تعرف على الصحابة الكرام و سيرهم الخالدة

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
بليع الأرض خبيب بن عدي رضي الله عنه

بليع الأرض خبيب بن عدي رضي الله عنه
إنه الصحابي الجليل خبيب بن عدي -رضي الله عنه-، وأحد الأنصار الصادقين، من قبيلة الأوس، لازم النبي ( منذ أن هاجر إليهم، وكان عَذْبَ الروح، قوي الإيمان، وصفه شاعر الإسلام حسان بن ثابت فقال:
صقرًا توسَّط في الأنصار منصـبُه
سَمْحَ السَّجِيَّةَ مَحْضًا غير مُؤْتَشَب
شارك في غزوة بدر، فكان جنديًّا باسلاً، ومقاتلاً شجاعًا، قتل عددًا كبيرًا من المشركين من بينهم الحارث بن عامر بن نوفل.
وذات يوم أراد النبي ( أن يعرف نوايا قريش، ومدى استعدادها لغزو جديد، فاختار عشرة من أصحابه من بينهم خُبيب بن عدي، وجعل
عاصم بن ثابت أميرًا عليهم، وانطلق الركب ناحية مكة حتى اقتربوا منها، فوصل خبرهم إلى قوم من بني لحيان فأخذوا يتتبعونهم، وأحسَّ عاصم أنهم يطاردونهم، فدعا أصحابه إلى صعود قمة عالية على رأس جبل، فاقترب منهم مائة رجل من المشركين وحاصروهم، ودعوهم إلى تسليم أنفسهم بعد أن أعطوهم الأمان، فنظر الصحابة إلى أميرهم عاصم فإذا هو يقول: أما أنا فوالله لا أنزل في ذمة مشرك، اللهم أخبر عنا نبيك.
فلما رأى المشركون أن المسلمين لا يريدون الاستسلام؛ رموهم بالنبال، فاستشهد عاصم ومعه ستة آخرون، ولم يبق إلا خبيب واثنان معه، هما زيد بن الدثنة
ومرثد بن أبي مرثد، ولما رأى مرثد بداية الغدر حاول الهرب فقتله البغاة، ثم ربطوا خبيبًا وزيدًا وساروا بهما إلى مكة ؛ حيث باعوهما هناك.
وعندما سمع بنو حارث بوجود خبيب أسرعوا بشرائه ليأخذوا بثأر أبيهم
الذي قتله خبيب يوم بدر، وظل خبيب في بيت عقبة بن الحارث أسيرًا مقيدًا بالحديد.
وذات يوم دخلت عليه إحدى بنات الحارث فوجدت عنده شيئًا عجيبًا، فخرجت وهي تناديهم وتقول: والله لقد رأيته يحمل قطفًا (عنقودًا) كبيرًا من عنب يأكل منه، وإنه لموثق (مقيد) في الحديد، وما بمكة كلها ثمرة عنب واحدة، ما أظنه إلا رزقًا رزقه الله خبيبًا.
ولما أجمع المشركون على قتل خبيب استعار موسيًا من إحدى بنات الحارث ليستحد بها (يزيل شعر العانة) فأعارته، وكان لهذه المرأة صبي صغير، غفلت عنه قليلا، فذهب الصبي إلى خبيب فوضعه على فخذه، وفي يده الموسى، فلما رأته المرأة فزعت وخافت على صبيها، فقال لها خبيب أَتَخْشِينَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ ما كنت لأفعل إن شاء الله، فقالت المرأة: ما رأيت أسيرًا خيرًا من خبيب.
وأراد المشركون أن يدخلوا الرعب في قلب خبيب، فحملوا إليه نبأ مقتل
زيد بن الدثِنَّة، وراحوا يساومونه على إيمانه، ويعدونه بالنجاة إن هو ترك دين محمد، وعاد إلى آلهتهم، ولكن خبيبًا ظل متمسكًا بدينه إلى آخر لحظة في حياته، فلما يئسوا منه أخرجوه إلى مكان يسمى التنعيم، وأرادوا صلبه (تعليقه)، فاستأذن منهم أن يصلي ركعتين، فأذنوا له، فصلى خبيب ركعتين في خشوع، فكان بذلك أول من سنَّ صلاة ركعتين عند القتل.
وبعد أن فرغ من صلاته نظر إليهم قائلاً: والله لولا أَنْ تَحْسَبُوا أَنَّ بي جزعًا (خوفًا) من الموت؛ لازْددت صلاة. ثم رفع يده إلى السماء ودعا عليهم: (اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تبق منهم أحدًا)، ثم أنشد يقول:
وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًــا
عَلَى أي جَنْبٍ كَانَ في اللهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ في ذَاتِ الإلهِ وإنْ يَشَـــأ
يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شَلْوٍ ممَـــزَّعِ
ثم قاموا إلى صلبه، وقبل أن تقترب منه سيوفهم، قام إليه أحد زعماء قريش وقال له: أتحب أن محمدًا مكانك، وأنت سليم معافى في أهلك، فيصيح خبيب فيهم قائلاً:
والله ما أحب أني في أهلي وولدي، معي عافية الدنيا ونعيمها، ويصاب رسول الله بشوكة.
إنها الكلمات التي قالها زيد بن الدثنة بالأمس يقولها خبيب اليوم، مما جعل أبا سفيان -ولم يكن قد أسلم- يضرب كفًا بكف ويقول: والله ما رأيت أحدًا يحب أحدًا كما يحب أصحاب محمدٍ محمدًا.
وما كاد خبيب ينتهي من كلماته هذه حتى تقدم إليه أحد المشركين، وضربه بسيفه، فسقط شهيدًا، وكانوا كلما جعلوا وجهه إلى غير القبلة يجدوه مستقبلها، فلما عجزوا تركوه وعادوا إلى مكة.
وبقى جثمان الشهيد على الخشب الذي صلب عليه حتى علم النبي ( بأمره، فأرسل الزبير بن العوام والمقداد بن عمرو فأنزلاه، ثم حمله الزبير على فرسه، وهو رطب لم يتغير منه شيء، وسار به، فلما لحقهما المشركون قذفه الزبير، فابتلعته الأرض، فَسُمِّيَ بَلِيع الأرض.


 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
الحب بن الحب أسامة بن زيد رضي الله عنهما

الحب بن الحب أسامة بن زيد رضي الله عنهما
إنه الصحابي الجليل أسامة بن زيد -رضي الله عنه-، وهو ابن مسلمين كريمين من أوائل السابقين إلى الإسلام، فأبوه زيد بن حارثة، وأمه السيدة أم أيمن حاضنة رسول الله ( ومربيته.
كان شديد السواد، خفيف الروح، شجاعًا، رباه النبي ( وأحبه حبًّا كثيرًا، كما كان يحب أباه فسمي الحِبّ بن الحبّ، وكان النبي ( يأخذه هو والحسن ويقول: (اللهم أحبهما فإني أُحِبُّهما) [أحمد والبخاري].
وكان أسامة شديد التواضع، حاد الذكاء، يبذل أقصى ما عنده في سبيل دينه وعقيدته.
وخرج أسامة مع النبي ( (عام الفتح إلى مكة راكبًا خلفه ( على بغلته، ودخل النبي ( الكعبة ليصلي فيها ركعتين، ومعه أسامة وبلال، ووقع أسامة على الأرض فجرحت جبهته؛ فقام النبي ( مسرعًا ليمسح الدم الذي يسيل منها حتى وقف النزيف.
وذات يوم تلقى أسامة من رسول الله ( درسًا لا ينساه أبدًا، يقول أسامة: بعثنا رسول الله ( إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله فكف الأنصاري فطعنته برمح حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي ( فقال: يا أسامة أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟ قلت كان متعوذًا، فما زال يكررها الرسول ( حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم. ثم قال أسامة للرسول :) إني أعُطى الله عهدًا، ألا أقتل رجلا يقول: لا إله إلا الله أبدًا، فقال النبي :) (بعدى يا أسامة؟) قال: بعدك
. [متفق عليه].
وقد حمل أسامة كل صفات ومواهب القائد الشجاع، مما زاد من إعجاب النبي ( به، فجعله قائدًا لجيش المسلمين لغزو الروم، وجعله الرسول ( أميرًا على جيش فيه كبار الصحابة، كأبي بكر وعمر، فاستكثر بعض المسلمين على أسامة كل هذا، وتكلموا في ذلك، ولما علم النبي ( صعد المنبر وحمد الله ثم أثنى عليه وقال: (إن تطعنوا في إمارته (أي إمارة أسامة)؛ فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وأيم الله، إن كان لخليقًا للإمارة لجديرًا بها، وإن كان لمن أحب الناس إليَّ (يقصد زيد بن حارثة)، وإن هذا لمن أحب الناس إليَّ بعده) [متفق عليه].
ويموت النبي ( قبل أن يتحرك جيش أسامة إلى غايته التي حددها الرسول ( وهى قتال الروم، (وقبل أن يموت النبي ( أوصى أصحابه أن يسارعوا بتحريك جيش أسامة فقال لهم: (أنفذوا بعث أسامة، أنفذوا بعث أسامة) [ابن حجر في الفتح].
ويتولى أبو بكر الخلافة بعد رسول الله (، ويصر على إنجاز وصية الرسول (، فيقول له عمر: إن الأنصار ترى أن يتولى قيادة الجيش من هو أكبر سنًّا من أسامة، فيغضب أبو بكر -رضي الله عنه- ويقول: ثكلتك أمك يابن الخطاب، استعمله رسول الله ( وتأمرني أن أنزعه، والذي نفسي بيده لو ظننت أن السباع تخطفني؛ لأنفذت بعث أسامة.
ويخرج القائد أسامة من المدينة بجيشه، ويخرج معه أبو بكر مودعًا، وبينما أسامة راكب على فرسه، إذا بأبي بكر يسير على قدميه، فيستحي أسامة من هذا الموقف، ويقول لأبي بكر: يا خليفة رسول الله (، والله لتركبن أو لأنزلن. فيقول أبو بكر: والله لا نزلت، والله لا ركبتُ، وما عليَّ أن أغبر
قدمي في سبيل الله ساعة، ثم يستأذن أبو بكر من أسامة أن يبقى معه عمر في المدينة ليعينه على أمور الحكم فيعطي أعظم قدوة في استئذان القائد مهما كان صغيرًا.
وانطلق جيش أسامة إلى البلقاء، ليهاجم القرى التي حددها له رسول الله ( وخليفته أبو بكر، فينتصر عليهم ويأسر منهم الكثير، ويجمع الغنائم، ويعود إلى المدينة منتصرًا بعد أن لقن الروم درسًا لا ينسى، ويعود الجيش بلا ضحايا فيقول المسلمون يومئذ: ما رأينا جيشًا أسلم من جيش أسامة.
وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما يقسم أموال بيت المال على المسلمين، يجعل نصيب أسامة منها ثلاثة آلاف وخمسمائة، في حين يعطي ابنه
عبد الله ثلاثة آلاف، فيقول ابن عمر لأبيه: لقد فضلت عليَّ أسامة، وقد شهدت مع رسول الله ( ما لم يشهد، فيرد عليه عمر قائلاً: إن أسامة كان أحب إلى رسول الله ( منك، وأبوه كان أحب إلى رسول الله ( من أبيك._[الترمذي وابن سعد].
وعندما نشبت الفتنة بين علي ومعاوية -رضي الله عنهما- وقف أسامة محايدًا مع حبه الشديد لعلي، وبعث له رسالة قال فيها: يا أبا الحسن إنك والله لو أخذت بمشفر الأسد (فمه) لأخذت بمشفره الآخر معك حتى نهلك جميعًا أو نحيا جميعًا، فأما هذا الأمر الذي أنت فيه فوالله لا أدخل فيه أبدًا، ولزم أسامة داره فترة النزاع حتى لا يقتل مسلمًا.
وكان -رضي الله عنه- كثير العبادة، محافظًا على صوم يوم الاثنين والخميس مع كبر سنه وضعف جسمه؛ تأسيًا برسول الله ( ، وتوفي أسامة
-رضي الله عنه- في خلافة معاوية بن أبي سفيان سنة (54هـ)، وقد روى عنه جماعة من الصحابة والتابعين.

 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
الكريم سعد بن عبادة رضي الله عنه

الكريم سعد بن عبادة رضي الله عنه
إنه سعد بن عبادة -رضي الله عنه- زعيم الخزرج، وحامل راية الأنصار، أمه عمرة بنت مسعود، وكان يكنى أبا ثابت، وأبا قيس، وقد أسلم مبكرًا، وحضر بيعة العقبة الثانية مع سبعين رجلاً وامرأتين من الأنصار، وكان أحد النقباء الإثني عشر.
ورغم أن سعدًا كان سيد قومه، لم تمنعه تلك السيادة من أن ينال قسطًا من تعذيب قريش، وذلك أنه بعد أن تمت بيعة العقبة الثانية، وأخذ الأنصار يستعدون للسفر والرجوع إلى المدينة، علمت قريش بمبايعتهم للنبي (، واتفاقهم معه على الهجرة إلى المدينة ليناصروه ضد قوى قريش، فجن جنونهم، وطاردوا المسلمين، حتى أدركوا منهم سعد بن عبادة، فأخذه المشركون، وربطوا يديه إلى عنقه، وعادوا به إلى مكة حيث التفوا حوله يضربونه، وينزلون به أشد العذاب.
يقول سعد: فوالله إني لفي أيديهم إذ طلع عليَّ نفر من قريش فيهم رجل وضئ، أبيض، شعشاع من الرجال (يقصد سهيل بن عمرو)، فقلت في نفسي: إن يك عند أحد من القوم خير، فعند هذا، فلما اقترب مني رفع يده فلكمني (ضربني) لكمة شديدة، فقلت في نفسي: لا والله، ما عندهم بعد هذا من خير، فو الله إني لفي أيديهم يسحبونني إذ أوى (جاء) إلى رجل ممن كان معهم فقال: ويحك، أما بينك وبين أحد من قريش جوار؟ قلت: بلى، كنت أُجير لجبير بن مطعم تجارة، وأمنعهم ممن يريد ظلمهم ببلادي، وكنت أجير للحارث بن حرب بن أمية، فقال الرجل: فاهتف باسم الرجلين، واذكر ما بينك وبينهما من جوار، ففعلت،
وخرج الرجل إليهما، فوجدهما في الكعبة، فأخبرهما أن رجلا من الخزرج
يضرب بالأبطح، وهو يهتف باسميهما أن بينه وبينهما جوارًا، فسألاه عن اسمي، فقال: سعد بن عبادة، فقالا: صدق والله، وجاءا فخلصاني من أيديهم.
[ابن سعد].
وعندما هاجر الرسول ( وأصحابه إلى المدينة استقبلهم سعد خير استقبال، وسخر ماله لخدمتهم، وعرف سعد بالجود والكرم، وبلغت شهرته في ذلك الآفاق، وكان دائمًا يسأل الله المزيد من رزقه وخيره، فيقول: اللهم هب لي مجدا، لا مجد إلا بفعال، ولا فعال إلا بمال، اللهم إنه لا يصلحني القليل، ولا أصلُح عليه. [الحاكم].
وكان الرجل من الأنصار يستضيف واحدًا أو اثنين أو ثلاثة بينما هو يستضيف ثمانين، وكان مناديه يصعد أعلى داره وينادي: من كان يريد شحمًا ولحمًا فليأت. وقد دعا له النبي ( فقال: (اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة) [أحمد].
وكان سعد يجيد الرمي، وكانت له فدائية وشجاعة فائقة، قال عنها ابن عباس
-رضي الله عنهما-: كان لرسول الله ( في المواطن كلها رايتان؛ مع علي راية المهاجرين، ومع سعد بن عبادة راية الأنصار.
[عبد الرزاق وأحمد].
ووقف سعد بن عبادة موقفًا شجاعًا في بدر، حينما طلب النبي ( مشورة الأنصار، فقام سعد مشجعًا على القتال، فقال: يا رسول الله، والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا.
[أحمد ومسلم].
وفي غزوة الخندق تجمعت القبائل الكافرة ضد الإسلام، وحاصرت المدينة، وعرضت قبيلة غطفان على النبي ( أن ينسحبوا من جيش الأحزاب، ولا يقفوا مع الكفار، في مقابل أن يأخذوا ثلث ثمار المدينة، فشاور الرسول ( كلا من سعد بن عبادة وسعد بن معاذ في هذا الأمر، فقال سعد بن عبادة: يا رسول الله، أمرًا تحبه فنصنعه، أم شيئًا أمرك الله
به، ولابد لنا من العمل به، أم شيئًا تصنعه لنا؟ فقال رسول الله :) (إنما هو شيء أصنعه لكم، لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس
واحدة).
فقال سعد بن معاذ: والله يا رسول الله، ما طمعوا بذلك منا قط في الجاهلية، فكيف اليوم؟ وقد هدانا الله بك وأكرمنا وأعزنا، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم. فقال رسول الله :) (فأنت وذاك)
[ابن هشام]. وبعد وفاة النبي ( اجتمع الأنصار في سقيفة
بني ساعدة، والتفوا حول سعد بن عبادة منادين بأن يكون خليفة رسول الله ( من الأنصار، ولكن عمر بن الخطاب وأبا عبيدة بن الجراح رأيا أن أبا بكر أحق بالخلافة بعد رسول الله (، فوافق المسلمون على رأيهما، وبايع سعد أبا بكر -رضي الله عنه- بالخلافة، وتوفي سعد في خلافة
عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
صاحب دار الدعوة الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه

صاحب دار الدعوة الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه
إنه الصحابي الجليل الأرقم بن أبي الأرقم القرشي المخزومي -رضي الله عنه- وكنيته أبو عبد الله، أحد السابقين إلى الإسلام، قيل إنه سابع من أسلم، وقيل بل عاشر من أسلم. وفي الدار التي كان يمتلكها الأرقم على جبل الصفا، كان النبي ( يجتمع بأصحابه بعيدًا عن أعين المشركين؛ ليعلمهم القرآن وشرائع الإسلام، وفي هذه الدار أسلم كبار الصحابة وأوائل المسلمين، وهاجر الأرقم إلى المدينة، وفيها آخى رسول الله ( بينه وبين
زيد بن سهل -رضي الله عنهما-.
وشهد الأرقم بن أبي الأرقم بدرًا وأحدًا والغزوات كلها، ولم يتخلف عن الجهاد، وأعطاه رسول الله ( دارًا بالمدينة. وروى أن الأرقم -رضي الله عنه- تجهز يومًا، وأراد الخروج إلى بيت المقدس، فلما فرغ من التجهيز والإعداد، جاء إلى النبي ( يودعه، فقال له النبي :)
(ما يخرجك يا أبا عبد الله، أحاجة أم تجارة ؟) فقال له الأرقم: يا رسول الله! بأبي أنت وأمى، أني أريد الصلاة في بيت المقدس، فقال له الرسول :) (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام) فجلس الأرقم، وعاد إلى داره مطيعًا للنبي ( ومنفذًا لأوامره.
[الحاكم].
وظل الأرقم يجاهد في سبيل الله، لا يبخل بماله ولا نفسه ولا وقته في سبيل نصرة الإسلام والمسلمين حتى جاءه مرض الموت، ولما أحس -رضي الله عنه- بقرب أجله في عهد معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- أوصى بأن يصلي عليه
سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- ثم مات الأرقم وكان سعد غائبًا عن المدينة آنذاك، فأراد مروان بن الحكم أمير المدينة أن يصلي عليه فرفض
عبيد الله بن الأرقم، فقال مروان: أيحبس صاحب رسول الله ( لرجل غائب؟ ورفض ابنه عبيد الله بن الأرقم أن يصلي عليه أحد غير سعد بن أبي وقاص، وتبعه بنو مخزوم على ذلك، حتى جاء سعد، وصلى عليه، ودفن بالعقيق سنة (55هـ).
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنه

حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنه
إنه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-، ابن عم النبي (، ولد -رضي الله عنه- قبل الهجرة بثلاث سنين، وبايع رسول الله ( وهو صغير لم يبلغ الحلم، وهاجر إلى المدينة مع أبويه قبل فتح مكة.
وكان ابن عباس -رضي الله عنه- محبًا للعلم منذ صغره، يقبل عليه، ويهتم به حفظًا وفهمًا ودراسة، وما إن اشتد عوده حتى أصبح أعلم الناس بتفسير القرآن وأحكام السنة المطهرة، يأتي إليه الناس من كل مكان يتعلمون منه أحكام الدين على يديه. دعا له رسول الله ( قائلاً: (اللهم فقهه في الدين) [البخاري]، وكان يسمى بـترجمان القرآن.
ولقِّب بالحَبْر لكثرة علمه بكتاب الله وسنة رسوله (، ويروى أنه كان معتكفًا في مسجد الرسول (، فأتاه رجل على وجهه علامات الحزن والأسى، فسأله عن سبب حزنه؛ فقال له: يا ابن عم رسول الله، لفلان علي حق ولاء، وحرمة صاحب هذا القبر (أي قبر الرسول () ما أقدر عليه؛ فقال له: أفلا أكلمه فيك؟ فقال الرجل: إن أحببت؛ فقام ابن عباس، فلبس نعله، ثم خرج من المسجد، فقال له الرجل: أنسيت ما كنت فيه؟‍! (أي أنك معتكف ولا يصح لك الخروج من المسجد).
فرد عليه قائلاً: لا، ولكن سمعت صاحب هذا القبر ( والعهد به قريب -فدمعت عيناه- وهو يقول: (من مشى في حاجة أخيه، وبلغ فيها كان خيرًا له من اعتكاف عشر سنين، ومن اعتكف يومًا ابتغاء وجه الله تعالى، جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق أبعد مما بين الخافقين (المشرق والمغرب))
[الطبراني والبيهقي والحاكم].
وكان يحب إخوانه المسلمين، ويسعى في قضاء حوائجهم، وكان يقول: لأن أعول أهل بيت من المسلمين شهرًا أو جمعة أو ما شاء الله أحب إلي من حجة بعد حجة، ولهدية أهديها إلى أخ لي في الله أحب إلي من دينار أنفقه في سبيل الله. وكان عمر -رضي الله عنه- يحب عبد الله بن عباس ويقربه من مجلسه ويستشيره في جميع أموره، ويأخذ برأيه رغم صغر سنه، فعاب ناس من المهاجرين ذلك على عمر، فقال لهم عمر: أما أني سأريكم اليوم منه ما تعرفون فضله، فسألهم عمر عن تفسير سورة {إذا جاء نصر الله والفتح}، فقال بعضهم: أمر الله نبيَّه إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجًا أن يحمده ويستغفره، فقال عمر: يا ابن عباس، تكلم. فقال عبدالله: أعلم الله رسوله ( متى يموت، أي: فهي علامة موتك فاستعد، فسبح بحمد ربك واستغفره. [البخاري وأحمد والترمذي والطبراني وأبو نعيم].
وكان سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- يقول عن ابن عباس: ما رأيت أحدًا أحضر فهمًا، ولا ألب لبًّا (عقلاً)، ولا أكثر علمًا، ولا أوسع حلمًا من ابن عباس، لقد رأيت عمر يدعوه للمعضلات فيقول: قد جاءت معضلة، ثم لا يجاوز قوله وإن حوله لأهل بدر. [ابن سعد]. وكانت السيدة عائشة -رضي الله عنها- تقول: أعلم مَن بقي بالحجِّ ابن عباس.
وكان ابن عباس يقيم الليل، ويقرأ القرآن، ويكثر من البكاء من خشية الله، وكان متواضعًا يعرف لأصحاب النبي ( قدرهم، ويعظمهم ويحترمهم، فذات يوم أراد زيد بن ثابت -رضي الله عنه- أن يركب ناقته فأسرع ابن عباس إليه لينيخ له الناقة، فقال له زيد: تنيخ لي الناقة يا ابن عم رسول الله؟! فرد عليه ابن عباس قائلاً: هكذا أمرنا أن نأخذ بركاب كبرائنا.
وكان ابن عباس كريمًا جوادًا، وذات مرة نزل أبو أيوب الأنصاري البصرة حينما كان ابن عباس أميرًا عليها، فأخذه ابن عباس إلى داره وقال له: لأصنعن بك كما صنعت مع رسول الله (، فاستضافه ابن عباس خير ضيافة. وحضر ابن عباس معركة صفين، وكان في جيش الإمام عليَّ، وأقبل ابن عباس على العلم والعبادة حتى أتاه الموت سنة (67 هـ)، حينما خرج من المدينة قاصدًا الطائف، وكان عمره آنذاك (70) سنة، وصلى عليه الإمام محمد بن الحنفية، ودفنه بالطائف وهو يقول: اليوم مات رَبَّاني هذه الأمة.
وكان ابن عباس -رضي الله عنه- من أكثر الصحابة رواية عن النبي ( فبلغ مسنده (1660) حديثًا، كما كان من أكثر الصحابة فقهًا، وله اجتهادات فقهية تميزه عن غيره من الصحابة.

 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
ذو الجناحين جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه

ذو الجناحين جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه
إنه جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- شهيد مؤتة، وابن عم رسول الله
(، والشقيق الأكبر لعلي -رضي الله عنه-، أسلم مبكرًا، وأسلمت معه في نفس اليوم زوجته أسماء بنت عُميْس، وتحملا نصيبهما من الأذى والاضطهاد في شجاعة وثبات.
كان أشبه الناس خَلْقًا وخُلُقًا بالرسول (، كنَّاه الرسول
( بأبي المساكين، ولقبه بذي الجناحين، وقال عنه حين قطعت يداه: (إن الله أبدله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء
) [الحاكم].
وكان جعفر -رضي الله عنه- يحب المساكين ويطعمهم ويقربهم منه، ويحدثهم ويحدثونه، يقول عنه أبو هريرة: كان خير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب. ويقول عنه أيضًا: ما احتذى النعال، ولا ركب المطايا، ولا وطئ التراب بعد رسول الله ( أفضل من جعفر بن أبي طالب.
ولما خاف الرسول ( على أصحابه اختار لهم الهجرة إلى الحبشة، وقال لهم: (لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن بها ملكًا لا يظلم عنده أحد)، فخرج جعفر وأصحابه إلى الحبشة، فلما علمت قريش، أرسلت وراءهم عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة -وكانا لم يسلما بعد-، وأرسلت معهما هدايا عظيمة إلى النجاشي ملك الحبشة؛ أملا في أن يدفع إليهم جعفر وأصحابه فيرجعون بهم إلى مكة مرة ثانية ليردوهم عن دين الإسلام.
ووقف رسولا قريش عمرو وعبد الله أمام النجاشي فقالا له: أيها الملك! إنه قد ضوى (جاء) إلى بلادك غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك (المسيحية)، بل جاءوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم، وأعمامهم، وعشائرهم لتردهم إليهم. فلما انتهيا من كلامهما توجَّه النجاشي بوجهه ناحية المسلمين وسألهم: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم، واستغنيتم به عن ديننا؟
فقام جعفر وتحدث إلى الملك باسم الإسلام والمسلمين قائلاً: أيها الملك، إنا كنا قومًا أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى عبادة الله وحده، وخَلْعِ (ترك) ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، فصدقناه وآمنا به، فعذبنا قومنا وفتنونا عن ديننا؛ ليردونا إلى عبادة الأوثان، فلما ظلمونا، وضيقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، ورغبنا في جوارك، ورجونا ألا نظلم عندك.
استمع النجاشي إلى كلمات جعفر، فامتلأت نفسه روعة بها، ثم سأله: هل معك شيء مما أنزل على رسولكم؟ قال جعفر: نعم، فقال النجاشي: فاقرأه علي. فقرأ جعفر من سورة مريم، فبكى النجاشي، ثم توجه إلى عمرو وعبد الله وقال لهما: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة (يقصد أن مصدر القرآن والإنجيل واحد). انطلقا فوالله لا أسلمهم إليكما.
فأخذ عمرو يفكر في حيلة جديدة، فذهب في اليوم التالي إلى الملك وقال له: أيها الملك، إنهم ليقولون في عيسى قولاً عظيمًا، فاضطرب الأساقفة لما سمعوا هذه العبارة وطالبوا بدعوة المسلمين، فقال النجاشي: ماذا تقولون عن عيسى؟ فقال جعفر: نقول فيه ما جاءنا به نبينا :) هو عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه. عند ذلك أعلن النجاشي أن هذا هو ما قاله عيسى عن نفسه، ثم قال للمسلمين: اذهبوا، فأنتم آمنون بأرضي، ومن سبكم أو آذاكم فعليه ما يفعل، ثم رد إلى قريش هداياهم.
وعاد جعفر والمسلمون من الحبشة بعد فتح خيبر مباشرة، ففرح الرسول ( فرحًا كبيرًا وعانقه وهو يقول: (ما أدرى بأيهما أنا أشد فرحًا؛ أبقدوم جعفر أم بفتح خيبر؟) [الحاكم]. وبنى له الرسول ( دارًا بجوار المسجد ليقيم فيها هو وزوجته أسماء بنت عميس وأولادهما الثلاثة؛ محمد،
وعبد الله، وعوف، وآخى بينه وبين معاذ بن جبل -رضي الله عنهما-.
وفي العام الثامن من الهجرة، أرسل النبي ( جيشًا إلى الشام لقتال الروم، وجعل الرسول ( زيد بن حارثة أميرًا على الجيش وقال: (عليكم بزيد بن حارثة، فإن أصيب زيد، فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة) [أحمد والبخاري]. ودارت معركة رهيبة بين الفريقين عند مؤتة، وقتل زيد بن حارثة، فأخذ الراية جعفر، ومضى يقاتل في شجاعة وإقدام وسط صفوف الروم وهو يردد بصوت عالٍ:
يَا حَبَّذَا الجَنَّةُ وَاقْتِرَابُهَــــا طَيَّبَةٌ، وَبَارِدٌ شَرَابُهَــــــا
وَالرُّومُ رومٌ قَدْ دَنَا عَذَابُهَــا كَافِرَةٌ بَعيِدَةٌ أنْسَابُهَــــــا
عليَّ إِذْ لاقيتها ضرابهـــا
وظل يقاتل حتى قطعت يمينه، فحمل الراية بشماله فقطعت هي الأخرى، فاحتضن الراية بعضديه حتى استشهد. يقول ابن عمر: كنت مع جعفر في غزوة مؤتة، فالتمسناه فوجدناه وبه بضع وتسعون جراحة، ما بين ضربة بسيف، وطعنة برمح، وعلم الرسول ( خبر استشهاده، فذهب إلى بيت ابن عمه، وطلب أطفال جعفر وقبلهم، ودعا لأبيهم -رضي الله عنه-.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
أول من صلى تجاه الكعبة البراْ بن معرور رضي الله عنه

أول من صلى تجاه الكعبة البراْ بن معرور رضي الله عنه
إنه البراء بن معرور الخزرجي الأنصاري -رضي الله عنه-، أمه الرباب بنت النعمان، وكنيته أبو بشر، أسلم وهو في المدينة قبل أن يهاجر إليها النبي (، وكان سيد الأنصار وكبيرهم، وأحد الذين بايعوا النبي صلى
الله عليه وسلم في بيعة العقبة الأولى، وكان نقيبًا لبني سلمة، وأول من أوصى بثلث ماله.
وخرج البراء يومًا مع نقباء الأنصار إلى مكة، وفي الطريق حان وقت الصلاة، وكانت قبلة المسلمين في ذلك الوقت ناحية بيت المقدس، فقال البراء لمن معه من المسلمين: يا هؤلاء، قد رأيت أن لا أدع هذه البنية (يقصد الكعبة) مني بظهر (وراء ظهري)، وأن أصلي إليها (أي اتجه نحوها). فقال له أصحابه: والله ما بلغنا أن رسول الله ( يصلي إلا إلى الشام (يقصد بيت المقدس)، وما نريد أن نخالفه، فقال البراء: إني لمصلٍّ إلى الكعبة. فقالوا له: ولكنا لا نفعل.
فكان البراء -رضي الله عنه- إذا حضرت الصلاة يصلي ناحية الكعبة، وباقي أصحابه يتجهون ناحية بيت المقدس، وظلوا على هذه الحال حتى وصلوا مكة، وكانوا يعيبون على البراء صلاته ناحية الكعبة حتى إنه شك فيها، وخاف أن يكون بفعله هذا قد خالف الله ورسوله (.
ولما وصل الأنصار إلى مكة أسرع البراء إلى رسول الله ( وقال له: يا نبي الله، إني خرجت في سفري هذا، وقد هداني الله للإسلام، فرأيت أن لا أجعل هذه البنية (الكعبة) مني بظهر (وراء ظهري) فصليت إليها، وقد خالفني أصحابي في ذلك، حتى وقع في نفسي شك من ذلك، فماذا ترى يا رسول الله؟ فقال له رسول الله :) (لقد كنت على قبلة لو صبرت عليها)، ثم أمره أن يصلي ناحية بيت المقدس، فاستجاب البراء لأمر الرسول (.
[أحمد].
ثم عاد البراء إلى المدينة، وهناك مرض مرض الموت، فقال لأهله قبل أن يموت: استقبلوا بي ناحية الكعبة، فلما فارق الحياة وضعوه نحو الكعبة، فكان بذلك أول من استقبل الكعبة بوجهه حيًّا وميتًا حتى جاء أمر الله بتغيير القبلة إلى الكعبة.
ومات البراء بن معرور -رضي الله عنه- في شهر صفر قبل قدوم النبي ( بشهر، فلما قدم النبي ( المدينة أتى قبره ومعه أصحابه فكبر وصلى عليه.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
شهيد السماء سعد بن معاذ رضي الله عنه

شهيد السماء سعد بن معاذ رضي الله عنه
إنه الصحابي الجليل سعد بن معاذ -رضي الله عنه-، سيد الأوس، أسلم بعد بيعة العقبة الأولى، وحضر بيعة العقبة الثانية.
ولإسلام سعد قصة طريفة، فقد بعث النبي ( مصعب بن عمير -رضي الله عنه- ليدعو أهل المدينة إلى الإسلام، ويُعلِّم من أسلم منهم القرآن وأحكام الدين، وجلس مصعب ومعه الصحابي أسعد بن زرارة في حديقة
بالمدينة، وحضر معهما رجال ممن أسلموا، فلما سمع بذلك سعد بن معاذ وأسيد بن حضير، وكانا سيديّ قومهما، ولم يكونا أسلما بعد، قال سعد لأسيد بن حضير: انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا ديارنا ليسفها ضعفاءنا، فازجرهما، وانههما عن أن يأتيا ديارنا، فأخذ أسيد حربته ثم أقبل عليهما، فلما رآه أسعد بن زراة قال لمصعب: هذا سيد قومه قد جاءك، فاصدق الله فيه.
ووقف أسيد يسبهما، فقال له مصعب: أو تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرًا قبلته، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره، فجلس أسيد، واستمع إلى مصعب، واقتنع بإسلامه، فأسلم، ثم قال لهما: إن ورائي رجلاً إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد
من قومه، وسأرسله إليكما الآن سعد بن معاذ، ثم أخذ أسيد حربته وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس، فقال له: إن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه، وكان أسعد ابن خالة سعد، فقام سعد غاضبًا فأسرع وأخذ الحربة في يده. فلما رآهما جالسين مطمئنين، عرف أن أسيدًا إنما قال له ذلك ليأتي به إلى هذا المكان، فأخذ يشتمهما، فقال أسعد لمصعب: أي مصعب، جاءك والله سيدٌ من ورائه قومه إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم أحد.
فقال مصعب لسعد: أو تقعد فتسمع؟ فإن رضيت أمرًا، ورغبت فيه قبلته، وإن كرهته، عزلنا عنك ما تكره. قال سعد: أنصفت، ثم وضع الحربة، وجلس. فعرض عليه الإسلام، وقرأ عليه القرآن كما فعل مع أسيد، فلمح مصعب وأسعد الإسلام في وجه سعد بن معاذ قبل أن يتكلم؛ فقد أشرق وجهه وتهلل، ثم قال لهما: كيف تصنعون إذا أسلمتم ودخلتم في هذا الدين؟ قال: تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك، ثم تشهد شهادة الحق، ثم تصلى ركعتين.
ففعل سعد ذلك، ثم أخذ حربته ورجع إلى قومه، فلما رآه قومه قالوا: نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به، فقال لهم سعد: يا بني
عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا وأفضلنا رأيًّا. قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام، حتى تؤمنوا بالله وبرسوله، فما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا ودخل في الإسلام. وبعد انتشار الإسلام في ربوع المدينة، أذن الله سبحانه لنبيه ( بالهجرة إلى المدينة، فكان سعد خير معين لإخوانه المهاجرين إلى المدينة.
وجاءت السنة الثانية من الهجرة، والتي شهدت أحداث غزوة بدر، وطلب النبي ( المشورة قبل الحرب، فقام أبو بكر وتحدث ثم قام، فتحدث عمر، ثم قام المقداد بن عمرو، وقالوا وأحسنوا الكلام، ولكنهم من المهاجرين، فقال الرسول :) (أشيروا علي أيها الناس)، فقال سعد بن معاذ زعيم الأنصار: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال: :) أجل)، فقال سعد: لقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر، فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصُبُر في الحرب، صُدُق في اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقرَّ به عينك، فسر بنا على بركة الله.
فسُرَّ رسول الله ( عندما سمع كلام سعد، ثم قال: (سيروا وأبشروا، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم
) [ابن هشام].
وقبل أن تبدأ المعركة قال سعد بن معاذ: يا نبي الله، ألا نبني لك عريشًا تكون فيه، ونعد عندك ركائبك، ثم نلقى عدونا، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا؛ كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرى، جلست على ركائبك، فلحقت بمن وراءنا، فأثنى عليه رسول الله ( خيرًا، ودعا له بخير، ثم بني لرسول الله ( عريشًا، فجلس فيه يدعو الله أن ينصر الإسلام. [ابن هشام].
وأبلى المسلمون في غزوة بدر بلاء حسنًا، وكان لهم النصر.
ويروى أن سعد بن معاذ كان يقول: ثلاث أنا فيهن رجل كما ينبغي، وما سوى ذلك فأنا رجل من الناس، ما سمعت من رسول الله ( حديثًا قط إلا علمت أنه حق من الله عز وجل، ولا كنت في صلاة قط فشغلت نفسي بغيرها حتى أقضيها، ولا كنت في جنازة قط، فحدثت نفسي بغير ما تقول، ويقال لها، حتى أنصرف عنها. وكان سعيد بن المسيب يقول: هذه الخصال ما كنت أحسبها إلا في نبي.
وتأتى غزوة أحد، ويظهر سعد فيها حماسة شديدة وشجاعة عظيمة، وظل يدافع عن النبي ( حتى عاد المشركون إلى مكة.
وفي غزوة الخندق، تحالف المشركون وتجمعوا من كل مكان يحاصرون المدينة، واستغلَّ بنو غطفان الموقف، فبعثوا إلى رسول الله ( كتابًا يعرضون فيه أن يتركوا القتال في مقابل أن يحصلوا على ثلث ثمار المدينة، فاستشار الرسول ( صحابته في هذا.
فقال سعد: يا رسول الله، قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك، وكانوا لا يطمعون أن يأكلوا منا ثمرة واحدة، أفحين أكرمنا الله بالإسلام، نعطيهم أموالنا! والله ما لنا بهذه من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم، فرضي الرسول ( والصحابة بذلك.
وأصيب سعد بن معاذ في غزوة الخندق بسهم حين رماه ابن العرقة وقال: خذها وأنا ابن العرقة، فقال سعد: عرق الله وجهك في النار. ثم دعا سعد ربه فقال: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئًا، فأبقني لها، فإنه لا قوم أحب إلى من أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا نبيك، وكذبوه وأخرجوه. اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم، فاجعلها لي شهادة، ولا تمتني حتى تقر عيني من قريظة. [أحمد وابن هشام].
وانتهت غزوة الخندق بهزيمة المشركين، وبعد الغزوة ذهب الرسول ( هو وصحابته لحصار بني قريظة الذين تآمروا مع المشركين على المسلمين، وخانوا عهد الرسول (، وغدروا بالمسلمين، وجعل الرسول ( سعد بن معاذ هو الذي يحكم فيهم، فأقبل سعد يحملونه وهو مصاب، وقال: لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم. ثم التفت إلى النبي ( وقال: إني أحكم فيهم أن تقتل الرجال، وتقسم الأموال، وتسبى ذراريهم ونساؤهم، فقال الرسول :) (لقد حكمت فيهم بحكم الله) [ابن عبدالبر].
ثم يموت سعد بن معاذ -رضي الله عنه-، ويلقى ربه شهيدًا من أثر السهم، وأخبر الرسول ( صحابته أن عرش الرحمن قد اهتز لموت سعد، وجاء جبريل إلى رسول الله ( وقال له: من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واستبشر به أهلها؟
وأسرع النبي ( وأصحابه إلى بيت سعد ليغسلوه ويكفنوه، فلما فرغوا من تجهيزه والصلاة عليه، حمله الصحابة فوجدوه خفيفًا جدًّا، مع أنه كان ضخمًا طويلاً، ولما سئل الرسول ( عن ذلك قال: (إن الملائكة كانت تحمله) [ابن عبد البر]، وقال :) (شهده سبعون ألفًا من الملائكة) [ابن عبد البر].
وجلس الرسول ( على قبره، فقال: (سبحان الله) مرتين، فسبح القوم ثم قال: (الله أكبر) فكبروا، وقال النبي :) (لو نجا أحد من ضغطة القبر، لنجا منها سعد بن معاذ) [ابن عبد البر]. وكانت وفاته -رضي الله عنه- سنة (5هـ)، وهو ابن سبع وثلاثين سنة، ودفن بالبقيع.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
أول من دفن بالبقيع عثمان بن مظغون رضي الله عنه

أول من دفن بالبقيع عثمان بن مظغون رضي الله عنه
إنه عثمان بن مظعون -رضي الله عنه- عُرِف بحسن الخلق ورجاحة العقل، وُلِدَ بمكة المكرمة، وأبوه مظعون بن حبيب بن وهب، وأمه سخيلة بنت العنبس، وكان يكنى أبا السائب.
أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا، وكان عمره آنذاك ثلاثين عامًا، وعاش في حماية الوليد بن المغيرة، ثم رأى ما يحدث للمسلمين من اضطهاد وتعذيب، بينما هو يمشى آمنًا ولا يتعرض له أحد من المشركين بسوء، فوقف مع نفسه قائلاً: والله إن غدوّي ورواحي آمنًا بجوار رجل من أهل الشرك، وأصحابي وأهل ديني يلقون من الأذى والبلاء ما لا يصيبني لنقص كبير في نفسي، ثم ذهب إلى الوليد وردَّ عليه حمايته، وقال له: يا أبا عبد شمس، قد وفت ذمتك، فرددت إليك جوارك، فقال له الوليد: ولِمَ يا بن أخي؟ لعله آذاك أحد من قومي؟ فقال: لا، ولكني أرضي بجوار الله -عز وجل- ولا أريد أن أستجير بغيره.
فقال له الوليد: إذن فهيا أردد عليَّ جواري علانية أمام أهل مكة كما أمنتك علانية، فانطلقا حتى وصلا إلى المسجد الحرام، ووقف الوليد، ونادى على الناس بصوت عال، فرد عليه عثمان جواره وقال: قد وجدته وفيًّا كريمًا، حافظًا للجوار، ولكنى أحببت أن لا أستجير بغير الله، فقد رددت عليه جواره.
وكان عثمان ممن حرم الخمر على نفسه في الجاهلية، وكان يقول: لا أشرب شرابًا يذهب عقلي، ويُضحك بي من هو أدنى مني، ويحملني على أن أنكح كريمتي. فلما حرمت الخمر، قال: تبًّا لها، قد كان بصري فيها ثاقبًا.
وتعرض عثمان لأذى المشركين، وشارك إخوانه المسلمين في محنتهم، وهاجر معهم إلى الحبشة لمّا أمرهم النبي ( بالهجرة، وأخذ معه ابنه السائب، وكان عثمان أمير الفوج الأول إلى الحبشة، ثم قُدّر له أَن يعود من الحبشة إلى مكة مرة أخرى.
وذات يوم، كان أهل مكة يجتمعون على الشاعر العربي لبيد ابن ربيعة؛ لينشدهم الشعر، فدخل عليهم عثمان، فسمعه يقول:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
فقال عثمان بن مظعون: صدقت، فقال لبيد:
وكل نعيـم لا محــالة زائـــل
فقال عثمان -رضي الله عنه-: كذبت، نعيم الجنة لا يزول، فغضب لبيد، وقال: يا معشر قريش، والله ما كان يؤذي جليسكم، فمتى حدث فيكم هذا؟!
فقام رجل من المشركين إلى عثمان، وضربه على إحدى عينيه ضربة شديدة أوجعته وأصابت عينه بضرٍّ شديد، ورأى الوليد بن المغيرة ما حدث
لعثمان بن مظعون، فقال: أما والله يابن أخي إن كانت عيناك عما أصابها لغنية، لقد كنت في ذمة ومنعة.
فقال عثمان: بلى والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى ما أصاب أختها في سبيل الله، وإني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر، يا أبا عبد شمس. فقال الوليد: هلمَّ يابن أخي فَعُدْ إلى جواري، فقال عثمان: لا.
وحينما أذن للمسلمين بالهجرة إلى المدينة، هاجر معهم عثمان، وعاش مع المسلمين حتى جاءت غزوة بدر، فقاتل مع المسلمين، وكان -رضي الله عنه- عابدًا زاهدًا، يجتهد في العبادة، وعندما أراد أن ينقطع للعبادة، ولا يتزوج، نهاه النبي ( وقال: (يا عثمان، إن الله لم يبعثني بالرهبانية، وإن خير الدين عند الله الحنيفية السمحة) [ابن سعد].
ومكث عثمان بعد غزوة بدر عدة أيام يشارك المسلمين فرحة النصر على أعداء الله، ولكنه لم يدم طويلاً، فسرعان ما مرض مرضًا شديدًا حبسه في بيته، فزاره النبي ( ليطمئن عليه، وشاء الله أن يكون مرض الموت، فمات عثمان بن مظعون وهو سعيد بإسلامه، مستبشر بما أعده الله له من الخير والكرامة في الجنة.
وبعد موته قَبَّله الرسول (، وغسَّله، وكفَّنه، وصلى عليه، ثم دفنه بالبقيع، وقال له وهو في مثواه الأخير: (ذهبت ولم تلبس منها (الدنيا) بشيء
) [مالك].
فكان أول من دُفن بالبقيع، وأول من مات من المهاجرين بالمدينة المنورة، وكانت وفاته -رضي الله عنه- في السنة الثالثة من الهجرة.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
صاحب الصوت الجميل أسيد بن حضير رضي الله عنه

صاحب الصوت الجميل أسيد بن حضير رضي الله عنه
إنه أسيد بن حضير بن عبد الأشهل الأنصاري -رضي الله عنه-، فارس قومه ورئيسهم، فأبوه حضير الكتائب زعيم الأوس، وواحد من كبار أشراف العرب في الجاهلية.
وكان أسيد أحد النقباء الذين اختارهم الرسول ( ليلة العقبة الثانية، فقد أسلم أسيد بعد بيعة العقبة الأولى، عندما بعث النبي ( مصعب بن عمير إلى المدينة، فجلس هو وأسعد بن زرارة في بستان، وحولهما أناس يستمعون إليهما، وبينما هم كذلك، كان أسيد بن حضير، وسعد بن معاذ زعيما قومهما يتشاوران في أمر مصعب بن عمير الذي جاء يدعو إلى دين جديد.
فقال سعد لأسيد: انطلق إلى هذا الرجل، فازجره، فحمل أسيد حربته وذهب إليهما غضبان، وقال لهما: ما جاء بكما إلى حيِّنا (مدينتنا)، تسفهان ضعفاءنا)؟ اعتزلانا، إذا كنتما تريدان الحياة. فقال له مصعب: أَوَ تَجْلِس فتسمع، فإن رضيت أمرًا قبلته، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره؟ فقال أسيد: لقد أنصفت، هاتِ ما عندك. فأخذ مصعب يكلمه عن الإسلام ورحمته وعدله، وراح يقرأ عليه آيات من القرآن، فأشرق وجه أسيد بالنور، وظهرت عليه بشاشة الإسلام حتى قال من حضروا هذا المجلس: والله (لقد عرفنا في وجه أسيد الإسلام قبل أن يتكلم، عرفناه في إشراقه وتسهله.
ولم يكد مصعب ينتهي من حديثه حتى صاح أسيد قائلاً: ما أحسن هذا الكلام وأجمله، كيف يصنع من يريد أن يدخل في هذا الدين؟ فقال له مصعب: تطهّر بدنك وثوبك، وتشهد شهادة الحق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ثم تصلي.
فقام أسيد مسرعًا فاغتسل وتطهر ثم صلى ركعتين معلنًا إسلامه. وعاد أسيد إلى سعد بن معاذ، وما كاد يقترب من مجلسه، حتى قال سعد لمن حوله: أقسم، لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به، ثم قال له سعد: ماذا فعلت؟ فقال أسيد: كلمت الرجلين، فوالله ما رأيت بهما بأسًا، وقد نهيتهما، فقالا لي: نفعل ما أحببت، ثم قال أسيد لسعد بن معاذ: لقد سمعت أن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه، وهم يعلمون أنه ابن خالتك، فقام سعد غضبان وفي يده حربته، ولما وصل إلى مصعب وأسعد وجدهما جالسين مطمئنين، عندها أدرك أن هذه حيلة من أسيد لكي يحمله على السعي إلى مصعب لسماعه، واستمع سعد لكلام مصعب واقتنع به وأعلن إسلامه، ثم أخذ حربته، وذهب مع أسيد بن حضير إلى قومهما يدعوانهم للإسلام، فأسلموا جميعًا.
وقد استقبل أسيد النبي ( لما هاجر إلى المدينة خير استقبال، وظل أسيد يدافع عن الإسلام والمسلمين، فحينما قال عبد الله بن أبي بن سلول لمن حوله من المنافقين أثناء غزوة بني المصطلق: لقد أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير دياركم، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فقال أسيد: فأنت والله يا رسول الله تخرجه منها إن شاء الله، هو والله الذليل، وأنت العزيز يا رسول الله، ارفق به، فوالله لقد جاءنا الله بك، وإن قومه لينظمون له الخرز (حبات يطرز بها التاج) ليتوجوه على المدينة ملكًا، فهو يرى أن الإسلام قد سلبه ملكًا.
وذات ليلة أخذ يقرأ القرآن، وفرسه مربوطة بجواره، فهاجت الفرس حتى كادت تقطع الحبل، وعلا صهيلها، فسكت عن القراءة فهدأت الفرس ولم تتحرك، فقرأ مرة ثانية فحدث للفرس ما حدث لها في المرة الأولى، وتكرر هذا المشهد عدة مرات، فسكت خوفًا منها على ابنه الصغير الذي كان ينام في مكان قريب منها، ثم نظر إلى السماء فإذا به يرى غمامة مثل الظلة في وسطها مصابيح مضيئة، وهى ترتفع إلى السماء.
فلما أصبح ذهب إلى الرسول ( وحدثه بما رأى، فقال له النبي :) (تلك الملائكة دنت (اقتربت) لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم) [البخاري].
وعاش أسيد -رضي الله عنه- عابدًا قانتًا، باذلا روحه وماله في سبيل الله، وندم أسيد على تخلفه عن غزوة بدر، وقال: ظننت أنها العير، ولو ظننت أنه غزو ما تخلفت. [ابن سعد]، وقد جرح أسيد يوم أحد سبع جراحات، ولم يتخلف عن غزوة بعدها قط.
وبعد وفاة النبي ( اجتمع فريق من الأنصار في سقيفة بني ساعدة على رأسهم سعد بن عبادة، وأعلنوا أحقيتهم بالخلافة، وطال الحوار، واشتد النقاش بينهم، فوقف أسيد بن حضير مخاطبًا الأنصار قائلاً: تعلمون أن رسول الله ( كان من المهاجرين، فخليفته إذن ينبغي أن يكون من المهاجرين، ولقد كنا أنصار رسول الله، وعلينا اليوم أن نكون أنصار خليفته.
وكان أبو بكر -رضي الله عنه- لا يقدم عليه أحدًا من الأنصار، تقول السيدة عائشة: ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد منهم يلحق في الفضل، كلهم من بني
عبد الأشهل: سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وعباد بن بشر.
[ابن هشام].
وتوفي أسيد -رضي الله عنه- في عام (20 هـ)، وأصرَّ أمير المؤمنين
عمر بن الخطاب أن يحمل نعشه على كتفه، ودفنه الصحابة بالبقيع بعد أن صلوا عليه، ونظر عمر في وصيته، فوجد أن عليه أربعة آلاف دينار، فباع ثمار نخله (البلح أو التمر) أربع سنين بأربعة آلاف، وقضى دينه.
[البخاري وابن سعد].
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
الشاعر الشهيد عبد الله بن رواحة رضي الله عنه

الشاعر الشهيد عبد الله بن رواحة رضي الله عنه
إنه الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة الخزرجي الأنصاري -رضي الله عنه- وكان يكنى أبا محمد. وقد حضر بيعتي العقبة الأولى والثانية، وشهد بدرًا وأحدًا والخندق، وكان أحد شعراء النبي ( الثلاثة، وكان بين يدي النبي ( في عمرة القضاء يقول:
خَلُّوا بني الكُفَّار عَنْ سَبيلِهِ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ
ضَرْبًا يُزِيلُ الهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ وَيُذْهِلُ الخَلِيلَ عَنْ خَلِيـله
فنادى عليه عمر وقال له: في حرم الله وبين يدي رسول الله ( تقول هذا الشعر؟ فقال له النبي :) (خَلِّ عنه يا عمر، فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وَقْعِ النبل) [أبو يعلي].
وكان عبد الله عابدًا محبًا لمجالس العلم والذِّكر، فيروى أنه كان إذا لقى رجلا من أصحابه قال له: تعال نؤمن بربنا ساعة. وذات مرة سمعه أحد الصحابة يقول ذلك، فذهب إلى النبي (، وقال: يا رسول الله، ألا ترى ابن رواحة، يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة؟! فقال له النبي :) (رحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة) [أحمد].
وذات مرة ذهب عبد الله إلى المسجد والنبي ( يخطب، وقبل أن يدخل سمع النبي ( يقول: (اجلسوا) فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ النبي ( من خطبتيه، فبلغ ذلك النبي (، فقال له: (زادك الله حرصًا على طواعية الله ورسوله) [البيهقي].
وكان كثير الخوف والخشية من الله، وكان يبكي كثيرًا، ويقول: إن الله تعالى قال: {وإن منكم إلا واردها} [مريم: 17]، فلا أدري أأنجو منها أم لا؟
وعُرفَ عبد الله بن رواحة بكثرة الصيام حتى في الأيام الشديدة الحر، يقول أبو الدرداء -رضي الله عنه- خرجنا مع النبي ( في بعض أسفاره في يوم حار حتى وضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا النبي ( وابن رواحة.
ولما نزل قول الله تعالى: {والشعراء يتبعهم الغاوون. ألم تر أنهم في كل واد يهيمون. وأنهم يقولون ما لا يفعلون} [224-226] أخذ عبد الله في البكاء لأنه كان شاعرًا يقول الشعر، ويدافع به عن الإسلام والمسلمين، وقال لنفسه: قد علم الله أني منهم، وكان معه كعب بن مالك، وحسان بن ثابت، وهم شعراء الرسول ( الثلاثة، فنزل قول الله تعالى: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرًا وانتصروا من بعد ما ظلموا} [_الشعراء: 227]. ففرح عبد الله بذلك، واستمر في نصرة المسلمين بشعره.
وذات يوم أنشد عبد الله من شعره بين يدي النبي (، وقال:
إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيكَ الخَيْــــرَ أَعْرِفُـــهُ
وَاللهُ يَعْرِفُ أنْ ما خَانَنِي الخَبَــــــرُ
أَنْتَ النبي وَمَنْ يُحْــرَمْ شَفَاعَتُـــــهُ
يَوْمَ الحِسَابِ لَقَدْ أَزْرَى بِـهِ القَــــدَرُ
فَثَّبَتَ اللهُ مَا آتَـــاكَ مـِنْ حـُسْـــنٍ
تَثَبِيتَ مَــــوسَى وَنَصْرًا كَالذي نَصَروا
فدعا له الرسول :) (وإياك فثبَّتَكَ الله) [ابن سعد].
وكما نصر عبد الله الإسلام في ميدان الكلمة، فقد نصره باقتدار في ميدان الحرب والجهاد بشجاعته وفروسيته.
وكان ابن رواحة أمينًا عادلاً، وقد أرسله النبي ( إلى يهود خيبر؛ ليأخذ الخراج والجزية مما في أراضيهم، فحاولوا إعطاءه رشوة؛ ليخفف عنهم الخراج، فقال لهم: يا أعداء الله، تطعموني السحت؟ والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليَّ، ولأنتم أبغض إليَّ من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم (أي أتعامل معكم بالعدل).
وفي شهر جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة، علم الرسول ( أن الروم قد حشدوا جيوشهم استعدادًا للهجوم على المسلمين، فأرسل النبي ( جيشًا إلى حدود الشام عدده ثلاثة آلاف مقاتل؛ ليؤمِّن الحدود الإسلامية من أطماع الروم، وجعل زيد بن حارثة أميرًا على الجيش، وقال لهم: (إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رَواحة) [البخاري].
فلما وصل جيش المسلمين إلي حدود الشام، علموا أن عدد جيش الروم مائتا ألف فارس، فقالوا: نكتب إلى النبي ( ليرسل إلينا مددًا من الرجال، أو يأمرنا أن نرجع أو أي أمر آخر، فقال لهم ابن رواحة: يا قوم، والله إن التي تكرهون هي التي خرجتم تطلبون، إنها الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، إنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به. فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور (نصر) وإما شهادة.
فكبر المسلمون وواصلوا مسيرتهم حتى نزلوا قرية بالشام تسمى مؤتة، وفيها دارت الحرب، وقاتل المسلمون أعداءهم قتالاً شديدًا، وأخذ زيد بن حارثة يقاتل ومعه راية المسلمين، فاستشهد زيد، فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب، وراح يقاتل في شجاعة حتى استشهد، فأخذ عبد الله الراية، فأحس في نفسه بعض التردد، ولكنه سرعان ما تشجع، وراح يقاتل في شجاعة ويقول:
أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لَتَنْزِلِنَّـه طَائِعَةً أَوْ لَتُكْرهِنَّـــــــه
فَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّـة مَالِي أَرَاكِ تَكْرَهِينَ الجَنَّــــةْ
يَا نَفْسُ إلا تُقْتَلِى تَمُوتـي وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ أُعْطِيـــــت
إِنْ تَفْعَلِى فَعْلَهُمَا هُدِيـتِ وَإِنْ تَأَخَّرْتِ فَقَد شُقِيــــتِ
ونال عبد الله الشهادة، ولحق بصاحبيه زيد وجعفر.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
حكيم الأمة أبو الدرداء الأنصاري رضي الله عنه

حكيم الأمة أبو الدرداء الأنصاري رضي الله عنه
إنه الصحابي الجليل أبو الدرداء عويمر بن قيس بن عامر الخزرجي الأنصاري
-رضي الله عنه-، أسلم في غزوة بدر، وقيل إنه آخر مَنْ أسلم من الأنصار.
ومما يروى في قصة إسلامه، أنه كان عنده صنم في داره، وذات يوم دخل عليه عبد الله بن رواحة ومحمد بن مسلمة، فشاهدا الصنم فكسراه إلى قطع صغيرة، فبدأ أبو الدرداء يجمع القطع المتناثرة من أحجار الصنم، وهو يقول للصنم: ويحك! هلا امتنعت ألا دافعت عن نفسك؟ فقالت زوجته أم الدرداء: لو كان ينفع أو يدفع عن أحد لدفع عن نفسه ونفعها.
فقال أبو الدرداء أعدي لي ماءً في المغتسل، ثم قام فاغتسل، ولبس حلته، ثم ذهب إلى النبي (، فنظر إليه ابن رواحة مُقبلا، فقال: يا رسول الله، هذا أبو الدرداء، وما أراه إلا جاء في طلبنا. فأخبره رسول الله ( أن أبا الدرداء إنما جاء ليسلم، وأن الله وعد رسوله بأن يسلم أبو الدرداء، وبالفعل أعلن أبو الدرداء إسلامه، فكان من خيرة الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم-.
وشهد أبو الدرداء مع رسول الله ( غزوة أحد وغيرها من المشاهد، وعرف -رضي الله عنه- بالعفو والسماحة، ويحكى أن رجلا قال له ذات مرة قولاً جارحًا، فأعرض عنه أبو الدرداء ولم يرد عليه، فعلم بذلك
عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فغضب وذهب إلى أبي الدرداء وسأله عما حدث فقال: اللهم غفرانًا، أوكل ما سمعنا منهم نأخذهم به (أي نعاقبهم ونحاسبهم عليه)؟!
وكان أبو الدرداء تاجرًا مشهورًا، فلما أسلم تفرغ للعلم والعبادة، وقال: أردت أن أجمع بين التجارة والعبادة، فلم يستقم، فتركت التجارة وأقبلت على العبادة. ووصف بالشجاعة، حتى قيل عنه: نعم الفارس عويمر. وكان ينطق بالحكمة، فقيل عنه: حكيم الأمة عويمر.
وكان لأبي الدرداء ثلاثمائة وستون صديقًا، فكان يدعو لهم في الصلاة، ولما سئل عن ذلك قال: إنه ليس رجل يدعو لأخيه في الغيب إلا وكل الله به مَلَكيْن يقولان، ولك بمثل، أفلا أرغب أن تدعو لي الملائكة؟!
وحفظ أبو الدرداء القرآن في حياة الرسول (، وكان ابن عمر يقول لأصحابه: حدثونا عن العاقلين: معاذ بن جبل وأبي الدرداء.
وكان من العابدين الزاهدين، وقد زاره أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في بيته فلم ير فيه غير فراش من جلد، وكساء رقيق لا يحميه من البرد، فقال له: رحمك الله، ألم أوسع عليك؟ فقال له أبو الدرداء: أتذكر حديثًا حدثناه رسول الله (؟ قال عمر: أي حديث؟ قال: (ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب) [الترمذي]. قال: نعم، قال أبو الدرداء: فماذا فعلنا بعده يا عمر؟
وحرص أبو الدرداء -رضي الله عنه- على العلم، وكان حرصه على العمل بما يعلم أقوى وأشد، وكان ملازمًا للنبي ( حتى قال عنه الصحابة: أتْبَعُنَا للعلم والعمل أبو الدرداء.
وكان يقول: لن تكون عالمًا حتى تكون متعلمًا، ولن تكون متعلمًا حتى تكون بما علمت عاملاً، إن أخوف ما أخاف إذا وقفت للحساب أن يقال لي: ما عملت فيما علمت؟، وقال: ويل للذي لا يعلم مرة، وويل للذي يعلم ولا يعمل سبع مرات.
وكان -رضي الله عنه- يعلِّم الناس القرآن الكريم وسنة رسول الله (، ويحثهم على طلب العلم، ويأخذ بأيديهم إلى الصواب، فيقول لهم: ما لي أرى علماءكم يذهبون، وجهَّالكم لا يتعلمون؟! تعلموا فإن العالم والمتعلم شريكان في الأجر.
وذات يوم مرَّ أبو الدرداء على أناس يضربون رجلاً ويسبونه، فقال لهم: ماذا فعل؟ فقالوا: أذنب ذنبًا، فقال: أرأيتم لو وجدتموه في بئر أكنتم تستخرجونه منها؟ قالوا: نعم نستخرجه، قال: فلا تسبوا أخاكم، واحمدوا الله الذي عافاكم، فقالوا له: ألا تبغضه وتكرهه؟ قال: إنما أبغض عمله، فإذا تركه فهو أخي.
ويروى أنه كان مع المسلمين في قبرص، ففتحها الله على المسلمين، وغنموا خيرًا كثيرًا، وكان أبو الدرداء واقفًا مع جبير بن نفير، فمرَّ عليه السبي والأسرى، فبكى أبو الدرداء، فقال له جبير: تبكي في مثل هذا اليوم الذي أعزَّ الله فيه الإسلام وأهله؟! فقال أبو الدرداء: يا جبير، بينما هذه الأمة قاهرة ظاهرة إذ عصوا الله فلقوا ما ترى! ما أهون العباد على الله إذ هم عصوا!
ويحكى أن يزيد بن معاوية تقدم ليخطب ابنة أبي الدرداء فردَّه، فأعاد يزيد طلبه، فرفض أبو الدرداء مرة ثانية، ثم تقدم لخطبتها رجل فقير عرف بالتقوى والصلاح، فزوجها أبو الدرداء منه، فتعجب الناس من صنيعه، فكان رده عليهم: ما ظنَّكم بابنة أبي الدرداء إذا قام على رأسها الخدم والعبيد وبهرها زخرف القصور، أين دينها يومئذ؟! وكان يقول: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يعظم حلمك ويكثر علمك، وأن تبارى (تنافس) الناس في عبادة الله تعالى.
وعاش أبو الدرداء حياة بسيطة يملؤها الزهد والتواضع حتى جاءته ساعة الموت، فقال عند احتضاره: من يعمل لمثل يومي هذا؟ من يعمل لمثل مضجعي هذا؟ وكان يقول: من أكثر ذكر الموت قل فرحه، وقل حسده. وقد توفي سنة (32هـ) في خلافة عثمان بن عفان.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
سابق الروم صهيب الرومي رضي الله عنه

سابق الروم صهيب الرومي رضي الله عنه
إنه الصحابي الجليل صهيب بن سنان الرومى، وقد كان صهيب في بداية حياته غلامًا صغيرًا يعيش في العراق في قصر أبيه الذي ولاه كسرى ملك الفرس حاكمًا على الأُبُلَّة (إحدى بلاد العراق)، وكان من نسل أولاد النمر بن قاسط من العرب، وقد هاجروا إلى العراق منذ زمنٍ بعيد، وعاش سعيدًا ينعم بثراء أبيه وغناه عدة سنوات.
وذات يوم، أغار الروم على الأبلة بلد أبيه، فأسروا أهلها، وأخذوه عبدًا، وعاش العبد العربي وسط الروم، فتعلم لغتهم، ونشأ على طباعهم، ثم باعه سيده لرجل من مكة يدعى عبد الله بن جدعان، فتعلم من سيده الجديد فنون التجارة، حتى أصبح ماهرًا فيها، ولما رأى عبد الله بن جدعان منه الشجاعة والذكاء والإخلاص في العمل، أنعم عليه فأعتقه.
وعندما أشرقت في مكة شمس الإسلام، كان صهيب ممن أسرع لتلبية نداء الحق، فذهب إلى دار الأرقم، وأعلن إسلامه أمام رسول الله (، ولم يَسْلَم صهيب من تعذيب مشركي مكة، فتحمل ذلك في صبر وجلد؛ ابتغاء مرضاة الله وحبًّا لرسوله (، وهاجر النبي ( بعد أصحابه إلى المدينة، ولم يكن صهيب قد هاجر بعد، فخرج ليلحق بهم، فتعرض له أهل مكة يمنعونه من الهجرة؛ لأنهم رأوا أن ثراء صهيب ليس من حقه، لأنه جاء إلى بلادهم حينما كان عبدًا فقيرًا، فلا يحق له أنه يخرج من بلادهم بماله وثرائه، وصغر المال في عين صهيب، وهان عليه كل ما يملك في سبيل الحفاظ على دينه، فساومهم على أن يتركوه، ويأخذوا ماله، ثم أخبرهم بمكان المال، وقد صدقهم في ذلك، فهو لا يعرف الكذب أو الخيانة.
وكان صهيب تاجرًا ذكيًّا، فتاجر بماله ونفسه في سبيل مرضاة ربه، فربح بيعه، وعظم أجره، واستحق أن يكون أول ثمار الروم في الإسلام، واستحقَّ ما روي عن رسول الله أنه قال: (صهيب سابق الروم) [ابن سعد]. وشارك صُهيب في جميع غزوات الرسول (، فها هو ذا يقول: لم يشهد رسول الله
( مشهدًا قط إلا كنت حاضره، ولم يبايع بيعة قط إلا كنت حاضرها، ولم يسر سرية قط إلا كنت حاضرها، ولا غزا غزوة قط إلا كنت فيها عن يمينه أو شماله، وما خافوا أمامهم قط إلا كنت أمامهم، ولا ما وراءهم إلا كنت وراءهم، وما جعلت رسول الله ( بيني وبين العدو قط حتى تُوُفِّي.
وواصل جهاده مع الصديق ثم مع الفاروق عمر -رضي الله عنهما-، وكان بطلا شجاعًا، وكان كريمًا جوادًا، يطعم الطعام، وينفق المال، قال له عمر -رضي الله عنه- يومًا: لولا ثلاث خصال فيك يا صهيب، ما قدمت عليك أحدًا، أراك تنتسب عربيًّا ولسانك أعجمي، وتُكنى بأبي يحيي، وتبذر مالك. فأجابه صهيب: أما تبذيري مالي فما أنفقه إلا في حقه، وأما اكتنائي بأبي يحيى، فإن رسول الله ( كناني بأبي يحيى فلن أتركها، وأما انتمائي إلى العرب، فإن الروم سبتني صغيرًا، فأخذت لسانهم (لغتهم)، وأنا رجل من النمر بن قاسط.
[ابن سعد].
وكان عمر -رضي الله عنه- يعرف لصهيب فضله ومكانته، فعندما طُعن -رضي الله عنه- أوصى بأن يصلي صهيب بالناس إلى أن يتفق أهل الشورى على أحد الستة الذين اختارهم قبل موته للخلافة؛ ليختاروا منهم واحدًا، وكان صهيب طيب الخلق، ذا مداعبة وظُرف، فقد رُوي أنه أتى المسجد يومًا وكانت إحدى عينيه مريضة، فوجد الرسول ( وأصحابه جالسين في المسجد، وأمامهم رطب، فجلس يأكل معهم، فقال له النبي ( مداعبًا: (تأكل التمر وبك رمد؟) فقال صهيب: يا رسول الله، أني أمضغ من ناحية أخرى (أي: آكل على ناحية عيني الصحيحة). [ابن ماجه]، فتبسم رسول الله (.
وظل صهيب يجاهد في سبيل الله حتى كانت الفتنة الكبرى، فاعتزل الناس، واجتنب الفتنة، وأقبل على العبادة حتى مات -رضي الله عنه- بالمدينة سنة (38هـ)، وعمره آنذاك (73) سنة، ودفن بالبقيع. وقد روى صهيب -رضي الله عنه- عن النبي ( أحاديث كثيرة، وروى عنه بعض الصحابة والتابعين -رضوان الله عليهم أجمعين-.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
سيد الحفاظ أبو هريرة رضي الله عنه

سيد الحفاظ أبو هريرة رضي الله عنه
إنه الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه-، كان اسمه قبل إسلامه عبد شمس، فلما شرح الله صدره للإسلام سماه الرسول ( عبد الرحمن، وكناه الصحابة بأبي هريرة، ولهذه الكنية سبب طريف، حيث كان عبد الرحمن يعرف بعطفه الكبير على الحيوان، وكانت له هرة (قطة) يحنو عليها، ويطعمها، ويرعاها، فكانت تلازمه وتذهب معه في كل مكان، فسمي بذلك أبا هريرة، وكان رسول الله ( يدعوه أبا هريرة، فيقول له: (خذ يا أبا هريرة) [البخاري].
وقد ولد أبو هريرة في قبيلة دوس (إحدى قبائل الجزيرة)، وأسلم عام فتح خيبر (سنة 7هـ)، ومنذ إسلامه كان يصاحب النبي ( ويجلس معه وقتًا كبيرًا؛ لينهل من علمه وفقهه، وحاول أبو هريرة أن يدعو أمه إلى الإسلام كثيرًا، فكانت ترفض، وذات يوم عرض عليها الإسلام فأبت، وقالت في رسول الله ( كلامًا سيِّئًا، فذهب أبو هريرة إلى الرسول (، وهو يبكي من شدة الحزن، ويقول: يا رسول الله، إنى كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهى مشركة، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة.
فقال رسول الله :) (اللهم اهد أم أبي هريرة)، فخرج أبو هريرة من عند الرسول ( فرحًا مستبشرًا بدعوة نبي الله (، وذهب إلى أمه ليبشرها، فوجد الباب مغلقًا، وسمع صوت الماء من الداخل، فنادت عليه أمه، وقالت: مكانك يا أبا هريرة، وطلبت ألا يدخل حتى ترتدي خمارها، ثم فتحت لابنها الباب، وقالت: يا أبا هريرة، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله.
فرجع أبو هريرة إلى الرسول ( يبكي من الفرح، ويقول: يا رسول الله أبشر، قد استجاب الله دعوتك، وهدى أم أبي هريرة، فحمد الرسول ( ربه، وأثنى عليه وقال خيرًا، ثم قال أبو هريرة: يا رسول الله، ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحببهم إلينا، فقال رسول الله :) (اللهم حبّبْ عُبَيْدَك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهم المؤمنين)، قال أبو هريرة: فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني.
[مسلم].
وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يحب الجهاد في سبيل الله، فكان يخرج مع المسلمين في الغزوات، وكان يواظب على جلسات العلم ويلازم النبي (، فكان أكثر الصحابة ملازمة للنبي ( وأكثرهم رواية للأحاديث عنه (، حتى قال عنه الصحابة: إن أبا هريرة قد أكثر الحديث، وإن المهاجرين والأنصار لم يتحدثوا بمثل أحاديثه، فكان يرد عليهم ويقول: إن إخواني من الأنصار كان يشغلهم عمل أراضيهم، وإن إخواني من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق (التجارة)، وكنت ألزم رسول الله ( على ملء بطني، فأشهد إذا غابوا وأحفظ إذا نسوا.
ولقد قال رسول الله ( يومًا: (من يبسط ثوبه فلن ينسى شيئًا سمعه مني، فبسطت ثوبي حتى قضى من حديثه، ثم ضممتها إليَّ، فما نسيت شيئًا سمعته منه
) [مسلم]، ولولا آيتان أنزلهما الله في كتابه ما حدثت شيئًا أبدًا {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم } [البقرة: 159- 160].
وكان لأبي هريرة -رضي الله عنه- ذاكرة قوية قادرة على الحفظ السريع وعدم النسيان، قال عنه الإمام الشافعي -رحمه الله- : إنه أحفظ من روى الحديث في دهره. وقال هو عن نفسه: ما من أحد من أصحاب رسول الله ( أكثر حديثًا عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو بن العاص فإنه كان يكتب ولا أكتب.
وكان يحب العلم، فكان طلابه يقبلون عليه، حتى يملئوا بيته، كما كان مقدرًا للعلم، فذات يوم كان ممددًا قدميه فقبضهما ثم قال: دخلنا على رسول الله ( حتى ملأنا البيت وهو مضطجع لجنبه، فلما رآنا قبض رجليه ثم قال: (إنه سيأتيكم أقوام من بعدي يطلبون العلم، فرحبوا بهم وحيُّوهم وعلموهم
) [ابن ماجه].
وكان أبو هريرة شديد الفقر، لدرجة أنه كان يربط على بطنه حجرًا من شدة الجوع، وذات يوم خرج وهو جائع فمر به أبو بكر -رضي الله عنه-، فقام إليه أبو هريرة وسأله عن تفسير آية من كتاب الله، وكان أبو هريرة يعرف تفسيرها، لكنه أراد أن يصحبه أبو بكر إلى بيته ليطعمه، لكن أبا بكر لم يعرف مقصده، ففسر له الآية وتركه وانصرف، فمر على أبي هريرة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فسأله ففعل معه مثلما فعل أبو بكر.
ثم مر النبي ( فعلم ما يريده أبو هريرة فقال له النبي :) (أبا هريرة)، فقال: لبيك يا رسول الله، فدخلت معه البيت، فوجد لبنًا في قدح، فقال :) (من أين لكم هذا؟) قيل: أرسل به إليك. فقال النبي :) (أبا هريرة، انطلق إلى أهل الصفة (الفقراء الذين يبيتون في المسجد) فادعهم)، فحزن أبو هريرة، وقال في نفسه: كنت أرجو أن أشرب من اللبن شربة أتقوى بها بقية يومي وليلتي، ثم قال في نفسه: لابد من تنفيذ أمر الرسول (، وذهب إلى المسجد، ونادى على أهل الصفة، فجاءوا، فقال في نفسه: إذا شرب كل هؤلاء ماذا يبقى لي في القدح، فأتوا معه إلى بيت النبي (، فقال له النبي :) (أبا هر، خذ فأعطهم)، فقام أبو هريرة يدور عليهم بقدح اللبن يشرب الرجل منهم حتى يروى ويشبع، ثم يعطيه لمن بعده فيشرب حتى يشبع، حتى شرب آخرهم، ولم يبق في القدح إلا شيء يسير، فرفع النبي ( رأسه وهو يبتسم وقال: (أبا هر) قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (بقيت أنا وأنت) قلت: صدقت يا رسول الله، فقال الرسول: (فاقعد فاشرب).
قال أبو هريرة: فقعدت فشربت، فقال: (اشرب). فشربت، فما زال النبي ( يقول لي اشرب فأشرب حتى قلت: والذي بعثك بالحق ما أجد له مساغًا (مكانًا)، فقال النبي :) (ناولني القدح) فأخذ النبي ( القدح فشرب من الفضلة.
[البخاري].
وقد أكرم الله أبا هريرة نتيجة لإيمانه وإخلاصه لله ورسوله (، فتزوج من سيدة كان يعمل عندها أجيرًا قبل إسلامه، وفي هذا يقول: نشأتُ يتيمًا، وهاجرت مسكينًا، وكنت أجيرًا عند بسرة بنت غزوان بطعام بطني، فكنت أخدم إذا نزلوا، وأحدوا إذا ركبوا (أي أمشى أجر ركائبهم)، فزوجنيها الله، فالحمد لله الذي جعل الدين قوامًا، وجعل أبا هريرة إمامًا.
وفي عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- تولى أبو هريرة إمارة البحرين، وكان نائبًا لمروان بن الحكم على المدينة، فإن غاب مروان كان هو الأمير عليها، وكان يحمل حزمة الحطب على ظهره في السوق ويراه الناس.
وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- ناصحًا للناس؛ يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، وبينما كان يمر بسوق المدينة رأى الناس قد اشتغلوا بالدنيا، فوقف في وسط السوق وقال: يا أهل السوق: إن ميراث رسول الله ( يقسم وأنتم هنا، ألا تذهبون فتأخذوا نصيبكم منه! فقالوا: وأين هو؟ قال: في المسجد. فأسرع الناس إلى المسجد ثم رجعوا إلى أبي هريرة فقال لهم: ما لكم رجعتم؟! قالوا: يا أبا هريرة، قد ذهبنا إلى المسجد، فدخلنا فيه فلم نر فيه شيئًا يقسم! فقال: وماذا رأيتم؟ قالوا: رأينا قومًا يصلون، وقومًا يقرءون القرآن، وقومًا يذكرون الحلال والحرام، فقال لهم أبو هريرة: فذاك ميراث محمد (.
وعاش أبو هريرة لا يبتغي من الدنيا سوى رضا الله وحب عباده من المسلمين حتى حضرته الوفاة، فبكى شوقًا إلى لقاء ربه، ولما سئل: ما يبكيك؟ قال: من قلة الزاد وشدة المفازة، وقال: اللهم إني أحب لقاءك فأحبب لقائي. وتوفي -رضي الله عنه- بالمدينة سنة (59 هـ)، وقيل سنة (57هـ)، وعمره (78) سنة، ودفن بالبقيع بعدما ملأ الأرض علمًا، وروى أكثر من (5000) حديث.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
حواري الرسول الزبير بن العوام رضي الله عنه

حواري الرسول الزبير بن العوام رضي الله عنه
إنه الزبير بن العوام -رضي الله عنه- الذي يتلقى في نسبه مع النبي (، فأمه صفية بنت عبد المطلب عمة الرسول (، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو أحد الستة أهل الشورى الذين اختارهم عمر؛ ليكون منهم الخليفة بعد موته، وزوج أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-.
وقد أسلم الزبـير مبكرًا، فكان واحدًا من السبعة الأوائل الذين سارعوا إلى الإسلام، ولما علم عمه نوفل بن خويلد بإسلامه غضب غضبًا شديدًا، وتولى تعذيبه بنفسه، فكان يلفُّه في حصير، ويدخن عليه بالنار، ويقول له: اكفر برب محمد، أدرأ (أكف) عنك هذا العذاب. فيرد عليه الزبير قائلاً: لا، والله لا أعود للكفر أبدًا.
[الطبراني وأبو نعيم].
وسمع الزبير يومًا إشاعة كاذبة تقول: إن محمدًا ( قد قتل، فخرج إلى شوارع مكة شاهرًا سيفه، يشق صفوف الناس، وراح يتأكد من هذه الشائعة معتزمًا إن كان الخبر صحيحًا أن يقتل من قتل رسول الله (، فلقي النبي ( بشمال مكة، فقال له النبي ( "مالك؟" فقال: أخبرت أنك أخذت (قُتلت). فقال له النبي ( "فكنت صانعًا ماذا؟" فقال: كنت أضرب به من أخذك. ففرح النبي ( لما سمع هذا، ودعا له بالخير ولسيفه بالنصر.[أبو نعيم]. فكان -رضي الله عنه- أول من سل سيفه في سبيل الله.
وقد هاجر الزبير إلى الحبشة مع من هاجر من المسلمين، وبقي بها حتى أذن لهم الرسول ( بالعودة إلى المدينة.
وقد شهد مع رسول الله ( الغزوات كلها، وفي غزوة أحد بعد أن عاد جيش قريش إلى مكة أرسل الرسول ( سبعين رجلا من المسلمين في أثرهم، كان منهم أبو بكر والزبير. [البخاري].
ويوم اليرموك، ظل الزبير -رضي الله عنه- يقاتل جيش الروم وكاد جيش المسلمين أن يتقهقر، فصاح فيهم مكبرًا: الله أكبر. ثم اخترق صفوف العدو ضاربًا بسيفه يمينًا ويسارًا، يقول عنه عروة: كان في الزبير ثلاث ضربات بالسيف، كنت أدخل أصابعي فيها، ثنتين (اثنتين) يوم بدر، وواحدة يوم اليرموك.
وقال عنه أحد الصحابة: صحبت الزبير بن العوام في بعض أسفاره، ورأيت جسده، فقلت له: والله لقد شهدت بجسمك لم أره بأحد قط، فقال لي: أما والله ما فيها جراحة إلا مع رسول الله (، وفي سبيل الله. وقيل عنه: إنه ما ولى إمارة قط، ولا جباية، ولا خراجا، ولا شيئًا إلا أن يكون في غزوة مع النبي ( أو مع أبي بكر أو عمر أو عثمان.
وحين طال حصار بني قريظة دون أن يستسلموا أرسله رسول الله ( مع
علي بن أبي طالب، فوقفا أمام الحصن يرددان قولهما: والله لنذوقن ما ذاق حمزة، أو لنفتحن عليهم الحصن.
وقال عنه النبي :) "إن لكل نبي حواريًا وحواري الزبير" [متفق عليه]. وكان يتفاخر بأن النبي ( قال له يوم أحد، ويوم قريظة: "ارم فداك أبي وأمي".
وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها لعروة بن الزبير: كان أبواك من الذين استجابوا لله وللرسول من بعدما أصابهم القرح (تريد أبا بكر والزبير)
[ابن ماجة].
وكان الزبير بن العوام من أجود الناس وأكرمهم، ينفق كل أموال تجارته في سبيل الله، يقول عنه كعب: كان للزبير ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، فما كان يدخل بيته منها درهمًا واحدًا (يعني أنه يتصدق بها كلها)، لقد تصدق بماله كله حتى مات مديونًا، ووصى ابنه عبد الله بقضاء دينه، وقال له: إذا أعجزك دين، فاستعن بمولاي. فسأله عبد الله: أي مولى تقصد؟ فأجابه: الله، نعم المولى ونعم النصير. يقول عبد الله فيما بعد: فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض دينه فيقضيه. [البخاري].
وعلى الرغم من طول صحبته للنبي ( فإنه لم يرو عنه إلا أحاديث قليلة، وقد سأله ابنه عبد الله عن سبب ذلك، فقال: لقد علمت ما كان بيني وبين رسول الله ( من الرحم والقرابة إلا أني سمعته يقول: "من كذب عليَّ متعمدًا، فليتبوأ مقعده من النار" [البخاري]. فكان -رضي الله عنه -يخاف أن يتحدث عن رسول الله ( بشيء لم يقله، فيزل بذلك في النار.
وخرج الزبير من معركة الجمل، فتعقبه رجل من بني تميم يسمى عمرو بن جرموز وقتله غدرًا بمكان يسمى وادي السباع، وذهب القاتل إلى الإمام عليّ يظن أنه يحمل إليه بشرى، فصاح عليٌّ حين علم بذلك قائلاً لخادمه: بشر قاتل ابن صفية بالنار. حدثني رسول الله ( أن قاتل الزبير في النار. [أحمد وابن حبان والحاكم والطبراني].
ومات الزبير -رضي الله عنه- يوم الخميس من شهر جمادى الأولى سنة (36هـ)، وكان عمره يوم قتل (67 هـ) سنة وقيل (66) سنة.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
صاحب الصوت الندي سالم بن معقل رضي الله عنه

صاحب الصوت الندي سالم بن معقل رضي الله عنه
إنه الصحابي الجليل سالم بن مَعْقِل -رضي الله عنه-، كان في الجاهلية عبدًا لأبي حذيفة بن عتبة، فأسلما معًا، وكان أبو حذيفة يتبناه ويعامله كابنه، فكان يسمى سالم بن أبي حذيفة، فلما أبطل الإسلام التبني، قيل: سالم مولى أبي حذيفة، وزوَّجه أبو حذيفة من ابنة أخيه فاطمة بنت الوليد. وهاجر سالم إلى المدينة، وكان يستمع إلى النبي ( وهو يقرأ القرآن ويأخذه عنه، حتى صار من حفاظ القرآن وممن يؤخذ عنهم القرآن، بل كان من الأربعة الذين أوصى النبي ( بأخذ القرآن منهم، فقال: (خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ، وأبى بن كعب) [متفق عليه].
وعن عائشة قالت: استبطأني رسول الله ذات ليلة، فقال: ما حَبَسَكِ؟ قلت: إن في المسجد لأحسن مَن سمعتُ صوتًا بالقرآن، فأخذ رداءه، وخرج يسمعه، فإذا هو سالم مولى أبي حذيفة. فقال: (الحمد لله الذي جعل في أمتي مثلك) [أحمد والحاكم].
ولما هاجر مع المسلمين إلى المدينة كان يؤم المسلمين للصلاة بمسجد قباء وفيهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وذلك قبل أن يهاجر النبي (، وكان عمر -رضي الله عنه- يكثر من الثناء عليه حتى أنه تمنى أن يكون حيًّا فيوليه الخلافة من بعده.
وعرف سالم بالصدق والشجاعة، واشترك مع الرسول ( في غزوة بدر وغيرها من الغزوات، وخرج في السرية التي بعثها رسول الله ( إلى بني جذيمة بقيادة خالد بن الوليد، وحينما رأى سالم خالدًا يأمر بقتال هذه القبيلة دون أن يأمره الرسول ( بذلك ثار واعترض عليه ومعه بعض الصحابة، ولما عادوا أيدهم الرسول ( في ذلك. وظل سالم يجاهد مع رسول الله ( حتى توفى.
وشارك سالم وأبو حذيفة مع الجيوش الإسلامية التي وجهها الصديق أبو بكر لمحاربة المرتدين عن الإسلام، فكان في مقدمة الجيش المتوجه إلى اليمامة لمحاربة مسيلمة الكذاب، وكان يصيح قائلاً: بئس حامل القرآن أنا لو هوجم المسلمون من قِبَلي، ثم اندفع في قتال المرتدين حاملاً راية الإسلام، بعد أن استشهد حاملها زيد بن الخطاب، ومَنَّ الله على جنوده بالنصر، وأصيب سالم بضربة قاتلة، فأسرع المسلمون إليه، والتفوا حوله فسألهم عن أخيه في الله ومولاه أبي حذيفة، فأخبروه بأنه قد استشهد ولقى ربه، فطلب منهم أن يضعوه بجواره؛ حتى يموتا معًا، ويبعثا معًا. فقالوا له: إنه إلى جوارك يا سالم، ففاضت روحه إلى الله لينعم بالشهادة.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
الصادق عمير بن سعد رضي الله عنه

الصادق عمير بن سعد رضي الله عنه
إنه عمير بن سعد بن عبيد الأنصاري -رضي الله عنه-، الذي بايع الرسول ( وهو ما زال غلامًا، وأبوه هو الصحابي الجليل سعد القارئ
-رضي الله عنه-.
ومنذ أسلم عمير وهو عابد لله سبحانه، تجده في الصف الأول في الصلاة والجهاد، وما عدا ذلك فهو معتكف في بيته، لا يسمع عنه أحد، ولا يراه الناس إلا قليلاً، اشتهر بالزهد والورع، كان صافي النفس، هادئ الطبع، حسن الصفات، مشرق الطلعة، يحبه الصحابة ويأنسون بالجلوس معه.
وذات يوم، سمع عمير زوج أمه الجلاس بن سويد -وكان له كالأب ينفق عليه- وهو يقول: إن كان محمد حقًّا لنحن شر من الحمير. فغضب الغلام غضبًا شديدًا، وامتلأ قلبه غيظًا وحيرة ، ثم قال لجلاس: والله يا جلاس إنك لمن أحب الناس إليَّ وأحسنهم عندي يدًا، وأعزهم عليَّ أن يصيبه شيء يكرهه، ولقد قلت الآن مقالة لو أذعتها عنك لآذتك، ولو صَمَتُّ عليها ليهلكن ديني، وإن حقَّ الدين لأولى بالوفاء، وإني مُبْلغٌ رسول الله ( ما قلت.
فقال الجلاس له: اكتمها عليَّ يا بني، فقال الغلام: لا والله. ومضى إلى رسول الله ( وهو يقول: لأبلِّغنَّ رسول الله ( قبل أن ينزل الوحي يُشْرِكني في إثمك.
فلما وصل الغلام إلى رسول الله ( أخبره بما قاله جلاس، فأرسل الرسول ( في طلب الجلاس، فلما جاء الجلاس ذكر له الرسول ( ما قاله الغلام، فأنكر وحلف بالله أنه ما قال ذلك.
فأنزل الله قرآنًا يؤكد صدق الغلام، ويفضح الجلاس ويحفظ للغلام مكانته عند الرسول (، فقال تعالى: {يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرًا لهم وإن يتولوا يعذبهم عذابًا أليمًا في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير} [التوبة: 74].
فاعترف الجلاس بما قاله الغلام، واعتذر عن خطيئته، وتاب إلى الله، وحسن إسلامه، وما سمع الغلام من الجلاس شيئًا يكرهه بعدها، ثم أخذ النبي ( أذن الغلام، وقال: (وفَتْ أُذُنُك يا غلام، وصدَّقَك ربك)
[عبد الرزاق].
ويواصل عمير حياته على هذه الحال حتى تأتي خلافة الفاروق عمر بن الخطاب
-رضي الله عنه-، ويبدأ في اختيار ولاته وأمرائه، وفق دستوره الذي أعلنه في عبارته الشهيرة: أريد رجلاً إذا كان في القوم، وليس أميرًا عليهم بدا (ظهر) وكأنه أميرهم، وإذا كان فيهم وهو عليهم أمير، بدا وكأنه واحد منهم، أريد واليًا لا يميز نفسه على الناس في ملبس، ولا في مطعم، ولا في مسكن .. يقيم فيهم الصلاة، ويقسم بينهم بالحق، ويحكم فيهم بالعدل، ولا يغلق بابه دون حوائجهم. وعلى هذا الأساس اختار عمر بن الخطاب عميرًا ليكون واليًا على حمص، وحاول عمير أن يعتذر عن هذه الولاية، لكن عمر بن الخطاب ألزمه بها.
وذهب عمير إلى حمص، وبقى فيها عامًا كاملا دون أن يرسل إلى أمير المؤمنين بالمدينة، بل لم يصل إلى أمير المؤمنين منه أية رسالة، فأرسل إليه عمر -رضي الله عنه- ليأتي إليه، وجاء عمير وشاهده الناس، وهو يدخل المدينة وعليه آثار السفر، وهو يحمل على كتفيه جرابًا وقصعة (وعاء للطعام) وقربة ماء صغيرة، ويمشي في بطء شديد من التعب والجهد.
ولما وصل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قال له: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فرد عمر السلام ثم قال له: ما شأنك يا عمير؟ فقال عمير: شأني ما ترى، ألست تراني صحيح البدن، طاهر الدم، معي الدنيا (يقصد أنه يملك الدنيا كلها)؟ فقال عمر: وما معك؟ قال عمير: معي جرابي أحمل فيه زادي، وقَصْعَتي آكل فيها وأغسل فيها رأسي، وإداوتي أحمل فيها وضوئي وشرابي، وعصاي أتوكأ عليها، وأجاهد بها عدوًا إن عَرَض (ظهر)، فوالله ما الدنيا إلا تَبعٌ لمتاعي. فقال عمر: أجئت ماشيًا؟ قال عمير: نعم.
فقال عمر: أَوَلَمْ تَجدْ من يعطيك دابة تركبها؟ قال عمير: إنهم لم يفعلوا، وإني لم أسألهم. فقال عمر: فماذا عملت فيما عهدنا إليك به؟ قال عمير: أتيت البلد الذي بعثتني إليه، فجمعت صُلَحَاء أهله، ووليتُهم جَبايَة فيئهم (جمع صدقاتهم) وأموالهم، حتى إذا جمعوها وضعتها، ولو بقى لك منها شيء لأتيتك به، فقال عمر: فما جئتنا بشيء ؟ قال عمير: لا. فصاح عمر وهو فخور سعيد: جدِّدوا لعمير عهدًا، ولكن عميرًا رفض وقال في استغناء عظيم: تلك أيام خَلَتْ، لا عَمِلتُ لك، ولا لأحد بعدك.
فأي صنف من الرجال كان عمير بن سعد؟ لقد كان الصحابة على صواب حين وصفوه بأنه نسيج وحده (أي شخصيته متميزة فريدة من نوعها)، وكان عمر محقًّا أيضًا حينما قال: وددت لو أن لي رجالاً مثل عمير بن سعد أستعين بهم على أعمال المسلمين.
لقد عرف عمير مسئولية الإمارة، ورسم لنفسه وهو أمير حمص واجبات الحاكم المسلم وها هو ذا يخطب في أهل حمص قائلاً: ألا إن الإسلام حائط منيع، وباب وثيق، فحائط الإسلام العدل، وبابه الحق، فإذا نُقِضَ (هُدِمَ) الحائط، وخطم الباب، استفتح الإسلام، ولا يزال الإسلام منيعًا ما اشتد السلطان، وليست شدة السلطان قتلاً بالسيف، ولا ضربًا بالسوط، ولكن قضاءً بالحق، وأخذًا بالعدل. وظل عمير بن سعد رضي الله عنهما مقيمًا بالشام حتى مات بها في خلافة عمر، وقيل في خلافة عثمان.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
أصغر النقباء أسعد بن زرارة رضي الله عنه

أصغر النقباء أسعد بن زرارة رضي الله عنه
إنه أبو أمامة أسعد بن زرارة الأنصاري الخزرجي -رضي الله عنه-، أول من قدم المدينة بالإسلام، ويروى أنه أول من صلى الجمعة بها مع أربعين من أصحابه.
وكان قد خرج مع صاحب له يدعى ذكوان بن عبد القيس إلى مكة يتحاكمان إلى عتبة بن ربيعة وكانا قد اختلفا فيما بينهما، فلما وصلا إلى مكة، وسمعا برسول الله ( ذهبا إليه، فعرض عليهما الإسلام، وتلا آيات من القرآن الكريم، فأسلما، ولم يقربا عتبة بن ربيعة، ثم رجعا إلى المدينة فكانا أول من قدم بالإسلام إلى المدينة [ابن سعد].
شهد بيعة العقبة الأولى والثانية، وكان أول من بايع النبي (، واختاره رسول الله ( نقيبًا على قبيلته، ولم يكن في النقباء أصغر سنًّا منه.
وعن أم زيد بن ثابت أنها رأت أسعد بن زرارة -قبل مقدم النبي (- يصلي بالناس الصلوات الخمس، يجمع بهم في مسجد بناه في مربد سهل وسهيل ابني رافع. قالت: فانظر إلى رسول الله (، لما قدم في ذلك المسجد وبناه، فهو مسجده اليوم (أي مسجد الرسول
() [ابن سعد].
وكان -رضي الله عنه- كريمًا، وقد استضاف مصعب بن عمير -رضي الله عنه- عندما بعثه الرسول ( إلى المدينة؛ ليعلم أهلها الإسلام، وجلس مصعب وأسعد في أحد بساتين بني عبد الأشهل، فالتفَّ حولهما الناس، وأخذا يدعوان الناس إلى الإسلام فأسلم على يديهما جمع كبير من بني عبد الأشهل ووقف أسعد ابن زرارة -رضي الله عنه- مواقف بطولية تدل على نبل أخلاقه، وصدق إيمانه، وعظمة حبه لله ورسوله (.
وعندما مرض أسعد بن زرارة، وعلم النبي ( بمرضه، ذهب يزوره، فوجده مريضًا بالذبحة (وجع في الحلق)، ثم مات -رضي الله عنه- في السنة الأولى للهجرة والرسول ( يبني مسجده، وصلى عليه الرسول ( وصحابته، ودفن بالبقيع، فكان -رضي الله عنه- أول صحابي من الأنصار يدفن بالبقيع. وقد أوصى أسعد ببناته إلى رسول الله (، وكن ثلاثًا، فكن في رعاية رسول الله ( وكفالته. [ابن سعد].
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
مستجاب الدعوة سعيد بن زيد رضي الله عنه

مستجاب الدعوة سعيد بن زيد رضي الله عنه
إنه سعيد بن زيد -رضي الله عنه- أحد العشرة المبشرين بالجنة، وقد نشأ سعيد في بيت لم يكن الإيمان غريبًا على أهله، فأبوه زيد بن عمرو بن نفيل الذي ترك عبادة الأصنام، وأسرع إلى عبادة الله على دين إبراهيم، وكن يسند رأسه على الكعبة، ويقول: يا معشر قريش، والله ما فيكم أحد على دين إبراهيم غيري.
[ابن هشام].
فنشأ سعيد منذ صغره مثل أبيه سليم الفطرة، وما إن سمع بالإسلام حتى أسرع بالدخول فيه، وكان ذلك قبل دخول النبي ( دار الأرقم بن أبي الأرقم، وأسلمت معه زوجته فاطمة بنت الخطاب، وقد تحمل زيد وزوجته الكثير من الإيذاء في سبيل الله، وكانا سببًا في إسلام عمر بن الخطاب، حين هجم عليهما في البيت وهما يقرآن القرآن مع خباب بن الأرت، فأخذ منهما الصحيفة، وقرأ ما فيها، فشرح الله صدره، وأعلن إسلامه.
وهاجر سعيد إلى الحبشة، ثم هاجر إلى المدينة وآخى الرسول ( بينه وبين أبي بن كعب -رضي الله عنهما-.
وبعثه الرسول ( مع طلحة بن عبيد الله؛ ليتحسَّسا أخبار عير قريش التي رجعت من التجارة، وفي أثناء قيامهما بهذه المهمة حدثت غزوة بدر التي انتصر فيها المسلمون، ورجع سعيد وطلحة فأعطاهما الرسول ( نصيبهما من الغنائم. وعرف سعيد بالشجاعة والقوة، واشترك في الغزوات كلها.
وكان -رضي الله عنه- مستجاب الدعوة، فقد روي أن أروى بنت أويس ادعت كذبًا أنه أخذ منها أرضًا، وذهبت إلى مروان بن الحكم والى المدينة آنذاك، واشتكت له، فأرسل مروان إلى سعيد، وقال له: إن هذه المرأة تدعى أنك أخذت أرضًا، فقال سعيد: كيف أظلمها وقد سمعت رسول الله ( يقول: "من ظلم قيد شبر طوقه من سبع أراضين" [متفق عليه]، فقال مروان: إذن فعليك باليمين، فقال سعيد: اللهم إن كانت كاذبة فلا تمتها حتى تعمي بصرها، وتجعل قبرها في بئر، ثم ترك لها الأرض التي زعمت أنها ملكها.
وبعد زمن قليل، عميت أروى فكانت تقودها جارية لها، وفي ليلة قامت ولم توقظ الجارية، وأخذت تمشي في الدار فوقعت في بئر كانت في دارها، فماتت فأصبحت هذه البئر قبرها.
وكان سعيد مطاعًا بين الناس، يحبهم ويحبونه، وحينما حدثت الفتنة بين المسلمين، لم يشارك فيها، وبقي مداومًا على طاعة الله وعبادته حتى توفي سنة (51هـ) أو (52هـ) ودفن بالمدينة المنورة.
 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
المجير أبان بن سعيد رضي الله عنه

المجير أبان بن سعيد رضي الله عنه
إنه أبان بن سعيد بن العاص -رضي الله عنه-، وكان إسلامه عندما سار رسول الله ( إلى الحديبية، فخرج إليه المشركون، واتفقوا على الصلح، وعاد رسول الله ( إلى المدينة، فتبعه أبان فأسلم وحسن إسلامه.
وكان أبان قد خرج يومًا إلى الشام في تجارة له قبل إسلامه، فلقى راهبًا، وحكى له ما يفعله الرسول ( بمكة، وما يدعيه من أن أرسله الله رسولا مثلما أرسل موسى وعيسى من قبل، فقال له الراهب: وما اسم هذا الرجل؟ فقال له أبان: محمد، فقال الراهب: إني أصفه لك، وذكر الراهب صفة النبي (، ونسبه، وسنَّه، فقال أبان: هو كذلك، فقال الراهب: والله ليظهرنَّ على العرب، ثم ليظهرن على الأرض، ثم قال لأبان: أَقْرِئ الرجل الصالح السلام.
ولما عاد أبان إلى مكة جمع قومه، وذكر لهم ما حدث بينه وبين الراهب، وكَفَّ عن إيذاء النبي ( والمسلمين، ولكنه بقى على كفره حتى صلح الحديبية. وشهد أبان -رضي الله عنه- مع رسول الله ( غزوة حنين في العام السابع للهجرة، وبعد أن استقرت الدولة الإسلامية، وفتحت مكة، جعل رسول الله ( أبان بن سعيد واليًا على البحرين، وظل بها حتى توفي رسول الله (، فتركها ورجع إلى المدينة.
وأراد أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- أن يولى أبان بن سعيد مرة ثانية، فرفض ذلك وقال: لا أعمل لأحد بعد رسول الله (.
وكان لسعيد بن العاص والد أبان ثمانية أولاد نجباء، منهم ثلاثة ماتوا على الكفر، وخمسة أدركوا الإسلام وصحبوا النبي (، وهم: خالد، وعمرو، وأبان، والحكم، وسعيد.
وفي يوم صلح الحديبية بعث رسول الله ( عثمان بن عفان إلى قريش بمكة، فأجاره أبان بن سعيد، وحمله على فرسه حتى دخل مكة وقال: اسلك في مكة حيث شئت آمنًا.
واستشهد -رضي الله عنه- في معركة اليرموك في جمادى الأولى سنة (13 هـ) في خلافة أبي بكر الصديق، وبداية خلافة عمر -رضي الله عنهما-.
 
أعلى