بيان معنى قوله تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)

ليث

:: مشرف قسم صيانة النوكيا ::
إنضم
14 أغسطس 2012
المشاركات
1,653
مستوى التفاعل
4,165
النقاط
113
الإقامة
الجزائر التي فيها نبتنا وعلى حبها ثبتنا
بيان معنى قوله تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)
والرد على من زعم أن العبادة والتكليف يسقط عن العبد في مرحلة من المراحل



قال العلامة ابن القيم : ( فصل) [فِي لُزُومِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ لِكُلِّ عَبْدٍ إِلَى الْمَوْتِ] والرد على من زعم أن العبادة والتكليف يسقط عن العبد في مرحلة من المراحل!
ولو كان ذلك لأحد لوقع لسيد البشر عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِرَسُولِهِ:{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}[الحجر: 99]. وَقَالَ أَهْلُ النَّارِ {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ}[المدثر: 46]. وَالْيَقِينُ هَاهُنَا هُوَ الْمَوْتُ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، وَفِي الصَّحِيحِ «فِي قِصَّةِ مَوْتِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَمَّا عُثْمَانُ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ مِنْ رَبِّهِ أَيِ الْمَوْتُ وَمَا فِيهِ»(1 ).

فَلَا يَنْفَكُّ الْعَبْدُ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ مَا دَامَ فِي دَارِ التَّكْلِيفِ، بَلْ عَلَيْهِ فِي الْبَرْزَخِ عُبُودِيَّةٌ أُخْرَى لَمَّا يَسْأَلُهُ الْمَلَكَانِ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ؟ وَمَا يَقُولُ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَيَلْتَمِسَانِ مِنْهُ الْجَوَابَ، وَعَلَيْهِ عُبُودِيَّةٌ أُخْرَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَوْمَ يَدْعُو اللَّهُ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ إِلَى السُّجُودِ، فَيَسْجُدُ الْمُؤْمِنُونَ، وَيَبْقَى الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ لَا يَسْتَطِيعُونَ السُّجُودَ، فَإِذَا دَخَلُوا دَارَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ انْقَطَعَ التَّكْلِيفُ هُنَاكَ، وَصَارَتْ عُبُودِيَّةُ أَهْلِ الثَّوَابِ تَسْبِيحًا مَقْرُونًا بِأَنْفَاسِهِمْ لَا يَجِدُونَ لَهُ تَعَبًا وَلَا نَصْبًا.

وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَصِلُ إِلَى مَقَامٍ يَسْقُطُ عَنْهُ فِيهِ التَّعَبُّدُ، فَهُوَ زِنْدِيقٌ كَافِرٌ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ، وَإِنَّمَا وَصَلَ إِلَى مَقَامِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ، وَالِانْسِلَاخِ مِنْ دِينِهِ، بَلْ كُلَّمَا تَمَكَّنَ الْعَبْدُ فِي مَنَازِلِ الْعُبُودِيَّةِ كَانَتْ عُبُودِيَّتُهُ أَعْظَمَ، وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ مِنْهَا أَكْبَرَ وَأَكْثَرَ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَى مَنْ دُونَهُ، وَلِهَذَا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ عَلَى جَمِيعِ الرُّسُلِ أَعْظَمَ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَى أُمَمِهِمْ، وَالْوَاجِبُ عَلَى أُولِي الْعَزْمِ أَعْظَمَ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَى مَنْ دُونَهُمْ، وَالْوَاجِبُ عَلَى أُولِي الْعِلْمِ أَعْظَمَ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَى مَنْ دُونَهُمْ، وَكُلُّ أَحَدٍ بِحَسَبِ مَرْتَبَتِهِ( 2).



_____________
( 1) رواه البخاري : (1243).
(2 ) مدارج السالكين : ( ج1_ص211).
 

MED LAMINE

الإدارة
إنضم
17 مارس 2012
المشاركات
8,913
مستوى التفاعل
33,908
النقاط
113
الإقامة
الجزائر
بارك الله فيك صديقي محمد شرح مفيد جدا ولو ندبرنا القران لافلحنا جميعا لكن نحن نمر منه وليس عليه مرور الكرام , الله نسال الثبااااااااات فهو سبيل النجاة
 
أعلى