]. وكان موته -رضي الله عنه- سنة (20 هـ).
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
الراكب المهاجر عكرمة بن عمرو رضي الله عنه

الراكب المهاجر عكرمة بن عمرو رضي الله عنه
إنه الصحابي الجليل عكرمة بن عمرو بن هشام -رضي الله عنه-، أبوه عمرو بن هشام الذي سماه النبي ( أبا جهل، لشدة عدائه للإسلام والمسلمين، وقد أسلم عكرمة بعد فتح مكة، وكان الرسول ( قد أباح قتله؛ بسبب ما ظهر منه من شدة العداء لله ورسوله (.
فلما فتح الرسول ( مكة، فر هاربًا وترك أهله وماله، واتجه نحو اليمن يفكر في الذهاب إلى الحبشة، إلا أن الله سبحانه كان قد رزقه بزوجة وفية سبقته إلى الإسلام، وهى أم حكيم بنت الحارث بن هشام، وكانت تحب زوجها وتتمنى له الهداية.
ولما رأت ما كان من هروب زوجها، ذهبت إلى الرسول ( تطلب منه العفو والأمان لزوجها، فرق قلب النبي ( لحالها، وأعطاه الأمان، فأسرعت أم حكيم إلى زوجها لتبشره بعفو رسول الله ( عنه، وبعد أن عانت الزوجة المخلصة من سفرها في الصحراء، وصلت إلى ساحل البحر فلحقت بزوجها، وهو في السفينة.
وظلت تنادي عليه حتى سمعها، فقالت: يابن العم، جئتك من عند أوصل الناس، وأبر الناس، وخير الناس، لا تهلك نفسك، فعاد إليها، فقالت له: إني قد استأمنت لك رسول الله (، فقال لها: أنت فعلت ذلك؟ فقالت: نعم أنا كلمته فأمَّنك، فرجع معها إلى مكة حتى لقى رسول الله ( وأعلن إسلامه، فقال له الرسول :) (مرحبًا بالراكب المهاجر) [الترمذي].
وقال النبي ( لأصحابه: (يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنًا مهاجرًا، فلا تسبُّوا أباه، فإن سب الميت يؤذى الحي، ولا يبلغ الميت)
[الواقدي وابن عساكر].
ووقف عكرمة بين يدي الرسول ( نادمًا على ما حدث منه، وقال: يا رسول الله، علمني خير شيء تعلمه حتى أقوله، فقال له النبي :) (شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله)، فقال عكرمة: أنا أشهد بهذا وأشهد بذلك من حضرني، وأسألك يا رسول الله أن تستغفر لي، فاستغفر له رسول الله (، فقال عكرمة: والله لا أدع نفقة كنت أنفقتها في صد عن سبيل الله إلا أنفقت
ضعفها في سبيل الله، ولا قتالاً قاتلته إلا قاتلت ضعفه، وأشهدك يا رسول الله على ذلك.
وهكذا أسلم عكرمة فحسن إسلامه، وشارك مع جيوش المسلمين في كثير من الغزوات، واستعمله الرسول ( على صدقات هوازن في عام وفاته، وواصل عكرمة جهاده مع المسلمين في عهد أبي بكر، واشترك في حروب الردة، وأبلى فيها بلاء حسناً، وسار إلى عمان فحارب المرتدين هناك، وجعله
أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- أميرًا عليها، وبقى فيها حتى وفاة أبي بكر.
فلما تولى عمر بن الخطاب الخلافة، واتسعت في عهده الفتوحات الإسلامية، اشترك عكرمة فيها، وظل يجاهد في سبيل الله، حتى جاءت موقعة اليرموك، وكان عكرمة أميرًا على بعض الكراديس (مجموعة من الجنود)، فنادى في المسلمين: من يبايعني على الموت؟
فأسرع إليه ابنه عمرو وعمه الحارث بن هشام وضرار بن الأزور، ومعهم فارس من المسلمين، وانطلقوا نحو جيوش الروم يحصدون رقابهم، وأظهر عكرمة -رضي الله عنه- في هذه المعركة فدائية وشجاعة نادرة حتى جرح وجهه وصدره، وانتصر المسلمون انتصارًا حاسمًا، ولكن جرح عكرمة كان عميقًا فأدى إلى استشهاده، فقد وجدوا فيه بضعة وسبعين جرحًا ما بين طعنة ورمية وضربة.
وقبل أن يستشهد عكرمة ضرب أروع مثل في الإيثار، فقد كان بجواره الحارث بن هشام وسهيل بن عمرو، فدعا الحارث بن هشام بماء ليشربه، فجيء إليه بماء فنظر إليه عكرمة، فقال هشام: ادفعه (أعطه) إلى عكرمة، فلما أخذه عكرمة نظر إليه سهيل، فقال عكرمة: ادفعه إلى سهيل، فلما وصل الماء إلى سهيل كان قد مات، ثم تبعه عكرمة والحارث، واستشهدوا جميعًا وقد آثر كل واحد منهم الآخر بشربة الماء -رضي الله عنهم أجمعين-.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
الشهيد الصادق أنس بن النضر رضي الله عنه

الشهيد الصادق أنس بن النضر رضي الله عنه
إنه الصحابي الجليل أنس بن النضر -رضي الله عنه-، عم أنس بن مالك خادم رسول الله (، وعلى اسمه يسمَّى، وينسب إلى بني النجَّار في المدينة.
وقد أحب أنس رسوله (، وظل مدافعًا عنه حتى آخر قطرة دم في جسده، ولم يعلم بخروج النبي ( لقتال المشركين يوم بدر، فحزن حزنًا شديدًا، ونذر نفسه للشهادة في سبيل الله ليعوض ما فاته من يوم بدر.
وذهب إلى الرسول ( نادمًا أن فاتته غزوة بدر، فقال للنبي :) يا رسول الله، غبت عن قتال بدر، غبت عن أول قتال قاتلتَ المشركين، لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين اللهُ ما أصنع، فلما كان يوم أحد، خرج أنس بن النضر مع المسلمين، وهو يتمنى أن يلقى الله شهيدًا في هذه الغزوة.
وبدأت المعركة وكان النصر حليف المسلمين إلى أن خالف الرماة أمر رسول الله (، وتحول النصر إلى هزيمة، وفر عدد كبير من المسلمين، ولم يثبت مع النبي ( سوى نفر قليل، فلما رأى أنس بن النضر
-رضي الله عنه- ذلك المشهد تذكَّر على الفور وعده لله تعالى، وقوله للرسول :) لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين الله ما أصنع.
فانطلق يشق صفوف المشركين قائلاً: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء (يعنى أصحابه) وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء (يعنى المشركين)، ثم تقدم شاهرًا سيفه، فاستقبله سعد بن معاذ -رضي الله عنه- فقال: يا سعد بن معاذ، الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أحد. وأخذ يقاتل ويضرب بسيفه يمينًا وشمالاً، حتى سقط شهيدًا على أرض المعركة، وبعد انتهاء القتال حكى سعد بن معاذ
-رضي الله عنه- للنبي ( ما صنعه أنس بن النضر، وقال: فما استطعت يا رسول الله ما صنع.
وقام الرسول ( وأصحابه ليتفقدوا شهداء أحد، ويتعرفوا عليهم، فوجدوا أنس بن النضر وبه بضعة وثمانون جرحًا ما بين ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم، وقد مثل به المشركون فلم يعرفه أحد إلا أخته الربيع بنت النضر بعلامة في أصابعه [البخاري]. وروى أن هذه الآية الكريمة {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا} [الأحزاب: 23] نزلت في أنس بين النضر ومن معه من الصحابة رضوان الله عليهم.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
قاتل المائة البراء بن مالك رضي الله عنه

قاتل المائة البراء بن مالك رضي الله عنه
إنه البراء بن مالك بن النضر -رضي الله عنه- أخو أنس بن مالك خادم رسول الله (، وأحد الأبطال الأقوياء، بايع تحت الشجرة، وشهد أحدًا وما بعدها من الغزوات مع رسول الله (، عاش حياته مجاهدًا في سبيل الله.
وكانت كل أمانيه أن يموت شهيدًا، وقتل بمفرده مائة رجل في المعارك التي شارك فيها، فقد دخل عليه أخوه أنس مرة وهو يتغنى بالشعر، فقد منحه الله صوتًا جميلا، فقال له: يا أخي، تتغنى بالشعر، وقد أبدلك الله به ما هو خير منه القرآن؟ فقال له: أتخاف عليَّ أن أموت على فراشي، لا والله، ما كان الله ليحرمني الشهادة في سبيله، وقد قتلت مائة بمفردي سوى من شاركت في قتله.
وشارك في حروب الردة، وأظهر فيها بطولة فائقة، أبهرت عقول من رآه، وها هو ذا يوم اليمامة يقف منتظرًا أن يصدر القائد خالد بن الوليد أمره بالزحف لملاقاة المرتدين، ونادى خالد: الله أكبر. فانطلقت جيوش المسلمين مكبرة، وانطلق معها عاشق الموت البراء بن مالك.
وراح يقاتل أتباع مسيلمة الكذاب بسيفه، وهم يتساقطون أمامه قتلى؛ الواحد تلو الآخر، ولم يكن جيش مسيلمة ضعيفًا، ولا قليلا، بل كان أخطر جيوش الردة، وقد تصدوا لهجوم المسلمين بكل عنف حتى كادوا يأخذون زمام المعركة، وتحولت مقاومتهم إلى هجوم، فبدأ الخوف يتسرب إلى صفوف المسلمين، فأسرع خالد بن الوليد إلى البراء بن مالك قائلا له: تكلم يا براء، فقام البراء، وصاح في المسلمين مشجعًا، ومحفزًا لهم على القتال، فقال: يا أهل المدينة، لا مدينة لكم اليوم، إنما هو الله وحده والجنة. وركب فرسه واندفع نحو الأعداء، ومعه المسلمون يقاتلون قتالا شديدًا حتى رجحت كفة المسلمين، واندفع المرتدون إلى الوراء هاربين، واحتموا بحديقة لمسيلمة ذات أسوار عالية .
ووقف المسلمون أمام الحديقة يفكرون في حيلة يقتحمون بها الحصن، فإذا بالبراء بن مالك، يقول: يا معشر المسلمين، ألقوني إليهم. فاحتمله المسلمون وألقوه في الحديقة، فقاتلهم حتى فتحها على المسلمين، ودخل المسلمون الحديقة، وأخذوا يقتلون أصحاب مسيلمة، وانتصر المسلمون إلا أن حلم البراء لم يتحقق، لقد ألقى بنفسه داخل الحديقة آملا أن يرزقه الله الشهادة، ولكن لم يشأ الله بعد.
ورجع البراء بن مالك وبه بضعة وثمانون جرحًا ما بين ضربة بسيف أو رمية بسهم، وحمل إلى خيمته ليداوى، وقام خالد بن الوليد على علاجه بنفسه شهرًا كاملا.
وعندما شُفي البراء من جراحات يوم اليمامة، انطلق مع جيوش المسلمين التي ذهبت لقتال الفرس، وفي إحدى حروب المسلمين مع الفرس لجأ الفرس إلى وسيلة وحشية حيث استخدموا كلاليب من حديد معلقة في أطراف سلاسل ملتهبة محماة بالنار، يلقونها من حصونهم، فترفع من تناله من المسلمين، وسقطت إحدى هذه الكلاليب على أنس بن مالك، فلم يستطع أنس أن يخلص نفسه، فرآه البراء، فأسرع نحوه، وقبض على السلسلة بيديه، وأخذ يجرها إلى أسفل حتى قطعت، ثم نظر إلى يديه فإذا عظامها قد ظهرت وذاب اللحم من عليها، وأنجى الله أنس بن مالك بذلك.
وظل البراء -رضي الله عنه- يقاتل في سبيل الله معركة بعد أخرى متمنيًا أن يحقق الله له غايته، وها هى ذي موقعة تُسْتُر تأتى ليلاقي المسلمون فيها جيوش الفرس، وتتحقق فيها أمنية البراء.
لقد تجمع الفرس واحتشدوا في جيش كثيف، وجاءوا من كل مكان للقاء المسلمين، وكتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى أميريه على الكوفة والبصرة أن يرسل كل منهما جيشاً إلى الأهواز، والتقى الجيشان القادمان من الكوفة والبصرة بجيش الفرس في معركة رهيبة، وكان البراء أحد جنود المسلمين في تلك المعركة، وبدأت المعركة بالمبارزة كالعادة، فخرج البراء للمبارزة، والتحم الجيشان وتساقط القتلى من الفريقين، وكاد المسلمون أن ينهزموا.
فاقترب بعض الصحابة من البراء قائلين له: يا براء، أتذكر يوم أن قال الرسول ( عنك: (كم من أشعث أغبر ذى طمرين (ثوبين قديمين)، لا يؤبه له (لا يهتم به أحد) لو أقسم على الله لأبره، منهم البراء بن مالك؟) [الترمذي]. ثم طلب الصحابة منه أن يدعو الله لهم، فرفع البراء يده إلى السماء داعيًا: اللهم امنحنا أكتافهم، اللهم اهزمهم، وانصرنا عليهم، اللهم ألحقني بنبيك.
ثم انطلق فركب فرسه، وهجم على الفرس، وقتل أحد كبارهم، وفتح الله على المسلمين وانتصروا على الفرس، واستشهد البراء بن مالك في هذه المعركة بعد رحلة جهاد طويلة، قدم فيها البراء كل ما يملك في سبيل دينه، وكانت وفاته في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سنة (20هـ) رضي الله عنه وأرضاه.
 
أعلى