موسوعة الولد الصالح في الاسلام

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
410.png




zd11.gif




ما قبل الحمل



حرص الإسلام حرصًا شديدًا علي أن يكون أبناؤه صالحين أقوياء، ينشأ أحدهم في محضن أمين، وينبت صغيرهم من أصل طيب، فيصبح مثله:{كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} [إبراهيم: 24-25].
ومن هنا كان حرص الإسلام واضحًا علي حسن اختيار الأبوين، لأنهما أصل الأبناء ومحضنهم، فلقد حث الإسلام المرأة وأولياءها علي اختيار الزوج الصالح، وإن كان فقير المال، فقال تعالي: {ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم} [البقرة: 221]. وقال :) (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه؛ فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) [الترمذي وابن ماجه].
كما حثّ الإسلام الرجل علي اختيار الزوجة الصالحة، فهي أم بنيه، قال تعالي: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم} [البقرة: 221]. وذلك ليضمن الأصل الصالح والمنبت الطيب للأبناء، فلا ينبغي للمسلم أن يتزوج المرأة لمالها أو لجمالها أو لحسبها فقط، بل عليه أن يبحث عن الدين مع كل ذلك، يقول رسول الله :) (لا تَزَوَّجُوا النساء لحسنهن ؛ فعسي حُسْنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن ؛ فعسي أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن علي الدِّين) [ابن ماجه].
وقد أوصي الإسلام الرجل أن يختار الزوجة الصالحة التي عُرفت بالشرف الرفيع والدين القويم، وحث علي الزواج بالبكر؛ لأنها أكثر إنجابًا للأولاد، وأوثق علاقة بالزوج. كما حث علي الزواج بالمرأة الولود الودود، قال رسول الله ( (تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأمم) [أبو داود].
ويحسن الزواج من الأباعد؛ حرصًا علي صحة المولود من الأمراض والعاهات الوراثية التي قد تنتج من زواج الأقارب، وإلي هذا يشير عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بقوله: (اغتربوا؛ لا تَضْوُوا). أي تزوجوا من غير القريبات حتى لا تضعفوا، ولقد أكد علماء الوراثة أن زواج الأقارب -إذا تكرر في أجيال متعاقبة وكثر حدوثه- يؤدي إلي ضعف النسل، حيث تنتقل الصفات الوراثية السيئة من أسرة الوالدين إلي الأبناء.
وبوجه عام، فإن حسن اختيار كل من الزوجين يعتبر حقّا من حقوق الطفل في الإسلام . فإذا حَسُن دين الزوجين، وسَمَتْ أخلاقهما؛ كوَّنا معًا بيتًا مسلمًا، ومَنبتًا صالحًا للأبناء.
قال أبو الأسود الدؤلي ممتنَّا علي أبنائه: أحسنت إليكم كبارًا وصغارًا وقبل أن تولدوا. قالوا: كيف أحسنت إلينا قبل أن نُولد؟! قال: اخترت لكم من النساء من لا تَُسبُّون بهن.
وقال أبو عمرو بن العلاء: لا أتزوج امرأة حتى أنظر إلي ولدي منها. فقيل له: كيف ذلك ؟ فقال: أنظر إلي أبيها وأمها؛ فإنها تأخذ منهما.
ومثلما وضع ديننا الإسلامي الحنيف القواعد والأسس التي يختار كل من الزوجين الآخر في ضوئها، فإنه شرع من الآداب ما يحمي الذرية منذ تكوينها في رحم الأم، فَوَجَّه الآباء لاتخاذ كل التدابير الوقائية التي تصون الطفل مما قد يصيبه من نزعات الشياطين وغيرها -حتى عند الإخصاب- حيث قال :) (لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله فقال: باسم الله، اللهمَّ جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يُقدر بينهما ولد في ذلك، ما لم يـضرَّه شيطان أبدًا) [متفق عليه]، وبذلك يجعل الإسلام من المرأة تربة خصبة لإنبات الذرية الصالحة النافعة لدينها ووطنها.
مراحل النمو:
تقسم هذه المراحل تقسيمًا تقريبيًا؛ لأنها تتداخل وتتشابك فيما بينها، إذ ليست هناك حدود فاصلة بينها بشكل حاسم .
وعلي كل أم أن تدرك طبيعة كل مرحلة وسماتها وخصائصها، لتتخذها معيارًا تنظر من خلاله إلي طفلها؛ لتتأكد من نموه نموَّا طبيعيَّا. علي أن تدرك أن هذه الأمور تقريبية، قد تختلف من طفل إلي آخر، ومن بيئة إلي أخري بنسبة ما، وأنها ليست قوانين جامدة.
الحمل:
أبشري أنت حامل!! إنها أسعد اللحظات عند المرأة، تلك اللحظات التي تشعر فيها أنها ستكون أمَّا لطفل تعطيه حبها وحنانها.
وفترة الحمل فترة شاقة متعبة، عبر عنها القرآن الكريم بقوله: {حملته أمه وهنًا علي وهن} [لقمان:14]، وبقوله: {حملته أمه كرهًا ووضعته كرهًا} [الأحقاف:15].
واعتني الإسلام بالجنين عناية بالغة، فمن ناحية صحته وكمال نموه، أباح الإسلام للحامل أن تفطر في شهر رمضان؛ إذا خافت عليه الضرر، بعد استشارة طبيب مسلم ثقة؛ وذلك لما في الصوم من مشقة عليها، ولأن الجنين يحتاج إلي الغذاء حتى يكتمل نموه . فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله ( قال: (إن الله -عز وجل- وضع عن المسافر شطر الصلاة والصيام، وعن الحامل والمرضع) [النسائي].
كما حرص الإسلام علي الجنين عند إقامة الحد علي المرأة الحامل، حتى تضع حملها؛ حماية له. وقد أجمع فقهاء المسلمين علي عدم جواز القصاص من الحامل قبل أن تضع جنينها، سواء كانت حاملا وقت الجناية أم حملت بعدها، وسواء كان القصاص في النفس: كالرجم في حالة زني المحصنة أو في طرف من أطرافها، كقطع اليد في حالة السرقة. كل ذلك صيانة ووقاية للجنين.
علامات الحمل:
هناك بعض العلامات أو الأعراض التي يمكن أن تشير إلي وجود حمل، ومن هذه العلامات:
* انقطاع الدورة الشهرية: ففي معظم الحالات يكون انقطاع الدورة الشهرية مؤشرًا لحدوث الحمل .
* تغير في الثديين: فحجم الثديين يكبر، ويصبحان أكثر نضوجًا وأطري ملمسًا، ويتحول لون المنطقة المحيطة بالحلمة إلي لون داكن .
* الغثيان أو القيء: فالشعور بالقيء يعتبر أمرًا طبيعيَّا للحامل، وخصوصًا في الشهور الأولي .
الرغبة في التبول المستمر: تشعر الحامل بالرغبة في التبول، وهذا عارض مؤقت لا يدوم، ولكن هذه الرغبة تعود خلال الأسابيع الأخيرة من الحمل، نتيجة لوجود الجنين في أسفل البطن، فيعود الضغط علي المثانة.
* حركة الجنين في بطن الأم: ويتطور الأمر تدريجيا؛ حيث تشعر المرأة الحامل خلال منتصف الشهر الرابع بحركة الجنين، وتقوي هذه الحركة شيئًا فشيئًا إلي حد أن تتمكَّن الأم من ملاحظة حركات جنينها بوضوح إذا وقفت أمام المرآة.
* التغيرات العاطفية: ويعتبر تغير الهرمونات في جسد المرأة الحامل أحد العوامل المهمة التي تسبب لها التغيرات العاطفية، وعمومًا، فإن التقلبات العاطفية تعدُّ من الأعراض الملحوظة عند الحامل، فتارة تشعر بالسعادة، وتارة أخري يخيِّم عليها جو من الكآبة، ولكن الحامل تعود إلي حالتها الطبيعية خلال الشهر الرابع عندما تعود الهرمونات المختلفة إلي التساوي.
رعاية الأم الحامل:
اهتم الإسلام بالمرأة الحامل، وأمر بالعمل علي راحتها، وتوفير الغذاء لها، قال تعالي: {أسكنوهن من حيث سكنتم من حيث وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخري. لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسًا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسرًا يسرًا} [الطلاق: 6- 7].
والحامل تحتاج إلي تناول غذاء كامل يحتوي علي جميع العناصر الغذائية حتى ينمو جنينها قويًّا صحيحًا؛ لأنها هي المصدر الوحيد لغذائه، وعليها أن تحرص علي تناول البيض واللحم والحليب والجبن والسلطات والخضراوات والحبوب والخبز، والدهنيات -بنسبة بسيطة- والفاكهة، وغير ذلك من الأغذية الضرورية في هذه الفترة . وعلي الحامل أن تدرك أن راحة النفس لا تقل أهمية عن راحة البدن، وأن الانفعال أو التوتر النفسي يؤثر علي الجنين تأثيرًا سلبيا، فالراحة النفسية للحامل من الأمور المهمة التي لا تقل في أهميتها عن الراحة البدنية، فيجب علي الحامل ومن يعيشون معها الحرص علي أن يكون جو البيت ممتلئًا بالسعادة والانشراح، حيث إن الحالة النفسية من فرح أو حزن لها تأثيرها في إفراز الهرمونات في جسم الأم، ويتأثر الجنين بهذه الهرمونات منذ الشهور الأولي.
وهناك بعض العوامل الأخرى المفيدة للحامل منها: المشي، والقيام ببعض التمرينات الرياضية البسيطة، وذلك في الشهر أو الشهرين الأخيرين من الحمل؛ وذلك مما يسهل عملية الولادة . ويجب أن تهتم الحامل اهتمامًا كبيرًا بصحتها، استعدادًا لتحمل مسئولية الإنجاب، وتربية الطفل والعناية به وإرضاعه، فتهتم بنظافتها وتغسل ثدييها، ولا يفوتها أن تكون ملابسها فضفاضة بقدر ما تسمح به حالة الجو -مع مراعاة الجانب الشرعي في الملابس- وألا تكون ضاغطة علي جزء ما من جسمها، وأن تتجنب استعمال الأحذية عالية الكعب؛ لأنها ترفع الجسم، وتلقي بالثقل علي الكعبين وأصابع القدمين؛ مما قد يسبب آلامًا في الظهر والساقين، ويفضل زيارة الحامل للطبيبة بصورة دورية إذا أمكنها ذلك، حتى تطمئن علي صحتها وسلامة حملها من آن لآخر . ويمكن للحامل في كثير من الأحيان أن تكون طبيبة نفسها، وذلك بتجنبها ما يضر حملها عملا بمبدأ: (الوقاية خير من العلاج) .
والسيدة الحامل يصيبها الأرق أثناء فترة الحمل . وللتغلب علي ذلك، عليها أن تسير في الهواء الطلق قبل وقت النوم، وأن تتناول كوبًا من اللبن الدافئ، وأن تتكئ علي وسائد عند نومها، فإن ذلك يساعد علي ارتخاء ومرونة عضلات الجسم ويهيِّئ لها نومًا مريحًا.
من كل ما سبق يتضح أن برنامج رعاية الأم الحامل يجب أن يشمل الاهتمام بالنواحي الغذائية والطبية، والتي يجب أن تقوم بدورها الوقائي، فالإشراف الكامل علي صحة الأم الحامل يحميها من الاضطرابات التي قد تتعرض لها أثناء الولادة وتقلِّل آثار العوامل التي لا تخضع للتحكم.
متي سيري المولود النور؟
هذا أول سؤال توجهه السيدة لطبيبتها عندما تخبرها بأنها في انتظار مولود جديد، وتظل تتساءل، وقد تكون في حَيْرة من أمرها، كيف أعرف ميعاد الولادة!!
وقد اتفق الأطباء علي أن مدة الحمل العادي هي 280 يومًا، ولمعرفة موعد الوضع يجب أن تعود الأم إلي ثلاثة أشهر من تاريخ أول يوم من آخر حيض، ثم تزيد سبعة أيام، وذلك في العام التالي. فمثلا لو كان أول يوم لآخر حيض هو أول أغسطس تعود إلي الوراء ثلاثة أشهر، أي إلي أول مايو ثم تزيد سبعة أيام. أي (8) مايو، فيكون هذا هو ميعاد الولادة، مع العلم أن هذا الموعد يكون تقريبًا، حيث إن نسبة الأطفال الذين يولدون في موعدهم بالضبط تكون قليلة.
مشكلات الحمل:
اهتم الإسلام بصحة الجنين، ودعا إلي توفير الرعاية الصحية للحامل ؛ لأنَّ الجنين يتأثر بما تتأثر به الأم من عوامل خارجية.
ومن العوامل التي قد تُعَرِّض الحامل للخطر:
- سوء التغذية: فعندما يكون غذاء الأم غير كافٍ،سواء من حيث نوعه أو كميته، فإن ذلك يضر بالجنين .
- التدخين والإدمان: فالتدخين يسبب زيادة خطر حوادث الإجهاض أو موت الجنين . وقد لوحظ أن السيدات اللاتي يدخِّن يضعن عادة مواليد أوزانها أقل من المعتاد؛ مما يعرِّض صحة المولود للخطر، بالإضافة إلي أن نسبة المواليد المُشوهين من السيدات المدخنات تكون كبيرة بالمقارنة بغيرهم . أمَّا الإدمان: فإنه يؤدي إلي عيوب وراثية في الجنين، ينشأ عنها طفل يعاني من خلل في جزء أو أكثر من أجزاء جسمه، وقد يؤدي إلي الإعاقة العقلية والبدنية ؛ ولذا حرص الشرع الحنيف علي تحريم تعاطي المخدِّرات، وحذَّر من الوسائل التي تؤدي إلي إسقاط الجنين أو إضعافه وتشويهه، بل فرض علي الأم عقوبة إن فعلت ذلك، وذلك يعتق رقبة، ودفع غرة والغرة: هي عبد أو أمة، أو قيمتها: خمسمائة درهم أو مائة شاة أو خمس من الإبل، أو قيمتها بالذهب (5ر212 جم) تقريبًا.
-العوامل الوراثية: يعتبر إجراء الفحوص الطبية علي الزوجين قبل زواجهما من الأمور المهمة، فهناك بعض الأمراض والعوامل الوراثية التي تؤثر تأثيرًا سلبيا علي الجنين، سواء كان هذا التأثير في تكوينه الجسماني أو العقلي، مثل: أنيميا البحر المتوسط، والهيموفيليا (مرض سيولة الدم الوراثي)، ولذلك ينصح بإجراء الفحوص الطبية قبل الزواج لتجنب هذه الحالات والوقاية منها .
-اختلاف دم الأم والأب أو عامل R.h : وهو مرض دموي يصيب الوليد، ويظهر هذا المرض عندما تكون الزوجة (- Rh) سالب، والزوج (+ Rh) موجب، وفي هذه الحالة يكون نوع دم الأبناء دائمًا موجبًا (R.h+)، فيولد الطفل الأول بدون مشاكل، وتظهر المشكلة مع الطفل الثاني دائمًا، حيث إنه عند ولادة الطفل الأول يختلط بعض من دمه بدم الأم، فيكوّن دم الأم أجسامًا مضادة للدم الموجب، وعند اختلاط دم الأم بالطفل الثاني. تسبب الأجسام المضادة هدم الخلايا الدموية للجنين، وبذلك قد يولد الطفل وهو يعاني من فقر الدم (الأنيميا)، واليرقان (الاصفرار) أو غيرها، وقد تنتج عن ذلك وفاة الطفل بنسبة حالة في كل ثلاثين حالة، أو قد يتسبب ذلك في الضعف العقلي للأطفال.
وقد أتاح الطب الحديث اكتشاف الوسائل التشخيصية والعلاجية لهذا المرض الخطير، ويتلخص الاحتياط والوقاية منه في إعطاء الأم حقنة خاصة ضد إنتاج الأجسام المضادة لفترة الحمل التالية المحتملة.
إصابة الأم بمرض مُعْدٍ: فتعرُّض الأم للإصابة ببعض الأمراض المعدية كالحصبة الألمانية أثناء الشهور الثلاثة الأولي من الحمل، أو أصابتها بالأمراض التناسلية كالزهري والسيلان؛ يؤدي إلي حدوث نمو شاذ للطفل.
الأدوية والعقاقير: فاستخدام الأدوية والعقاقير مثل: الإسبرين، والمهدئات، والمنومات، والمضادات الحيوية دون استشارة الطبيب يشكل خطرًا علي السيدة الحامل، وعلي صحة الجنين.
التعرض للإشعاع: فتعرض السيدة الحامل للإشعاع يعرض الجنين للتشوه ، أو الاضطرابات العصبية والضعف العقلي وفقدان البصر.
الحالة الانفعالية للأم: من العوامل ذات التأثير القوي علي الجنين من حيث استجابته وتطوره: حالة الأم الانفعالية، فقد ثبت أنَّ لاضطراب غدد الأم أثرًا في نقص أو زيادة إفراز الهرمونات، وقد يؤدي هذا إلي نقص في نمو العظام أو الضعف العقلي، كما ثبت أن الخوف والغضب والتوتر والقلق عند الأم يؤدي إلي إفراز الغدد وتغير التركيب الكيميائي للدم؛ مما يؤثر بدوره في نمو الجنين.
عمر الأم: حيث يعتبر عمر الأم هامَّا لصحة الوليد، فالأم التي يزيد سنها علي الخامسة والثلاثين قد تكون أكثر عرضة للأخطار عن غيرها ؛كما أن الحمل بالنسبة لصغيرات السن قد يشكل خطورة عليهن، لذلك فإنَّ أفضل عمر للحامل يكون ما بين 20 إلي 30 سنة.
صحة الأم: العناية الطبية خلال فترة الحمل تعتبر غاية في الأهمية للتقليل من مشكلة ولادة أطفال غير أصحاء .
تكرار الحمل: يؤثر تكرار الحمل في صحة الأم، وينعكس ذلك بصورة سلبية علي الجنين .
الإجهاض: وهو الخطر الأول والأكبر علي الأم الحامل والجنين، وهو يعني ولادة الجنين قبل نضج تكوينه الجسماني، وأول علامة تنذر بحدوث الإجهاض هي خروج الدم من المهبل .
ويحدث الإجهاض نتيجة الأمراض، فقد يحدث بسبب إصابة الأم بمرض الزهري، أو أمراض الكلي، أو البول السكري،أو الحميات المعدية والتسمم، أو التهابات الجهاز التناسلي، كما أن الانفعالات النفسية والصدمات العصبية والحزن والخوف لها تأثير كبير في إحداث الإجهاض .
ومن العوامل الأخري التي تسبب الإجهاض وقوع ضرر جسماني علي الأم: كالوقوع علي الأرض، أو حمل أشياء ثقيلة، أو القيام بمجهود شاق .
-تلوث المجاري البولية: فانقطاع البول أو الانخفاض في كميته يعني علامة خطر يجب أن تنتبه لها السيدة الحامل، وعليها في هذه الحالة الإسراع بمراجعة الطبيبة قبل أن يسبب ذلك مضاعفات قد تكون خطرة .
تسمم الحمل: قد يبدأ التسمم فجأة ويتضاعف، ويسبب صداعًا مستمرّا أو زيادة محسوسة في الوزن، أو انخفاضًا في كمية البول، ويمكن اكتشاف التسمم عن طريق ملاحظة الارتفاع المفاجئ في ضغط الدم وزيادة (الزُلال) في البول .
وهناك العديد من الوسائل التي تقضي علي تسمم الحمل بسهولة، ولكن اكتشاف التسمم في مراحله الأولي أفضل كثيرًا ؛ حتى لا يسِّبب أضرارًا للحامل والجنين .
وعلي الحامل أن تتصل بالطبيبة فورًا، دون انتظار للزيارات الدورية، إذا ظهرت عليها الأعراض التالية:
حدوث نزيف دموي أثناء الحمل، أو صداع شديد في الرأس، أو قيء مستمر،أو شعور دائم بالرغبة في القيء، أو تورم في القدمين، أو ارتفاع درجة حرارة الجسم، أو آلام البطن المستمرة، أو اندفاع الإفرازات السائلة من المهبل فجأة، أو انخفاض في كمية البول، أو عدم تحُّرك الجنين لمدة 24 ساعة متصلة من الشهر الثامن.
ومن الطبيعي أن ُتصاب المرأة الحامل بالإمساك، والذي يمكن أن يضر الأم والجنين، حيث إنَّ استمرار البراز داخل الجسم لمدة طويلة يؤدي إلي امتصاص الدم للسموم؛ فتُضَار الأم وجنينها .
ويمكن تفادي الإمساك بالطرق الطبيعية دون الاستعانة بالأدوية -قدر المستطاع- وذلك إذا أكثرت الحامل من شرب اللبن وأكل الفواكه التي تساعد علي تليين البراز، كذلك الخضروات الطازجة النيئة والمطبوخة .
والكثيرات من السيدات المتزوجات اللاتي لم يحملن من قبل قد تظهر عليهن الأعراض الأولي للحمل، والتي يمكن أن تتشابه مع أعراض مرضية، وخصوصًا أمراض الجهاز الهضمي أو البولي أو بعض الحميات، ولعدم معرفتهن بأعراض الحمل ؛ فقد يتناولن الأدوية والعقاقير، أو يجرين فحوصًا بالأشعة، لذلك عليهن التأكد بواسطة الطبيبة المختصة أنهن غير حوامل قبل تناولهن أي دواء ؛ حتى لا يسبب ذلك ضررًا جسيمًا للجنين في الشهور الأولي من الحمل


zd11.gif



 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
مرحلة الجنين


zd11.gif


مرحلة الجنين

تمثل مرحلة الجنين العمر الأول للإنسان في رحم الأم حيث تبلغ مدة هذا العمر مائتين وثمانين يومًا، وتعتبر هذه الفترة من أخطر مراحل عمر الإنسان علي الإطلاق.
وتبدأ هذه الفترة بالصفر التكويني الذي يتمثل في لحظة الإخصاب، ومع بداية هذه المرحلة ينتقل الكائن الحي من مجرد مخلوق أحادي الخلية عند كل من الأب والأم إلي كائن مكتمل في أحسن تقويم.
ويتميز النمو في هذه المرحلة بالسرعة الشديدة، ولذلك تعتبر هذه المرحلة أسرع مراحل النمو وأهمها، حيث تتحدد أهميتها في:
(1) تحديد الخصائص الوراثية للإنسان، وهي المكونات التي يترتب عليها النمو اللاحق.
(2) قد تساعد الظروف الملائمة في جسم الأم علي تنمية الخصائص الوراثية، بينما تؤدي الظروف غير الملائمة إلي تعويق هذه التنمية؛ مما قد يؤدي إلي تعويق النمو اللاحق.
(3) يحدث في هذه المرحلة أكبر نمو نسبي في حياة الإنسان، لا يقارن بأية مرحلة أخري، وبمعدلات سريعة لا نجدها في أية مرحلة نمائية أخري.
وتنقسم مرحلة الجنين من وجهة النظر الإسلامية إلي خمسة أطوار، تتمثل في: طور النطفة، طور العَلَقة، طور المضغة، طور تكوين العظام والعضلات، وطور التسوية.
يقول الله سبحانه وتعالي: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين. ثم جعلناه نطفة في قرار مكين. ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظامًا فكسونا العظام لحمًا ثم أنشأناه خلقًا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين} [المؤمنون: 12- 14].
والنطفة: عبارة عن خلية ذكرية أو أنثوية ذات طبيعة خاصة تختلف عن باقي خلايا الجسم الإنساني، فهي الخلية الأولي التي تبدأ منها الحياة الإنسانية للفرد.
النطفة الأمشاج: وبعد عملية الإخصاب يطلق علي النطفة هذا الاسم، وهي تتألف من 46 كروموزوم، ولا يزيد طولها على 1/10مم، ولا يزيد وزنها على 1مجم، ويحيط بها الماء المهين.
ويتوالي انقسام النطفة الأمشاج في البداية إلي خليتين ثم أربع فثمان وهكذا، وخلال الأيام الثلاث الأولي من الحمل يصل عدد خلايا النطفة الأمشاج إلي 16 خلية، وتصبح في شكل ثمرة التوت أو ثمرة الفراولة. وتنتقل النطفة الأمشاج خلال قناة فالوب إلي الرحم حيث تلتصق بجداره، وتتلقي عنه غذاءها، وفي الرحم يطرأ تغير في شكلها حيث تتحول إلي كرة جرثومية.
العلقة: هي الطور الذي تعلق فيه الكرة الجرثومية بالرحم، حيث يبدأ الغشاء المشيمي في التكون، وتبدأ تغذية العلقة. ويعيش الجنين من هذا الطور في محيط مائي معلقًا برحم الأم بواسطة الحبل السري (المعلاق).
ويستمر طور العلقة لمدة أسبوع، وفي هذه الفترة يتم إفراز هرمون يمنع الأم من إفراز الدورة الشهرية، ويتوزع هذا الهرمون علي الجسم كله، ويظهر في البول.
المضغة: تتكون المضغة بعد مضي أسبوعين من الحمل، حيث تتكون كتلة داخلية من الخلايا نتيجة نشاط الشريط الأول، حيث يظهر ما يسمي الكتل البدنية التي تبدأ في الظهور بعد انقضاء ثلاثة أسابيع من الحمل.
وبنهاية الشهر الأول من الحمل (من حياة الجنين) تشكل هذه الكتل ثلاث طبقات:
* الطبقة الخارجية: ومنها ينمو الجلد وأعضاء الحس والجهاز العصبي.
* الطبقة الداخلية: ومنها تنمو الأجهزة الداخلية (الجهاز الهضمي- الجهاز التنفسي).
* الطبقة المتوسطة: ومنها تنمو الأجهزة الدورية والإخراجية والعضلية، وينتهي طور المضغة بنهاية الأسبوع السادس من الحمل، وبنهايتها يأخذ الجنين شكل اللحم الممضوغ (المضغة).
المضغة المخلقة: يحدث النمو بسرعة كبيرة حيث يتكون الرأس والمخ والنخاع الشوكي، ثم يتكون القلب والأوعية الدموية، وفي الأسبوع الرابع يبدأ القلب في النبض ليدفع الدم في الشرايين والأوردة الصغيرة في المضغة، وتتكون العينان والأذنان والأنف والفم.
وفي الأسبوع الخامس تتكون الأطراف العليا والسفلي، وفي الشهر الثاني من الحمل يتحول الجسم إلي الشكل الإنساني، حيث تنمو العينان وينمو المخ. وفي نهاية هذه المرحلة يصل طول المضغة إلي حوالي 5ر2سم، ووزنها 14جم.
تكوين العظام والعضلات: (فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَامًا فَكًسَوْنَا العِظَامَ لَحْمَا) [المؤمنون: 14] وفي هذا الطور من النمو تتكثف الطبقة المتوسطة علي هيئة كتل بدنية وتنقسم إلي قسمين:
* القسم الأوسط الداخلي الذي يتحول بعد ذلك إلي النسيج العظمي أو الهيكلي.
* القسم الجانبي الخارجي والذي يتكون من عضلات الهيكل.
طور التسوية: (ثُمَ أنشأْناهُ خَلْقًا آخَرَ) [المؤمنون: 14]، ويجمع المفسرون علي أن المقصود به هو نفخ الروح في الجنين، ويبدأ هذا الطور مع بداية الشهر الرابع من الحمل، ويمتد حتى الولادة.
وبنهاية الشهر الثالث يظهر جنس الجنين، ويبدأ في الحركة داخل الرحم، وتشكل هذه المرحلة في حياة الجنين الفصل الثاني من عمره.
وفي سن 16 أسبوعًا يكون طول الجنين من 20- 25 بوصة، ووزنه 200 جم، وله نشاط حركي يصل إلي مص أصابعه، وحركات أكثر عنفًا، مثل الرفس، ويستطيع الطبيب أن يسمع دقات قلبه.
ومع نهاية الشهر الرابع يكون للجنين مظهر بشري متميز، ولكنه لا يستطيع العيش خارج الرحم، وفي الأسبوع العشرين تنشط الغدد الدرقية، وتزداد دقات القلب قوة، ويصل طول الجنين إلي 30 سم، ووزنه من 400 - 500 جم، ويستطيع فتح عينيه وغلقهم، ويستطيع أن يسمع، وفي الشهر السادس يصل طول الجنين إلي 37 سم، ووزنه إلي 750جم. وفي نهاية الشهر التاسع من الحمل يصل طول الجنين إلي 50 سم، ووزنه إلي حوالي 3كجم تقريبًا، ويصبح مستعدًا للخروج من بيئة الرحم إلي بيئة العالم الخارجي.
تلك هي المرحلة المعجزة التي وصفها القرآن منذ أربعة عشر قرنًا، ولم يكشف العلم الحديث عن بعض أسرارها إلا منذ وقت قريب. يقول تعالي: {يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلي أجل مسمي} [الحج: 5].
ولد أم بنت؟!
الله -تعالي- يتفضل بنعمه علي من يشاء، فيهب لمن يشاء الذكور، ويهب لمن يشاء الإناث، ويجعل من يشاء عقيمًا ؛ وذلك لحكمة لا يعلمها إلا هو .
ولا شك أن نوع الوليد، ذكرًا كان أم أنثي رهن مشيئة الله -عز وجل- مصداقًا لقوله -تعالي-: {لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور. أو يزوجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا إنه عليم قدير} [الشوري: 49-50].
فالله تعالي هو المعطي الوهاب، وعلي المؤمن الحق أن يكون -دائمًا- راضيًا بقضاء الله وقدره، قانعًا به؛ لأن الله تعالي يختار للإنسان ما فيه الخير: {وعسي أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسي أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [البقرة: 216].
وقد عنَّف الله -جل شأنه- هؤلاء الذين لا يرضون بقضائه فقال سبحانه: {وإذا بشر أحدهم بالأنثي ظل وجهه مسودًا وهو كظيم. يتواري من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه علي هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون} [النحل: 58-59] . ومن طرائف ما يروي في ذلك أن أميرًا من العرب يطلق عليه أبو حمزة تزوج امرأة، وطمع أن تلد له غلامًا، فولدت له بنتًا، فهجر منزلها، وأقام ببيت غير بيتها، ثم مرَّ علي بيتها بعد عام، فسمعها تداعب ابنتها بأبيات من الشعر تقول فيها:
ما لأبي حمــزة لا يأتينـا يظل في البيت الذي يلينا
غضــبان أن لانلد له البنيـنا تالـله ما ذاك في أيدينـا
وإنمـا نأخذ مـا أُعطِينـــا
فعاد الرجل إلي بيته، بعد أن أعطته زوجته درسًا في الإيمان والرضا، وثبات اليقين، فقبَّل رأس امرأته وابنته، ورضي بعطاء الله وقدره .
ويقول أحمد شوقي مبينًا فضل البنات:
إن البنات ذخائرٌ من رحمةٍ وكنوز حبٍ صـــادق ووفاء
وقد أثبت الطب الحديث أن الزوجة ليس لها دخل في تحديد جنس الوليد، فمن المعروف أن جميع البويضات التي تفرزها المرأة تحتوي علي نوع واحد من الكروموزمات، التي يرمز لها بالرمز [X]، بينما الحيوانات المنوية لدي الرجل لها نوعان من الكروموزمات، أحدهما يحمل المُذكَّرة وُيرمَز له بالرمز [Y]، والنوع الآخر يحمل المُؤَّنثة ويرمز له بالرمز [X]، فإذا تم التلقيح بين حيوان منوي يحمل الجينات المذكرة [Y] مع بويضة المرأة [X] كان الجنين ذكرًا ويرمز له بالرمز [XY]، وإذا كان التلقيح بين حيوان منوي يحمل الجينات المؤنثة [X] مع بويضة المرأة [X] كان الجنين أنثي، ويرمز له بالرمز [XX].
من هنا يتضح أن الذي يحدد جنس الجنين هو الحيوان المنوي للذكر، فلقد جعله الله سببًا لتحديد نوع الجنين بما أودعه الله إياه من قدرة علي إنجاب الإناث فقط، أو الذكور فقط، أوهما معا، ولا يعني هذا أن للرجل أدني تدخل، بل الأمر بدءًا ونهاية لله وحده. وقد أشار القرآن الكريم إلي هذه الحقيقة عندما قال: {وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثي. من نطفة إذا تمني} [النجم: 45- 46].
لهذا كله لابد من أن نأخذ في اعتبارنا شعور الأم تجاه المولود الجديد. خاصة فيما يتعلق بجنسه، حيث إن لموقف الوسط الاجتماعي تجاه البنت أو الصبي أثرًا مهمًا لا يمكن إنكاره علي نفسية الأم، ففي بعض الأحيان تعم البهجة والفرحة عند الإعلان عن ولادة صبي، بينما يحصل العكس بالنسبة لولادة بنت، فهذا التقليد بالإضافة إلي أنه يعبر عن عدم الرضا بقضاء الله، فهو أيضًا يؤثر تأثيرًا سلبيًا في معنويات المرأة وفي استعادتها لنشاطها وحيويتها بعد الولادة، وكذلك في قدرتها علي التعامل مع الطفل وتنمية علاقة سليمة معه.


zd11.gif

 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
الولادة

zd11.gif


الولادة

الاستعداد لعملية الولادة:
قبل عملية الولادة تكون السيدة الحامل قلقة مضطربة حيث إن هذه العملية تكون قد ارتبطت في ذهنها بالألم والمعاناة مما يبعث علي زيادة توتر الحامل بدلا من استرخائها، ويؤدي ذلك إلي عرقلة التطور الطبيعي لعملية الولادة، وبالتالي إلي مضاعفة الآلام وتضخمها، وجعل الولادة صعبة ومعقدة.
وقد ثبت حديثًا أنه من الممكن اتباع بعض الطرق التي تجعل الولادة تحدث دون خوف أو ألم، وذلك من خلال التحضير الجسدي والنفسي لتحقيق ذلك الهدف: فإعطاء الحامل بعض الإرشادات المبسَّطة حول ما يجري أثناء الحمل وأثناء الولادة؛ يمكِّن الحامل من التعرف علي مراحل تطوُّر الجنين، والمكان الذي يحتله والطريق الذي سيتبعه كي يري النور، وبذلك يمكن استبدال مشاعر الخوف بالثقة والمشاركة النشطة في عملية الولادة بدلا من الخوف منها، كما أن هناك بعض التمارين الرياضية التي تُسهِّل حدوث الولادة، بحيث لو نفذتها المرأة أثناء الحمل، فإن ذلك يجعلها تواجه لحظات الولادة بهدوء وطمأنينة.
عملية الولادة:
هناك علامتان علي درجة كبيرة من الأهمية تدلان علي أنَّ الحامل صارت في المخاض، وهما:
أولاً: حدوث الطلقة: وهو عبارة عن انقباضات رحمية مؤلمة، وهذه العملية هي التي تدفع بالجنين إلي خارج الرحم، وتحدث خلال فترة تمتد لبضعة ساعات أو بضعة أيام .
وينقسم المخاض إلي ثلاث مراحل:
* المرحلة الأولي: تمتد من (12- 15) ساعة في حالة الولادة الأولي، من (6 - 8) ساعات للولادة الثانية، وفيها يتسع عنق الرحم، خلال سلسلة من التقلصات العضلية التي تتم علي فترات زمنية طول كل منها (20) دقيقة، وتؤدي هذه التقلصات إلي تمزق الأغشية التي تحيط بالجنين حيث يتدفق السائل الأميني إلي الخارج، ويصل اتساع عنق الرحم بذلك إلي أربع بوصات.
* المرحلة الثانية: تكون أكثر زمنًا وأكثر حدة، وتبدأ مع اكتمال اتساع عنق الرحم، وتنتهي بخروج الجنين، ومن خصائص هذه المرحلة أن الأم تقوم بدور إيجابي في دفع الجنين خلال قناة الولادة، حيث يمثل جهدها حوالي (50 %) من المجهود المطلوب، وتلعب عضلات البطن دورًا أساسيّا في هذه المرحلة . وبعد خروج الجنين يتم قطع الحبل السري الذي يكون ما زال متصلا بالمشيمة إذ إنه بمجرد أن تستقبل رئتا الطفل الوليد الهواءَ خلال القناة الأنفية تتوقف وظيفة الحبل السري نهائيَّا عن استقبال الأوكسجين من المشيمة، حيث يتم إفراز مادة هلامية تغلق أنبوب الهواء فيه.
* المرحلة الثالثة: هي تلك التي تحدث بعد الولادة بعشرين دقيقة، حيث تشعر الأم ببعض التقلصات القوية والتي تدل علي إخراج الأم للمشيمة والحبل السري والأغشية الأخري التي كانت تحيط بالطفل، وبذلك تكون عملية الولادة قد انتهت.
ثانيا: الإفراز المختلط بدم (البشارة):
وقد تراه الحامل علي ملابسها الداخلية، أو تكتشفه الطبيبة بواسطة الفحص .
وينصح الأطباء بالحركة وعدم الكسل، خصوصًا في الأيام الأخيرة من الحمل ؛ لأن الحركة تسهل عملية المخاض .
وتجدر الإشارة إلي أن هناك بعض الأغذية المفيدة للحامل مثل تمر (الرطب)، ولقد أثبت الطب الحديث أن له فوائد في حالة الولادة؛ لأنه يحتوي علي مواد قابضة للرحم، فتنقبض العضلات الرحمية؛ مما يساعد علي إتمام الولادة، ويمنع النزيف أثناء وبعد الولادة، وذلك لأن الرحم الذي لا ينقبض انقباضًا سريعًا يكون أكثر تعرضًا لهجوم الميكروبات، والرطب يحتوي علي أنواع من السكر مثل الجلوكوز والفركتوز، والبروتينات، والمعادن؛ مما يقوي المرأة علي تحمُّل الطلق، ويمدها بما تفقده من طاقة بسرعة كبيرة . كما أن الرطب مادة سهلة الهضم، تنظف الأمعاء بسهولة. ونحن نعلم أن المرأة كي تلد سريعًا تُعطي حقنة شرجية تُسهل خروج البراز الذي قد يعوق حركة الرحم وانقباضاته. ويحتوي كل مائة جرام من التمر الخالص علي (65) ملليجرام من الكالسيوم (72) ملليجرام من الفوسفور (1ر5) ملليجرام من الحديد، ويمكنها من أن تفيد الجسم بـ (353) سعرًا حراريا، كما ثبت أن التمر غني بفيتامين (أ)، وفيتامين ( ب )، بالإضافة إلي ما به من ماء وكربوهيدرات، ودهنيات، وبروتين، وألياف . وبهذا يعد التمر غذاء كاملا للفرد، والأم الحامل بصورة خاصة، ومن هنا كان التوجيه الإلهي للسيدة مريم -رضي الله عنها- عندما شعرت بآلام الوضع فأوحي إليها:{وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيًا} [مريم: 25].
وشرب السوائل له أهمية كبيرة في تعويض ما تفقده الحامل أثناء معاناة الطلق، وتصبب العرق المصاحب له. لذلك دعا الله السيدة مريم إلي شرب الماء بقوله: {فكلي واشربي}، [مريم: 26] كما وجهها إلي الهدوء والاطمئنان والراحة النفسية: {وقري عينًا}، [مريم: 26] لأن أكثر أسباب تعثر الولادة هو الخوف والقلق، في حين أن الهدوء والاتزان يؤديان إلي ولادة ميسرة، فالله -تعالي- هو الذي يتولي إخراج المولود بلطفه ورحمته .
وقد وجهنا الرسول ( إلي قراءة بعض الآيات القرآنية التي تيسِّر عملية الولادة، فعندما اقتربت ولادة السيدة فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- وجاءها المخاض أمر النبي ( السيدة أم سلمة والسيدة زينب بنت جحش -وهما من نساء النبي (- أن تأتياها وتقرأ عندها: آية الكرسي: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الأرض مَنْذَ الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم} [البقرة: 255].
وقوله تعالي: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملاً خفيفًا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحًا لنكونن من الشاكرين} [الأعراف: 189].
والمعوذتين: قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس من السور المحبب قراءتها أثناء عملية الولادة.
وكذلك قراءة قوله تعالي: {إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوي علي العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثًا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إلا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} [الأعراف 54].
وعملية الولادة لها تأثير علي عملية النمو فيما بعد، فقد تكون الولادة عسرة، فتُستخدم الآلات في إتمامها، ونتيجة لذلك قد يحدث نوع من الاختناق أو نقص في الأوكسجين لدي الجنين؛ مما قد يتسبب في تلف بعض خلايا المخ أو تعويق نموها. كما أن هذه الظروف قد تؤدي إلي حالات الضعف العقلي، بالإضافة إلي إمكانية حدوث بعض التشوهات الخلقية الأخرى، إذا طالت مدة الولادة بعد انفصال المشيمة وانفجار كيس الجنين.
وقد تكون الولادة مُبْتَسَرة، وهي التي تتم قبل مرور شهور الحمل كاملة، وأخطرها ما يتم قبل مرور سبعة أشهر، وهذا النوع من الولاده قد تترتب عليه أضرار جسمية أو نفسية للطفل ؛ فقد لا يتحقق لمثل هؤلاء المواليد درجة كافية من نضج المخ، وتكون نسبة ذكائهم أقل من المعتاد.
أمَّا الأضرار النفسية التي يمكن أن تلحق بهم، فإنهم كنتيجة للحماية والرعاية الزائدة من قبل الوالدين نتيجة للولادة المبتسرة، فإن هؤلاء الأطفال لا تكون لديهم الخبرات العقلية والاجتماعية التي يستطيعون من خلالها مواجهة المشكلات المختلفة.
وعلي الأم ألا تقلق، فقد تمكن الطب الحديث من رعاية صحة المواليد الذين يولدون قبل الشهر السابع عن طريق توفير الغذاء لهم داخل حضانات خاصة.
أمَّا الولادة السعيدة فهي التي تتم بعد فترة الحمل كاملة، وتتراوح بين 259 إلي 293 يومًا دون الالتجاء إلي عمليات جراحية أوقيصرية.
استقبال المولود :
تشعر الأم بسعادة كبيرة حينما تري وليدها وقد خرج إلي الحياة، وعلي الأم أن تقرب طفلها إليها، وتضمه إلي صدرها بعد الولادة مباشرة، وذلك لأهمية هذه اللحظات في العلاقات اللاحقة بين الطفل والأم، فالتَّماس الجسدي بين الاثنين يوفِّر فرصة الاتصال بينهما، مما يمكن الطفل من تطور أمثل فيما بعد، فالنقص في الاتصال خلال هذه المرحلة يمكن أن يؤثر سلبيًا في سياق التعلق، وفي روابط الطفل والأم.
ومن الآداب الإسلامية المستحبة بعد الولادة:
(1) شكر الله علي المولود: علي الوالدين والأهل شكر الله علي ما رزقهم ولدً كان أو بنتًا، ويكون هذا الشكر والامتنان باللسان والقلب والفعل، ومن المستحب أن يصلي الأب ركعتين، ويسجد شكرًا لله علي نعمة الولد وسلامة الأم .
(2) التأذين والإقامة في أذن المولود: ويستحب ترديد الأذان في الأذن اليمني للمولود، وترديد الإقامة في أذنه اليسري ؛ ليكون أول ما يصل إلي حواسه هو ذكر الله -تعالي-، فعن عبد الله بن أبي رافع عن أبيه قال: رأيت رسول الله ( أذَّن في أذن الحسين بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة. [أبو داود والترمذي].
(3) تحنيك المولود بعد ولادته: والتحنيك معناه مضغ تمرة، ودلك حنك المولود بها، وذلك بوضع جزء من الممضوغ علي الإصبع ، وإدخال الإصبع في فم المولود، ثم تحريكه يميًنا وشمالا بحركة لطيفة، وإن لم يتيسر التمر، فليكن التحنيك بأية مادة حلوة ؛ تطبيقًا للسنة واقتداءً بفعله ( .
فعن أبي موسي -رضي الله عنه- قال: ولد لي غلام، فأتيت به النبي ( فسماه إبراهيم، فحنكه بتمرة، ودعا له بالبركة، ودفعه إلي، وكان أكبر ولد أبي موسي. [البخاري].
ولعل الحكمة في ذلك إثارة اللسان ليتحرك، ولتتحرك عضلات الفم مما يهيئ المولود للرضاعة، وكذلك إيصال كمية من السكريات إلي دم الوليد للوقاية من نقص السكر في الدم الذي يمثل أحد الأخطار التي يتعرض لها الوليد.
(4) التهنئة والبشارة بالمولود: يستحب لمن ُولِد له مولود أن تزف له البشري، وأن تقدم له التهنئة بأن يقال له كما جاء في الأثر عن الحسن بن علي -رضي الله عنهما-: (بورك لك في الموهوب، وشكرت الواهب، وبلغ أشده، ورزقت بره) [النووي في الأذكار].
والبشارة بقدوم الأولاد سنة مستحبة، تطيب بها نفوس الآباء والأمهات، وتنشرح لها صدورهم . ومما يذكَر في كتب السيرة أن النبي ( لما وُلد بَشَّرت به ثويبة عمه أبا لهب - وكان مولاها- فأعتقها سروًرا بولادته. ويروي أن العباس قال: لما مات أبو لهب رأيته في منامي بعد حَوْل في شر حال، فقال: ما لقيت بعدكم راحة إلا أن العذاب يخفف عني كل يوم اثنين. وهو اليوم الذي ولد فيه الرسول ( .
وهذه البشارة والتهنئة يجب أن تشمل كل مولود ذكرًا كان أو أنثي دون تفريق بينهما.
(5) تسمية المولود: علي الأبوين أن يحسنا اختيار اسم المولود، فقد أوصي رسول الله ( بحسن اختيار الأسماء، إذ جاء رجل فسأله عن اسمه فقال: اسمي (حَزن) فقال :) (أنت سهل). وسأل امرأة عن اسمها، فقالت: اسمي (عاصية) . قال: (بل أنت (جميلة)) [أحمد والدارمي].
وقد بين الرسول ( أن خير الأسماء وأحسنها عبد الله، و عبد الرحمن، قال رسول :) (إن أحب أسمائكم إلي الله: عبد الله وعبد الرحمن) [مسلم].
ويستحسن أن يختار للمولود أحسن الأسماء: قال رسول الله :)(إنكم تُدْعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فأحسنوا أسماءكم) [أبو داود وأحمد].
ولا يجوز تسمية المولود بالأسماء التي تشير إلي عبادة غير الله: كعبد العزي، وعبد هبل، وعبد الكعبة، وعبد الرسول، وعبد النبي، وما شابه ذلك .
ومن الأسماء المكروهة التي نهي النبي ( عن التسمي بها ما رواه ابن ماجه في سننه عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله :) (لا تسمين غلامك يسارًا ولا رباحًا ولا نجيحًا ولا أفلح) [أبو داود] حتى لا يساء استخدام الاسم، كأن يقول أحد: هنا رباح؟ فيقال: لا، وهكذا.
كما لا يجب تسمية الأبناء بأسماء الشياطين والجبابرة: كالأعور، وفرعون، وقارون، وهامان وكذلك لا يجوز التسمية بأسماء الله -عز وجل- وكذلك لا ينبغي التسمي بالأسماء الغربية، مثل: ديانا، وليزا، وسيمون . فذلك من مظاهر التغريب الذي يحدث للمجتمع المسلم .
(6) تكنية المولود: ومن المرغوب فيه تكنية المولود: كأبي الخير، وأبي عمير؛ وذلك تكريمًا له وإشعارًا له بالاحترام في كبره بما يقوي شخصيته اجتماعيا ونفسيا، فضلا عن أنها سنة من السنن التي سنها لنا الرسول (.
(7) حلق رأس المولود: يستحب حلق رأس المولود ذكرًا كان أو أنثي في اليوم السابع لإزالة شعر الرأس، ولعل في إزالته تقويةً له، وفتحًا لمسام الرأس، وكذلك تقوية لحاسة البصر والسمع والشم، فعن علي -رضي الله عنه- عق رسول الله ( عن الحسن بشاة، وقال: (يا فاطمة، احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة) [الحاكم]. والتصدق بوزن شعره فضة فيه دعوة رمزية إلي التكافل الاجتماعي بين المسلمين، وفي ذلك تحقيق للتراحم والتعاون بين أفراد المجتمع.
(8) العقيقة: وهي من السنن التي حث عليها الإسلام، فعن أم كرز الكعبية أنها سألت رسول الله ( عن العقيقة، فقال: (عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاه، لا يضركم ذكرانًا كن أم إناثًا) أي الذبائح . [أبو داود والنسائي].
يستحب أن تذبح العقيقة في اليوم السابع لولادة المولود . قال النبي ( (كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق رأسه، ويسمي) [أصحاب السنن]. ويستحب في العقيقة التصدق وتوزيع اللحم، والأفضل أن تُطبَخ العقيقة، ويهدي منها إلي الفقراء والمساكين . والعقيقة فيها معني القربان، والشكر، والفداء، والصدقة، وإطعام الطعام شكرًا لله، وإظهارًا للنعمة.
(9) الختان: وهو من سنن الفطرة، قال رسول الله :) (الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الآباط) [متفق عليه].
والختان بجانب كونه من سنن الفطرة فهو واجب في الذكور ومكرمة في الإناث. والختان للرجال من تمام الحنيفية التي شرعها الله علي لسان إبراهيم -عليه السلام- كما أنه يميز المسلم عن بعض أصحاب العقائد الأخري.
وهناك فوائد صحية عديدة للختان أوضحها الأطباء، ومنها:
- التخلص من الإفرازات الدهنية والسيلان الشحمي المقزز للنفس.
- تقليل الإصابة بالسرطان.
- تجنب الإصابة بسلس البول الليلي الناتج من التهاب المثانة.
- التقليل من الالتهابات في الحشفة وقناة مجري البول.
- تجنب اختناق المخرج في بعض الحالات.
والختان مستحب للأنثي، وهو مكرمة لها، وتزيين لها، ونظافة، وتهذيب للشهوة، ولكن يجب أن نأخذ في الاعتبار عدم المبالغة فيه؛ لأن ذلك يضعف شهوتها. فعن أم عطية الأنصارية أن امرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبي :) "لا تَنْهِكِي (لا تبالغي في القطع)؛ فإن ذلك أحظي للمرأة وأحب للبعل" [أبو داود].
وعن ميمونة زوج النبي ( أنها قالت للخاتنة: إذا خفضت فأَشِمِّي ولا تنهكي، فإنه أسري للوجه، وأحظي عند زوجها. والمعني أنَّ الخافضة إذا استأصلت جلدة الختان ضعفت شهوة المرأة ؛ فَقَلَّت حظوتها عند زوجها، كما أنها إذا تركتها كما هي، فلم تأخذ منها شيئًا زادت شهوتها، وإذا أخذت منها وأبقت، كان ذلك تعديلا للخلقة والشهوة، فالأولي الاعتدال في الأخذ.

zd11.gif

 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
الوليد

zd11.gif


الوليد

من الميلاد حتى نهاية الأسبوع الثاني
تمتد مرحلة الوليد من لحظة الميلاد، حتى الأسبوع الثاني، والبعض يري أنها تستمر حتى الأسبوع الرابع، أو حتى تلتئم سُرَّة المولود، وهي أيام قليلة، لكنها في غاية الأهمية بالنسبة للأم وطفلها، فإذا أدت الأم ما عليها، وساعدت طفلها علي التكيّف علي الحياة الجديدة، فسوف يريحها ذلك في رعاية مولودها مستقبلا.
وقد استطاع الطب الحديث تقييم درجة كفاءة الوليد بعد دقائق من ولادته، ومعرفة ماإذا كان الطفل سويا أو غير سوي، وذلك عن طريق العديد من المقاييس، والتي من أهمها مقياس "أبجر Apgar"، ويطبق هذا المقياس في الخمس دقائق الأولي بعد الولادة، ويتناول نواحي خمس، هي: النبض - التنفس - قوة العضلات - درجة الاستثارة الانعكاسية - لون الجلد.
وتُقيَّم هذه النواحي بدرجات تتراوح بين (صفر-2) لكل ناحية، وبذلك تكون النهاية العظمي هي (10) درجات، فإذا كانت الدرجة تتراوح بين (7-9) يعني ذلك أن الطفل سيكون قادرًا علي مواجهة تحديات البيئة الجديدة، وإذا قلّت درجاته عن ثلاث درجات فيعني ذلك أنه في مشكلة، ويتطلب رعاية طبية خاصة، أمَّا إذا وقعت الدرجة بين (4-6) فإن ذلك يعتبر مؤشرًا علي أنَّ الطفل قد يواجه بعض الصعوبات في النمو مستقبلا.
رعاية الوليد: بعد خروج الطفل إلي الحياة فإنه يحتاج إلي الراحة، والأم هي خير من يوفر له ذلك، فعليها أن تحمله برفق، وتجعله قريبًا منها، ملاصقًا لها ؛ لتمنحه الشعور بالدفء والأمن .
وما أجمل أن تسرع الأم، وتضم وليدها إلي صدرها ناحية قلبها ! فهذا الوضع يساعد الطفل علي الرَّضاعة والنوم، وعلي عدم البكاء.
وعلي الأم أن تحمل طفلها بطريقة سليمة، وذلك بأن تسند رأسه أثناء رفعه وحمله ؛ لأن وليدها في هذه الفترة لا يتحكم في رأسه مطلقا.
وهناك العديد من الأمور التي ينبغي علي الوليد أن يتكيف معها، وتتلخص فيما يلي:
- الحاجة للتكيف مع درجات الحرارة المتغيرة في البيئة الخارجية بعد أن كانت درجة الحرارة ثابتة في الرحم.
- الحاجة للتكيف مع عملية التنفس، والذي يعني اتساع الرئتين بوصفهما مصدر الإمداد بالأكسجين، بدلا من المشيمة والحبل السري اللذين كان يعتمد عليهما الجنين في التنفس قبل ذلك.
- الحاجة للتكيف في عملية المص حيث يتم التآزر بين التنفس والمص والبلع، بوصف المص والبلع هما الوسيلة المثلي للحصول علي الغذاء بعد الولادة بدلا من التغذية التي كان يتلقاها الجنين من المشيمة والحبل السري.
- الحاجة إلي التكيف مع عملية الإخراج من خلال أجهزة التبول والتبرز، وليس عن طريق الحبل السري كما كان قبل الولادة.
وهذه العمليات الأربع تكون بالغة الصعوبة علي الوليد، ويستدل علي ذلك من نقص وزنه.
نظافة الوليد: قد تفضِّل الأم إعطاء حمام لمولودها يوميا، ولا بأس من ذلك، ولكن عليها أن تراعي أن يكون مكان الحمام مغلقًا بإحكام حتى لا يتعرض لتيارات هوائية قد تصيبه بنزلة برد، وأن تسرع بتجفيفه وإلباسه بعد الحمام، ويمكن تنظيف المولود عن طريق غسل أعضاء جسمه، دون إعطائه حمامًا كاملا علي أن يكون التركيز علي الأعضاء الحساسة مثل: العينين، والأنف، والأذنين، واليدين، ومؤخرة الطفل، وبين فخذيه.
بكاء الوليد: البكاء هو اللغة الوحيدة التي يعبر بها الطفل عما يريد، وعلي الأم أن تتعرف علي سبب بكاء طفلها، وأن تقرر كيفية الاستجابة له، فالوليد لا يبكي دون سبب، بل إن هناك بعض الأسباب التي تؤدي إلي بكاء طفلها في الأيام الأولي من حياته منها: الجوع، والألم، والخوف، والصدمات، والرغبة في تغيير الملابس، والبرد، والرغبة في النوم، و افتقار الوليد إلي التلامس الجسدي.
ومع الخبرة تعرف الأم سبب بكاء طفلها، وبالتالي يمكن أن تعمل علي منعه.
نوم الوليد: ينام الوليد معظم يومه ولا يستيقظ إلا للتغذية، ففي الشهر الأول ينام الطفل عشرين ساعة تقريبًا حيث إن هذا هو الوضع الطبيعي له.
متي يحتاج الوليد إلي الذهاب للطبيب؟
* عند وجود تسلخات شديدة وتقرحات بالجلد، لأن ذلك يدل علي نقص شديد في كمية السوائل، أما إذا كانت تسلخات بسيطة فلا داعي.
* إذا وجد فتق أعلي الفخذ.
* وجود كحة أو شرقة أثناء الرضاعة، فلعل هناك عيبًا خلقيا في الجهاز الهضمي.
* عند الفشل في الرضاعة، وكثرة التقيؤ، وعدم التبرز.
* عند وجود إفرازات صفراء بشكل مستمر في العين.
* عند عدم قيام رجل الوليد بحركات طبيعية؛ لأنه قد يكون هناك خلع في مفصل الفخذ.
* حدوث كسر في عظمة الترقوة أثناء عملية الولادة، خاصة إذا كان الوليد كبير الحجم .
* إذا حدث تجمع دموي في رأس الوليد أو ظهور زرقة في جسمه .
* عند ملاحظة أية ظواهر غير طبيعية مقلقة للأم.
جسم الوليد وخصائصه
لا يوجد وليدان متشابهان تمامًا في الحجم أو مظاهر النمو. ولجسم الوليد بعض الخصائص التي يجب علي الأم أن تعلمها؛ حتى تستطيع أن تكتشف الأعراض الشاذة التي قد تظهر علي وليدها، وحتى لا تنزعج إذا بدت عليه أعراض تعتبر غير طبيعية أو غير عادية، ويراعي أن بعض المعدلات تختلف من بلد إلي آخر .
خصائص جسم الوليد:
الوزن: عادة ما يكون وزن الطفل حديث الولادة (3 - 3.5 كجم)، ويكون الذكر أثقل من الأنثي بحوالي (0.5 كجم )، وقد يقل وزن الوليد في الأيام التسعة الأولي بمقدار 6 - 7 % من وزنه عند الولادة، ثم يستعيد الوليد ما فقد من وزنه بعد ذلك .
الطول: يصل طول الذكر إلي حوالي 50 سم، ويكون أطول من الأنثي بنسبة 2% .
النسبة الجسمية: يتسم جسم الوليد بعدم التناسب بين الجذع والأطراف والرأس.
الــرأس: يبدو رأس الوليد بعد الولادة طويل الشكل، أما الأطفال المولودون بعملية قيصرية، فإن رءوسهم تكون أكثر استدارة، ويكون محيط الرأس عند الولادة حوالي 35 سم، ويكون رأس الوليد كبيرًا نسبيًا حيث يشكل ربع طول الجسم، بينما عند الراشد تشكل العُشر من طوله تقريبًا، مما يدل على كبر نسبي للرأس.
العضلات: العضلات ملساء يصعب التحكم فيها، وتنمو عضلات الرقبة والساقين بدرجة أقل من عضلات اليدين والذراعين، وهي عضلات ضعيفة لا يسيطر الوليد علي حركتها وتتعب بسرعة .
العينان: صُلبة عين الوليد تكون رمادية مائلة للون الأزرق، ولكن هذا اللون يتغير تدريجيًا إلي اللون الثابت للعين، كما تكون العينان كبيرتين بالنسبة إلي باقي الوجه . وغدد الدموع لا تكون نشطة في البداية، ولكن الوليد بدءًا من اليوم الخامس يبكي بدموع، كما أن خلايا الإحساس البصري لاتصل إلي نموها عند الميلاد، ومعني ذلك أن الوليد قد يكون لديه عمي ألوان عند الميلاد كلي أو جزئي، وخلال الأسبوع الأول من الميلاد يستجيب الوليد للضوء بعدم الارتياح، ولاتخضع حركة العين للتحكم بسبب ضعف عضلاتها .
الجلد: جلد الطفل حديث الولادة يكون رقيقًا، يميل لونه للّون الوردي، وملمسه يكون ناعمًا .
العظام: تكون العظام لينة، غضروفية غالبًا.
القلب: يكون القلب عند الميلاد أعلي في الصدر، ويتخذ وضعًا أفقيًا أكثر نسبيًا من أي وقت آخر من مراحل الحياة، وتكون دقات القلب سريعة حتى يستطيع المحافظة علي ضغط الدم العادي.
الرئتان: تكون الرئتان صغيرتين عند الميلاد، حيث يكون محيط الصدر أصغر من محيط الرأس .
والواجب علي الأم: أن تعتني بصحة الطفل الجسمية وأن تبادر إلي استدعاء الطبيب إذا اكتشفت أعراضًا غير طبيعية أو شاذة علي جسد وليدها.

zd11.gif

 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
النمو الحركي

zd11.gif


النمو الحركي

السلوك: يبدأ النشاط أثناء الحمل، ويزداد قوة مع اضطراب نمو الجنين . وبعد الولادة تظهر حركات الوليد بوضوح، وتتسم بعدم التحكم وعدم التحديد، حيث يكون نشاطه عشوائيًا، ويرجع السبب في ذلك إلي عدم اكتمال النضج الفسيولوجي للجهاز العصبي، وينقسم نشاطه إلي قسمين:
أ- النشاط الكتلي: ويشمل الحركات العامة للجسم كله، فعندما تقع استثارة علي أي جزء من أجزاء الجسم؛ يستجيب الوليد بحركة الجسم كله، وإذا كان المثير شديدًا؛ استجاب بالصراخ . وبسبب هذا النشاط الكتلي يبذل الوليد ثلاثة أمثال ما يبذله الشخص الراشد من طاقة، ولذلك يُجهد الوليد ويتعب بسرعة.
ب- النشاط النوعي: ويشمل أجزاء محددة من الجسم، ومن هذه الأنشطة الأفعال المنعكسة . وهناك فروق فردية بين الأطفال حديثي الولادة، فالبعض يكون نشطًا، والبعض الآخر يكون هادئًا، ومنهم من يكون وسطًا.
الأفعال المنعكسة: الأفعال المنعكسة هي التي لا يمكن التحكم فيها، وهي تهدف إلي المحافظة علي حياة الوليد . ومن الأفعال المنعكسة ؛ الحركة غير الإرادية للعين، والشرقة لطرد الطعام من القصبة الهوائية، وانعكاسات الألم التي تجعله ينسحب بعيدًا عن مصدره، وانعكاسات الثني في الأطراف والركبة، والعطس .. وغيرها . إلي جانب الأفعال المنعكسة تظهر استجابات عامة تستخدم مجموعة من العضلات أكبر مما يستخدم في الأفعال المنعكسة، مثل: تثبيت البصر علي الضوء، والحركة التلقائية للعين، وإفراز الدموع، واستجابات المص والبلع، وحركة اللسان والشفتين، ومص الأصابع والحركات الإيقاعية للفم، وتقطيب الحاجبين، وإدارة الرأس، والجذع، وحركات الرفس .. وهي جميعها غير تآزرية (أي غير متوافقة) وغير هادفة .
ويجب علي الأم أن تعمل علي عدم تعرض الوليد للمثيرات القوية، مثل الضوء أو الصوت القوي، حتى لا تكون سببًا في فزعه. وكذلك المثيرات المفاجئة مثل تغيير وضع الوليد فجأة، أو تقييد حركاته التلقائية، أو وضعه في فراش مبلل، أو وضع شيء بارد جدًا علي جسمه.
حواس الوليـد:
السمع: يكون السمع عند الوليد في أدني درجاته إذا ما قارناه بالحواس الأخري، فمعظم الأطفال يكونون في حالة صمم كلي تقريبًا عند الميلاد، ولعدة أيام بسبب انسداد الأذن الوسطي بالسائل الأميني، ولذلك فإنه لا يسمع حتى الأصوات العالية القريبة من أذنه، وتظهر علامات الاستجابة للصوت بدءًا من اليوم السابع بعد الولادة . وهناك أصوات ذات معني كبير جدًا للوليد، منها صوت نبضات قلب الأم الذي وُجد أن لها تأثيرًا مهدئًا علي الطفل، إذ تقلل من توتره، كما أن الأصوات المنتظمة الهادئة تسبب له ارتياحًا.
البصر: شبكية العين التي تحتوي علي خلايا الحس البصري لا يكتمل نموها عند الميلاد . وهذا يعني أن الوليد يوجد لديه عند الميلاد عمي ألوان جزئي أو كلي . ويستطيع الطفل حديث الولادة أن يستجيب بعدم الارتياح للضوء خلال الأسبوع الأول من ولادته. ومع ذلك يستطيع الوليد أن يركز بصره علي مصدر الضوء، وقد يغلق عينه أمام الضوء الشديد، ولايستطيع أن يركز علي المرئيات المتحركة بعينيه معًا، فالتآزر العضلي بين العينين لا يكون قد اكتمل بعد الميلاد.
الشم: إحساس الشم يكون كاملا عند الولادة، وفي الأيام الأولي يتمكن الوليد من التمييز بين رائحة ثدي أمه ورائحة ثدي أية سيدة أخري.
حساسية الجلد: يمكن للوليد الإحساس باللمس، والضغط، والألم، والحرارة والبرودة، ويكون هذا الإحساس موجودًا عند - أو بعد - ولادته بقليل، إذ إن هذه الأحاسيس بدأت عملها قبل الميلاد بفترة . ويلاحظ أن نشاط الوليد يزداد في الجو البارد، ويقل في الجو الحار.
الإحساس بالجوع والعطش: إيقاع الجوع عند الوليد يكون غير منتظم، ليس بالنسبة للزمن فقط، ولكن أيضًا للكمية . ويحتاج الوليد إلي عدة أسابيع حتى ينتظم إيقاع الجوع، ومواعيد وجبات الرضاعة، ويعتبر الإحساس بالجوع أحد أسباب بكاء الطفل، حيث تستطيع الأم أن تتعرف من صوت البكاء علي حاجة الطفل إلي الغذاء.
التذوق: حاسة التذوق تكون علي درجة عالية من النمو عند الميلاد مباشرة . وتستوي حاسة الشم مع هذه الحاسة؛ ولذلك يستطيع الوليد أن يتعرف علي أمه عن طريق هاتين الحاستين.
وعلي الأم ألا تقلق وليدها بالتغيير المفاجئ في وضعه أو بتعريضه للضوء المبهر الشديد، وعليها أن ترضعه في فترات متقاربة، ولا تلتزم بمواعيد معينة للرضاعة، لأن إيقاع الجوع وكميات الحليب التي يرضعها تكون أيضًا متفاوتة، وعليها أن تغير ملابسه في فترات متقاربة، وأن تحميه من بلل الفراش، ومن الضغط، وتقلب درجات الحرارة، وكذلك عليها أن تعمل علي مساعدته علي النوم والاسترخاء، ويمكنها أن تشدو لوليدها؛ حتى يغمض عينيه وينام.
ويمكن للأم -كذلك- أن تتحدث للطفل، وتغني له، وتناغيه خلال العناية به وأثناء فترات الرضاعة.
النمو اللغوي عند الوليد:
صيحة الميلاد: تعتبر صيحة الميلاد البداية الحقيقية لعملية التنفس، وتنتج عن اندفاع الهواء بقوة عبر الحنجرة في طريقه إلي الرئتين، فتهتز الأحبال الصوتية للمرة الأولي، ولهذه الصرخة وظيفة فسيولوجية تتمثل في توسيع الرئتين بحيث تسمحان بالتنفس، وتزويد الدم بكمية الأوكسجين.
الصراخ: بعد الميلاد بقليل تتنوع صرخات الوليد في الشدة والحدة والاستمرار، وتصبح لها معان مرتبطة بالأحوال الفسيولوجية للوليد، مثل: الجوع، والألم، وعدم الراحة، والتعب. ويصاحب صراخ الوليد حركات جسمية مختلفة، وكلما زاد الصراخ حدة، زادت معه الحركات الجسمية، وهذه الحركات تعني أن الوليد يريد جذب الانتباه إليه، أي أنها نوع من الاتصال غير اللفظي. ويصرخ الطفل نحو ساعتين في اليوم، ولكل صرخة مدلولها، فالصرخة المتقطعة تدل علي الضيق، والصرخة الحادة تدل علي الألم، والصرخة الطويلة تدل علي الغيظ والغضب.
ويكثر صراخ الوليد مع التبلل والقيء والانفعال، ويقل كلما كانت صحته جيدة.
الأصوات العشوائية: يصدر الوليد أصواتًا عشوائية مبهمة، غير منتظمة، وتكون متكررة، وبدون سبب، أي أن هذه الأصوات العشوائية هي التي تتعدل فيما بعد، وتتشكل، وتعتبر المادة الخام للحروف والكلمات. وأحيانًا يُصدر الوليد أصواتًا انفجارية تشبه التنفس العميق دون أن يكون لها معني، وإنما تحدث بالصدفة، ثم تقوي هذه الأصوات، وتتحول إلي ما يسمي المناغاة في المرحلة التالية، وهي تعتبر أساس الكلام.
وعلي الأم أن تسهم في النمو اللغوي لوليدها من خلال مناغاته والتحدث معه، فالوليد وإن كان لا يفهم معني الكلمات إلاَّ أنَّها تسهل له عملية النطق بعد ذلك.
النمو الانفعالي عند الوليد:
البكاء: يعتبر البكاء أمرًا عاديا في هذه المرحلة، حيث يبكي الطفل ويصرخ؛ استجابة لبعض المثيرات، مثل الحركة المفاجئة أو تغيير الوضع المفاجئ للطفل، أو تعريضه للمثيرات الباردة جدًا، أو الضغط الشديد علي الجسم أو بسبب بلل الفراش.
الحالة الانفعالية: لا يمكن أن نتوقع أن تكون الحالة الانفعالية للوليد عند الميلاد محددة تحديدًا جيدًا في شكل انفعالات معينة، ولهذا نجد الباحثين يصنفون انفعالات الوليد إلي نوعين:استجابات سارة موجبة، واستجابات غير سارة سالبة . ومن الخصائص المميزة للتكوين الانفعالي عند الوليد عدم وجود تدرج في الاستجابات يشير إلي درجات مختلفة من الحدة، فمهما تغير المثير تكون الاستجابة بنفس الدرجة.
المظاهر الجسمية المرتبطة بالانفعال عند الوليد: يتأثر الجهاز العصبي للوليد بالانفعال، ويصحب ذلك زيادة ضربات القلب، وزيادة ضغط الدم، واحتقان الوجه، وسرعة التنفس، وانقباض عضلات المعدة، وازدياد التوتر العضلي، وإفراز هرمون الأدرينالين.
ويجب علي الأم أن تحيط طفلها بالدفء العاطفي والمحبة، وتوفر له الاستقرار النفسي، ولا تقلق بسبب بكاء الطفل فهو شيء طبيعي، بل ثبت أن البكاء والصراخ يساعدانه علي تنمية الأحبال الصوتية وتوسيع الرئتين، فيحصل الطفل علي كمية كبيرة من الأوكسجين الضروري للجهاز العصبي، ولكن هذا لا يعني أن تهمل الأم في سرعة الاستجابة لبكاء الطفل.
النمو الاجتماعي عند الوليد:
التنشئة الاجتماعية للوليد: تعتبر الأم أهم الأشخاص في عملية التنشئة الاجتماعية للوليد، وبمقدار نجاح الأم في القيام بهذه المهمة، يكون نجاح الطفل اجتماعيًا بعد ذلك.
والطفل في البداية يكون أنانيًا متمركزًا حول ذاته، وهو لا يكاد يدرك الفرق بين وجوده الحالي خارج الرحم، وبين وجوده السابق في الرحم. ولا يبدأ البعد الاجتماعي في الظهور إلا بعد تقدم الطفل في العمر، ونمو إحساسه بوجود الآخرين.
ويجب علي الأم أن تحرص علي أن يكون الترابط بينها وبين وليدها قائمًا علي أساس متين من الحب المتبادل والتفاعل السليم.
النمو الفسيولوجي عند الوليد:
ضربات القلب: تكون ضربات القلب عند الوليد أسرع منها عند الكبار، ثم تتناقص مع النمو (عند الميلاد تصل ضربات القلب إلي حوالي 160 ضربة في الدقيقة، في حين تصل عند الرشد إلي حوالي 72 ضربة في الدقيقة ) .
التنفس: التنفس عند الوليد يكون أسرع منه عند الكبار، ثم يتناقص وينتظم مع النمو . وعدد مرات التنفس عند الوليد من 30 - 40 حركة تنفس في الدقيقة، وهذا هو المعدل الطبيعي له، أما إذا زادت ووصلت إلي 60 مرة في الدقيقة فيجب اللجوء إلي الطبيب في أسرع وقت .
ضغط الدم: يكون ضغط الدم أضعف منه عند الكبار، ثم يزداد مع النمو .
الرضاعة: يحتاج الوليد إلي الرضاعة علي فترات متقاربة وغير منتظمة، نظرًا للكمية القليلة التي يرضعها، وعدم قدرته علي الحصول علي الكمية التي يحتاجها فعلا بسبب عدم انتظام إيقاع الرضاعة، ويحتاج الوليد إلي الرضاعة كل ثلات ساعات تقريبًا.
التبرز والتبول: يحتاج الوليد إلي التبرز من أربع إلي خمس مرات في اليوم، ويتبول من 16- 18 مرة في اليوم .
النوم: يقضي الوليد معظم وقته في النوم؛ حيث ينام حوالي 80 % من الوقت. ويقل تدريجيا حتى يصل إلي 49% في نهاية السنة الأولي. ولا يوقظه إلا بعض المثيرات الداخلية، مثل عدم الراحة أو الألم أو الجوع، ولا يؤثر فيه من المثيرات الخارجية إلا الضوضاء الشديدة جدًا والتغيرات المفاجئة في درجة الحرارة.
وعلي الأم أن تعمل علي إشباع الحاجات البيولوجية الأساسية للوليد، وأن تهتم بعملية الرضاعة الطبيعية بقدر الإمكان، وأن تعمل علي راحته أثناء نومه، وتقوم علي نظافته وتغيير ملابسه المبللة.
الرضاعة
بعد خروج الطفل من محضنه الدافئ الذي اعتاد عليه فترة طويلة يحتاج إلي التغذية الجسمية والنفسية ليعوض ما اعتاده وهو في بطن أمه، لذلك يكون من الطبيعي أن تبدأ الأم بعد الوضع مباشرة ممارسة عملية التغذية لطفلها عن طريق إرضاعه.
ولبن الأم هو أمثل غذاء للطفل، فهو معد إعدادًا ربانيّا، حيث إنه ليس غذاءً جسديَّا فحسب، وإنما غذاء نفسي أيضًا، يتمثل في الشفقة عليه والرفق به، لذلك حث الإسلام علي إرضاع الطفل حولين كاملين؛ حتى يكون بمأمن من الأمراض الجسمية والتوتر النفسي الذي يتعرض له الطفل الذي يتغذي بجرعات من الحليب الصناعي . يقول سبحانه وتعالي: {والدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلي المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف} [لبقرة: 233] .
وعملية الرضاعة تفجر في الأم منابع العطف والحنان الذي ينعكس علي الرضيع بالسعادة والأمان، فعندما يمص الرضيع حلمة ثدي الأم يتولد في كيانها انعكاسات عصبية تنتج عنها في النهاية إفرازات هرمونية تعمل علي توتر الثديين وامتلائهما باللبن الذي ينبض عبر الحلمتين. ويتأثر الطفل بحالة أمه النفسية أثناء عملية الرضاعة، ومن هنا وجب عليها أن تكون في حالة نفسية هادئة بعيدة عن التوتر والقلق، فكلما كان اتجاه الأم نحو عملية الرضاعة اتجاهًا إيجابيًا مليئًا بالدفء والهدوء؛ انعكس ذلك علي حالة وليدها، والشعور بالأمن والدفء والحنان من خلال ثدي أمه يزيد من عاطفته نحوها في المستقبل، بحيث يكون أكثر عطفًا وحنانًا عليها. ومن فوائد الرضاعة الطبيعية للأم نفسها؛ أنها تساعد علي عودة قناة الولادة (الرحم والمهبل) تدريجيًا إلي الحجم الطبيعي قبل الحمل، وتقلل كذلك من احتمالات الإصابة بسرطان الثدي. والرضاعة من الثدي حق للطفل أقره الله عز وجل، إذ إن هذا اللبن رزق الوليد، وحرمانه منه دون سبب شرعي أو عذر قهري ظلم وإجحاف تأثم به الأم. وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الأطفال الذين ينعمون بالرضاعة الطبيعية تقل بينهم نسبة الإصابة بأمراض الإسهال، وأمراض الجهاز التنفسي والأمراض المعدية وأمراض الحساسية؛ وأمراض سوء التغذية.
ولبن الأم يخلو من الجراثيم المرضية ولا يتعرض لها؛ لأنه ينساب من الثدي إلي داخل الفم مباشرة دون أن يتعرض للمحيط الخارجي، مما يعطي الطفل المناعة ضد الكثير من الأمراض، كما أنه يمده بالمواد الغذائية اللازمة بالنسب المطلوبة.
والأطفال الذين يتغذون علي لبن الأم يكونون أكثر ذكاءً من الأطفال الذين يتغذون علي الرضاعة الصناعية.
والطفل الذي يرضع من ثدي أمه يتمتع بصحة نفسية وجسدية أفضل من غيره.
متي يرضع الطفل؟
يمكن للأم إرضاع طفلها بعد مضي ثلاث ساعات من الولادة تقريبًا، فبعد الوضع تفرز من ثديها سائلا يميل إلي الصفرة اسمه (اللباء)، وهو الغذاء الوحيد للطفل، ويجب تناوله، ولا يفرَز اللبن الحقيقي قبل اليوم الثالث أو الرابع.
وبداية الرضاعة الطبيعية بعد الولادة مباشرة تساعد علي زيادة إدرار اللبن، وإذا كانت حالة الأم لا تسمح لها بالجلوس، فيمكنها القيام بعملية الرضاعة وهي في وضعها المريح.
وتستطيع الأم إدرار كمية كبيرة كافية من اللبن إذا كان الطفل في الوضع المناسب للرضاعة، أما إذا كان الوضع غير مناسب للطفل أثناء عملية الرضاعة، فإنه يكون سببًا لكثير من المشاكل.
ومن العلامات التي تطمئن الأم إلي أنَّ وضع الطفل مناسب للرضاعة الطبيعية:
- أن يلتفت الطفل بكل جسمه ناحية الأم.
- أن يستطيع الطفل القيام بمصات طويلة وعميقة من ثدي الأم.
- أن يكون الطفل سعيدًا ومستريحًا وغير عصبي.
طريقة الرضاعة الطبيعية:
هناك عدة أوضاع لإرضاع الطفل، وكلها تتطلب أن تكون الأم ووليدها في حالة مريحة؛ حتى تتم الرضاعة بنجاح.
يمكن للأم أن تقوم بعملية الرضاعة وهي جالسة علي كرسي مريح، بحيث يكون وضع الطفل فوق بطنها؛ ليصبح كل جسمه مواجهًا وملاصقًا لجسمها، ويصبح رأسه فوق كوعها ليكون مواجها للصدر الذي سيرضع منه، وبذلك تكون الحلمة في فمه مباشرة، وعليها أن تجعل ذراعها التي تحمل الطفل تحت ظهره، أمَّا الذراع الأخرى فتسند بها ثدييها.
وتجعل الحلمة تلمس شفتي طفلها بخفة ورقة، فتكون استجابته فورية وتلقائية بأن يفتح فمه، وتقربه من جسمها أكثر وأكثر لتسهيل عملية المص عليه، فيتمكن من الضغط بلسانه وفكيه علي مخازن اللبن في المنطقة المحيطة بالحلمة . وعليها أن تلاحظ أنَّ أنف الطفل سيكون قريبًا، أو ملامسًا للثدي، فإذا كانت فتحات الأنف مسدودة نتيجة لضغط الثدي عليها، فيجب أن ترفع ثديها قليلاًَ بأصابعها مع تجنب الضغط بإصبع الإبهام علي الثدي؛ لأن ذلك يسبب طرد الحلمة من فم الطفل .
مدة الرضاعة:
لا يمكن تحديد زمن الرضعة بالضبط، لأنها تختلف حسب قوة امتصاص الطفل، فالطفل القوي إذا ما رضع ثديا يحتوي علي كمية وافرة من اللبن تكفيه خمس دقائق، أمَّا إذا كان ضعيفًا هزيلا، أو كانت كمية اللبن غير كافية؛ فإنه يستمر في الرضاعة عشرين دقيقة أو أكثر، يترك خلالها الثدي ليستريح .. وبصفة عامة فإن متوسط الرضعة (15 دقيقة) تقسم علي الثديين .
زيادة إدرار لبن الأم:
من الأمور المفيدة في زيادة كمية اللبن وإدراره إذا كان غير كافٍ:
1- أن تشرب المرضع الكثير من الماء والسوائل، وأن تأكل التمر، وهو ما أوحى الله به إلى السيدة مريم كما جاء في قوله عز وجل: {فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحت سريًا. وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليكم رطبًا جنيًا. فكلي واشربي وقري عينًا} [مريم: 24-26].
2- قوة امتصاص الطفل للثديين، فيجب أن يرضع الطفل من الثديين كل مرة .
3- علي الأم أن تنام جيدًا، وتأكل جيدًا، وتقوم برياضة يومية كالمشي .
4- الإكثار من شرب اللبن بمقدار نصف لتر يوميَّا، وتدليك الثديين وضغطهما نحو الحلمة، وقد يفيد وضع كمادات ساخنة وباردة بالتناوب علي الثديين بعد التدليك .
الرضاعة الصناعية:
هناك بعض الحالات التي يتعذر فيها قيام الأم بإرضاع طفلها، مثل غيابها، أو إصابتها بأحد الأمراض التي تقلل من إفراز اللبن، وفي مثل هذه الحالات لابد من استخدام الرضاعة الصناعية لتغذية الطفل، وذلك علي الرغم من وجود أضرار كثيرة لاستخدام هذه الطريقة مثل:
- حرمان الطفل من حقه الطبيعي في الحصول علي أفضل غذاء (لبن الأم)، وهو الذي يحتوي علي كل العناصر الغذائية التي يحتاجها الطفل، وكذلك الأجسام المضادة التي تحميه من مختلف الأمراض.
- يزداد استعداد الأطفال الذين تم إرضاعهم صناعيَّا للإصابة بالسمنة في المستقبل.
- تكون لدي الأطفال استعدادات للإصابة باضطرابات الجهاز الهضمي.
- يحتاج اللبن الصناعي إلي تحضير، واعتناء شديد بالتعقيم أثناء إعداد الرضعة.
- في حالة اللجوء إلي الرضاعة الصناعية لتغذية الطفل ؛ يجب علي الأم معرفة كيفية تحضير الرضعات بالطريقة السليمة . وهناك الكثير من النصائح التي يجب أن تقدم للأم في هذا المجال منها:
(1) يجب ألا يكون ثقب حلمة الزجاجة واسعًا؛ حتى لا يُسبِّب للطفل الشَّرْقة،، كما لا يصح أن يكون ضيقًا فيصعب نزول اللبن مما يجهد الطفل، ويسبب حدوث التقلصات بالبطن .
(2) يجب أن تغسل الأم يديها بالماء والصابون، وتحرص علي تقليم أظافرها جيدًا مرتين في الأسبوع علي الأقل.
- يجب غَلْي الماء لمدة خمس دقائق قبل استعماله .
- يجب تعقيم زجاجات الرضاعة وغسلها بالماء الساخن بعد الرضعة مباشرة .
- يجب علي الأم أن تُعوض طفلها عن قدر الحنان الذي حُرِم منه نتيجة الرضاعة الصناعية، فعند إعطاء الزجاجة التي بها الرضعة، تضُّمه إلي صدرها حتى يشعر بالأمان، ويأخذ نصيبه من دفء الأم وحنانها.

zd11.gif

 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
مرحلة المهد

zd11.gif


مرحلة المهد

الرضاعة
من أسبوعين إلي سنتين
هي المرحلة التي تبدأ من نهاية مرحلة الوليد -أي بعد أسبوعين- وتستمر حتى نهاية السنة الثانية. قال -تعالي-: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} [البقرة: 233].
وقال -عز وجل-: {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا حملته أمه كرهًا ووضعته كرهًا وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا} [الأحقاف: 15].
وَُتعُّد هذه المرحلة من أهم مراحل الطفولة؛ حيث يوضع فيها أساس نمو الشخصية فيما بعد، ويشهد الطفل نموًا جسميَّا سريعًا، وتآزرًا حسيّا حركيّا ملحوظًا، فيستطيع تأدية بعض الحركات كالجلوس والحبو والوقوف والمشي، وفيها يتعلم الكلام، ويستطيع الاعتماد علي نفسه -نسبيًا- ويبدأ الاحتكاك بالعالم الخارجي .
ودور الأم في هذه المرحلة مؤثر للغاية ؛ فعليها أن تساعد طفلها على الانطلاق إلى المرحلة التالية، دون أن يتعرض لصعوبات قد تعوق نموه، وتكون العلاقة بينها وبين طفلها أساسها العاطفة والوعي.
ولكي تنمي الأم هذه العلاقة، عليها أن تسارع إلي تلبية حاجات طفلها دون بطء،وتحرص علي التفاعل المستمر بينها وبين طفلها، فتُلاعبه وتُعاِنقه وتتحدث معه، بل وتشترك معه في ألعابه، كما تشجعه علي استطلاع البيئة من حوله .
ومن الأشياء المهمة أن تكون علي علم تام بشخصية طفلها وحالته المزاجية ؛حتي يمكن تربية طفلها علي أساس سليم .
فالطفل في مرحلة المهد (الرضاعة) لا يريد سوي إشباع حاجاته الأساسية: حاجته إلي الراحة والبعد عن الألم، وحاجته إلي التعلق والدفء العاطفي، وحاجته إلي الاستقرار والثبات في المعاملة وفي البيئة المحيطة، وحاجته إلي الاستثارة والتنشيط، هذا إلي جانب حاجاته البيولوجية الأخرى من تغذية وإخراج وغير ذلك.
فمعرفة الأم وفهمها للحالة المزاجية للطفل تجعلها في موقف أحسن من حيث توجيه عملية النمو بالنسبة له.
النمو الجسمي في مرحلة الرضاعة
الأسنان: يبدأ ظهور الأسنان في الشهر السادس غالبًا، ويكون ظهورها علي مرحلتين: الأولي الأسنان اللبنية المؤقتة وعددها (20)، والثانية: وهي الأسنان المستديمة وعددها (32)، وقد يصاحب ظهور الأسنان إسهالٌ وارتفاعٌ في درجة الحرارة، وتظهر عند الإناث مبكرة عنها عند الذكور.
الطول: في العام الأول تكون الزيادة في الطول أكبر من الزيادة في الوزن، وفي العام التالي يحدث العكس، فيزداد الطول زيادة مطردة، ثم يقل في نهاية المرحلة فيصبح (60) سم بعد أربعة أشهر ثم يصبح (75) سم بعد سنة، ثم يصبح (85) سم بعد سنتين، أي حوالي نصف طوله عند تمام نموه.
الوزن: في العام الأول تكون الزيادة في الوزن أكبر من الزيادة في الطول، وفي العام التالي يحدث العكس، وتقل الزيادة في نهاية المرحلة، وتصل إلي (6) كجم بعد خمسة أشهر، ويمكن للأم الوصول إلي أفضل مستوي للنمو الجسمي عن طريق التغذية الجيدة والنوم المنتظم، والوقاية من الأمراض وحرية الحركة .
النسب الجسمية: لا ينمو الجسم في هذه المرحلة دفعة واحدة، وفي كل الاتجاهات في وقت واحد، وإنما تحدث تغيرات في أبعاد الجسم ونسبه، ففي النصف الثاني من العام يلاحظ نمو الرأس وزيادة نمو الجذع والأطراف، وهذا عكس ما حدث في النصف الأول وتدريجيًا يزداد ضخامة حجم الرأس، ويزداد طول الذراعين واليدين خلال السنتين الأوليين
العضلات: تنمو العضلات بمعدلات مختلفة، ويلاحظ أن العضلات القريبة من الرأس والرقبة تنمو مبكرًا عن العضلات التي تتصل بالأطراف السفلي .
الفروق الفردية: تتضح الفروق الفردية خاصة في الحجم والطول والوزن. وكذلك البدايات المختلفة لمظاهر النمو مثل ظهور الأسنان والجلوس والحبو والمشي والكلام .
اليافوخ الخلفي والأمامي: يقفل اليافوخ الخلفي في سن أسبوعين، أما اليافوخ الأمامي فيقفل في سن يتراوح بين 12 - 18 شهرًا.
الفروق بين الجنسين: يظل الذكور أكبر حجمًا وأثقل وزنًا وأطول قليلا من الإناث، لكن الأسنان عند الإناث تظهر مبكرة عنها عند الذكور، حيث تتفوق البنات في نمو العظام والأسنان علي الذكور.
ويجب علي الأم إرضاع الطفل من صدرها طالما لا يوجد لديها موانع طبية تمنعها من ذلك، وعليها أن تعمل علي وقاية الطفل من الأمراض، وتنمية المناعة عنده، وذلك من خلال تحصينه وتطعيمه ضد الأمراض الشائعة وتغذيته بالغذاء المناسب؛ حتى ينمو نموّا سريعًا، كما يجب عليها الإكثار من الحديث معه، وعدم عزله عن الأطفال الآخرين.
النمو الحسي للرضيع:
البصر: يزداد الإدراك البصري تمايزًا ووضوحًا، ويستطيع الرضيع إدراك الألوان العادية في الشهر الثالث، إلا أن التمييز في الألوان يكون صعبًا ويستطيع أن يربط بين ما يراه وما تصل إليه يده. وفي الشهر التاسع يري الأشياء الدقيقة، ويمكنه التقاطها، وهو يستجيب للأضواء البرَّاقة والأشياء اللامعة، وينتشر طول البصر بين الرُّضَّع، ويستمر حتى فترة الالتحاق بالمدرسة .
السمع: في حوالي الشهر الثاني يستطيع الرضيع التمييز بين الأصوات، وتحديد مصدرها، وقد لوحظ أن الأصوات الجميلة الهادئة تؤدي إلي تهدئة الطفل وارتياحه. وتزداد دقة السمع في الرضيع، ويستدل علي ذلك من استجاباته المبكرة لسماع الصوت البشري، وفي نهاية الشهر الثاني يستجيب بنفس الجودة للأصوات من جميع الأنواع.
الشم: تظهر قدرة الرضيع -بالتدريج- علي الاستجابة للمثيرات الشمية المختلفة، ويظهر ذلك في ارتياحه لرائحة معينة، وانزعاجه من رائحة أخري.
التذوق: يظهر الرضيع القدرة علي التذوق، فيميز بين الحلو والمالح، والمر والحامض.
الإحساس: يستمر تطور إحساس الجلد باللمس، والضغط، والإحساس بالسخونة والبرودة. و يكون لدي الطفل إحساس بالتوازن والاتجاه، ويوجد بصورة مبكرة لدي الرضيع، ويظهر ذلك من خلال ارتياح الطفل عندما تهز الأم سريره، أو عند خوفه من السقوط . كما تنمو أعضاء الحس بسرعة ففي الشهر الثالث تزداد عضلات العين تآزرًا؛ حيث يصبح الطفل قادرًا علي رؤية الأشياء بوضوح ويزداد السمع دقة، كما أن التذوق والشم يزدادن نموًّا، ويكون الرضيع حساسًا جدًّا لجميع المثيرات الجلدية.
وعلي الأم أن تعتني بحواس طفلها؛ لما لها من أهمية كبري في إدراكه العالم الخارجي، وتوفير البيئة المساعدة علي ذلك مثل الإضاءة الجيدة، والبعد عن الأصوات المزعجة، أو كل ما يضر الحواس.
النمو الحركي في مرحلة الرضاعة:
التطور الحركي: يتحكَّم الرضيع في حركة الرأس أولاً، ثم الجذع، ثم الأطراف، ثم يرفع الرضيع أجزاء جسمه ثم يلي ذلك الجلوس، ثم الوقوف، ويتبع ذلك الحبو، ثم المشي، ثم الجري. ونتيجة لهذا النمو الحركي المتزايد توصف مرحلة الرضاعة بأنها المرحلة التأسيسية لمعظم المهارات الحركية، وخاصة المهارات اليدوية، ومهارات استخدام الساقين، ويمكن تفصيل التطور الحركي في الآتي:
في الشهر الأول يستطيع الوليد أن يقبض علي شيء إذا وقع في كفه، وفي حوالي الشهر الثالث يمكن للرضيع أن يمسك برأسه مرفوعًا عندما يكون في وضع الجلوس، كما يمكنه أن يرفع رأسه والجزء الأعلى من صدره عندما يكون منبطحًا. ويمكن أن يتتبع ببصره كرة تتحرك رأسيًا . وفي سن ستة أشهر يستطيع أن يجلس مستندًا، وأن يرفس بقوة، وأن يمسك برجليه، ويمكن أن يقبض علي شيء بيديه ويحركه إلي فمه، ويقوم بمتصِّه . وفي سن تسعة أشهر يمكن للطفل أن يجلس بمفرده وأن يرفع نفسه لوضع الوقوف، وأن يبدأ في الحبو . وعندما يصل عمره إلي سنة يستطيع الرضيع أن يحبو، ويستطيع البعض المشي .وفي سن ثمانية عشر شهرًا يتعلم الأطفال صعود السلم وهبوطه مع المساعدة، ويمشون حاملين للأشياء الخفيفة .
تطور المهارات: يزداد التآزر الحسي الحركي، وتتطور قدرة الرضيع علي تناول الأشياء والقبض عليها. وعندما يصل الرضيع إلي الأسبوع الستين، نجد قبضته وإمساكه وتناوله للأشياء قريبة النسبة بما نجده عند الراشد، ويستطيع الطفل السيطرة علي الحركات، كالمسك والفتح واللعب بالمكعبات في السنة الثانية. ويفضل الطفل في هذه المرحلة استخدام إحدى اليدين أكثر من استخدام الأخرى في نشاطه الحركي، والغالبية العظمي من أطفال هذه المرحلة يفضلون استخدام اليد اليمني .
وعلي الأم أن تتيح حرية الحركة لطفلها، وتنمي لديه المهارات الحركية، ولكن عليها ألا تتعجل في إجبار طفلها علي المشي، كذلك عليها أن تشجعه علي تناول طعامه بنفسه وارتداء ملابسه .
النمو الفسيولوجي في مرحلة الرضاعة:
الجهاز العصبي: ينمو الجهاز العصبي بسرعة كبيرة؛ حيث يزداد حجم المخ ووزنه من (350)جرامًا في المتوسط إلي (1000) جرام في المتوسط، وذلك في نهاية السنة الثانية. ومعني ذلك أن حجمه ووزنه يصلان إلي حوالي ثلاثة أرباع وزنه عند الراشد .
الجهاز التنفسي: ينمو الجهاز التنفسي، ويزداد حجمه، وتزداد سعة الرئتين للهواء.
الجهاز الهضمي: يكون حجم المعدة صغيرًا، وعلي ذلك فإنها تأخذ كميات صغيرة من الغذاء .
الإخراج: قدرة الرضيع في هذه المرحلة علي ضبط عملية التبرُّز تسبق قدرته علي ضبط عملية التبول .
النوم: في بداية هذه المرحلة يكثر نوم الطفل، ثم تتناقص كمية النوم، وتطول فترة اليقظة بالتدريج .
وعلي الأم ألا تلجأ إلي الرضاعة الصناعية إلا في حالة الضرورة القصوي، وعليها ألا تستعجل الرضيع في ضبط عملية الإخراج قبل الوصول إلي مستوي النضج اللازم لذلك، ويجب تدريب الطفل علي عادات النوم الصحيحة.
النمو الاجتماعي في مرحلة الرضاعة:
الاستجابة الاجتماعية: يبدأ الرضيع في الاستجابة الاجتماعية للمحيطين به، ويظهر اهتمامه بما يجري حوله، وذلك في النصف الأول من العام الأول، ويمرح إذا داعبه أحد .
العلاقات الاجتماعية: وعندما يصل الرضيع إلي نهاية السنة الأولي، تكون علاقاته الاجتماعية مع الكبار أكثر منها مع الصغار، ويبدأ الاتصال الاجتماعي بالأم، ثم الأب ثم الآخرين الموجودين بالبيت ثم خارجه.
وعندما يصل الرضيع إلي السنة الثانية يزداد اتساع البيئة الاجتماعية حوله، وتبدأ علاقته مع الأطفال.
الابتسام والبكاء: ولهما دلالة اجتماعية، حيث إن لبكاء الرضيع أثرًا في استدرار الاهتمام والعطف من الكبار، كما أن الابتسامة الاجتماعية تظهر في الشهر السادس للميلاد؛ حيث يبتسم الطفل لوجوه دون أخري.
التعلق: وهو مظهر آخر من مظاهر السلوك الاجتماعي عند الطفل، فالطفل تكون لديه رغبة في أن يكون قريبًا إلي حد الالتصاق من أفراد آخرين لهم مكانة معينة لديه، ويظهر هذا التعلق بشكل واضح قبيل نهاية السنة الأولي من عمر الطفل.
وعلي الأم في هذه الحالة أن تشجِّع طفلها الرضيع علي التفاعل الاجتماعي السليم، وأن تعمل علي أن تكون علاقته مع الأطفال قائمة علي الحب المُتبادَل.
النمو العقلي في مرحلة الرضاعة:
التصنيف: تظهر قدرة الطفل في هذه المرحلة من العمر علي ملاحظة أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بين الأشياء، ويتعلم بالتدريج تصنيفها في ذهنه، ثم القيام بذلك عمليًّا مع التقليد، فقد يحتار الطفل عندما يفكر: هل البرتقالة توضع مع الكرة، لأن كليهما مستديرة؟ أم البرتقالة توضع مع البسكويتة لأن كلتيهما تؤكل؟!!
الإدراك: يتزايد إدراك الرضيع للعالم المحيط به، لكن إدراك الزمن بالنسبة إليه يكون غامضًا، فهو لا يستطيع أن يفرِّق بين الماضي والحاضر والمستقبل.
التعلُّم: يبدأ الرضيع في التعلُّم من الخبرات البسيطة، ويقلِّد الكبار، خاصة الوالدين والإخوة، لكن التعلُّم يكون بطيئًا نسبيًّا، وينمو عن طريق المحاولة والخطأ .
التذكُّر: يشير علماء النفس إلي أنَّ الطفل يستطيع أن يتذكر الخبرات السارَّة التي حدثت له في هذه المرحلة، وينسي الخبرات المؤلمة .
وينسي الرضيع في السنة الأولي بسرعة، والدليل علي ذلك نسيانه لأبيه إذا غاب عنه، لكنه يستطيع من بداية السنة الثانية وحتى منتصفها أن يستدعي ذهنيًا صور الأشياء الغائبة عنه، بمعني أنه يمكنه تصور الشيء في حالة غيابه .
الذكاء الحركي: يكون الطفل مشغولا في هذه الفترة بالإحساسات التي تنتقل إليه عن طريق جهازه العصبي، وتنمو أنشطته الحركية، ولذلك ففي خلال هذه المرحلة يتعلم الطفل أن يتحكم في حركاته في الفراغ، وأن يكون فكره عن الأشياء أنها دائمة، ويتحقق من أنه شيء في الفراغ، وشيء من بين الأشياء. وكل هذه التحصيلات توفر له بدرجة كبيرة الإحساس بالثقة.
وعلي الأم أن تحرص علي إشباع ميل الرضيع إلي الاستكشاف وحب الاستطلاع، وأن تساعده علي اختبار قدراته والتعبير عن نفسه، وأن توفر له فرص التنوع في المثيرات اليومية، وكذلك مواد اللعب المناسبة التي تنمي قدرات طفلها.
النمو اللغوي في مرحلة الرضاعة:
المناغاة: بعد مضي شهر إلي شهر ونصف تقريبًا يستطيع الرضيع إصدار أصوات مسترخية تصدر من خلف الفم، وتعبر عن الارتياح والاسترخاء، يطلق عليها: أصوات المناغاة Babbing وتعتبر المواد الخام التي تتكون منها لغة الطفل فيما بعد.
إدراك الأصوات: يستطيع طفل عمره ثلاثة أشهر أن يميز بين الأصوات الكلامية من الفئات الصوتية المختلفة أي التي تصدر من أماكن مختلفة من الأجهزة الصوتية .
اللعب الكلامي: فيما بين الشهر الثالث والسادس تقريبًا يبدأ الرضيع في تشكيل مقاطع مكونة من حرفين أو أكثر مثل ماما، بابا، وهذه المقاطع هي الوحدات الصوتية التي تتكون منها الكلمات في اللغات المختلفة .
اللغة الإشارية: في أواخر السنة الأولي يبدأ الأطفال في استعمال بعض الإشارات لجذب انتباه الكبار لما يريدون الحصول عليه، وقد تكون هذه الإشارات شبيهة بالهمهمة .
مرحلة الكلام: ويبدأ الطفل في نطق كلماته الأولي في مدي الستة أشهر التالية للسنة الأولي من حياته، وتعبر كلماته الأولي عن اهتماماته المباشرة، وعما يجذب انتباهه من الأشياء التي تقع في محيط بيئته . وتزداد مفردات الطفل علي مدي السنة الثانية إلي حوالي خمسين كلمة .
الفروق الفردية: أظهرت الدراسات أن هناك فروقًا فردية في السرعة والقدرة علي اكتساب اللغة فقد وجد أن البنات أسرع في اكتساب اللغة عن البنين .
وعلي الأم أن تشجع طفلها علي النطق، فلا تجيب مطالبه بمجرد الإشارة، وأن تعمل علي تجنيبه عيوب النطق والكلام قدر الإمكان، وأن تعمل علي استخدام النماذج السمعية السليمة، وأن تكثر من التحدث إلي الطفل، وتعمل علي تعزيز الكلمات التي ينطق بها، حيث إن الرضيع يحتفظ بالكلمات التي تُعَزِّز، ويميل إلي نسيان تلك التي لا ينالها التعزيز.
نوم الرضيع:
يلاحَظ أن الطفل الصغير ينام كثيرًا جدّا، فقد لا يستيقظ بعض صغار الأطفال إلا للغذاء، ولكن مدة النوم عند الأطفال تقل تدريجيا إلي أن تصل إلي حدها الأدني عند البالغين .
وهناك بعض القواعد الأساسية التي يجب مراعاتها لنوم الطفل:
* يُستحسَن أن يتعود الطفل منذ الصغر النوم علي شقه الأيمن، كما يوصي رسولنا (، وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن النوم علي الشق الأيمن أكثر فائدة للجسم .
* تحاول الأم - قدر الإمكان - أن تجعل من عملية النوم عملية سارة، فعند نومه تلاعبه وتُقبِّله قبيل نومه، وُتسمعه كلمات من أسماء الله الحسني، وتردد علي مسامعه كلمات الحمد والتسبيح والتكبير والتهليل، والطفل يسمع هذه الجمل الجميلة ولا يفهم معني الألفاظ، ولكن ترديدها علي مسامعه سيجعله مطمئنَّا مرتاحًا ساكنًا، ينام في هدوء، كما أنَّ الغناء للطفل وتحريكه بلطف في مهده أو هدهدته.. كل ذلك يجعله يقبل علي نوم هادئ خالٍ من المخاوف والاضطرابات، و يملؤه الاطمئنان والراحة.
وتاريخنا الإسلامي حافل بهذا اللون من الأغاني، ومن ذلك قول الشيماء-أخت النبي ( من الرضاعة- وهي تغني له في طفولته وتلاعبه:
يا ربنا أبق لنا محمدًا حتى أراه يافعًا وأمردَا
ثم أراه سيدًا مسودًا وأعطه عزا يدوم أبدَا
وكان الزبير بن عبد المطلب يلاعب رسول الله ( وهو طفل فيقول له:
محمد بن عبـدم عشت عَيْش أنعـــم
ودولــة ومنعــم في فرع عز أسنـــم
مكـرم معظــــم
وكانت السيدة فاطمة -رضي الله عنها- بنت رسول الله ( تلاعب الحسين بن علي قائلة له: إن بُني شبه النبي.. ليس شبيهًا بعلي.
ولم تكن هذه الأغنيات الرقيقة في مداعبة الأطفال السعداء بين أيدي الأمهات والآباء قاصرة علي الأبناء دون البنات، فيرَوي أن أعرابية علي عهد معاوية كانت تلاعب ابنتها، فتقول في سرورها بها:
وما هناك أن تكون جارية تصلح بيتي وترد العارية
حتى إذا ما بلغت ثمانية زوجتها مروان أو معاوية
فهذه الأغاني الرقيقة بإيقاعاتها الجميلة الهادئة، تجعل الطفل هادئًا غير منفعل، وتهيئ الطفل للنوم وهو سعيد قرير العين.
ومن الأساليب التي تساعد الطفل علي التهيؤ للنوم اقترانه بنشاط معين يوحي للطفل بانتهاء النشاط اليومي، والاستعداد للذهاب إلي الفراش، فالأم إذا قامت بمساعدة الطفل علي التبول، وعملت علي تنظيف جسمه وتغيير ملابسه، وإلباسه ملابس النوم بصورة تتسم بالثبات والاستقرار،فإنها تشعره باقتراب النوم حيث ترتبط هذه الأنشطة تدريجيًّا عند الطفل بموعد النوم .
والوضع السليم للطفل أثناء نومه أن تكون رأسه أعلي من بقية جسمه، وذلك بوضع وسادة صغيرة تحت رأسه؛ لأن ذلك يمنع رجوع اللبن والقيء.
والأم عليها دور كبير في تكوين عادة صحيحة للطفل، وذلك فيما يتعلق بالنوم عن طريق التشجيع واقتران السلوك المرغوب فيه بكل ما هو محبب، وليس بكل ما هو مؤلم أو مخيف.
إخراج الرضيع:
التدريب علي ضبط الإخراج عملية صعبة، وهناك أمور يجب علي الأم مراعاتها في ذلك، منها: ألا تسرع في البدء في تدريب الطفل علي التحكم في الإخراج ؛ فلن تستطيع الأم أن تحُرِز أي نجاح ما لم يكن الطفل مستعدًّا لهذا من الناحيتين الجسمية والإدراكية، وهو لا يكون لديه هذا الاستعداد إلا فيما بين السنة والنصف والسنتين من عمره .
ويمكن أن يستجيب الطفل للتدريب علي عملية الإخراج إذا روعي في عملية التدريب ما يلي:
- أن يكون الوعاء الخاص لهذا الغرض مريحًا للجلوس عليه، ثابتًا لا يتحرك، سهل التنظيف .
- يمكن تقدير وقت إخراج الطفل قبل أن تتم العملية بفترة كافية، وذلك عن طريق بعض العلامات التي تستطيع الأم التعرف عليها بمرور الوقت .
- إذا رفض الطفل الجلوس علي الوعاء، فلا ينبغي الإلحاح عليه، وإنما ينبغي الانتظار قليلا حتى يهدأ .
- والطفل يتبول عدة مرات في اليوم علي عكس التبرز، فعلي الأم أن تكون مُتفهمة ورقيقة مع طفلها إلي أقصي الحدود، حتى لا يشعر بالضيق والإحباط، وتتأكد أن طفلها بمجرد تدريبه علي التحكُّم في التبرز سوف يشعر بنفسه بالضيق وعدم الارتياح إذا ما بلَّل نفسه، ولا داعي لأن تزيد لديه هذا الشعور .
والتربية الإسلامية تنظر إلي مسألة الإخراج علي أنها أمر عادي لا يستوجب الاهتمام الزائد، أو التأفُّف والاشمئزاز أمام الطفل بقصد أو بغير قصد .
فعن أم الفضل لبابة بنت الحارث قالت: بال الحسين بن علي في حجر النبي (، فقلت: يا رسول الله، أعطني ثوبك والبس ثوبًا غيره؛ حتى أغسله. فقال: (إنما يغسل من بول الأنثي، وينضح من بول الذكر) [أحمد، وأبو داود، وابن ماجه] .
فرسول الله ( لم يغضب من الحسين -رضي الله عنه- ولم يَقْسُ عليه، أو يبادره بالعقاب؛ لأنه لم يضبط نفسه حين بال عليه . كذلك الحال فيما ترويه أم قيس بنت مِحْصن أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلي رسول الله ( فبال علي ثوبه، فدعا بماء فنضحه عليه، ولم يغسله . ولايصح الانزعاج من التبول اللاإرادي ليلا قبل بلوغ الطفل السنة الرابعة من عمره.. فهو حالة طبيعية.
اللعب:
فطر الله تعالي الطفل علي حب اللعب وكثرة الحركة؛ لأن ذلك وسيلة للتعبير عما بداخله من طاقات طفولية متوقدة. ولعب الطفل تلقائي غير مخطط ولا منظم، وهو في العادة لعب فردي.
ويجب علي الأم في هذه الحالة مداعبة طفلها، ما دام ذلك يجلب له السعادة، ويكون سببًا في راحته النفسية، لذلك فإن أي طفل تبدأ الأم في ملاعبته علي الفور يسارع بالاستجابة، ويطلب المزيد.
وإذا كانت الأم لا تزال تنظر إلي اللعب علي أنه مجرد وسيلة لملء وقت الفراغ فعليها أن تغير وجهة نظرها هذه، بل عليها أن تعتبر اللعب عملا.
إن اللعب هو الذي يسعد الطفل ويساعده علي النمو من جميع النواحي، فهو الفرصة المثلي التي يجد فيها الطفل مجالا لا يعوض لاكتساب كل ما يعز عليه اكتسابه في مجال الجد.
وعلي الأم أن تلاعب وليدها؛ ففي خلال الستة أشهر الأولي يحب الطفل أن يلعب معها طوال فترة يقظته، فيجب أن تقضي معه أوقاتًا ممتعة بقدر الاستطاعة، وتعلم أن الأساس المتين الذي يمكن أن يبني عليه شعور الطفل بالثقة والأمان مستقبلا هو مقدار تقبلها له ولعبها معه.
وعلي الأم محاولة التوفيق بين نوع اللعب وحالة الطفل النفسية، فإذا كان الطفل يشعر أنه قوي، فإن اللعب العنيف إلي حد ما سوف يوافق مزاجه، أما إذا كان الطفل يشعر بالتعب والمرض فإن مثل هذه الألعاب تشعره بالإحباط والمضايقة، وفي هذه الفترة من عمر الطفل يمكن مساعدته علي القيام بكثير من الأشياء والحركات مما لا يستطيع أن يقوم بها بمفرده.
وللأم دورها في انتقاء اللعبة المناسبة لقدرات طفلها، وذلك حتى تؤدي اللعبة الغرض منها. والطفل في هذه المرحلة يحتاج إلي لُعَب مُصمَّمة بطريقة آمنة، ومُلونة ويسهل الإمساك بها، وأفضل أدوات اللعب هي التي تمد الطفل بخبرات متعددة، وتكوين أشكال وأوزان وملابس مختلفة، ويمكن للأم أن تمد الطفل بالأشياء الموجودة في المنزل بشرط ألا تكون ضارة، فلا تجرحه أو تسبب له أية إصابة. وفي هذه المرحلة يحتاج الطفل إلي مكان متسع، خال من قطع الأثاث، ذي أرضية ناعمة، سهلة التنظيف، وذلك حتى ُتتاح للطفل حرية الحركة.
الفطام:
الفطام يعني انتقال الطفل من الرضاعة إلي الاعتماد علي تناول الطعام، لذلك يجب أن تتم عملية الفطام بصورة تدريجية غير مفاجئة؛ حتى لا تسبب صدمة نفسية وعاطفية للطفل، ويمكن أن يبدأ ذلك بعد الشهر الأول بإعطائه العصائر الطازجة، وفي الشهر الرابع من عمر الطفل يتم تقديم اللبن المطبوخ (المهلبية) أو الزبادي مكان إحدي الرضعات، وفي الشهر الخامس حساء (شوربة) الخضروات برضعة أخري، حتى إذا ما جاء الشهر التاسع، تكون الفترة بين الأكلات قد زادت إلي أربع ساعات، ويكون عددها قد صار خمسًا بدلا من ست. وهكذا يزداد تدريجيا عدد الوجبات التي تحل محل الرضعات بزيادة عمر الطفل،حتى تبقي رضعة في الصباح، ورضعة في المساء مثلا، ثم رضعة المساء فقط، وهكذا .
وتستمر الأم في هذا الفطام الجزئي دون التنازل عن إعطاء لبنها لوليدها، كما أمر الله - جل شأنه: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} [البقرة: 233]. وعند بلوغ السنتين تقريبًا يكون الطفل قد أصبح مستعدّا تمامًا لتقبل عادات جديدة في تناول الطعام بالمضغ والشرب بدلا من المص .
وتتطلب هذه المرحلة من الأم التدرُّج والصبر والحلم، وأن تضع في اعتبارها أن عملية الفطام قد يصاحبها اضطراب انفعالي، وهذا يتطلب منها أن تتعود الهدوء والاتزان خلال هذه العملية .
الحركة:
وقد يبدأ الطفل في الجلوس من الشهر الرابع إلي السادس، ويمكن أن يبدأ الطفل حبوه في الشهر السادس حتى السنة الأولي من العمر، ومهما كانت طريقة الطفل في الحبو فيترك وشأنه ولا يحاول أحد تعليمه كيف يحبو. وتخطئ كثير من الأمهات حينما يحاولن مساعدة أطفالهن علي الجلوس أو الوقوف، وقد يتسرعن في شراء المعدات اللاتي يعتقدن أنها تساعد الطفل علي المشي أو الوقوف، وهذا لا فائدة منه بتاتًا؛ فقد أثبتت التجارب أن الطفل يمشي أو يقف عندما يتمكن من ذلك، فالتعجل في مشي الطفل؛ يسبب تقوس رجليه، بل الأفضل أن يترك للتطور الطبيعي. فالحبو أمر طبيعي ويفيد عضلات الطفل، ويجب أن يأخذ وقته حتى يتهيأ للوقوف ثم المشي.
التسنين:
يختلف وقت التسنين كثيرًا بين الأطفال، إلا أن بدايته تبدأ غالبًا في الشهر السادس من عمر الطفل.. مع الإشارة إلي أنه قد يحدث بعض الشذوذ في تاريخ ظهور الأسنان، ولكن ينبغي ألا يسبب ذلك قلقًا أو توترًا للأم، لأن ذلك لا يعد مؤشرًا علي حدوث مرض للطفل.

الشهر: التغيرات الملحوظة فيه.
السادس: ظهور القاطعين الأوسطين (السنتين الأماميتين) في الفك السفلي للفم.
الثامن: ظهور القاطعين العلويين (السنتين الأماميتين في الفك العلوي).
العاشر: ظهور القاطعين الوحشين العلوين.
الثاني عشر: ظهور القاطعين الوحشين السفلين (ويكون للطفل بذلك ثماني أسنان في نهاية السنة الأولي من العمر).
سنة ونصف: ظهور الضروس الأمامية في الفكين، وتظهر الضروس السفلي قبل العليا عادة.
سنتين: ظهور الأنياب في الفكين، وتظهر الأنياب السفلي قبل العليا.
سنتين ونصف: ظهور الضروس الخلفية في الفكين، وتظهر الضروس السفلي قبل العليا (وبذلك تكتمل الأسنان اللبنية وعددها 20 سنة، عشر في كل صف).
5 - 6 سنوات: تبدأ أسنان الطفل اللبنية في السقوط، حيث يظهر مكان السن الحليبي سن دائمة لا تتغير وملازمة للطفل مدي الحياة.
6 - 7 سنوات: ظهور الطواحن الأولي الخلفية.
7 - 8 سنوات: ظهور القواطع المركزية.
8 - 9 سنوات: ظهور القواطع الجانبية.
10- 12 سنة: ظهور الطواحن الأولي الأمامية، والطواحن الثانية الأمامية.
12 - 14 سنة: ظهور الأنياب.
والواجب علي الأم:
- أن تعمل علي نظافة أسنان طفلها، وأن تجنبه الإكثار من أكل الحلوي والسكريات.
- أن تقدم للطفل غذاء متوازنًا محتويًا علي البروتينات، والسكريات والدهون، والأملاح المعدنية، والفيتامينات وخاصة فيتامين (د) الذي يساعد في تكوين العظام والأسنان.
- أن تعرضه بين الحين والآخر لأشعة الشمس حيث إنَّ لها دورًا أساسيا في تكوين الأسنان، وذلك لأن الأشعة فوق البنفسجية تسهل إنتاج فيتامين (د)، وبالتالي عمليات دخول الكالسيوم والفسفور في العظام والأسنان.
- أن تعلم أنه ليس للتسنين أية علاقة بالمتاعب التي تحدث للطفل في هذه الفترة، مثل: الإسهال أو فقدان الوزن أو الارتفاع الشديد في درجة الحرارة، وأن هذه الأمراض التي تصيب الطفل ترجع نتيجة لإصابته ببعض الجراثيم التي تنتقل لجسمه عن طريق عض الطفل للأشياء الملوثة.

zd11.gif

 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
الطفولة المبكرة 2-6 سنوات

zd11.gif



الطفولة المبكرة
2-6 سنوات


تمتد مرحلة الطفولة المبكرة من العام الثاني في حياة الطفل إلي العام السادس، وفي أثناء هذه الفترة ينمو وعي الطفل نحو الاستقلالية، وتتحدد معالم شخصيته الرئيسية، ويبدأ في الاعتماد علي نفسه في أعماله وحركاته بقدر كبير من الثقة والتلقائية . ومن أهم مميزات هذه المرحلة:
* استمرار النمو بسرعة، ولكن بمعدل أقل من المرحلة السابقة.
* ازدياد النضج الحركي بدرجة ملحوظة، فالطفل في سن الخامسة يظهر فيه التوافق العصبي العضلي في العضلات الصغيرة الدقيقة باليدين، بحيث يستطيع استعمال القلم العريض في رسم السطور المستوية والدوائر والمثلثات .
وفي هذه المرحلة تنمو حواسه حتى تكاد تبلغ نموها الكامل، وبالتالي تبلغ قوة الملاحظة عنده درجة كبيرة .
وتظل قدرة الطفل علي التركيز والانتباه محدودة، بالرغم من إقباله علي التعلم، واكتشاف العالم من حوله، ولكن الطفل يظل متمركزًا حول ذاته، بحيث لا يستطيع رؤية الأشياء من وجهة نظر الآخرين، رغم إمكان تصوره للأشياء والأحداث وتمثلها ذهنيا.
- الطفل في هذه المرحلة يستطيع التحكم في عملية الإخراج، بالإضافة إلي أنه يكتسب مهارات جديدة، ويكوِّن العديد من المفاهيم الاجتماعية، ويستطيع أن يفرق بين الصواب والخطأ، والخير والشر .
- يبدأ الطفل في تعلم لغة الأم في بداية هذه المرحلة من (2 - 6) سنوات، ويستطيع التمثيل الرمزي للأشياء مع التفكير البسيط، كلون من ألوان النشاط العقلي، كأن يكون الطفل قادرًا علي تقليد أصوات بعض الحيوانات، مثل: (العصفور، والقط، والكلب، والديك) إلي غير ذلك مما يحيط بالطفل من أشياء وموجودات .
- مع تعلم الطفل لغة أبويه والمحيطين به؛ تنمو قدرته علي التقليد والمحاكاة، وتزداد قدرته علي الكلام بسرعة أكبر تدريجيًا، حتى يستطيع التعبير عن حاجاته وانفعالاته مستخدما الكلام البسيط بدلا من البكاء .
وتيسيرًا علي القارئ فسوف نعرض فيما يلي إيجازًا واضحًا لخصائص النمو التي يمر بها الأطفال في هذه المرحلة من النواحي المختلفة: النمو الجسمي- النمو الفسيولوجي- النمو الحركي- النمو الحسي- النمو الانفعالي- النمو اللغوي- النمو العقلي- النمو الاجتماعي.
النمو الجسمي في مرحلة الطفولة المبكرة:
الأسنان: تستمر الأسنان في الظهور، ويكتمل عدد الأسنان المؤقتة فيما بين العام الثاني والثالث، وتظل الأسنان اللبنية حتى سن السادسة أو السابعة إلي أن تستبدل بها الأسنان الدائمة، ومع ذلك فأسنان الطفل اللبنية في حاجة إلي الرعاية الطبية حتى لايصيبها التسوس.
الرأس: يصل حجم الرأس في نهاية هذه المرحلة إلي مثل حجم رأس الراشد، ومع ذلك فإن الرأس والوجه تظل نسبتهما أكبر بالمقارنة بأجزاء الجسم الأخري، علي الرغم من أن معدل نمو الرأس يكون أبطأ من المراحل السابقة.
الجذع: ينمو الجذع بدرجة متوسطة، ويستمر نمو الجذع بحيث يصبح الطفل أكثر استقامة وأقل استدارة، ويبدأ الطفل في هذه الفترة في التخلص من الدهون التي تراكمت في الفترة السابقة، ويتم ذلك خلال عمليات الهدم والبناء التي تتعرض لها الأنسجة الدهنية.
الطول: يصل الطول في نهاية السنة الثالثة إلي حوالي (90) سم، ثم يزداد ببطء نسبي بمعدل (9 - 8 -7 - 6) سم خلال السنوات (3 - 4 - 5 - 6)، ويكون معدل الطول أكبر من معدل الوزن في هذه المرحلة، ويكون الذكور أطول من الإناث، وفي بداية العام الثالث يكون طول الطفل - سواء ذكر أو أنثي - (84) سم تقريبًا، وفي نهاية العام الخامس يكون متوسط طول الولد (108) سم ومتوسط طول البنت (107) سم، وفي نهاية هذه المرحلة يصل طول الطفل ضعف طوله عند الولادة.
الوزن: يزداد وزن الطفل بمعدل كيلو جرام تقريبًا في السنة، ويكون معدل الوزن أقل من معدل الطول، ويكون الذكور أثقل من الإناث. ويصل متوسط وزن الطفل في بداية هذه المرحلة إلي (12) كيلو جرامًا تقريبًا للجنسين. وفي نهاية المرحلة يكون متوسط وزن الولد (18) كجم، ومتوسط وزن البنت (17.5) كجم، ويصل في نهاية هذه المرحلة إلي سبعة أمثال وزنه عند الولادة.
وعلي الأم أن تعتني بصحة طفلها، وتهتم بتغذيته وتحصينه ضد الأمراض، كذلك عليها أن تكون علي دراية كافية بمعدل نمو طفلها مع ضرورة العناية بالأسنان، ومساعدة الطفل وتشجيعه علي القيام بالأنشطة الحركية المناسبة لعمره.
النمو الفسيولوجي في مرحلة الطفولة المبكرة:
المخ: الجهاز العصبي هو أكثر أجهزة جسم الطفل استمرارًا في النمو في هذه المرحلة، فمع بلوغ الطفل سن الثالثة يصل وزن مخه إلي حوالي 75 % من وزن مخ الراشد، ويتقدم نمو لحاء المخ في هذه المرحلة، وهذا الجزء من المخ يتألف من عدد كبير من الألياف العصبية، وهو أكثر أجزاء المخ تطورًا، ويرتبط بالسلوك الإرادي والنشاط العقلي، وهو الذي يساعد الطفل علي التفكير واكتساب المعلومات، ومعني هذا أن النمو العقلي والمعرفي في هذه المرحلة قد يكون وثيق الصلة بنمو لحاء المخ. ويستمر في هذه المرحلة ترسيب الأنسجة الدهنية المحيطة بنهايات الخلايا العصبية بدرجة تجعل التواصل العصبي في المخ أكثر كفاءة.
التنفس: يصبح التنفس أكثر عمقًا وأبطأ من ذي قبل.
القلب: تكون نبضات القلب بطيئة، وتصبح ثابتة نسبيا، ويزداد ضغط الدم ازديادًا ثابتًا.
المعدة: يزداد حجم المعدة، ويستطيع الجهاز الهضمي للطفل هضم الأطعمة الجامدة.
الإخراج: يستطيع الطفل التحكم في عمليات الإخراج والتخلص من الفضلات في الأمعاء والمثانة.
النوم: كلما تقدَّم الطفل في السن يقل عدد ساعات النوم، حتى تصل إلي (10) ساعات تقريبًا في الطفولة المتأخرة.
وعلي الأم أن تهيئ جوّا مريحًا حتى تساعده علي الاستقرار نفسيا، وذلك من خلال العادات الصحية في الأكل والنوم، ومعرفة أسباب فقد الشهية أو الإفراط في الأكل.
النمو الحسي في مرحلة الطفولة المبكرة:
الإدراك: لا يستطيع الطفل في بداية هذه المرحلة إدراك العلاقات المكانية للأشياء، ويكون إدراكه للمسافات والأحجام والأوزان والأعداد غير دقيق، ولكن عندما يتقدم الطفل في العمر يستطيع التمييز بين المثيرات. وفي سن الثالثة يستجيب للمثيرات ككل، وبعد ذلك يبدأ في الاستجابة للأجزاء المنفصلة، وتوجد صعوبة لديه في التمييز بين الشكل والصورة في المرآة.
إدراك الزمن: لا يستطيع الطفل إدراك غير الحاضر، ثم يزداد إدراكه ليدرك الغد والمستقبل في سن الثالثة. أما في سن الرابعة فيستطيع إدراك المدلول الزمني للماضي، ويدرك اليوم، ثم الغد، ثم الأمس. وفي سن الخامسة يدرك تسلسل الحوادث، ويعرف الأيام وعلاقتها بالأسبوع، ويظل الطفل في هذه المرحلة متمركزًا حول ذاته.
البصر: يحدث في هذه المرحلة تحسن كبير في قدرة الطفل علي الإبصار والتركيز البصري، ومع بلوغ الطفل سن السادسة لا يكون جهازه البصري قد اكتمل، فهو لا يكتمل إلا مع البلوغ، وهذا يعني أن النمو البصري مازال مستمرًا في المراحل التالية حتى يتحقق التركيز البصري الواضح. ويحتاج بعض الأطفال في هذه المرحلة إلي نظارات طبية.
السمع: يتطور السمع تطورًا سريعًا، ومع تقدم الطفل في العمر لا تكاد تظهر مشكلات سمعية إلا لدي قليل من الأطفال بنسبة لا تتجاوز 2% .
وعلي الأم تنمية النمو الحسي لدي طفلها، وذلك بالمساعدة علي اتصاله المباشر بالعالم الخارجي عن طريق الزيارات والرحلات، وتعويد سمعه علي كل ما هو جميل، مع الحرص علي معالجة العيوب التي تصيب الحواس لدي طفلها.
النمو الانفعالي في مرحلة الطفولة المبكرة:
السلوك الانفعالي: ينمو السلوك الانفعالي تدريجيًّا في هذه المرحلة من ردود الأفعال العامة نحو سلوك انفعالي خاص، وتحل الاستجابات الانفعالية اللفظية محل الاستجابات الانفعالية الجسمية، كما تكون الانفعالات شديدة ومبالغًا فيها ومتنوعة ومتناقضة، وتسمي هذه المرحلة باسم "مرحلة عدم التوازن"، وتظهر علامات شدة الانفعالات في صورة حدة المزاج وشدة المخاوف وقوة الغيرة، ويرجع ذلك كله إلي أسباب نفسية أكثر منها فسيولوجية، ذلك أنَّ الطفل يشعر بقدرة غير عادية، وكذلك يثور علي القيود التي يفرضها عليه الوالدان.
انفعال الحب: في البداية يتركز حب الطفل علي ذاته؛ حيث يكون هو موضوع الحب من الآخرين ومن نفسه، وحبه لوالديه ما هو إلا استثارة لحبهما له حتى يلبيا له كل رغباته؛ ذلك أن الطفل يشعر بقدرة غير عادية، ويثور علي القيود التي يفرضها عليه الوالدان.
الخوف: تزداد مثيرات الخوف في هذه المرحلة لقدرة الطفل علي إدراكها، فيخاف بالتدريج من الحيوانات والظلام والفشل والموت، ويمكن أن تكون هذه المخاوف أكبر عائق في سبيل نموه الصحي السليم .
الغضب: تظهر نوبات الغضب المصحوب بالاحتجاج اللفظي، والأخذ بالثأر أحيانًا، ويصاحبها أيضًا العناد والمقاومة والعدوان، وخاصة عند حرمان الطفل من إشباع حاجاته .
الأحلام المزعجة: تنتاب الطفل في هذه المرحلة بدرجة أكبر نسبيًا من أية مرحلة أخري ويكون نومه مضطربًا.
الغيرة: شعر الطفل بالغيرة عند ميلاد طفل جديد، وذلك بسبب تحول الاهتمام عنه بعد أن كان موضع الاهتمام .
التعبير الانفعالي: يجد الطفل تعبيرًا عن حياته الانفعالية في مجالات عديدة، مثل: الأحلام، واللعب، مما قد يخفف عنه حدة تلك الانفعالات، كما يعتبر في نفس الوقت وسيلة جيدة للكشف عنها، بل ولعلاجها أيضا.
وعلي الأم أن تحيط طفلها بالدفء والحنان، وأن تعلِّمه ضبط الانفعالات في هذه السن المبكرة، وتحميه من مصادر الخوف، ولكن عليها ألا تلجأ إلي العقاب البدني كوسيلة لضبط الانفعالات، ولا تفرض عليه الأوامر والنواهي، أو تكلفه مالا يطيقه، كذلك عليها أن تعدل بين أبنائها؛ حتى لا تتولد مشاعر الغيرة والحقد بينهم.
النمو اللغوي في مرحلة الطفولة المبكرة:
سرعة النمو: تعتبر هذه المرحلة من أسرع مراحل النمو اللغوي تحصيلا وتعبيرًا وفهمًا. وهناك علاقة وثيقة بين قدرة الطفل علي الكلام وقدرته علي المشي، فكلما كان الطفل قادرًا علي المشي الصحيح؛ تزداد قدرته علي تعلم الكلام واكتساب كثير من الكلمات.
مظاهر النمو اللغوي: من مظاهر النمو اللغوي في هذه المرحلة: الوضوح، ودقة التعبير، والفهم، وتحسُّن النطق، واختفاء الكلام الطفولي، وازدياد فهم كلام الآخرين، والقدرة علي الإفصاح عن الحاجات والخبرات، والقدرة علي صياغة جمل صحيحة طويلة، وكذلك استخدام الضمائر والأزمنة.
مراحل النمو اللغوي: يمر التعبير اللغوي في الطفولة بمرحلتين: مرحلة الجمل القصيرة، حيث تكون من (3) إلي (4) كلمات، وتعبر عن معني، رغم أنها لا تكون صحيحة من ناحية التركيب اللغوي، أما المرحلة الثانية: فهي مرحلة الجمل الكاملة، حيث تتكون الجمل من (4) إلي (6) كلمات، وتتميز بأنها جُمَل مفيدة تامة أكثر تعقيدًا في التعبير.
القدرة علي التواصل: علي الرغم من تمكن الطفل من اللغة في هذه المرحلة، فإنه يظل يعاني قصورًا من حيث القدرة علي التواصل مع الآخرين.
علي الأم ألا تُسمِع طفلها الألفاظ البذيئة، بل تقدم له النماذج الكلامية الجيدة، ويمكنها من خلال القصص والحكايات التحدث معه، وأن تدربه علي الكلام.
النمو العقلي في مرحلة الطفولة المبكرة:
المفاهيم: في هذه المرحلة تتكون المفاهيم المختلفة عند الطفل، مثل: الزمان والمكان والاتساع والعدد، ويتعرف أيضًا علي الأشكال الهندسية. ومعظم المفاهيم التي يستطيع الطفل إدراكها تكون حسية، أما المفاهيم الُمجرَّدة فلا يستطيع إدراكها إلا فيما بعد.
الذكاء: يزداد نمو الذكاء، ويستطيع الطفل التعميم، ولكن في حدود ضيقة، ويري "بياجيه" أن الذكاء في هذه المرحلة يكون تصوريًا تستخدم فيه اللغة بوضوح، ويتصل بالمفاهيم والمدركات الكلية.
التعلم: تزداد قدرة الطفل علي التعلم عن طريق الخبرة والمحاولة والخطأ، وعن طريق الممارسة والاستفادة من خبرات الماضي.
الانتباه: لا يستطيع الطفل في بداية هذه المرحلة التركيز والانتباه، لكن تزداد بعد ذلك قدرة الانتباه.
الخيال: تتميز هذه المرحلة بصفة عامة باللعب الإيهامي أو الخيالي، ويطغي خيال الطفل علي الحقيقة، لذلك فإن أطفال هذه المرحلة يحبون اللعب بالعرائس وتقليد الكبار، والقيام ببعض الأدوار الاجتماعية وتقمص الأدوار.
التذكُّر: يتذكر الطفل العبارات السهلة المفهومة أكثر من تذكُّره للعبارات الغامضة، كذلك يتذكر الأسماء والأشخاص والأماكن والأشياء.
التفكير: ويسمي طور التفكير في هذه المرحلة باسم "طور ما قبل العمليات"، وهو ينقسم إلي قسمين:
(أ) فترة ما قبل المفاهيم، وهي من سنتين إلي أربع سنوات. ويظهر في هذه المرحلة خاصية التمركز حول الذات، بمعني أنه لا يستطيع أن يتخذ وجهة نظر الآخر في أحكامه أو في إدراكه للأشياء.
(ب) فترة التفكير الحدسي، من 4 - 7 سنوات وفيها يتحرر الطفل من بعض عيوب المرحلة السابقة، فيعتمد علي الحدس العام الغير واضح التفاصيل، فالطفل في هذه المرحلة يعتمد في تفكيره بشكل أكبر علي حواسه وتخيله أكثر من أي شيء آخر.
وعلي الأم أن توفر لطفلها الجو المناسب لتنميته عقليا، فتتيح له الفرصة ليكتشف ويجرب، وتجيب عن تساؤلاته بما يتناسب مع نموه العقلي، ويمكنها تنمية هوايات الطفل مثل الرسم واللعب، والتي تسهم في تنمية الابتكار عنده.
النمو الحركي في مرحلة الطفولة المبكرة:
نمو العضلات: يسيطر الطفل علي العضلات الكبيرة، وبالتدريج يستطيع السيطرة علي عضلاته الصغيرة، ويكتسب الطفل مهارات حركية جديدة: كالجري والقفز، والتسلق، وركوب الدراجة، والحركات اليدوية الماهرة: كالرسم والكتابة، ويعتمد نوع المهارات التي يتعلمها الطفل علي مستوي نضجه واستعداده، وعلي الفرص التي تتاح له لتعلمها والتوجيه الذي يلقاه لإتقانها. ومن الملاحظ أنَّ الأطفال الذين يعيشون في بيئات فقيرة يكتسبون المهارات مبكرًا عن الأطفال الذين يعيشون في بيئات ثرية، وتوجد فروق فردية بين الجنسين في نوع المهارات الحركية وذلك راجع إلي عمليات التنميط الجنسي.
الكتابة: يستطيع الطفل في نهاية هذه المرحلة رسم الخطوط الأفقية والرأسية والأشكال البسيطة، كما يستطيع تشكيل بعض الأشكال باستخدام طين الصلصال، ومع التدريب يستطيع الطفل الكتابة والرسم بشكل جيد.
العوامل المؤثرة في النمو الحركي: من أهم العوامل التي تؤثر في النمو الحركي في هذه المرحلة حالة الطفل الجسمية، وصحته العامة، وقدرته العقلية، إضافة إلي حالته النفسية، وكذلك العوامل البيئية من حيث الفقر والثراء، وعوامل التنشئة الاجتماعية، وعمليات التنميط الجنسي للذكورة والأنوثة والإمكانيات والفرص المتاحة للتعلم.
وعلي الأم أن تشجع طفلها علي الحركة والنشاط، وتُعلِّمُه المهارات المختلفة كالرسم وتشكيل الصلصال، أما بخصوص تعلم الكتابة، فلا تحاول إجباره علي تعلُّمها. وهذه الفرص عادة ما تتوفر في دور الحضانة الحديثة، حيث تتاح الكثير من الفرص أمام الطفل لتعلم الكثير من المهارات الحركية والعقلية .
النمو الاجتماعي في مرحلة الطفولة المبكرة:
العلاقات الاجتماعية: تتسع دائرة العلاقات والتفاعل الاجتماعي في الأسرة، ومع جماعة الرفاق باتساع عالم الطفل. ويزداد اندماج الطفل في الكثير من الأنشطة وتعلم الجديد من الكلمات والمفاهيم، ويمر بخبرات جديدة تهيئ له الانتقال من كائن بيولوجي إلي كائن اجتماعي.
نمو السلوك الخلقي: يكتسب الطفل قيم الوالدين واتجاهاتهما ومعاييرهما السلوكية خلال هذه الفترة، نتيجة لتعرضه لمتغيرات التنشئة الاجتماعية من ثواب وعقاب وتقليد وتوحد، وغيرها من الأساليب.
الصداقة: يستطيع الطفل أن يصادق الآخرين، ويلعب معهم، ويستطيع أن يحادثهم. ونجاحه في العلاقات الاجتماعية خارج المنزل يتوقف علي نوع الخبرات التي يتلقاها في تربيته علي أيدي والديه .
التعاون: يظهر (الفريق) في حياة الطفل، وفيه يصبح الطفل واعيًا بوجود الآخرين
الزعامة: الزعامة عند الطفل في هذه المرحلة وقتية، لاتكاد تظهر عنده حتى تختفي، و عندما يصبح الطفل علي أعتاب دخول المدرسة تكون معالم شخصيته قد تميزت بخصائصها وسماتها، فنجد أن بعض الأطفال يتسمون بالزعامة والقيادة والبعض الآخر يحب الظهور، ومنهم من يفضل الانطواء.
المكانة الاجتماعية: تعتبر هذه الفترة هي السنوات الحرجة في عملية التطبيع الاجتماعي للطفل، ويتوقف السلوك الاجتماعي كمّا وكيفًا علي خبرات الطفل والظروف البيئية التي يتعرض لها وعلاقته بها، ويشمل ذلك سلوك القيادة، والسيطرة والتبعية والمسايرة الاجتماعية.
سلوك الطفل: يبدأ الطفل في تعلم السلوك الخلقي، ويظهر لديه أيضًا سلوك العناد وعدم الطاعة، فيجذب الانتباه إليه، وتوجد فروق فردية بين الجنسين في السلوك، فالأولاد يميلون إلي التخريب، بينما تميل البنات إلي العناد، وتظهر مشكلات السلوك في التبول اللاإرادي والتخريب، ونوبات الغضب، والعصبية.
المنافسة: يميل الطفل إلي المنافسة التي تظهر لديه في الثالثة، وتبلغ ذروتها في الخامسة.
العناد: يكون العناد في ذروته حتى العام الرابع، ويتضح ذلك في الثورة علي النظام الأسري، وعلي سلطة الكبار، وعصيان أوامرهم، وإذا كان نظام التربية تسلطيًّا عقابيًّا فإنه يؤدي بالطفل إلي تنمية العصيان والتمرد، وكذلك القيام بالسلوك العدواني والانسحابي.
الاستقلال: يميل الطفل نحو الاستقلال في بعض الأمور، مثل: تناول الطعام، واللبس، إلا أنه ما زال يعتمد إلي حد كبير علي الآخرين، والاستقلال لا يتحقق لجميع الأطفال حيث توجد فروق فردية وسمات شخصية مختلفة.
وعلي الأم أن تعلم الطفل السلوك الاجتماعي كالتعاون، واحترام الآخرين، وتعلمه القيام بالدور الاجتماعي المتناسب مع المرحلة، وأن توفر لطفلها الجو الاجتماعي الذي يشبع حاجاته إلي الرعاية والتقبل، وتستخدم الثواب بدلا من العقاب كوسيلة للإصلاح، مع مراعاة البعد عن التسلطية والدكتاتورية في التربية، حتى يتكون لدي الطفل إحساس إيجابي بالذات.

zd11.gif

 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
حضانة الطفل

zd11.gif


حضانة الطفل

الحضانة شرعًا: هي حفظ الصغير ورعايته والقيام علي تربيته. فالطفل في سنواته الأولي يحتاج إلي من يقوم بشئونه، ويعتني به، ويسهر علي تربيته ؛ وذلك لعدم استطاعته القيام بنفسه بما يحتاج إليه في حياته الأولي، ومن ثم، لزم أن يكون هناك من يتولي حضانته.
حق الحضانة: الأصل في الرعاية والحضانة أنها مشتركة بين اثنين:الرجل وزوجه، وما من عمل اشترك في أدائه اثنان، كل منهما يرجو نجاحه، إلا كتب له النجاح. ولكن قد تعترض الحياة الزوجية أمور تؤدي إلي الانفصال، فلا يمكن للصغير إلا أن يكون مع أحد أبويه، وهنا تكون الأم أولي بحضانته ؛ لأن المرأة أقدر علي تربية الطفل، وأدري بما يلزمه، وأكثر شفقة عليه، لكن النساء لسن في مرتبة متساوية في مقدرتهن علي حضانة الصغير، لذا فإن بعضهن أحق بها من بعض ؛ بسبب التفاوت فيما يملكن من شفقة وحنان وصبر علي التربية والدراية بفنونها وأساليبها.
وقد وكل الإسلام القيام علي أمر تربية الصغير إلي أمه؛ لأنها ترضع، والصغير يحتاج إلي الرضاعة، ولأنها أكثر صبرًا علي مجاراة الصغير في طلباته الكثيرة وحاجاته العديدة، ولأنها تملك من الوقت الذي تستطيع أن تتفرغ فيه لرعاية الصغير، ما لا يملكه الزوج، ثم إنها بطبيعتها وما جُبلت عليه ستكون أكثر حنانًا، وأشد حبًا وارتباطًا بالصغير من الرجل.
وقد أتت امرأة إلي النبي ( فقالت له: يارسول الله؛ إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وحجري له حواء، وثديي له سقاء (أي حملته بطني، وضمه صدري، وسقاه ثدياي) وزعم أبوه أن ينزعه مني، فقال لها رسول الله :) (أنت أحق به مالم تنكحي) [أحمد، وأبو داود، والبيهقي].
فالطفل بطبيعته يقبل علي أمه للغذاء والرعاية أكثر من أبيه الذي لا يحقق له مباشرة حاجاته الغريزية، مع قدرتها علي العطف في مرحلة يكون الحنان فيها غذاء لا يقل عن أي غذاء ؛ لذلك فقد قرر الفقهاء أن حضانة الطفل تقتضي أن يظل في حضانة أمه سبع سنين، وأن تظل البنت في حضانتها تسع سنوات.
وتري التربية الإسلامية أن حرمان الطفل من أمه والتفريق بينهما، من العوامل التي تؤثر عليه تأثيرًا سلبيَّا خلال السنوات الأولي من حياته، بل إن الإسلام قد حرم التفريق بين الولد وأمه صغيرًا كان أو كبيرًا، من غير ضرورة تقتضي التفريق بينهما ؛ فعن أبي أيوب - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله ( يقول: (من فرق بين الوالدة وولدها؛ فرق الله بينه وبين أَحِبَّتِه يوم القيامة) [الترمذي وأحمد والحاكم].
والشرع الحنيف حين أعطي حق الحضانة للأم، لأنه يعلم جيدًا أن المرأة إذا استقامت فطرتها، وحسنت سيرتها، وصلح دينها، لم تمنع شيئًا لديها أن تعطيه لصغيرها ؛ كي ينمو سليم البدن والعقل والروح؛ فإنما صلاح الدين والدنيا بالأصِحَّاء الأقوياء، وقد جاء في الحديث الصحيح: (المؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير) [مسلم].
وهكذا نري أن الإسلام قد جعل حق الحضانة مشتركًا بين الصغير وأمه، وحق الصغير مقدم علي حق أمه؛ لأنها يمكنها التخلي عنه، ولا يمكنه ذلك، لذا، فالشرع قد يجبر الأم أحيانًا علي الحضانة إذا أبتها، ولم يكن بها موانع تمنعها من ذلك.
شروط الحاضن:
(1) الإسلام: فلا حضانة لغير المسلمة ؛ لأن الحضانة ارتباط بين الصغير وحاضنته، وهي في الأصل ولاية علي الصغير، والله - تعالي - لم يجعل للكافر حقَّا في الولاية علي مسلم، ولو كان صغيرًا {ولن يجعل الله للكافرين علي المؤمنين سبيلاً} [النساء: 141].
(2)عدم الزواج: لأن الحضانة تقتضي وضع الصغير في مناخ يشعر فيه بالمحبة والتفرغ له، فإذا تزوجت الأم تغير ذلك المناخ، فوجب انتقال الحضانة من الأم إلي امرأة أخري غيرها، هذا مالم تكن الأم قد تزوجت أحدًا من محارم الصغير وأقاربه ؛ فإن الحضانة تصح مظنة أن يعطف عليه ويحبه.
(3) الأمانة والخلق وحسن السيرة: فالمرأة الفاحشة المتفحشة غير مأمونة علي تربية الصغار، وكيف تؤمن علي صغير امرأة غير مأمونة علي نفسها ؟!
(4) العلم بأصول التربية مع القدرة عليها: فكيف يُترك الصغير لأم جاهلة بكيفية رعايته، وتلبية احتىاجاته، وحسن تنشئته، وصلاح عقله ونفسه ؟! أم كيف يُترَك الصغير لامرأة لا تقوي علي أمره ؛ كفيفة أو مريضة أو قعيدة مشلولة، أو غيرهن ممن يحتجن في أنفسهن إلي من يرعاهن ويقوم علي أمرهن.
(5) السلامة من الأمراض النفسية والعقلية أو الأمراض المعدية: فالمرأة التي تعاني من مرض نفسي أو عقلي - وإن كان ينتابها بعض الوقت - أو التي تعاني مرضًا معديًا، أو التي تعيش في مكان تنتشر فيه الأمراض المعدية، لا تصلح لرعاية الطفل الصغير.
(6) البلوغ: فغير البالغة قليلة الخبرة والدراية، وتحتاج هي إلي من يقوم علي أمرها ويوجهها، فكيف ترعي شئون غيرها؟!
(7) التفرغ لحضانة الصغير: إذ هو الأصل والعلة الأولي التي جعلت للأم حق الحضانة . وكل عمل تقوم به الأم، أو أي نشاط تمارسه - إلا إذا كانت مضطرة إلي ذلك - يكون من شأنه أن يقلل من عطائها لأبنائها واهتمامها بهم، فهو عمل أو نشاط غير مقبول ؛ لما يترتب عليه من حرمان الطفل حقه في الحب والرعاية، ومن مخالفة لفطرة المرأة ورسالتها التي جُبِلت عليها .
دور الحضانة: الأصل أن تظل المرأة في البيت مشغولة بشئون أسرتها وبيتها، وإذا كان لابد من عمل خارج البيت، فلا بد أن يكون هذا العمل صالحًا. وعمل الأم لا يعطيها وقتًا كافيًا لتربية طفلها؛ لذلك فهي تلجأ إلي وسيلة أخري لرعايته، فتأتي بجليسة طفل (مربية)، أو تتركه عند الجدة - إن وجدت- أو لدي إحدي دور الحضانة .
ولما كان هناك الكثير من العوامل المعوقة للأسرة في رعاية أبنائه، مثل: خروج المرأة إلي العمل ؛ فقد أصبحت دور الحضانة ضرورة من ضرورات الحياة الجديدة في المجتمع الحديث، ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أنه مهما بلغت أوجه الرعاية التي تقدمها دور الحضانة، فهي لا تخرج عن كونها عوامل مساعدة للأم علي القيام بمسئولية التربية،،وليس الغرض منها أبدًا أن تحل محلها، أو تحمل عنها المسئولية.
الطفل ودخول الحضانة :
قبل ذهاب الطفل إلي الحضانة بمدة كافية، يجب علي الأم أن تهيئ طفلها للذهاب إليها، وتعده نفسيًّا لذلك، وتمدح أمامه بقدر الإمكان دار الحضانة التي سيذهب إليها ؛ كي يحبها ويقبل عليها دون خوف، بل وتحاول أن تذهب معه، خصوصًا في الأيام الأولي لدخوله دار الحضانة، وتشعره بالثقة والطمأنينة، وأنه في طريقه لقضاء وقت سعيد مع أطفال آخرين من نفس سنه.
وكثيرًا ما يرفض الطفل -رغم كل هذه الإغراءات- الذهاب إلي الحضانة، وفي هذه الحالة يجب ألا تستعمل الأم القسوة مع طفلها، أو ترغمه علي الذهاب إلي دور الحضانة، ولكن عليها أن تعاود التجربة مرة ثانية، ويمكنها التغلب علي هذه المشكلة بالتدريج، وذلك بأن تترك طفلها يذهب إلي دار الحضانة مع أحد الأطفال الأكبر سنّا، والذين التحقوا بها قبله. ولإدخال السرور علي نفس طفلها تعطيه صندوقًا صغيرًا مغلقًا، وتضع له فيه مفاجأة سارة، وتطلب منه أن لا يفتحه إلا بعد وصوله هناك.
وقد تتساءل إحدى الأمهات: إنني أقوم بكل هذه الأشياء، وعلي الرغم من ذلك يظل طفلي عنيدًا، ويرفض الذهاب إلي دار الحضانة، بل وتزداد حالته سوءًا، وقد يصل به الأمر إلي نوع من العصبية الزائدة، والخوف المستمر ليلا، إلي جانب اعتلال صحته، وعدم رغبته في تناول الطعام، أو الارتفاع المستمر في درجة حرارته وما شابه ذلك.
في هذه الحالة تنصح الأم بإرجاء موضوع إدخال طفلها إلي دار الحضانة لفترة، ثم محاولة إدخاله الحضانة المرة تلو الأخرى، تحاول أثناءها معرفة الأسباب التي تؤدي إلي إصرار الطفل ورفضه دخول دار الحضانة، وتعمل علي أن يختلط طفلها شيئًا فشيئًا بعدد من الأطفال الصغار؛ حتى يتعود علي جو دار الحضانة فيما بعد، وكذلك يجب استشارة أخصائي نفسي، ليرشدها إلي العلاج الصحيح لهذه المشكلة.
ولا ينتهي دور الأم بدخول طفلها الحضانة، بل عليها متابعته، فإذا كان يتناول طعامه في دار الحضانة، فعليها أن تعتني به من حيث احتوائه علي العناصر الغذائية الكاملة.
وعلي الأم أن تكون علي علاقة طيبة بمشرفات الحضانة حتى يمكنها التعاون معهن علي التغلب علي المشكلات التي تواجه طفلها.
اختيار دار الحضانة المناسبة: يجب علي الأم اختيار دار الحضانة المناسبة، خصوصًا وأن هناك بعض دور الحضانة الأجنبية ذات الطابع التبشيري، التي يكون لها آثار خطيرة علي أطفالنا ؛ وخاصة عندما يدرِّسون اللغة الأجنبية للصغار منذ نعومة أظفارهم، باعتبار أن اللغة وعاء لما يراد إكسابه من عادات أو ثقافات، في حين يؤكد التربويون علي ضرورة تأجيل تعلُّم أية لغات أجنبية حتى بداية الصف الرابع من المدرسة الابتدائية، حتى يتفرغ الطفل إلي تعلم لغته القومية وإجادتها وممارستها علي أسس سليمة صحيحة.
وقد تتساءل الأم: ما أفضل دور الحضانة إذًا ؟
علي الأم أولا أن تسأل عن القائمين علي إدارة الحضانة من حيث مدي حرصهم علي أداء واجبهم، ومراعاة ضمائرهم، والتفاني في خدمة الطفل، حيث إن طفلها سيكون أمانة بين أيديهم، وعليها أن تدرك أن دار الحضانة المناسبة هي الدار ذات الموقع الممتاز الجيد التهوية، الذي تدخله الشمس باستمرار، والذي يتوافر فيه مكان واسع للعب الأطفال في الهواء الطلق، وقلة عدد الأطفال، مع توافر عدد مناسب من المشرفات المتخصصات، بالإضافة إلي الإشراف والعناية الصحية الملائمة.
وعلي الأم أن تحرص علي إلحاق طفلها بدار الحضانة التي تتيح له فرصة أكبر للعب بأشكاله المختلفة، حتى يتمكن من النمو النفسي والعقلي والوجداني السليم، كذلك عليها اختيار دار الحضانة التي لا ترهق الطفل بالواجبات وأعمال الدراسة والحفظ؛ حتى يستطيع الطفل الاستمتاع بطفولته، كذلك التي تعمل علي تعريض الطفل في هذه السن لجميع أنواع المثيرات التي تفيده حسيًّا ووجدانيًّا، مع ضرورة وفرة الإثراء البيئي في بيئة الحضانة؛ لأن ذلك يساعد علي النمو العقلي للأطفال، ولا تنسي أن تحرص علي اختيار دار الحضانة التي تعمل علي تزويد طفلها بمعارف مبدئية عن الحلال والحرام، لتنمية الاتجاه الخلقي الصحيح لديه.
ومن الناحية التربوية ينبغي أن تشبع دار الحضانة الناجحة رغبات الطفل وميوله وحاجاته، وتقدم المناهج التي تتناسب مع مداركه، كذلك تستكمل عملية التنشئة الاجتماعية التي تقوم بها الأسرة، فيتعود الطفل آداب السلوك الاجتماعي المقبول، والاعتماد علي نفسه في تصريف شئونه . بالإضافة إلي تعريف الطفل ببيئته الطبيعية، ومساعدته علي فهمها، وتجنيبه ما بها من أخطار عن طريق الملاحظة والمشاهدة.
وتعتبر هذه الفترة فرصة لتعويد الطفل علي الآداب الإسلامية السامية، لهذا قالوا: التعليم في الصغر كالنقش علي الحجر. والطفل لا يولد مزودًا بأية معرفة، ولا يعرف شيئًا عن الحياة، ولهذا فإن مسئولية الآباء كبيرة خلال هذه الفترة من عمر الطفل؛ لذلك يقع علي الأم العبء الأكبر في تربية الطفل، وذلك لأن الأب يكون مشغولا عنه لكثرة مهامه وأعماله، فإذا لم تقم الأم بهذا الواجب أو تخلت عنه، فإن الطفل ينشأ نشأة اليتيم، وإن كان أبواه علي قيد الحياة، يقول الشاعر:
ليسَ اليتيمُ من انتهي أبواه من همِّ الحياةِ وخلّفاهُ ذليـــلا
إن اليتيمَ هو الذي تَلْقَــــي له أُمَّا تَخَلَّتْ أو أبًا مشغولا

zd11.gif

 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
الطفولة المتأخرة

zd11.gif


الطفولة المتأخرة

الطفل في هذه المرحلة يتسع عالمه، و يبدأ في اكتساب العديد من المهارات في جميع النواحي المعرفية والحركية والفنية، ويبدأ حياته الاجتماعية، حيث يرتبط بصداقات مع زملائه خارج نطاق الأسرة، ويحاول دائمًا التأكيد علي استقلاله وقدرته علي التكيف مع المجتمع.
ويستطيع الطفل في هذه المرحلة أن يستخدم جميع وسائل التعبير التخيُّلي، التي قام بها طفل ماقبل المدرسة، وهي: الإنتاج الفني، والأحلام، والخيال. وخلال تلك المرحلة تنمو المفردات اللغوية بسرعة فائقة لدي الطفل، إذ قد تصل في المتوسط إلي (22) ألف كلمة في نهاية الصف الأول الابتدائي، وتصل إلي حوالي (05) ألف كلمة في نهاية المرحلة الابتدائية.
كما أن تفكير الطفل في هذه المرحلة يكون أكثر مرونة ؛ نتيجة نقص تمركزه حول الذات.
وفيما يلي بيان بمظاهر النمو الجسمي، والحركي، والفسيولوجي، والانفعالي، واللغوي، والعقلي، والاجتماعي.
النمو الجسمي في مرحلة الطفولة المتأخرة:
معدل النمو: يثبت النمو الجسمي نسبيًا لأطفال المدرسة الابتدائية من سنة إلي أخري بشكل عام.
الطول: يزداد الطول ابتداء من سن الخامسة بمعدل 5 إلي 7 سم، وفي بداية المرحلة يكون طول الولد 111 سم، ويكون طول البنت 110 سم. وحينما يصلان إلي سن 12 سنة يكون متوسط طول الولد 138.5سم، بينما يكون متوسط طول البنت 141،5سم، والسبب في ذلك أن البنات يصلن إلي مرحلة البلوغ قبل الذكور.
الوزن: يستمر الوزن في الازدياد، ففي بداية المرحلة يكون الوزن للذكور والإناث 18 كجم، وفي سن 12 سنة يكون 32 كجم للذكور، و34 كجم للإناث، وتكون الزيادة في الوزن بسبب تراكمات الدهون، كما تؤثر العوامل النفسية في الوزن في هذه المرحلة.
شكل الجسم: يبدأ الشكل الطبيعي للجسم في نهاية الطفولة المبكرة في التغير، من الاستدارة الطفولية إلي اتخاذ شكل يوحي بملامح الاستعداد للذهاب إلي المدرسة الابتدائية، حيث يبدأ الصدر في الاتساع، وتظهر معالم عضلات الصدر والأطراف، كما يبدأ وضع الأضلاع في التغير من الوضع الأفقي إلي الوضع المائل.
المخ: يعتري المخ طفرة في النمو من حيث الحجم والوظيفة معًا، وتحدث هذه الطفرة في نمو المخ بين الخامسة والسابعة، ثم تأخذ عملية النمو في البطء أو تتوقف بالمرة.
الفروق الفردية: يلاحظ فروق فردية كبيرة في أطوال الأطفال في هذه المرحلة .
الأسنان: تبدأ الأسنان المؤقتة في السقوط، والأسنان الدائمة في الظهور بدءًا من سن السادسة، وفي نهاية هذه المرحلة تكون قد نمت معظم أسنانه الدائمة، ونتيجة لذلك يتغير شكل الفم، ويزداد حجم الجزء الأسفل من الوجه، وتحدث تغيرات في مدي تطابق الأسنان في الفك العلوي والفك السفلي مع ملاحظة ضرورة التطابق حتى يستقيم الوجه.
النمو الحركي في مرحلة الطفولة المتأخرة:
الفروق الجنسية: يكون الأطفال في بداية سن المدرسة مهيئين لاستخدام العضلات الكبيرة في الجري، وتآزر اليدين والرجلين وتحقيق التوازن، وتتفوق البنات في المهارات الدقيقة، ويتفوق الأولاد في المهارات التي تحتاج إلي عضلات.
نمو المهارات: تنمو المهارات اللازمة لتعلم الكتابة والقراءة والرسم والإنشاد، وتعتبر المهارات الاجتماعية التي يتعلمها طفل هذه المرحلة - والتي تتعلق بالأعمال المنزلية، ومساعدة الأم في المنزل - مهمة للطفل، تعطيه إحساسًا بأهمية الذات.
تفضيل إحدي اليدين علي الأخري: مع بداية هذه المرحلة تكون إحدي اليدين قد أخذت السيادة والسيطرة في مهاراته الحركية، ويصعب عليه الانتقال من يد إلي أخري.
النمو الفسيولوجي في مرحلة الطفولة المتأخرة:
النبض وضغط الدم: يتناقص معدل النبض، ويتزايد ضغط الدم.
النوم: تقل عدد ساعات النوم بالتدريج.
العضلات: تنمو العضلات الكبيرة والصغيرة معًا.
الحركة: يزداد التآزر بين العينين واليدين، ويقل التعب، وتزداد السرعة والدقة .
نمو الجهاز العصبي: يتم تكوين نخاع الألياف العصبية في المخ والنخاع الشوكي والأنسجة العصبية المرتبطة، كما يتم تنظيم وظائف المخ. والعملية الأولي تساعد علي زيادة كفاءة الخلايا العصبية، وفي العملية الثانية يتم التخصيص العصبي حيث يصبح النصف الكروي الأيسر مسئولا عن المهارات اللغوية، أما النصف الكروي الأيمن فيصبح مسئولا عن المعلومات الإدراكية، وتفسير العلاقات المكانية، وفي الذكور يسيطر النصف الكروي الأيمن، وفي الإناث يسيطر النصف الكروي الأيسر.
النمو الانفعالي في مرحلة الطفولة المتأخرة:
مظاهر النمو: يتميز النمو الانفعالي في هذه المرحلة بطابع الاستقرار .
ضبط انفعالات الطفل: تلجأ البنات عادة إلي البكاء، أما الأولاد فيبتعدون عن ذلك تدريجيًا، وفي كثير من الحالات يعبر الطفل عن انفعالاته بنفس الطريقة التي كان يعبر بها عن انفعالاته في المرحلة السابقة، ولكنه مع ذلك يحاول البعد عن أساليب التعبير الانفعالي التي لا يتقبلها المجتمع، كما يتمثل في الرفاق والأسرة.
وتوجد لدي طفل هذه المرحلة دوافع قوية لتعلم التحكم في التعبير عن الانفعالات، إلا أن الطفل رغم ذلك يعبر عن انفعالاته في المنزل بطريقة حادة.
ويغلب علي الطفل الانفعالات السارة، ولكنه يعاني أحيانًا من تقلب المزاج، حيث يعاني أحيانًا من القلق والإحباط، ويلاحظ أن المعاناة من الانفعالات غير السارة قد تؤدي إلي سوء التوافق الأسري والمدرسي.
وتختلف الانفعالات في هذه المرحلة عنها في المرحلة السابقة من حيث طبيعة الموقف، ومن حيث صور التعبير عن الانفعال، وحتى يحصل علي التقبل الاجتماعي يحاول مسايرة الأنماط الاجتماعية المقبولة للتعبير الانفعالي. وأشهر الانفعالات في هذه المرحلة هي انفعالات: الخوف، والغضب، والغيرة، وحب الاستطلاع، والابتهاج.
نمو الشخصية في الطفولة المتأخرة:
مفهوم الذات: يصبح مفهوم الذات إيجابيّا إذا تلقي الطفل من الكبار بعض المهام والأعمال التي يستطيع إنجازها، وعلي الكبار أن يقدموا له التوجيه اللازم لتعلُّم الأداء وإتقانه حتى يشعر بالكفاءة والمهارة، كما أن إنجاز هذه المهارات يساعد علي تنمية مفهوم صحيح للذات.
الملامح الشخصية: تتكون ملامح شخصية الأبناء سواء كانت في حالة إيجابية أو سلبية، منسحبة أو عدوانية علي أساس الخبرات التي يمرون بها.
وأزمة الطفل في هذه المرحلة هي ما يسمي "أزمة الكفاءة والإنجاز"، حيث يود الأطفال الحصول علي التقدير من خلال عمل شيء ما، ومسئولية المعلمين هي تهيئة خبرات النجاح لكل طفل.
ويميل الطفل إلي التفكير في نفسه كفرد متميز ليست لديه أفكار واضحة محددة عن قدراته ونواحي قصوره، وكذلك يتبع النمط الذي تقبله الجماعة.
وفي نهاية المرحلة يكون الطفل قد وصل إلي مرحلة البحث عن نجم، أو البحث عن بطل يحبه ويقلده.
وعمومًا، يكون الولد أكثر عدوانية من البنت، وتصبح الشخصية بعد ذلك أقل مرونة، وأكبر ثباتًا في نمط محدد يسمي: "سمات الشخصية".
النمو اللغوي في مرحلة الطفولة المتأخرة:
إتقان الكلام: يبدأ طفل هذه المرحلة في إتقان الكلام، ويتعلم أن صور الاتصال البسيطة لم تعد كافية مما يدفعه لتحسين مستواه اللغوي، وبتعلم القراءة يضيف مفردات جديدة. ويصبح أكثر ألفة بنمط الجمل الصحيحة، ويستطيع استخدام اللغة كأداة للتواصل، وعلي الأخص، عندما يريد أن يحدث تأثيرًا في الآخرين.
النمو اللغوي: يتوقف النمو اللغوي علي عدة عوامل، منها: المستوي العقلي، والمستوي الثقافي، والاجتماعي، والاقتصادي، والجنسي. ومن الملاحظ أن المحصول اللغوي عند الإناث أكبر منه عند الذكور . ويلاحظ أن فهم الطفل للكلمات يفوق استخدامه لها، ويتعلم الطفل بالإضافة للكلمات الجديدة الكثير من المعاني الجديدة للكلمات القديمة. وتجد أن مفردات الألوان عند البنات أكثر منها عند الذكور؛ بسبب اهتمام البنات بالألوان.
ظواهر في لغة طفل الطفولة المتأخرة: وهناك ظاهرة في هذه السن (قبل المراهقة بفترة قصيرة) وهي ظاهرة اللغة السرية بين الأطفال، ويتحدث الأطفال في هذه المرحلة بصوت عال، مع استخدام أشباه الجمل بدلا من الجمل الكاملة، وبطبيعة الحال يعاني الأطفال من ازدواجية اللغة ما بين العامية والفصحى.
عيوب الكلام: وقد توجد بعض عيوب الكلام التي تكون قد نشأت في مرحلة النمو السابقة مثل التهتهة، واللجلجة، وإبدال الحروف، والحبسة، وبعضها يرتبط بالتوتر العصبي الذي بدأ مع الحضانة وازداد مع دخول المدرسة الابتدائية.
محتوي الكلام: يتركز محتوي الكلام في هذه المرحلة حول الذات في البداية، ثم ينتقل تدريجيّا إلي اللغة الاجتماعية. ويميل أطفال هذه المرحلة إلي انتقاد الآخرين والسخرية منهم بصورة صريحة، أو مستترة - في حالة الكبار-، كما يميل إلي السباب والشتائم مع أقرانه، وتزداد لديهم الأسئلة الاستطلاعية.
التلاعب بالألفاظ: يشتهر أطفال هذه المرحلة بحبهم للمزاح والدعابة، ويميل بعضهم إلي المزاح الذي يتضمن تورية أو تلاعبًا بالألفاظ، فمثلا عندما يُسأل الطفل في هذه المرحلة (هل أنت نائم؟) فيقول (لا أنا علي). ومعني ذلك أن الأطفال قد نما لديهم الوعي بأن الكلمة يمكن أن يكون لها أكثر من معني، والقدرة علي الربط والتنسيق بين هذه المعاني .
فهم معاني الكلمات: ويستطيع أطفال هذه المرحلة فهم معنيين لكلمة واحدة و الربط بينهما، فمثلا: يمكنهم توظيف كلمة (لامع) كخاصية لشيء أو شخص معين، فيقولون مثلا: (سطح لامع)، أو (شخص لامع).
ويرتبط بالنقطة السابقة فهم الأطفال للقواعد اللغوية، والربط بين فكرتين كاملتين في جملة واحدة .
النمو العقلي في مرحلة الطفولة المتأخرة:
مرحلة العمليات العيانية المحسوسة: يطلق العلماء علي النمو العقلي في هذه المرحلة مرحلة العمليات العيانية المحسوسة، حيث تظهر عمليات الاستدلال والتفكير المنطقي. والعمليات العقلية في هذه المرحلة تتصل تمامًا بأصولها الحسية، كما أنها تكون مرتبة في إطارها الزمني الطبيعي، ولا يوجد بها سوي قدر ضئيل من التجريد. ويتميز تفكير الطفل في هذه المرحلة بخاصيتين هامتين:
الخاصية الأولي، وهي منطقية التفكير، بمعني أن الطفل يكون قد تخلص من صفة التفكير الذاتي التي كان يتصف بها في المرحلة السابقة، وأصبح موضوعيًا في تفكيره. والخاصية الثانية هي محدودية التفكير فيما هو عيني أو محسوس مما يقع في خبرة الطفل اليومية المباشرة.
التفسيرات التي تطرأ علي النمو العقلي في هذه المرحلة: التغير الجوهري الذي يطرأ علي الطفل في هذه المرحلة، أنه يستطيع التفكير باستخدام المعلومات، فبإمكان الطفل الآن تحويل انتباهه من جانب إدراكي معين إلي جانب إدراكي آخر، وتسمي هذه العملية باسم "اللاتمركز"، وتتطور وتصبح أكثر شيوعًا في الاستخدام مع التقدم في العمر، حتى يصل إلي عمر المراهقة.
وهناك تغير جوهري آخر يتمثل في قدرة الطفل علي الانتقال من النقيض إلي النقيض في الفكر، أي قلب الأفكار وتحويل الواقع المادي إلي مجرد فكرة، وبالتالي يصبح بإمكانه الإلمام بجميع جوانب الموقف علي المستوي العقلي.
ويظهر ثبات الأعداد في عمر السادسة، ويظهر ثبات الكتلة في سن السابعة، ويظهر ثبات الوزن في سن التاسعة، كما يظهر ثبات الحجم في سن الحادية عشرة، ويلاحظ أن ثبات العدد يسبق ثبات الكم. وهناك مظهر آخر لاختلاف التفكير يتمثل في القدرة علي إدراك التغيرات، وإمكانية تكوين صور ذهنية كلية عن تتابع الأحداث، ويستطيع وصف هذا التتابع في الماضي والحاضر والمستقبل دون إعادتها مرة أخري. وبالتالي يصبح الطفل أكثر قدرة علي الاستفادة من قواعد التحكم في السلوك إذا ما عرف النتائج مسبقًا.
القدرة علي التصنيف والتسلسل والوعي بالأشياء: وتظهر لدي الطفل أيضًا القدرة علي التصنيف، أي تحديد الفئة، وتحديد قوائم العناصر الخاصة بالفئات (الرياضيات الحديثة)، فمثلا يمكنهم أن يتعرفوا علي الورود والقرنفل والياسمين كأنواع فرعية ضمن فئة الزهور، كما يمكن أيضًا أن يتعرفوا علي فئة الزهور كنوع فرعي من فئة أعم هي النبات. كما يظهر لديه القدرة علي التسلسل؛ أي وضع الأشياء والأحداث في سياقها الصحيح. وينمو الطفل ويزداد وعيه بالزمان والمكان، وكذلك فهمه للناس والأشياء عن طريق التعليم الرسمي في المدرسة، وعن طريق أساليب الإعلام الأخرى، وكذلك عن طريق الصداقات خارج البيت، فتنمو لديه العديد من المفاهيم، كما تنمو لديه القدرة علي النقد الذاتي وتجنب أخطاء الإدراك والتقدير، ويزداد مفهومه لذاته وضوحًا من خلال انعكاس صورته عند المعلمين والآباء، ومن خلال مقارنته لنفسه بالآخرين، ويتمكن أيضًا من الوعي بالفروق الجنسية والأدوار الجنسية.
التفكير ومهارة الطفل: ينمو التفكير من إدراك المحسوسات إلي إدراك المجردات، وطفل المدرسة يكون غير متمركز في تفكيره بدرجة كبيرة. والطفل بين السابعة والحادية عشرة تقريبًا يفهم ويستخدم مبادئ معينة من العلاقات فيما بين الأشياء والأفكار، ويستطيع الجمع، والطرح، والقسمة، والضرب، والترتيب.
و تزداد مهارة الطفل في التجميع، وربط الأشياء ببعضها؛ وباتساع عالم الطفل منذ التحاقه بالمدرسة تتزايد ميوله، ومع تنوع الميول يزداد فهمه للناس، ويستفيد في ذلك من جميع وسائل الإعلام.
النمو الاجتماعي في مرحلة الطفولة المتأخرة:
الاستقلال: تتميز هذه المرحلة بتحقيق مزيد من الاستقلال والاعتماد علي النفس من ناحية، ومزيد من القدرة علي إنشاء علاقات اجتماعية مع أفراد من خارج الأسرة من ناحية أخري.
الدعم النفسي والسلوك الاجتماعي البناء: يساعد الدعم النفسي والاجتماعي لكل من الوالدين والمعلمين داخل المدرسة علي تنمية جوانب السلوك الاجتماعي البناء، الذي يتمثل في مزيد من الإيثار وتحمل المسئولية، وكفاءة التفاعل مع المحيطين داخل البيئة الأسرية وخارجها.
دور المدرسة في التنشئة الاجتماعية: تعد المدرسة وسيطًا جيدًا للتطبيع الاجتماعي والتنشئة الاجتماعية في هذه المرحلة، حيث يشجع المعلمون عن قصد الكثير من أنواع السلوك الاجتماعي، من خلال الأنشطة المختلفة التي يقوم بها التلميذ في المدرسة، فتنمو العلاقات الاجتماعية ببطء في بداية هذه المرحلة، وبعد ذلك يمل الطفل من الوحدة، ويبحث بنفسه عن إقامة العلاقات الاجتماعية مع الزملاء؛ لأنه يمل أيضا من الكبار.
الجماعات وتأثيرها الاجتماعي علي حياة الطفل في هذه المرحلة: ينخرط الطفل في جماعة الأقران، التي تتيح له الفرصة لممارسة أنواع من المهارات الجديدة، وينتقل من عالم الأسرة المألوف الذي كان يعتمد عليه إلي عالم غريب خارج الأسرة، ويتم التحول من الاعتماد علي الكبار إلي مزيد من ممارسة السلوك المسموح به، وبمشاركة الطفل في النشاط الذي تقوم به جماعة الأقران يصبح واحدًا منهم، ويتعلم قيم المجتمع أو المهارات الاجتماعية كاتخاذ وجهة نظر الآخرين، ويكتسب خاصية أخري، وهي البحث عن سمات تكون لها أهمية خاصة بالنسبة له، مثل: الشعبية، والقيادة، كما يساعده الأقران علي التأثر بالجماعة عن طريق التنافس والتعاون.
ويصبح السلوك الاجتماعي أكثر نضجًا، فتتناقص حدة العناد والمخالفة، مع ملاحظة أنه في سن العاشرة يبدأ الذكور من جديد في محاولة التمرد علي سلطة الكبار مؤكدين بذلك ذكورتهم، ويحاول الأطفال في هذه المرحلة دائمًا الانتماء إلي جماعة يحصلون منها علي التقبل الاجتماعي، وهذا يفسر لنا زيادة الوقت الذي يقضيه الطفل خارج المنزل . وتتكون (شِلَلُ) الأطفال وهي عادة للعب واللهو البريء، مع ملاحظة أنهم قد يقعون في أخطاء غير مقصودة، ويلاحظ أن جماعات الأطفال ترفض انضمام أطفال جدد إليها.
وتساعد الجماعات الطفل علي مسايرة معايير الجماعة والالتزام بها، مع ملاحظة أنه في حالة تعارض معايير الجماعة مع معايير الوالدين؛ فإن الطفل يساير معايير الجماعة.
وفي الجماعة يتعلم الطفل التنافس والتعاون وتحمل المسئولية، وكل ذلك تنمية للروح الرياضية، وتدريب علي التطبع الاجتماعي، وذلك لا يحدث إلا داخل الجماعة، أما عن الصداقة في هذه المرحلة فتكون دائمًا بين أفراد نفس الجنس حيث تكون الاتجاهات نحو الجنس الآخر محايدة.
وتلعب (شلة) الأطفال في هذه المرحلة دورًا مهمًا، والطفل الذي يحظى باهتمام (الشلة) واحترامها تتميز شخصيته بينهم، وتكون له صفات مميزة تتحدد في الذكاء، والحكمة، والفهم، والثقة بالنفس، والاتزان الانفعالي، والنشاط، وإدراك رغبات الآخرين، والاهتمام بها، ويجب أن يكون جديرًا بثقتهم فيه.
وتتجاهل الجماعات (الشلل) الطفل الهادئ المنطوي مهما كان ممتازًا في صفاته، وقد لوحظ في كثير من الدراسات أن الطفل الذي مر بخبرة القيادة في المرحلة السابقة تتوافر له الفرص ليكون قائد جماعة في هذه المرحلة، كما أن الطفل الأكثر شعبية يتوافر فيه عدد من السمات الإيجابية تحقق له درجة كبيرة من التوافق النفسي والاجتماعي.
الفروق الجنسية: يغلب علي اتجاهات البنات الطابع الانفعالي، والنضج الجنسي المبكر لهن يجعلهن يشعرن بأنهن أكثر نضجًا من الذكور من الناحية الاجتماعية بالذات.
تعلم الأدوار: عند سن السادسة والسابعة يكون الأطفال قد تعلموا معظم المعايير الاجتماعية للسلوك المتعلق بالأدوار المختلفة، كدور الولد في مقابل دور البنت، ودور الوالد في مقابل دور الابن وهكذا.
متطلبات النمو في هذه المرحلة:
- تعلم المهارات الأساسية: في النواحي المعرفية والحركية والفنية.
- التعاون الاجتماعي: التعاون مع الرفاق من نفس الجنس، والتعاون في اللعب (اكتساب روح الفريق).
- تقدير الذات: القدرة علي الحكم بنفسه علي إنجازاته .
- الالتزام بما يُلقي عليه من مسئوليات، وما يكلف به من واجبات .
وللمدرسة دور مهم في هذه المرحلة لا يقل عن دور الأسرة، ويتلخص هذا الدور في:
- إيجاد فرص للنجاح أمام كل طفل في المدرسة بناء علي قدراته الذاتية وخصائصه المعرفية .
- اتخاذ موقف إيجابي من التحصيل المدرسي سواء من ناحية الوالدين أو من ناحية المدرسة، وذلك عن طريق التشجيع والمتابعة والإيحاء .
- مساعدة الأطفال علي تنمية الضمير الخلقي لديهم .
- وضع حدود واضحة لسلوك الأطفال .
- تنمية الشعور بالتقدير عن طريق الدفء العاطفي مع الحزم .
* الترويح (اللعب) في هذه المرحلة: اعترف الإسلام بكل ما تتطلبه الفطرة البشرية من سرور وفرح، ولعب، ومرح، وتدليل شَرَعه الله، وفي نطاق أدب الإسلام.
وهناك شروط لابد أن تضعها الأم في اعتبارها عند اختيار وسائل الترويح، وهي:
(1) أن يكون النشاط جائزًا شرعًا، وأن يترتب عليه فائدة محققة للطفل في بدنه ودينه.
(2) أن لا تشغل ممارسته عن واجب شرعي أو اجتماعي ؛ حتى يحقق الهدف المراد من غير حرج.
(3) أن لا يترتب عليه مضرة - صغرت أم كبرت - بالصغير، أو بمن يلعب معهم أو بغيرهم.
(4) أن يتناسب اللعب مع إمكانات الصغير العقلية والبدنية، ومع نوعه ذكرًا أو أنثي.
ولما كان الترويح من الأمور اللازمة للمسلم ؛ فإن لزومه للولد وهو صغير من باب أولي، وذلك لأمرين مهمين:
الأول: أن قابلية الولد للتعلم وهو صغير أكثر من قابليته وهو كبير.
الثاني: أن حاجة الولد إلي اللعب والترويح وهو صغير أكثر من حاجته إليه وهو كبير. وفي القرآن دلالة علي أهمية اللعب في حياة الأطفال، فقد جاء في قصة يوسف، قوله تعالي: {قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا علي يوسف وإنا له لناصحون. أرسله معنا غدًا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون} [يوسف: 11 - 12].
ومن الوسائل التي شرعها الإسلام في الترويح عن النفس:
سباق الخيل: روي عن رسول الله ( أنه قال: (كل ما يلهو به الرجل المسلم باطل إلا رميه بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنهن من الحق)[الترمذي]. ويقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-: علموا أولادكم السباحة، والرماية، ومروهم فليثبوا علي ظهور الخيل وثبًا. [البيهقي].
السباق والجري: والطفل في هذه المرحلة يتميز بالطاقة والحيوية والنشاط، والقدرة علي الحركة المستمرة. والجري يعتبر من وسائل الترويح المباحة، والتي تلعب دورًا كبيرًا في التربية الجسمية، وقد حث عليه رسول الله ( فقد ورد أن رسول الله ( كان يَصُفُّ عبد الله وعبيد الله وكثيرًا من بني العباس - رضي الله عنهم - ثم يقول: (من سبق إلي فله كذا وكذا) فيستبقون إليه، فيقعون علي ظهره وصدره فيقبلهم ويلتزمهم.
وعن جابر - رضي الله عنه - قال: دخلت علي النبي ( فدعينا إلي طعام، فإذا الحسين - رضي الله عنه - يلعب في الطريق مع صبيان، فأسرع النبي ( أمام القوم، ثم بسط يده فجعل يفر هنا وها هنا، فيضاحكه رسول الله ( حتى أخذه فجعل إحدي يديه في ذقنه والأخرى بين رأسه وأذنيه، ثم اعتنقه وقبله، ثم قال: (حسين مني وأنا منه، أحب الله من أحبه، الحسن والحسين سبطان من الأسباط) [الطبراني].
وتروي كتب السيرة أن الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع كان يسبق الفرس عَدْوًا، فعند عودة رسول الله ( من غزوة خيبر حيث أذل الله اليهود وهزمهم ولما اقترب من المدينة، أخذ أحد الصحابة ينادي في إخوانه من يسابق إلي المدينة. فلم يجبه أحد، ثم خرج إليه سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- وطلب من الرجل أن يبدأ الجري، وظل سلمة في مكانه إلي أن قطع الصحابي شوطًا طويلا، ثم بدأ سلمة يجري خلفه، فلم يلبث أن لحق به، فلما كان بمحاذاته ضربه ضربة خفيفة علي ظهره، ودخل المدينة قبله.
الرماية: وهي من الألعاب المباحة التي حث عليها الإسلام. والتدريب علي الرماية منذ الصغر أصبح ميسورًا، خصوصًا في وقتنا الحالي الذي كثر فيه إنتاج لعب الأطفال بطريقة جذابة مغرية.
ودور الأم هنا هو أن تخصص وقتًا لاختيار اللعب التي تتناسب مع سن طفلها، خصوصًا ما كان متعلقًا بأمور الرماية والتصويب.
السباحة: يقول الخليفة العادل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: علموا أولادكم السباحة والرماية، ومروهم فليثبوا علي ظهور الخيل وثبًا. [البيهقي].
الصيد: هو من وسائل اللعب والترويح المباحة التي أقرها الإسلام سواء كان صيدًا بريًّا أم بحريًّا لقوله تعالي: {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرمًا} [المائدة: 96].
علي أن يوجَّه الصغير أن لا يصيد إلا ما فيه فائدة، وأن لا يقصد بالصيد تعذيب ما يصيده. وهناك من منتجات شركات الألعاب الشيء الذي يعود ويُدرِّب الطفل علي الصيد بما يتناسب مع سنّه، إذ هي تتدرج مع الأطفال من سن الثانية وما فوقه.
ومن الواضح أن النظام التعليمي الحديث بدأ يحرم الكثير من الأطفال فرصة اللعب بسبب الواجبات التعليمية الكثيرة التي يكَّلفون بها، ومن ناحية أخري نجد أن الكثير من الآباء والأمهات يعتبرون اللعب في هذه المرحلة مضيعة للوقت. ولكن الدراسات العلمية تؤكد أنَّ للعب وظائف مهمة بالنسبة للطفل؛ لأنه وسيلة للتعبير عن الانفعالات وتصريف الطاقة الزائدة في أنشطة مقبولة، كما أن اللعب يسمح بالتدريب علي المهارات والأنشطة والعلاقات الاجتماعية، وبلورة سمات الشخصية ومفهوم الذات، وبالإضافة إلي ذلك فإن اللعب يتيح للأطفال فرصة اختبار قدراتهم عند التفاعل مع البيئة.
ويمر تطور اللعب بالمراحل التالية:
1- الأنشطة البسيطة، وهي أنشطة حسية حركية ذات نمط متكرر.
2- اللعب الإنشائي، ويغلب عليه توظيف أدوات اللعب في أنشطة جديدة قد تكون ابتكارية.
3- اللعب الرمزي أو الدرامي، مثل توظيف اللغة في الأداء التمثيلي ولعب الأدوار.
4- اللعب ذو القواعد والقوانين، مثل: الألعاب التي يوجد فيها تحكيم.
ويغلب علي الأطفال في هذه المرحلة اللعب الاستكشافي، الذي يتمثل في الفك والتركيب باستخدام العدد والآلات، وفي نهاية المرحلة يتركز نشاط الطفل علي المهارات والتفوق، وليس مجرد الحصول علي المتعة والسرور، ويمارس الطفل في هذه المرحلة الكثير من المهارات عندما يكون بمفرده، مثل: القراءة، والاستماع إلي الراديو، أو اللعب بالكمبيوتر، أو مشاهدة التليفزيون، والبعض يقضي الكثير من الوقت في أحلام اليقظة.
ويفضل أطفال العاشرة قصص الحيوانات، وإن كان عدد البنات اللاتي يفضلن قصص الحيوان أقل من الذكور، وهي مؤشر علي النضج النفسي للأطفال.
مطالب النمو في هذه المرحلة: لهذه المرحلة العديد من المطالب التي يجب أن يسيطر عليها الطفل، إذا كان له أن يتوافق مع بيئته ومع أقرانه توافقًا جيدًا، وأن يستطيع مسايرة المجتمع تبعًا لما هو مُتوقَّع منه، ويمكن تلخيص مطالب النمو في هذه المرحلة فيما يأتي:
- تعلم المهارات الحركية الضرورية للألعاب الشائعة في هذه المرحلة.
- تعلم كيفية العمل الجيد مع مجموعة الأقران، والتوافق مع الزملاء من نفس العمر.
- أن يصبح فردًا مستقلا.
- تكوين المهارات الأساسية للقراءة والكتابة والحساب.
- تكوين المفاهيم الضرورية للحياة اليومية.
- تكوين الضمير والخلق، وتكوين الاتجاهات المناسبة نحو الجماعات والمؤسسات الاجتماعية.

zd11.gif

 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
المراهقة

zd11.gif


المراهقة

تعتبر مرحلة المراهقة مرحلة متميزة في النمو الإنساني، ذلك أنها ليست مجرد نهاية للطفولة بقدر ما تعتبر طليعة لمرحلة نمو جديدة، فهي التي تؤثر علي مسار حياة الإنسان وسلوكه الاجتماعي والخلقي والنفسي.
وفي هذه الفترة يكون الفرد غير ناضج انفعاليًّا، وخبرته محدودة، ويقترب من نهاية نموه البدني والعقلي.
وتتميز مرحلة المراهقة بالعديد من الخصائص المهمة التي تميزها عن سنوات الطفولة وعن المراحل التي تليها. ويشمل هذا الاختلاف النواحي التالية:
- تمتاز الفترة الأولي من مرحلة المراهقة بأنها فترة انفعالات عنيفة، وهي فترة التطرفات السلوكية التي تتميز بالعواصف والتقلب وعدم الثبات.
- لا يستطيع المراهق في بداية هذه المرحلة التحكم في المظاهر الخارجية لحالته الانفعالية، فتراه يصرخ، ويدفع الأشياء، ويلقي بأطباق الطعام، وأكواب الماء علي الأرض، لذلك فإن الكبار الذين يتحملون مسئولية التوجيه والإشراف علي المراهقين يجدون أن هذه الفترة هي (عمر المشاكل) بالنسبة لهم.
- تتميز هذه المرحلة في الوقت نفسه بتكوين بعض العواطف الشخصية - عواطف نحو الذات والتي تأخذ المظاهر التالية: الاعتزاز بالنفس، والعناية بالهندام، وبطريقة الجلوس والكلام، ويبدأ المراهق في الشعور، والإحساس بأنه لم يعد الطفل الذي يطيع دون أن يكون له حق إبداء الرأي.
ويعتقد علماء النفس أن حساسية المراهق الانفعالية ترجع إلي عدم قدرته علي الانسجام مع البيئة التي يعيش فيها، إذ يدرك المراهق عندما يتقدم به السن قليلا أن طريقة معاملته لا تتناسب مع ما وصل إليه من نضج، وما طرأ عليه من تغير.
وعلي الآباء والأمهات أن يولوا أبناءهم المراهقين كبير اهتمامهم ورعايتهم في هذه المرحلة الحساسة، حتى يشبوا علي جميل الخصال وكريم الفعال.
ومن المسؤوليات الكبرى التي أوجبها الإسلام علي المربين من آباء وأمهات ومعلمين ومرشدين تعليم الولد منذ أن يميز: الأحكام الشرعية التي ترتبط بميله الغريزي، ونضجه الجنسي، ولذا وجب علي المربي أن يصارح الصبي إذا بلغ الحلم بأنه قد أصبح بالغًا ومكلفًا شرعًا، وغدا مطالبًا من الله بالأمر والنهي، والوعد والوعيد والثواب والعقاب، ووجب علي الأم أيضا أن تصارح البنت إذا بلغت سن البلوغ، وحدث الطمث بأنها أصبحت بالغة ومكلفة شرعًا، ويجب عليها ما يجب علي النساء الكبار من مسئوليات وتكاليف.
والأبناء في هذه المرحلة يحتاجون إلي تذكيرهم بأركان الإيمان وتكاليف الإسلام - والتي كانوا يمارسونها قبل ذلك ندبًا لا إيجابًا - وبأنها صارت واجبة، ويجب عليهم الإتيان بها، مثل: الصلوات، والصوم، والابتعاد عن المحرمات: من الزنا، واللواط، وشرب الخمر، وأكل أموال الناس بالباطل، والربا والغضب، والخيانة وغيرها.
وعلي الأم أن تشرح لابنتها أن الاحتلام أمر طبيعي وأنه رحمة من الله لتصريف أشياء زائدة عن حاجة الجسم، فبالرغم من أن الاحتلام عملية طبيعية إلا أنه يعتبر بالنسبة للكثير ممن بلغوا سن الحلم مصدرًا للقلق والصراع النفسي.
والأم عليها أن تعلم ابنتها كيف تتطهر من الحيض، وكيف تحسب دورته للاستعداد له كلما جاء، وأنه يحرم عليها مس المصحف والصلاة والصيام ودخول المساجد أثناء الحيض، وأن عليها قضاء الصيام الذي فاتها أثناء الحيض دون الصلاة، كذلك على الأب أن يُعَلِّم ابنه التطهر من الجنابة، وآداب الإسلام فيما يتعلق بهذه الأمور.
كما يجب علي الأم أن توضح لابنتها أسباب الحيض، وأن الله تبارك وتعالي قد كتب الحيض علي بنات آدم لحكم كثيرة، فهو دليل ودليل علي النضج والاستعداد للحمل وعلامة علي براءة الرحم من الحمل، واحتساب عدة الطلاق.
وعلي الأم أن تزرع في نفس ابنتها ثقتها بنفسها، وأنها هي وحدها المسئولة عن صيانة نفسها، والحفاظ علي عفافها.
ومن الأمور المهمة أن تصادق الأم ابنتها في هذه السن الحرجة، وترفع الكلفة معها في حدود الاحترام الواجب، وأن تكثر من الحوار معها في شئون البيت، والأمور العامة، وفي وقت فراغ البنت تحاول الأم أن تعلم ابنتها الأمور المنزلية من خلال مساعدتها في إعداد الطعام، ونظافة البيت، وتنسيقه، وأشغال الإبرة، وتفصيل الثياب، وتنمية الهوايات مثل الرسم والاعتناء بالزهور ونباتات الزينة.
ويلاحظ أنه تنتشر بين شباب المسلمين بعض المظاهر الخاطئة مثل لبس السلاسل الذهبية، وارتداء بعض الملابس غير اللائقة مما يجعل الشباب يبدون في صور ممسوخة أقرب إلي أشكال الفتيات، كما يلاحظ أن بعض البنات يرتدون بعض ملابس الذكور أو قريبة الشبه منها.
والواجب علي المربين أن يبينوا لأولادهم أن الله لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، فقد ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: (لعن رسول الله ( المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال) [البخاري]. وقال ابن عباس -أيضًا-: (لعن رسول الله ( المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء) [البخاري] .
والواجب علي الأمهات أن يوضحن لبناتهن أن الإسلام أمر النساء أن يسترن أجسامهن، وألا يبدين زينتهن، حفظًا وصونًا لهن من أصحاب النفوس الدنيئة، قال تعالي: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن علي جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الأربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا علي عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلي الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} [النور: 31].
وعلي الأمهات أن يذكرن بناتهن بحديث رسول الله :) (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) [مسلم].
وعلي المربين تعويد أولادهم علي حياة الجد والرجولة، والابتعاد عن التراخي والميوعة والانحلال، وذلك من خلال تعهدهم لأولادهم منذ الصغر بغرس أنبل معاني الرجولة والشجاعة والثقة في نفوسهم، حيث دعا الإسلام إلي تربية الأبناء علي حياة التقشف والخشونة، فعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه-: (إياكم والتنعم، فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين) [أحمد].
وكثير من المراهقين يلجئون إلي التدخين، وكأنهم يعتقدون أن رجولتهم لن تكتمل إلا بالإقبال علي هذه العادة الذميمة.
وواجب الآباء أن يوضحوا لأبنائهم الأضرار الصحية والنفسية والاجتماعية للتدخين من خلال النشرات، ومن خلال الدروس المستفادة من الذين أدمنوا التدخين، وكانت عاقبتهم من أسوأ العواقب، كإصابتهم بأمراض السل، وتهيج الأعصاب، وضعف الذاكرة، واصفرار الوجه والأسنان، والكسل والاسترخاء، إضافة إلي الأمراض الخطيرة كالسرطان الرئوي، وتصلب الشرايين، وارتفاع ضغط الدم، والذبحة الصدرية.
والمخدرات بأنواعها إحدى الوسائل الخطيرة لتحطيم الشباب، وخصوصًا من سار منهم في طريق الفساد والانحراف في غفلة عن مراقبة آبائهم وأمهاتهم، ونقص رعايتهم لهم، وعدم الاهتمام الكافي بهم، فتكون النتيجة أن يقعوا فريسة للإدمان والانحراف، وقد تنتهي حياتهم داخل جدران السجون أو المصحات العقلية.
وعلي المربين أن يبينوا لأولادهم المخاطر الجسيمة من تعاطي المخدرات والمسكرات، وأضرارها الصحية والنفسية والاقتصادية والخلقية والاجتماعية، وأن يساعدوهم علي قضاء أوقات فراغهم فيما يفيد.
ووسائل الإعلام تلعب دورًا لا يقل أهمية عن دور الآباء والأمهات، لذلك فإن عليها أن تهتم بتقديم المعلومات والثقافة النافعة لخدمة جميع أفراد المجتمع وخاصة الشباب.
والواجب علي المربين ألا يتركوا لأولادهم (الحبل علي الغارب)، بل عليهم مراقبتهم وإرشادهم إلي الطريق السوي وربطهم بالعقيدة الربانية، وتربيتهم علي مراقبة الله في السر والعلن وترغيبهم في حضور مجالس العلم والذكر، والمحافظة علي أداء الفروض وصلاة النفل، والمواظبة علي تلاوة القرآن، والصلاة، والاستفادة من سيرة الصحابة والسلف والإقبال علي الحياة بكل الحب والثقة في الله، والارتباط بالرفقة الصالحة والجماعة المؤمنة00 وهذا يؤدي إلي تقوية الوازع الديني، وتجنب مواطن الفساد والاتجاه إلي العفة والتسامي والتحلي بالأخلاق الكريمة.
ومن نعم الإسلام علي أتباعه أن مباحاته أكثر من محرماته، وذلك لأن الإسلام بمبادئه السمحة، وتعاليمه السامية، جمع في آن واحد بين الجد واللهو البريء، ووفق بين مطالب الروح وحاجات الجسم، واعتني بتربية الأجسام وإصلاح النفوس علي حد سواء، والنفس الإنسانية لا ينصلح حالها إلا إذا انشغلت بما فيه الخير لها. يقول الإمام الشافعي: نفسك إذا لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل. ومن العوامل الأساسية التي تؤدي إلي انحراف المراهق عدم الاستفادة من الفراغ الذي قد يطغي علي حياته. لذلك وجب علي المربين أن ييسروا لأولادهم أماكن للعب واللهو البريء، والنوادي الصالحة للرياضة وإعداد القوة، ونزهات للنشاط والحيوية.
والإسلام بتوجيهاته السامية، عالج الفراغ لدي الأطفال والمراهقين بوسائل عملية تصحح لهم أجسامهم، وتقوي أبدانهم، وتكسبهم قوة وحيوية ونشاطًا، فمن أعظم هذه الوسائل تعويدهم علي العبادات، ولا سيما الصلاة التي عدها الإسلام عماد الدين وقوامه، وركنه الأساسي حتى يستقيم سلوكهم من خلال الصلة الروحية بينهم وبين خالقهم، وكذلك الصوم الذي يخفف عنهم أعباء غريزة الجنس .
ومن الوسائل العلمية التي وجه إليها الإسلام في معالجة الفراغ لدي الأولاد: تعليمهم الفروسية، والسباحة، وغيرها من الأنشطة الهادفة.
ويجدر بمؤسسات رعاية الشباب في عالمنا الإسلامي أن تهتم بهوايات الشباب وتعمل علي تنميتها، وتنمية الروح الرياضية عندهم، وبمعسكرات العمل الهادفة وتوجيه الشباب التوجيه السليم لملء أوقاتهم بما يفيدهم بدلا من أن يقتلوا أوقاتهم، لأن الوقت هو الحياة، ووقت الشباب -وكذلك طاقته- إن لم يملأ في الخير، وإن لم يستغل في أعمال مفيدة، كان الفساد والضياع بابًا مفتوحًا أمامهم.
والمراهق يحاول أن يرضي ويشبع حاجته للمكانة من خلال جماعة الأقران. وهو يتأثر برفاقه أكثر مما يتأثر بأبيه أو بمدرسيه، لذلك فإنه من العوامل الكبيرة التي تؤدي إلي انحراف المراهقين، رفاق السوء والخلطة الفاسدة، ولا سيما إذا كان المراهق ضعيف النفس والخلق.
لذلك وجب علي المربين أن يهتموا برعاية أبنائهم رعاية حقيقية تمكنهم من معرفة من يخالطون ويصاحبون، وإلي أين يغدون ويروحون ؟ وإلي أي الأماكن يذهبون، والواجب عليهم أن يوجهوهم إلي اختيار الرفقة الصالحة ليكتسبوا منها كل خلق كريم، وأدب رفيع، وعادة فاضلة، وكذلك يجنبوهم رفاق السوء، حتى لا يقعوا في حبائل غيهم، وشباك ضلالهم وانحرافهم.
ولقد حذر القرآن الكريم المسلمين من رفقاء السوء، قال تعالي: {ويوم يعض الظالم علي يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً. يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانًا خليلاً. لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً} [الفرقان: 27:29].
والرسول الكريم نبَّه إلي أهمية اختيار الرفيق، فقال :) (الرجل علي دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) [الترمذي] وقال: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك (يعطيك)، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة) [متفق عليه].
نصائح عامة تخص مرحلة المراهقة:
هناك العديد من النصائح المهمة التي تفيد الآباء والأمهات في توجيه أبنائهم خلال هذه الفترة الحرجة:
بالنسبة لمواجهة مظاهر النمو الفسيولوجي يجب علي الوالدين مراعاة ما يلي:
* شرح مظاهر البلوغ الجنسي للمراهقين حتى لا يكون هناك شعور بالحرج أو الارتباك أو القلق عندما تطرأ هذه المظاهر.
* إعطاء المزيد من المعلومات الصحيحة عن تغيرات البلوغ وعن الحيض (للبنات) وإفراز المني (للبنين).
* توجيه المراهقين إلي الابتعاد عن الإفراط في السهر والابتعاد عن التدخين وحفلات اللهو غير البريء مما يستنفد حيوية الشباب.
* مساعدة المراهق علي تقبل التغيرات الجسمية والفسيولوجية المختلفة، وفهم مظاهر النمو الفسيولوجي بصفة عامة علي أنها تغيرات عادية لا تحتاج إلي قلق واهتمام خاص، وأنها ليست مظهرًا مرضيّا في صحة المراهق.
* تنمية اتجاه الاعتزاز بالبلوغ الجنسي والاقتراب من الرشد، مع عدم الإسراف في التركيز علي مظاهر البلوغ واستثمارها بأساليب خاطئة.
بالنسبة لمشكلات المراهق الانفعالية يراعي الآتي:
* الاهتمام بمشكلات المراهق الانفعالية، ومساعدته في حلها وعلاجها قبل أن تستفحل.
* العمل علي التخلص من التناقض الانفعالي والوجداني والاستغراق الزائد في أحلام اليقظة.
* مساعدة المراهق في تحقيق الاستقلال النفسي واستقلال الشخصية.
وفيما يتعلق بالسلوك الاجتماعي للمراهقين والمراهقات يراعي:
* تكوين علاقات جديدة أكثر نضجًا من الأقران (الأسوياء).
* التشجيع علي الاستقلالية في الشخصية، والاعتماد علي النفس.
* الإعداد للزواج والحياة العائلية عن طريق التربية الجنسية السليمة.
* وفي الناحية التربوية يجب أن يراعي:
* إكساب المراهق مجموعة من القيم والمعايير السلوكية السليمة.
* مساعدة المراهق في اختيار الأصدقاء الأسوياء.
* تكوين المفاهيم العقلية والمفاهيم الضرورية للحياة.
* توجيه المراهق إلي ضبط النفس والتحكم في الرغبات الجنسية والتمسك بتعاليم الإسلام من غض البصر، وحفظ الفرج، وعلاج فوران الرغبة الجنسية بالصوم. ويفضل الزواج المبكر للشباب إذا كان في استطاعتهم ذلك، فإنه علاج للانحرافات بمختلف أشكالها وصورها؛ اتباعًا لقول الرسول :) (يامعشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للنظر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وِجَاء (أي: وقاية وحماية)) [متفق عليه].
* توجيه المراهقين (والمراهقات) إلي شغل أوقات فراغهم بما يفيد من خلال بعض الأنشطة الترويحية التي حث عليها الإسلام مثل: ألعاب الفروسية، والمصارعة، والصيد، والسباق، وغيرها من الرياضات المفيدة، وكذلك توجيه المراهقات بأنشطة مناسبة لهن مثل: تعلم الحياكة، وبعض المشغولات، كما يستحسن توجيه المراهقين من الجنسين إلي فضيلة الغلم وأهميته؛ ليشغل المراهق أكثر وقته في القراءة والاطلاع.
* إمداد المراهق بالمزيد من المعلومات عن الأمراض التناسلية وطرق الوقاية والعلاج.
- تجنيب المراهقين والمراهقات كل ما يثيرهم جنسيًا.
- مناقشة المراهقين والمراهقات والتعرف علي أفكارهم ومشكلاتهم، وذلك لا يتأتى إلا من خلال العلاقات الجيدة بين الآباء والأبناء.
ويمكن تقسيم مرحلة المراهقة إلي مرحلتين أساسيتين (وإن قسمها البعض إلي ثلاث مراحل: المراهقة المبكرة - الوسطي - المتأخرة).
المرحلة الأولي:
والتي تتعلق ببداية البلوغ الجنسي وتنتهي في حوالي (15 سنة)، وهو العمر المقابل للتعليم الإعدادي، وبداية التعليم الثانوي.
المرحلة الثانية:
وتبدأ مع اكتمال التغيرات الجسمية، وتمتد إلي سن الرشد أي (18 سنة)، أو الرشد القانوني 21 سنة.
المرحلة الأولي: البلوغ (12 - 15 سنة).
بلوغ الحلم أو البلوغ الجنسي يعتبر حدثًا مهمّا في حياة الإنسان حيث يتحول الفرد من كائن غير جنسي إلي كائن ناضج جنسيَّا.
وتعتبر هذه الفترة قصيرة جدًّا حيث تتداخل فيها نهاية الطفولة وبداية المراهقة. والطفل في هذه المرحلة لا يعتبر نفسه طفلا بسبب التغيرات التي طرأت عليه، في حين أن الآباء والمعلمين يصرون علي معاملته علي أنه طفل، فيؤدي ذلك إلي التناقض والشعور بالاضطراب وعدم الأمن والقيام ببعض السلوكيات غير المرغوبة، ويتوقع المجتمع من الذكور والإناث في هذه المرحلة سلوكًا مختلفًا عن سلوكيات الطفولة.
وتتمثل مظاهر النمو في هذه المرحلة في الطمث (الحيض الأول عند البنات)، مع حدوث بعض التغيرات الجنسية الأخرى في مناطق مختلفة من الجسم، أي الاتجاه نحو اكتمال الأنوثة بمظاهرها الأولية والثانوية، أما عند الذكور فيتحدد بإفراز السائل المنوي لأول مرة وهو يتم تلقائيًا وأثناء النوم، وأيضا تحدث مجموعة من التغيرات الثانوية عند الذكور.
ويمكن عن طريق القياسات والفحوص والأساليب العلمية الحديثة معرفة ودراسة البلوغ الجنسي المبكر أو المتأخر.
ويمكن القول أيضًا بأن البنات يصلن إلي النضج الجنسي عندما يبلغن (12.5سنة) إلي (14.5سنة) أما الذكور فيصلون إلي النضج الجنسي في الفترة من 14 - 15 سنة، ويرجع السبب في اختلاف سرعة النضج الجنسي إلي نشاط الغدد الصماء المسؤولة عن بداية التغيرات الجنسية، وكذلك إلي عوامل الوراثة والظروف الصحية العامة للفرد وظروف التغذية.
وأطفال المناطق الجغرافية المعتدلة أسرع في النضج الجنسي من أطفال المناطق الباردة والمناطق الحارة، وأطفال الحضر أسرع في النضج الجنسي من أطفال الريف.
ومن مظاهر النمو في مرحلة البلوغ:
النمو الجسمي: في البلوغ تحدث طفرة في النمو، فهي فترة تتميز بالنمو السريع، ويحدث مع البلوغ أربعة تغيرات جسمية مهمة تتمثل في:
حجم الجسم، ونسب أعضاء الجسم، ونمو الخصائص الجنسية الأولية، ونمو الخصائص الجنسية الثانوية.
بعد حدوث هذه التغيرات يتحول جسم البالغ من جسم طفل إلي جسم راشد، أو إلي الصورة التي سيكون عليها بعد ذلك أي في مراحل النمو التالية.
وترجع زيادة الوزن ليس فقط إلي الدهون، وإنما أيضًا إلي زيادة أنسجة العضلات والعظام، وبالإضافة إلي ذلك يحدث تغير في الشكل، والنسب، والبنية الداخلية للجسم.
وتمثل العضلات 45% من وزن الجسم، وتحدث أكبر زيادة في العضلات في الفترة من (12 - 15 سنة).
ومع حدوث التغيرات في الطول والوزن تحدث تغيرات في نسب الجسم؛ حيث ينمو الرأس والأنف في البداية ثم الذراعان والساقان 00 واختلاف النسب يؤدي إلي الشعور بالخجل والحرج من شكل الجسم، ولا يصل جسم الإنسان إلي نسبته الطبيعية إلا في مراحله التالية.
وتظهر الفروق بين الجنسين في شكل الجسم بشكل أكثر وضوحًا عما سبق، فهناك الدهون التي تتراكم في مواضع معينة من جسم البنت أكثر من الولد، ويزداد جسم الذكور حجمًا بزيادة حجم العظام وكثرة أنسجة العضلات،ويزداد عرض الأكتاف ومحيط الصدر، ويترتب علي ذلك زيادة قوة الدم وانخفاض معدل نشاط القلب عند الراحة، وزيادة القدرة علي تحمل التعب والإرهاق.
وبنمو الخصائص الجنسية الثانوية تزداد الفروق بين الذكور والإناث في المظهر، وتنشط الغدد الدهنية مما يسبب البثور التي يطلق عليها "حب الشباب"، ويحدث تغير في الصوت، مع ظهور شعر العانة والشارب والذقن.
وفي الإناث تزداد الأرداف عرضًا، وينمو الصدر، ويزداد الصوت نعومة، أمَّا الخصائص المشتركة بين الجنسين فتبدو في: ظهور شعر العانة، وشعر الإبط، ونشاط الغدد الدهنية، وما يترتب عليها من ظهور حب الشباب .
التغيرات الفسيولوجية والسلوكية أثناء البلوغ: يحدث الكثير من الأمراض غير الملائمة مثل التعب والكسل والإرهاق السريع، وكثيرًا ما يخطئ الآباء والأمهات عندما يكلفون الابن أو الابنة في هذه المرحلة بالكثير من الأعباء والمسئوليات، التي لا يقوي عليها.
ويجب أن نلاحظ هنا أن البالغ في هذه المرحلة يكون أقل قدرة علي القيام بنجاح بكل الأعباء والمسؤوليات، مما يؤدي إلي الضغط النفسي، وزيادة التوتر العصبي، وزيادة الانفعالية .
وعادة ما تحدث اضطرابات هضمية بسبب التغيرات الغددية والتغيرات الداخلية في أعضاء الجسم.
ويشيع في هذه المرحلة حدوث الأنيميا (فقر الدم) بسبب عادات الطعام غير المنتظمة، ويعاني البالغ من آلام الصداع وآلام الظهر والهزال، وهذه الأعراض أكثر شيوعًا عند البنات بصفة خاصة في فترة الدورة الشهرية، وتمر هذه المرحلة بسلام إذا كانت الصحة العامة للبالغ جيدة .
وعلينا أن نلاحظ أن التغيرات السلوكية نحو البلوغ تعتبر نتيجة للتغيرات الاجتماعية بالدرجة الأولي، وإن كنا لاننكر أثر التغيرات الغددية والفسيولوجية في التوازن الجسمي . أي أن حالة البالغ المراهق تعتمد علي درجة تفهّم المحيطين به لأحواله مع عدم الضغط عليه بأكثر مما يطيق . أما عن مقدار تأثير هذه التغيرات علي البالغ المراهق، فهي تعتمد علي درجة النضج وعلي معلوماته.. والإعداد النفسي الذي حصل عليه، فقد وجد أنه في حالة توفير معلومات غير صحيحة تتكون اتجاهات خاطئة نحو المراهقة والبلوغ، ونذكر من الجوانب السلبية ما يلي:
* الرغبة في العزلة والبعد عن الآخرين .
* عدم الرغبة في العمل وبذل أي مجهود أو القيام بأي نشاط.
* عدم التآزر بسبب اختلاف نسب النمو .
* الملل السريع من الأنشطة والرغبة في التغيير، ويبدو ذلك من رفضه الاشتراك في الأنشطة المختلفة، وأحيانًا يصاب باللامبالاة، والإحساس بالنبذ والرفض إذا لم يقبل الآخرون ما يقوم به.
* عدم الاستقرار النفسي والعضوي، حيث تتغير اتجاهاته مثلما يتغير جسمه مع الإحساس بمشاعر التوتر والقلق .
* الرفض والعناد حيث يوجد رفض ومعاداة للأسرة والأصدقاء والمجتمع عمومًا. ولذلك يغلب عليه الحزن والاغتمام، ويعارض الآخرين ولا يتعاون معهم، ويرفض رغباتهم، وتغلب عليه الغيرة من إخوته ويتصارع معهم، ويكون كثير الجدل والنقاش لمجرد المناقشة وإثارة المتاعب والمشاغبة فقط، ولكن لا تلبث هذه الحالة أن تتغير مع التقدم في العمر للمرحلة التالية.
* مقاومة السلطة والرغبة في الاستقلال، وفي هذه الفترة يحدث أكبر قدر من الصراع والنزاع بين الأبناء والآباء وخاصة مع الأم، ويرجع السبب في ذلك لكون الأم هي الأكثر اتصالا بالمراهق داخل المنزل، وكلما وجد البالغ المراهق أنه لا يحقق نصرًا في نزاعه؛ ازدادت حدة مقاومته وعناده00وقد يلجأ إلي الانسحاب ويصدر عنه أنواع مختلفة من سوء السلوك.
* رفض الجنس الآخر، وتصل قمة الرفض في مرحلة البلوغ، وقد يحدث العداء الصريح بين الجنسين، ويكون رفض الإناث للذكور أكبر من رفض الذكور لهن، ويتمثل ذلك في النقد اللاذع والتعليقات الساخرة.
الانفعالية الشديدة بسبب التوتر والاضطراب الناتج عن النمو والتغيرات الجسمية، حيث يكون المراهق شديد الحساسية، مع زيادة المخاوف المتوهمة، مما يؤدي إلي زيادة القلق والشك في كفاءته الشخصية والاجتماعية، ويظهر الشعور بالكآبة، وقد يشعر بأنه لم يعد محبوبًا أو مرغوبًا فيه.
نقص الثقة في النفس، حيث يشك في قدراته وكفاءته، ويبدو أن هذا هو السبب في الكثير من سلوك الرفض والعناد. ويكون مفهوم الذات غير مستقر مما قد يكون سببًا في الأخطاء التي يقع فيها المراهق، حيث يرجع ذلك إلي رغبته في تأكيد ذاته.
وقد يعود السبب في نقص الثقة إلي نقص المقاومة الجسمية والتعب السريع، والضغوط الاجتماعية المتعددة، وتكليفه بأكثر مما يطيق، ونقد الكبار لطريقته وأسلوبه في أداء العمل، والاهتمام بمسائل الجنس بسبب نمو الأعضاء الجنسية ونمو الغدد الجنسية، وقد يشغل معظم تفكيره، ويحاول الحصول علي بعض المعلومات الجنسية بأساليب مختلفة، وقد يلجأ إلي المصادر غير الدقيقة، وقد يؤدي ذلك إلي بعض المشكلات الجنسية، وخاصة ممارسة العادة السرية. ومع اكتمال النضج تنحصر المشكلات وتقل حدتها خاصة، إذا توافرت ظروف تربوية جيدة.
استغراق وقت المراهق في: (أحلام اليقظة): وهي من أفضل وسائل قضاء الوقت عند المراهق في سن البلوغ؛ حيث يكون بطلها المراهق نفسه، وهي مصدر مهم للتعبير عن انفعالاته وإشباع دوافعه. وكلما زاد اندماج المراهق البالغ في هذه الأحلام؛ كلما ازداد بعدًا عن الواقع ونقص تكيُّفه الاجتماعي.
الحياء الشديد: زيادة حياء المراهق؛ حيث يشعر بالخجل الشديد من أن يراه أحد أثناء تغيير ملابسه -مثلا- أو أثناء الاغتسال، وهذا الشعور يأتي نتيجة للتغيرات الجسمية، ولكن ذلك يعتبر أساسًا للشعور الأخلاقي فيما بعد؛ حيث إن الحياء شعبة من الإيمان.
النمو العقلي والمعرفي: يستمر التغير الكمي والكيفي، حيث يصبح المراهق في مرحلة البلوغ أكثر قدرة علي إنجاز المهام العقلية بسهولة وسرعة وكفاءة، وتحدث أيضًا تغيرات في طبيعة العمليات المعرفية الصورية، وهي المرحلة الرابعة في النمو العقلي والمعرفي عند الإنسان.
وهذا النمو يمكِّن المراهق من التفكير بدرجة عالية من المرونة في بيئته وعالمه، ويستطيع تناول المفاهيم المجردة، وتصبح العمليات المعرفية أكثر ارتباطًا بأنماط السلوك، ويستخدم المراهقون الاتجاه الفرضي الاستنباطي، وهم بذلك أقرب إلي التفكير العلمي والاكتشاف العلمي، ويصاحب ذلك نمو في مفهوم الزمن والقدرة علي إدراك المستقبل ووضع الأهداف.
والقدرة علي التفكير المجرد تجعل المراهق في موقف يستطيع معه أن يتساءل عن الحكمة من الأخذ بقضايا، أو بأوضاع معينة، كان يسلم بها دون مناقشة في المراحل السابقة.
وتلعب التغيرات العقلية والمعرفية دورًا مهمّا في مساعدته علي التوافق مع المطالب التربوية والمهنية المعقدة.
ويترتب علي نمو المراهق المعرفي والعقلي تغير في علاقته بالآخرين، وفي سمات شخصيته، وفي تخطيطه لمستقبله التعليمي والمهني مع زيادة الاهتمام بالأمور السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، وكذلك ينشغل المراهق بالتفكير في ذاته فيزداد عنده الاستبطان والتأمل الذاتي، والتحليل الذاتي، ويتميز هذا التفكير بقدرة المراهق علي فحص أفكاره ومشاعره وسمات شخصيته ومظهره، وتقويمها ونقدها، ويترتب علي ذلك زيادة الشعور بالذات، مما يجعل المراهق ينشغل بنفسه أكثر مما ينجذب إلي الآخرين أو يجذبهم إليه، وفي هذه المرحلة يهتم المراهق بالمسائل العقلية المجردة مثل الأفكار الفلسفية كالحرية وغيرها، ويسير النمو العقلي تدريجيَّا نحو الاستقرار الذي يحل بالمراهق مع الرشد.
النمو الانفعالي: يتفق العلماء علي أن مرحلة المراهقة تمثل أزمة، ويطلق عليها البعض اسم (مرحلة الضغوط والعواصف)، ويجمع العلماء علي أن أزمة المراهقة تختلف من مجتمع إلي آخر.
إذن، فالأزمة ليست لأسباب داخلية، ولكن نتيجة لأساليب استجابات البيئة للمراهق، وبالتالي يمكن القول: إنه ليس من الضروري أن يمر جميع المراهقين بسوء التوافق والاضطراب النفسي.
ومن الباحثين من يقسم أشكال المراهقة إلي المراهقة التوافقية، والمراهقة الانسحابية الانطوائية، والمراهقة العدوانية المتمردة، والمراهقة المتقلبة . وتختلف الأنماط الانفعالية في المراهقة عنها في الطفولة في نوع المثيرات، وفي أساليب التعبير عنها، فالمراهق يغضب بسبب النقد أو السخرية من الأصدقاء أو الوالدين أو المعلمين، وحين يحرم من بعض الامتيازات التي يعتبرها من حقه أو حين يعامل كطفل، وحين لا تستقيم في نظره الأمور، وحين يعجز عن فعل شيء يريده، وحين يتدخل آخر في شئونه، أو يقطع عليه أفكاره.
ويشعر بالإحباط إذا ما أعيق عن إشباع حاجاته إلي الاستقلال. وأحيانًا ما يستخدم المراهق العنف والعدوان الصريح والصراخ، والبكاء عند الإناث، ولكنه تدريجيًّا يتحكم فيها، ويحُلّ محلها مسائل التعبير اللفظي، وتختلف صور التعبير العدواني باختلاف المستوي الاقتصادي والاجتماعي للمراهق، وتزول مخاوفه السابقة، ويعاني من مخاوف جديدة ترتبط بالمواقف الاجتماعية، ويزداد شعوره بالخجل والارتباك بسبب شكله أو مظهره أو ملابسه.
كما أن الامتحانات تمثل مصدرًا رئيسيَّا لقلق المراهق، وخاصة بسبب المبالغة في تقدير الشهادات، ويحدث القلق أيضًا بسبب العلاقة بين الجنسين، وصعوبة تكوين صداقات، ونقص وسائل الملاءمة، وبسبب الاختيار التعليمي والمهني، وإزاء بعض الموضوعات الدينية والصحية، وبعض المشكلات الشخصية، مثل: عدم القدرة علي الضبط الانفعالي . وهذه الانفعالات غير المريحة قد تدفع المراهق إلي اتخاذ أسلوب أو آخر من الأساليب.
اللاتوافقية التي قد تساعده - ولو مؤقتًا - علي التخلص من ذلك التوتر الذي يعانيه، ومن هذه الأساليب الشائعة: المبالغة في المثالية، والنشاط الزائد، والإغراق في أحلام اليقظة، والتقمص، والانعزال والانزواء .
النمو الاجتماعي: من أهم مطالب النمو في هذه المرحلة تحقيق مطالب التوافق الاجتماعي والتوافق النفسي، ويزداد بُعد المراهق عن الوالدين، ويقضي معظم وقته مع الرفاق مما يجعل للجماعة أثر كبير علي سلوكه واتجاهاته، وحتى يحقق المراهق مكانة في جماعة، ويصبح عضوا مقبولا يزداد تأثره بهذه الجماعة، ولذلك يلتزم بالانضباط السلوكي، وقد يتخلى عن تفوقه الدراسي حتى يظل مقبولا من الجماعة إذا تعارض تفوقه مع أهداف الجماعة، ومع تقبلها له.
ومن أخطر مشكلات المراهق تفضيله لمعايير الجماعة التي تتعارض مع معايير الكبار والوالدين، ومن هنا قد يحدث الصراع بين الآباء والأبناء المراهقين، عندما يصر الأب علي رأي، ويصر المراهق علي معارضة هذا الرأي حتى يستقيم تفكيره، ويلتزم بمعايير جماعته، وهنا نجد صراع المراهق الذي يعيش بين توقعات الوالدين منه، وتوقعات جماعة الرفاق منه، فهو يريد أن يكون محبوبًا من والديه، مقبولا من رفاقه، وعادة ما يختار معيار الجماعة بسبب حاجته إلي النمو الاجتماعي الخارجي.
وأهم تغير يطرأ علي المراهق في هذه المرحلة هو تلاشي شلل الأطفال مع ظهور الاهتمام بالأنشطة الاجتماعية في جماعات الذكور ذات العدد الأكبر والتحديد الأقل، وفي جماعات الإناث ذات العدد الأقل والتحديد الأكبر.
وفي المراهقة أيضًا تظهر أنواع من الجماعات يطلق عليها اسم العصابات، كما يتم تكوين الجماعات الحميمة، فيختار المراهق أو المراهِقة أحد الأشخاص، يجعله موضع سره، وهذا الصديق يشبع في المراهق الكثير من حاجاته الاجتماعية، ويقضي معه معظم الوقت، وعادة ما يكون هذا الصديق من نفس الجنس، ولديه نفس الميول والقدرات، وتكون العلاقة بينهما وثيقة، وعلي الرغم من الاختلافات التي قد تنشأ بينهما، فإن صلة الصداقة تكون أقوي بكثير، أي أن جماعة الرفقة الحميمة تتكون فقط من صديقين، وقد تتكون الجماعة (الشلة) من عدة أصدقاء حميمين، ويتركز نشاطها في المذاكرة الجماعية أو الذهاب إلي النادي أو إلي السينما أو مشاهدة المباريات الرياضية أو محادثات التليفون، والمراهق يساير معايير (الشلة) التي ينتمي إليها.ثم تتكون الجمهرة وهي أكبر من (الشلة)، وقد تتكون من عدة (شلل)، وليس من الضروري أن يكون الأعضاء هنا متجانسين، وقد يوجد فيها أفراد من الجنس الآخر، وتكون ذات أنشطة اجتماعية.
والجماعة المنظَّمة هي التي تنظمها المدرسة أو النادي أو أي مؤسسة اجتماعية يشترك فيها المراهقون لممارسة النشاط الاجتماعي، وبإمكان مثل هذه الجماعات إذا أحسن تنظيمها وإدارتها أن تشبع الكثير من الحاجات الاجتماعية لدي المراهقين.
وبعض المراهقين ذوو العلاقات الاجتماعية السيئة ليس لهم من نشاط سوي التسكع علي نواصي الطرقات، مكونين أنواعًا من العصابات، ويقومون بسلوكيات لا أخلاقية في المجتمع، وقد يقومون ببعض أعمال العنف.
ويحاول المراهق أن يتقمص شخصية أحد الكبار وتقليده، ويبدو ذلك واضحًا في سلوك التدخين الذي هو في الأصل عبارة عن تقليد لسلوك بعض الكبار، ويظهر أيضًا في الرغبة في قيادة السيارة.
ومن السلوكيات الاجتماعية المهمة أيضًا العلاقة بين الجنسين، حيث يتحول المراهق من النفور من الجنس الآخر في المرحلة السابقة، إلي الشغف به، ومحاولة استراق البصر والسمع، ويرتبط ذلك بالنمو الفسيولوجي الذي حدث للمراهق.
وتنشأ ميول جديدة نتيجة للتغيرات الجسمية والاجتماعية، والجنس والذكاء والبيئة هي التي تحدد ميول المراهق، وتنقسم هذه الميول إلي ثلاثة أقسام، تتمثل في: الميول الاجتماعية، والميول الشخصية، والميول الترفيهية.
وترتبط الميول الاجتماعية بالأنشطة الاجتماعية التي يساهم فيها، وتتمثل في خدمة البيئة والميول السياسية الداخلية والخارجية، أما الميول الشخصية فتظهر في سلوكهم الشخصي؛ متمثلاً في ارتداء أنواع معينة من الملابس، وفي طريقة تصفيف الشعر، وهذا السلوك يهدف إلي تحقيق نوع من التقبل الاجتماعي عن طريق الالتزام بمعايير الجماعة من ناحية، ويهدف تحقيق المراهق لذاته كشخص، وهذا يؤدي إلي ظهور الموضات والتقاليع بين شباب المراهقين.
ومع الاهتمام بالجنس الآخر يهتم المراهق بملبسه ومظهره أمام البنات، وتظهر لديه رغبة في الاستقلال تبدو في مقاومته لسلطة الكبار آباء أو معلمين، ويؤدي ذلك إلي الكثير من الصراعات والمشكلات معهم، وتظهر عليه الميول للتمرد، ويفكر المراهق في طريقة للكسب حتى يُغطي احتياجاته، وتتوقف هذه الميول علي القيم السائدة في المجتمع.
والمراهق في حاجة إلي مساعدته علي التعرف علي ميوله واتجاهاته وقدراته واستعداداته عن طريق خدمات التوجيه والإرشاد التعليمي والتربوي والمهني، وهي خدمات لابد من توفيرها في المدارس.
ويشكو المراهق عادة من القيود المدرسية والواجبات، فهو غير راضٍ عن المعلمين ولا عن المواد الدراسية. ويتأثر ميل المراهق بنجاحه في مواد معينة، وباتجاهه نحو معلميه، ويُظهر المراهقون نفورًا من المواد المشهور عنها أنها صعبة مما قد يعرضهم للفشل.
أما الميول الترويحية فهي محدودة بسبب ضغط العبء المدرسي، ويفضل المراهق الأعمال الرياضية التي تتطلب بذل مقدار كبير من الطاقة، وتقع السباحة علي قمة الهوايات الرياضية، أما الفتيات فيستمتعن بمشاهدة الرياضة.
وتقل ميول القراءة في هذه المرحلة عن ذي قبل، ويفضل الشباب القراءة حول الاختراعات والعلوم، أما البنات فيفضلن القصص الرومانسية، ويفضل كلا الجنسين قراءة المجلات علي قراءة الكتب، ويحبون القصص الفكاهية، ويفضل المراهقون مشاهدة الأفلام الرومانسية - بالنسبة للبنات -، وأفلام المغامرات والأفلام الكوميدية - بالنسبة للبنين .
ويُعدُّ الذهاب إلي السينما من الأنشطة المهمة في حياة المراهقين، ويحبون كذلك الاستماع لشرائط الكاسيت، ومشاهدة التليفزيون وأفلام الفيديو، ويا حبذا أن تكون الأفلام والكاسيت تنمي لديهم اتجاهات إيجابية، بدلاً من انحلال الأخلاق مما يشاهدون أو يسمعون والبعض يفضل سماع الموسيقي أثناء المذاكرة، وتتعرض برامج التليفزيون لنقد المراهقين، لأنها لا تشبع حاجاتهم، ويقضي المراهقون وقتًا كبيرًا في أحلام اليقظة، ويؤثر ذلك علي تكوين مفهوم غير واقعي عن الذات، ومع ذلك فهو مفيد في حل الصراع النفسي.
النمو الخُلُقي: يتعلم المراهق أيضًا ما تتوقعه الجماعة ويشكل سلوكه في هذا الإطار، ومعني ذلك أن المراهق يحل المبادئ الخلقية محل المفاهيم السابقة، كما يحل الضوابط الداخلية للسلوك محل الضوابط الخارجية، فيصبح هو مصدر الضبط، وليس المعلمون أو الوالدان.
ويقع المتعلمون أو الآباء في بعض الأخطاء عندما لا يهتمون بتدريب المراهق علي إدراك العلاقة بين المبادئ الخاصة التي تعلمها سابقًا، والمبادئ العامة التي تعد جوهرية في ضبط السلوك في المراهقة وفي المراحل التالية.
ولا يكون المراهق مستعدَّا لتقبل المفاهيم الأخلاقية دون أن يقتنع بها، ويؤدي ذلك إلي قلق المراهق واضطرابه.
ويظهر في حياة المراهق ازدواجية المعايير حيث إن ما هو مسموح به للذكور غير مسموح للبنات، وهناك كذب مقبول وآخر غير مقبول، وهناك الغش في الامتحانات، ومغازلة الجنس الآخر، وكلها أفعال يتساهل فيها المجتمع، وإذا شاع ذلك فإنه دليل علي انهيار القيم، والمراهقة تعكس صورة المجتمع، وعلي المربين والآباء أن يراعوا ذلك.
وفي هذه المرحلة تظهر قوة الضمير ومشاعر الذنب، وهي استجابة انفعالية تحدث حين يدرك المراهق أن سلوكه لا يلتزم بالمعيار القيمي، ويحدث في هذه المرحلة أيضًا الإحساس بالعار.
وتعتبر المراهقة مرحلة البحث عن الكمال، ولذلك يضع المراهقون معايير أخلاقية مرتفعة يصعب الوصول إليها، ويشعر المراهق بالذنب بسبب عجزه عن الوصول إليها.
وتتميز المراهقة أيضًا بأنها مرحلة يقظة دينية، ويزيد اهتمام المراهق بالأمور الدينية، كما أنه مطالب بممارسة العبادات بشكل جيد وجدي، بالإضافة إلي أن بعض الأحداث التي يمر بها مثل فقد شخص عزيز تجعله يقترب أكثر من النواحي الدينية.
وقد يظهر الشك الديني لدي بعض المراهقين، وهو أشد عند الذكور منه عند الإناث، وهو أقل حدوثًا لدي أبناء الأسر التي تهتم بأمور الدين.
ويعتبر الشك جزءًا من النمو المعرفي العام، وإذا توافرت للمراهق رعاية دينية مستنيرة، فإنه يصل إلي الاعتقاد الجيد والسليم.
نمو الشخصية: يشعر المراهقون بصفاتهم الموجبة مقارنة بأصدقائهم، ويساعدهم ذلك علي تحسين شخصياتهم علي أمل زيادة تقبلهم الاجتماعي.
والمراهق الذي يستطيع أن يحب نفسه يكون أكثر توافقًا من مراهق آخر تكون صورة شخصيته سالبة، فهو لا يتقبل ذاته.
وترجع بعض التغيرات التي تطرأ علي شخصية المراهق إلي أثر الضغوط الاجتماعية التي يتعرض لها، وخاصة في السمات المتصلة بجنسه، فالمخاطرة والإقدام من سمات الفتيان، أما الرقة والمحافظة فهي من سمات الفتيات. ومعرفة المربين للأسس الصحيحة التي يقدر بها المراهقون بعضهم البعض يفيدهم في فهم شخصية المراهق.
ومستوي الطموح يلعب دورا مهمَّا في مفهوم الذات عند المراهقين، فعادة ما تكون أهداف المراهق أكبر من قدراته؛ مما يجعله يفشل في تحقيق أهدافه، ويعرضه إلي القلق واللجوء إلي الحيل اللاشعورية.
والمراهق بصفة عامة في حاجة إلي اكتساب وعي ذاتي بنفسه وبأهدافه، كما يحتاج إلي فهم أكبر للعالم الذي يعيش فيه.
المرحلة الثانية (15: 21 سنة):
وهي مرحلة وسط بين المراهقة والرشد، وتبدأ مع التعليم الثانوي بين سن (15 - 16 سنة)، وبوصول الشاب إلي عمر (21 سنة) يصبح راشدًا بحكم القانون، وإن كان بعض الدارسين يري أن نهاية هذه المرحلة تنتهي بسن الخامسة والعشرين؛ لأنها السن التي تحدث عندها تحولات مهمة في حياة الفرد، حيث يتخرج في الجامعة، ويحاول الالتحاق بالعمل، ثم الزواج وتكوين الأسرة بعد ذلك. ويطلق البعض علي هذه المرحلة (المراهقة المتأخرة).
من مظاهر التغير في هذه المرحلة:
النمو الجسمي: تنخفض سرعة النمو الجسمي مما يساعد علي إحداث التكامل بين مختلف وظائف الجسم العضلية . ويستقر الطول والوزن حيث تكون الزيادة ضئيلة جدّا، وتوضح الدراسات أن النمو الجسمي يسير باضطراد حتى عمر (15 سنة) عند البنات، وحتى عمر (17 سنة) عند الذكور، أي أن النمو الجسمي في هذه المرحلة يصل إلي مرحلة الثبات والاستقرار، ونلاحظ ذلك أيضًا في الجوانب السلوكية.
وتتزايد الفروق بين الجنسين في الوزن أكثر من الفروق في الطول، لأن الوزن يتأثر بظروف التغذية، وأيضًا بسبب الظروف البيئية والاجتماعية والثقافية.
وفي هذه المرحلة يختفي عدم التناسب بين أجزاء الجسم تدريجيًا حتى يصل إلي النسب الصحيحة، ويصل إلي الشكل الجيد للرجل الناضج أو المرأة الناضجة.
ومع نهاية هذه المرحلة تكتمل الخصائص الجنسية الثانوية والوظائف الأولية، ويزول حَبَّ الشباب وغيره من أمراض الجلد، ويظهر ضرس العقل.
وأسرع معدلات النمو في هذه المرحلة تكون في القلب، حيث يصل لحجمه الكامل في سن (18) بالنسبة للذكور، وفي سن (17) بالنسبة للإناث، وتصل سعة الرئتين عند الإناث إلي قمة النضج في سن (17) أيضًا، بينما يتأخر نضجها عند الذكور.
أما عن صحة الجسم، فإن هذه المرحلة مرحلة صحية جيدة ومقاومة للأمراض، وتنخفض نسبة الوفيات انخفاضًا كبيرًا، وترجع معظم الوفيات إلي الحوادث أكثر منها إلي المرض، وقد يعاني بعض الشباب من الصداع واضطرابات الجهاز الهضمي، ومن توهم المرض أحيانًا، رغبة في الهروب من تحمل بعض المسؤوليات.
ويكتمل التآزر الحركي، وتزداد القدرة علي التحكم في أجزاء الجسم المختلفة، ويزداد تعلم المهارات الحركية المعقدة.
النمو العقلي: بعد تجاوز سن البلوغ يصبح الأفراد أكثر تعودًا وقدرة علي استخدام العمليات الصورية، وخاصة في المجالات التي ترتبط بالتخصص الدراسي والمهني، وتزداد القدرة علي التحصيل، وتزداد القدرة علي الاتصال العقلي مع الآخرين، كما تزداد القدرة علي اتخاذ القرارات، والاستقلال في التفكير، ويطرد نمو التفكير المجرد، والتفكير المنطقي، والتفكير الابتكاري، ويستطيع الشاب حل المشكلات المعقدة.
النمو الانفعالي والوجداني: تخف تدريجيّا الحدة الانفعالية التي كانت موجودة في المرحلة السابقة مع توافر أنماط توافقية تتناسب مع المطالب الجديدة، ويتعرض الشباب في هذه المرحلة للتوتر الانفعالي بسبب المشكلات الجديدة التي يتعرض لها، والتي يكون السبب فيها هو التمرد علي الكبار وسلطتهم.
وتزداد القدرة علي التحكم في الانفعالات، ويكون انفعال الغضب هو الانفعال الأكثر حدوثًا، أما مشاعر الحب فهي تتوجه إلي شخص من الجنس الآخر مع إضفاء الصفات المثالية عليه، ولا يعني ذلك التخلي عن المشاعر الوجدانية الموجهة نحو جماعة الأصدقاء من نفس الجنس.
والشباب في هذه المرحلة قادر علي مواجهة المشكلات بطريقة موضوعية، وقادر علي اتخاذ القرارات والسعي لتحقيقها ما لم تتوفر أدلة علي خطأ هذه القرارات، ومعظم المشكلات التي تظهر في هذه المرحلة ترتبط بالجاذبية الشخصية والتوافق الاجتماعي والأسري والتفوق والنجاح الأكاديمي والعلاقات الجنسية.
وتتحدد ميول الشباب بعاملين هما: البيئة والجنس، وتظهر أهمية الجنس هنا، لأن هذه الفترة هي التي تحدد نهائيّا نمط السلوك المناسب لكل من الذكور والإناث.
وتوجد ميول مشتركة بين الجنسين أهمها ما يتصل بالميول الشخصية والمظهر والاستقلال والمستقبل.
النمو الاجتماعي: تضيق دائرة الأصدقاء الحميمين، وتتسع دائرة الجماعات، ويتجه اهتمام الشباب إلي اكتشاف عالم الجنس، وتزداد رغبة الشاب في الاعتراف به كفرد، ومحاولة الابتعاد عن الذوبان في شخصية الجماعة.
وينمو الاستبصار الاجتماعي لدي الشباب، ويصبحون أكثر قدرة علي الحكم علي الآخرين، ولذلك يحققون التوافق الاجتماعي بدرجة أفضل. وبزيادة المشاركة الاجتماعية تزداد الكفاءة الاجتماعية، وينتج عن ذلك زيادة الثقة في النفس.
النمو الخلقي: مع زيادة النمو والخبرة تتكون مفاهيم محددة عن الصواب والخطأ، وعن الخير والشر، والحق والباطل، والفضيلة والرذيلة، وبذلك يصبح أكثر قدرة علي التعامل مع المواقف الجديدة.
ومن الأمور التي تعوق النمو الأخلاقي في هذه المرحلة زيادة التسامح مع بعض صور السلوك اللاأخلاقي، مثل الغش، والانحراف، والفساد بدون عقاب.
وتعتبر وسائل الإعلام مسئولة عن انهيار أخلاق الشباب بسبب ما تنشره من قصص الفساد. ولذا؛ فإن حاجة الشباب إلي التدين في هذه المرحلة من الأمور المهمة، حيث إن الدين هو مصدر القيم المطلقة التي تمثل أعلي مستويات النمو الخلقي، وهو الذي يعصم الشباب من الوقوع في الخطأ.
نمو الشخصية: من أهم المسائل هنا مسألة تحديد الهوية،وهي ليست مجرد عمل شخصي فردي، بل إنها مهمة معقدة، ذلك أن أنماط تكوين الشخصية تختلف بين الشباب وبين جماعاتهم بسبب التأثيرات الاجتماعية والضغوط الثقافية العامة والفرعية، عندما يكون المجتمع بسيطًا يسهل تكوين الشخصية، أما في المجتمعات المركبة المعقدة يكون تكوين الشخصية أكثر صعوبة.
والفرد يبحث عن الأدوار الشخصية والاجتماعية والمهنية التي يتوقعها المجتمع منه ويوافق عليها، أو عن أدوار شديدة الخصوصية وغير عادية، وبعض هذه الأدوار يكون إيجابيّا مثل دور الفنان، وبعضها يكون هدامًا مثل الإدمان.
أما الهوية الجنسية فهي سهلة الاكتساب؛ لأنها تخضع للتكوين البيولوجي.وبالنسبة للهوية المهنية فهي ترتبط بشغل عمل يقدره المجتمع، مع ملاحظة أن إتقان العمل يرفع درجة تقدير الذات، أما إذا كان من العمالة الزائدة أو البطالة المستترة، فإن ذلك يؤدي إلي زيادة الشك في الذات، وغموض الهوية ونقص تقدير الذات.
ونجاح الشاب في تكوين الشخصية يساعده علي الانتقال الجيد إلي مرحلة الرشد، أما الفشل في ذلك فيؤدي إلي الاغتراب، أي رفضه للمجتمع وقيمه، مع ظهور الشعور بالوحدة، وقد يصل هذا الشعور إلي حد الإدمان أو الانحراف أو الانتحار أو انفصام الشخصية، وهذا يفرض علينا توفير الخدمات النفسية والدينية للمراهقين.

zd11.gif

 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
مشكلات الأطفال

zd11.gif


مشكلات الأطفال

للأطفال مشكلات نفسية كثيرة، قد يقف عندها الآباء حائرين، يعانون منها، ويسهرون قلقين إزاءها، ويصرخون من آثارها.
ماذا نفعل لطفلنا العصبي؟ كيف نتعامل معه؟
ابني سرق !... ابني يميل إلي المشاجرة !!.
ابني منطوٍ ... ابني كاذب ... ابني يسأل أسئلة محرجة... إلخ.
ونقطة الانطلاق للتغلب علي هذه المشكلات أن يكون لدي الأبوين قدرٍ كافٍ من المعرفة بهذه المشكلات، وأسبابها، ومظاهرها، ومدي خطورتها من عدمه، ووسائل علاجها، فعلي كل أبوين ألا يتهاونا في معالجة مثل هذه المشكلات؛ لأنها تحفر بمخالبها في شخصية الطفل، فتمسخها وتطمس فطرتها، وتشوه كمالها.
مشكلة الخوف عند الأطفال
ليس غريبًا أن نخاف !! فالخوف أمر طبيعي يشعر به الإنسان في بعض المواقف التي تهدد حياته بالخطر.
والخوف الطبيعي المعقول مفيد للإنسان، فإذا كان الفرد منا لا يخاف النار؛ فقد تحرقه أو تقضي عليه، لكن هناك من الخوف ما هو مَرَضي، بل إن من الخوف ما هو قاتل !!.. فالخوف المبالَغ فيه والمتكرر لأي سبب يكون خوفًا غير طبيعي.
الخوف: حالة انفعالية طبيعية يشعر بها الإنسان وكل الكائنات الحية في بعض المواقف التي يهدده فيها نوع من الخطر. وقد تظهر هذه المخاوف بصورة واضحة في سن الثالثة من العمر، وتتراوح درجاتها بين: الحذر، والهلع، والرعب.
من أين يأتي الخوف للأطفال؟ هناك بعض الأمور التي تسبب الخوف عند الطفل، ومنها:
- تهديد الأبوين له وتخويفه باستمرار مما يعرضه لمخاوف كثيرة.
- مشاهدة المناظر العنيفة أو المرعبة، واستماعه إلي القصص المخيفة، وهذا يبين خطورة قصص الجن والعفاريت، وكذلك أفلام الرعب والقصص البوليسية.
- فقد الحب والرعاية، حيث تكثر مخاوف الأطفال من فقد أمه أو أبيه، أو فقد الأمن بهجر والده له، أو انفصال أمه عن أبيه، ومما سيقع عليه من أذى وكراهية وحرمان.
- الخوف بالعدوى، فحالات الخوف كغيرها من الحالات الانفعالية تنتقل من فرد إلي آخر بالتأثير، فالكثير من الأمهات يظهرن الخوف والهلع أمام أطفالهن، مثل خوفهن من الحيوانات الأليفة، فينشأ أطفالهن علي الخوف من هذه الحيوانات.
- المبالغة في الخوف والقلق من الآباء علي الأبناء، فإذا رأي الصغير علي وجه أمه الارتباك وشحوب اللون إذا جرح جرحًا صغيرًا، أو وقع علي الأرض؛ فإنه سيصاب بالذعر والخوف، وبهذا ينشأ الطفل شديد الخوف علي نفسه.
- البيئة العائلية المليئة بالتهديدات والمشاجرات والخلافات، والتي تزعزع اطمئنان الطفل وتجعله ينشأ علي الخوف.
وأكثر مخاوف الأطفال شيوعًا تكون من الأشياء المحسوسة؛ مثل الخوف من العسكري أو الطبيب، بينما المخاوف غير المحسوسة تكون أقل شيوعًا، مثل الخوف من الموت والعفاريت.. إلخ.
وتلك أمور غالبًا ما يكون السبب في نشوئها لدي الأطفال هم الآباء أنفسهم.
ويخطأ الأب والأم عندما يُخَوِّفان الطفل من شيء بهدف الضحك والتسلية، فهذه قسوة لا نظير لها، فما أقبح أن يصرخ الطفل خوفًا، والأب والأم يضحكان من خوفه.
ويمكن تقسيم الأولاد من حيث الخوف إلي:
(1) أطفال لا يخافون: وهذا أمر نادر للغاية، ويرجع عادة لقلة الإدراك، مثل: ضعاف العقل، أو الصغير الذي لا يفهم ما حوله. كالذي يمسك الثعبان جهلا، أو سهوًا، أو من عدم الانتباه.
(2) أطفال يخافون خوفا عاديًّا: قد يكون الخوف شعورًا طبيعيا يحسه كل من الطفل والبالغ عندما يخاف مما يخاف منه أغلب من في سنه كالخوف من حيوان مفترس.
(3) أطفال يخافون خوفا مَرَضِيًّا: وهو خوف شاذ مبالغ فيه ومتكرر أو شبه دائم مما لا يخيف أغلب من في سن الطفل، وقد يكون وهميّا (Phobia)...إلخ.
علامات الخوف:
في سن الطفل الأولي: فزع علي ملامح الوجه وصراخ.
بعد السنة الثانية: صياح، وهروب، ورعشة، وتغيرات في ملامح الوجه، والكلام المتقطع، وقد يصحبه عرق وتبول لا إرادي.
التعرف علي مدي تأثير الخوف عند الأطفال بمقارنته بدرجة مخاوف الآخرين:
- الخوف من الظلام طبيعي لطفل الثالثة، أما إذا نتج عنه فزع شديد، وفقد الطفل اتزانه، كان خوفا شاذَّا في ضوء التقاليد السائدة.
- مرحلة الحضانة والطفولة المبكرة مرحلة هامة لزرع الشعور بالأمن والطمأنينة.
- كبح جماح الطفل في التعبير عن الخوف، والضغط عليه لضبط انفعالاته بالتخويف، يحول دون نموه وجدانيّا نحو حياة غنية بالخبرات، ويؤدي به إلي الضحالة الانفعالية والانطواء.
- دفع الطفل في المواقف التي تخيفه بهدف مساعدته للتغلب علي الخوف لا يجدي معه، وقد يضره بشدة.
- الطفل الأكثر ذكاءً في البداية يخاف من أشياء كثيرة بسبب نمو مدركاته واستطلاعه لما حوله، ومع تقدم السن تقل هذه المخاوف غير المنطقية وهناك نوع من الخوف يطلق عليه اسم الفوبيا (Phobia) وهذه الفوبيا لها عدة صور منها:
* الخوف من المجهول.
* الخوف من الفشل.
* الخوف من الموت المرتبط بالتهديد.
وعمومًا الخوف من الأشياء التي لا تمثل تهديدًا حقيقيًا وفعليا للإنسان في الحاضر.
مِمَّ يخاف الأطفال؟
في السنة الأولي: يخاف الطفل من الأصوات العالية الفجائية بصفة أساسية. ومن 2: 5 سنوات: تزداد تأثيرات الخوف بتعدد أنواعها.
والطفل يخاف من الأماكن الغريبة الشاذة، ويخاف الوقوع من مكان مرتفع، ويخاف الغرباء، كما يخاف الحيوانات والطيور التي لم يألفها، ويخاف تكرار الخبرات المؤلمة كالعلاج والعمليات الجراحية مما يخاف منه الكبار في بيئته سواء كانت مخاوف واقعية أو وهمية أو خرافية، ويخاف الظلام، والدخان المتصاعد من النار، ويخاف الغول، ويخاف تصديق الأطفال للتهديدات المحيطة مثل: سأذبحك وسأصل الكهرباء إلي جسمك، العفريت ينتظرك في هذا المكان.
الخوف والثقة بالنفس: بعض الأطفال يعانون من الخوف مع معظم المواقف، وهؤلاء يعانون من ضعف الثقة بالنفس، وعدم الشعور بالأمن والطمأنينة، وقد يصاحبها ظهور مخاوف غير واقعية، وأعراض أخري كعدم القدرة علي الكلام والتهتهة والانطواء والخجل والاكتئاب والتشاؤم وتوقع الخطر.
أسباب عدم الثقة بالنفس:
(1) التربية الخاطئة في الطفولة الأولي، كالحماية الزائدة، أو التدليل الزائد.
(2) مقارنة الآباء بين طفل وآخر، بهدف التحفيز والتحميس مما يأتي بنتائج عكسية.
(3) النقد والزجر والتوبيخ والضرب.
(4) التنشئة الاعتمادية.. التي لا تدفع الطفل إلي التعرف بمفرده علي مواقف الحياة.
(5) تسلط الآباء وسيطرتهم.
(6) اضطراب الجو العائلي ومنازعات الوالدين.
(7) النقص الجسماني (عرج - حول - طول مفرط - قصر شديد - تشوه - سمنة مفرطة - انخفاض درجة الذكاء- والتأخر الدراسي).
(8) النشأة في بيئة تعاني من القلق النفسي والخوف وعدم الثقة.
(9) تكرار الفشل والإخفاق.
الوقاية من الخوف:
(1) إحاطة الطفل بجو من الدفء العاطفي والحنان والمحبة، مع الحزم المعتدل والمرن.
(2) إذا صادف الطفل ما يخيفه يجب علي الأم ألا تساعده علي النسيان حتى لا تصبح مخاوف مدفونة، فبالتفهم والطمأنينة وإجابة الأسئلة التي تُحيِّرهُ يستطيع التخلص من مخاوفه.
(3) تربية روح الاستقلال والاعتماد علي النفس في الطفل.. بالتقدير وعدم السخرية وعدم المقارنة.
(4) توفير جو عائلي هادئ ومستقر يشبع حاجاته النفسية.
(5) اتزان وهدوء سلوك الآباء (بلا هلع ولا فزع) في المواقف المختلفة خاصة عند مرضه، أو إصابته بمكروه؛ لتفادي الإيحاء والتقليد والمشاركة.
(6) مساعدته علي مواجهة مواقف الخوف - دون إجبار أو نقد - وتفهمه حقيقة الشيء الذي يخاف منه برقة وحنان.
(7) إبعاده عن مثيرات الخوف (المآتم- الروايات المخيفة- الخرافات- الجن والعفاريت-.. إلخ).
(8) عدم الإسراف في حثه علي التدين والسلوك القويم بالتخويف من جهنم والشياطين حتى لا يزيد شعوره بالضيق والخوف.
(9) مساعدته علي معرفة الحياة وتفهم ما يجهل، وبث الأمن والطمأنينة في نفسه.
(10) تنشئته علي ممارسة الخبرات السارة كي يعتاد التعامل بثقة وبلا خوف.
(11) عدم قلق الآباء علي الأبناء، والتقليل من التحذير وعدم المبالغة والاستهزاء والحماية الزائدة.
علاج الخوف:
(1) إزالة خوف الطفل بربط ما يخيفه بانفعال سرور(تطبيق قاعدة الإشتراط تطبيقا عكسيا).
(2) العلاج النفسي بالكشف عن مخاوفه ودوافعها المكبوتة، وتصحيح مفاهيمه.
(3) العلاج الجماعي بتشجيعه علي الاندماج مع الأطفال وتفاعله الاجتماعي السليم.
(4) علاج مخاوف الوالدين وتحسين الجو المنزلي.
(5) تعاون المدرسة مع الآباء في علاج الأطفال وعدم استعمال التخويف والضرب في المدرسة.
(6) علي الأم أن تعلم ولدها دائما الخشية من الله -عز وجل- حتى يرق قلبه، وتصير التقوى صفة لازمة له، قال تعالي:
{وأما من خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوى. فإن الجنة هي المأوي} [النازعات: 40- 41]. وقال: {ولمن خاف مقام ربه جنتان} [الرحمن: 46]، وتعلمه الخوف من المعاصي: {قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم} [الأنعام: 15]، ولكن عليها أن تحذر من الإسراف في تهديد طفلها من التخويف والتهديد بالعذاب والنار، وتدرك أن خوف الطفل من الله وحده يمنع عنه الخوف مما سواه.
التأخر الدراسي
التأخر الدراسي مشكلة تربوية اجتماعية يعاني منها التلاميذ، ويشقي بها الآباء في المنازل، والمعلمون في المدارس، وهي من أهم المشكلات التي تشغل المهتمين بالتربية والتعليم في العالم؛ لأنها تحدد إمكانيات الدول المادية والبشرية، ويتضح حجم المشكلة إذا عرفنا أن (20) تلميذًا من بين كل (100) تلميذ يعانون من هذه المشكلة.
ويقصد بالتأخر الدراسي قلة التحصيل الدراسي للطفل بالمقارنة بمستوي زملائه.
فالطفل المتأخر دراسيَّا: هو التلميذ الذي يكون مستوي تحصيله دون مستوي نظرائه ممن هم في مثل سنه، أو يكون مستوي تحصيله أقل من مستوي ذكائه العام.
سمات وخصائص المتأخرين دراسيًا:
أولاً:السمات والخصائص العقلية.
- نقص الذكاء، ويكون أقل من المتوسط.
- عدم القدرة علي التركيز والانتباه، وضعف الذاكرة.
- ضعف التفكير القائم علي الاستنتاج، واضطراب الفهم.
- القدرة المحدودة علي التفكير الابتكاري والتحصيل.
- عدم القدرة علي التفكير المجرد واستخدام الرموز.
- الفشل في الانتقال المنظم من فكرة إلي أخري.
- التحصيل بصفة عامة دون المتوسط، وفي مواد خاصة ضعيف.
ثانيًا: السمات والخصائص الجسمية:
- الإجهاد والتوتر والكسل.
- الحركات العصبية والتوتر.
- ضعف الصحة العامة.
- ضعف الحواس كالسمع والبصر والشم والتذوق.
ثانيًا: السمات والخصائص الانفعالية:
- العاطفة المضطربة والقلق والخمول والبلادة.
- الاكتئاب وعدم الثبات الانفعالي.
- الشعور بالذنب والشعور بالنقص والفشل والعجز واليأس.
- الغيرة والحقد والخجل.
- الاستغراق في أحلام اليقظة وشرود الذهن والعدوان.
- الانسحاب من المواقف الاجتماعية والانطواء.
ثالثًا:السمات والخصائص الشخصية والاجتماعية:
- القدرة المحدودة في توجيه الذات، أو التكيف مع المواقف الجديدة أو المتغيرة.
- الانسحاب من المواقف الاجتماعية، ومن ثم الانطواء والعزلة والسلبية والانحراف.
أسباب التأخر الدراسي:
هناك أسباب تتعلق بالتأخر الدراسي منها ما يتعلق بالطفل، ومنها ما يتعلق بالمدرسة أو المنزل، بالإضافة إلي وجود أسباب أخري مساعدة لهذه المشكلة.
أولا: الأسباب التي تتعلق بالطفل:
(1) أسباب عقلية: والمراد منها هو ضعف الذكاء العام للطفل، والذي يعد من أقوي الأسباب في التأخر الدراسي.
(2) أسباب جسمية: والمراد منها هو اضطرابات النمو الجسمي، وضعف البنية والصحة العامة، والأمراض الطفيلية المزمنة، واضطرابات إفرازات الغدد، والعاهات الجسمية كطول البصر وقصره وعمي الألوان، بالإضافة إلي حالات الاضطراب التي تصيب اللسان وأجهزة الكلام، مما يسبب صعوبة النطق.
(3) أسباب انفعالية: كشدة الحياء، والقلق وعدم الاستقرار.
ثانيًا: الأسباب التي تتعلق بالمدرسة:
- سوء توزيع التلاميذ في الفصول وعدم مراعاة التناسق والتجانس أثناء توزيعهم.
- عدم الانتظام في الدراسة، وذلك بتكرار الغياب والتأخر.
- كثرة تنقلات المعلمين وعدم استقرارهم.
- الإدارة الدكتاتورية والتنظيم السيئ بالمدرسة.
- طريقة التدريس والمناهج التي لا تتمشى مع أهداف التربية الحديثة، وعدم إدراك الفروق الفردية بين التلاميذ.
ثالثا: الأسباب التي تتعلق بالمنزل، ومنها:
- المستوي الاقتصادي الذي يلعب دورًا خطيرًا في عملية التأخر الدراسي أو عدمه.
- المستوي الثقافي كأن يكون الطفل مثلا في بيئة لا تهتم بالتعليم، مع عدم توفر الجو المناسب له عند المذاكرة.
- الجو المنزلي: والمقصود منه كثرة المشاحنات والخلافات داخل الحياة المنزلية، أو استبداد الآباء والتفريق بين الأبناء في المعاملة، أو قسوة زوج الأم أو زوجة الأب، أو التدليل أو الإهمال، أو العقاب المستمر، أو الابتعاد عن غرس القيم الدينية.
كل هذا يسبب القلق والاضطرابات للطفل مما يؤثر علي حياته، ويكون نتيجة ذلك تأخره الدراسي.
رابعًا: العوامل المساعدة للتأخر الدراسي:
هناك بعض العوامل التي تسهم في تأخر الطفل دراسيًا وذلك:
كفقدان التوازن العاطفي، وانحطاط المستوي الثقافي في المنزل، وعدم المواظبة علي الحضور في المدرسة، والفقر المادي في المنزل.
علاج التأخر المدرسي:
1- دور المدرسة:
للمدرسة دور كبير في التغلب علي مشكلة التغلب الدراسي وذلك عن طريق:
- الاهتمام بالفروق الفردية.
- التقليل من عدد التلاميذ في الفصول ذات المستوي العلمي الضعيف مع زيادة عدد المعلمين.
- حذف المواد الدراسية التي لا تتناسب مع عقول الصغار وتصوراتهم.
- الاهتمام بالتوجيه التربوي والمزيد من الإعداد الجيد للمعلم.
- محاولة تضييق الفجوة بين الدراسة النظرية وواقع المجتمعات.
- الاهتمام بالنواحي الاجتماعية وحل ما يواجه الأطفال الذين يعانون من التأخر الدراسي من مشكلات.
- الاهتمام بالمناهج الدراسية، وطرق التدريس، ووسائل الإيضاح التعليمية.
- الاهتمام بالنواحي الصحية للتلاميذ، وعمل فحوص دورية لهم.
- أن تهيئ المدرسة الجو المدرسي الصالح وفق حاجاتهم ورغباتهم وميولهم وزيادة ألوان النشاط المحبب إليهم.
- أن يسمح للأطفال بممارسة ألوان النشاط والحركة داخل الفصل، وبفناء المدرسة، وسط الهواء الطلق والشمس الساطعة في بعض الأوقات، مع تزويدهم ببعض الألعاب التعليمية الهادفة.
- ويختلف علاج التأخر الدراسي باختلاف السبب، فإذا كان السبب ضعف حيوية الطفل فإنه يعرض علي طبيب المدرسة أو الوحدة العلاجية.
وإذا كان السبب هو ضعف البصر، يعرض علي الطبيب المختص، ويجلس الطفل قريبا من السبورة.
أما إذا كان التأخر بسبب انحرافات مزاجية وعوامل نفسية، فيستعان بالعيادات النفسية، ويفضل وجود مرشد وموجه نفسي في كل مدرسة يعاون المعلمين.
- وهناك حالات يكون سببها المعلم، نتيجة طريقته في التدريس، أو قسوته، أو الازدحام في الفصل، مما يؤدي إلي عدم استفادة الأطفال منه، لذلك عليه أن يطور من طرق تدريسه، وأن يفهم نفسيات ومشكلات التلاميذ، وأن يعد لكل منهم بطاقات تبين حالاتهم ومشاكلهم، ويبين العلاج الذي يناسبهم.
وفي بعض الحالات يفضل عمل مجموعات دراسية لهؤلاء التلاميذ لتعويض ما فاتهم بسبب المرض أو الغياب.
2- دور الأسرة:
أما عن دور الأم والأسرة في علاج التأخر الدراسي فيجب مراعاة ما يلي:
- العمل علي تنمية ذكاء الطفل.
- الاهتمام بالطفل صحيَّا.
- الاهتمام بتغذيته جيدًا.
- العمل علي تخليص الطفل مما يعانيه من اضطرابات نفسية، وتصحيح علاقته بالمجتمع والناس من حوله.
- العمل علي تنقية الجو الأسري الذي يعيش فيه من الخلافات والمشاحنات، وتنمية إحساسه بالأمان والاستقرار.
- متابعة الطفل من خلال زيارته بالمدرسة، والاطلاع علي كتبه وكراساته، والوقوف علي مستواه الدراسي.
- العمل علي ترغيب الطفل في المدرسة والدراسة.
العدوان
العدوان قد يكون في إحدى صوره ضرورة لحياة الإنسان وبقائه، فهو بمثابة سلاح يدافع به عن نفسه ضد الطبيعة والأفراد.
والعدوان هو القيام بأفعال عدوانية نحو الآخرين، وما يعادلها من عداء معنوي، وهو محاولة تخريب ممتلكات الآخرين. كما أنه ضرب من السلوك الاجتماعي غير السوي يهدف إلي تحقيق رغبة صاحبه في السيطرة.
فالعدوان سلوك مرضي موجه للإيذاء والإيلام وإلحاق الضرر، وإذا نظرنا إليه من الجانب الإيجابي نجده وسيلة لأن يثبت الطفل فيه ذاته، ويعتبر تعويضًا عن الإحباط الذي يعانيه الشخص المعتدي.
والعدوان يأخذ أشكالا شتي، وتأثيره قد يكون سلبيّا، وقد يكون إيجابيّا، فالعدوان السلبي يكون موجها نحو الذات (نحو الطفل نفسه)، ويكون الطفل عندئذ عنيدًا وغير متعاون، بخلاف العدوان الإيجابي، فهو يتمثل في الاعتداء علي الآخرين أو تدمير ممتلكاتهم.
أما العدوان من حيث القوة، فقد يكون سافرًا أو مكبوتًا، فالسافر ينصب مباشرة علي المنافس، ويتخذ أشكالاً متفاوتة الخطورة (كالاعتداء، والمشاجرة، وكلمات التحقير... إلخ)
أما العدوان المكبوت فتختفي فيه النزعة العدوانية في اللاشعور، وقد يعبر عنها بأساليب غير مباشرة.
والعدوان من حيث شكل التعبير قد يكون ماديَّا، وقد يكون لفظيّا، فالمادي هو الاعتداء علي الآخرين باليد وما شابه ذلك، أو بتدمير ممتلكاتهم، أما العدوان اللفظي فيكون بتوجيه الألفاظ الخارجة، مثل السباب، والتهكم، والسخرية والمشاجرة.
وتبدو ملامح هذه المشاجرة بين الأطفال عندما يقوم أحدهم بتعطيل أو تخريب لعبة زميله، أو السيطرة عليها، وهي تكثر بين الذكور، بينما تتسم مشاجرة الطفلة مع الطفلة بالشكل اللفظي والاعتراض الكلامي، وذلك لنمو قدرتها اللغوية في التعبير عن مشاعر غضبها وقلقها.
العوامل التي تسبب العدوان:
هناك عوامل عديدة تؤدي إلي العدوان منها:
- فقدان الشعور بالأمن نتيجة الحرمان والإحباط.
- تهديد وامتهان الذات وفقدان الاعتبار.
- المشكلات الأسرية.
- التشوهات الخِلْقية.
- الحماية الزائدة والتدليل الزائد.
- ثورة وعصبية الأب لأتفه الأسباب.
- غياب أو ندرة فرص التعبير.
- غياب الحرية أو تقييدها.
- غياب السلطة الضابطة أو اضطرابها.
- تغير السلطة الضابطة أو تعددها.
- تنمية البوادر العدوانية بإهمالها؛ أو التكاسل عن علاجها.
- الكراهية الشديدة أو الغيرة.
- التربية الخاطئة والتعليم المغلوط.
أساليب الكشف عن العدوان:
يمكن التعرف علي الميول العدوانية عند الطفل من خلال الأساليب التالية:
- ملاحظة الطفل أثناء لعبه بالعرائس والدمى، ومن خلال رسوماته.
- من خلال القصص التي يقصها الطفل استجابة لسلسلة من الصور التي تعرض عليه.
- صور التعبير عن العدوان وهي كثيرة منها ما يكون بالوجه، أو باليد، أو بالقدم، أو باللسان، أو بالتمرد والعصيان، أو بالعناد والتحدي، أو بالفشل في الدراسة، أو بالخيانة.
العوامل المؤثرة في السلوك العدواني:
هناك عوامل كثيرة تؤثر في السلوك العدواني، منها: ما يعود إلي الطفل نفسه وذلك من خلال سنه، أو أصدقائه، أو ذكائه، أو تعليمه، أو مستواه المعيشي وتكوينه النفسي والاجتماعي، ومنها ما يعود إلي الأسرة من خلال عمل الوالدين وانشغالهما، بالإضافة إلي العلاقات الأسرية الهشة، ومنها عوامل خارجية كوسائل الإعلام المختلفة.
وقد يظهر العدوان إذا غابت الأم، وخاف الطفل فيصيح ليعبر عن ذاته ووجوده، والطفل يكثر الكلام ليعلن عن وجوده، ويلفت النظر إليه، كما أن العدوان نوع من تحقيق القدرة وتأكيد الذات، وهي خاصية إنسانية يحتاج إليها الإنسان، وعدمها يعرضه للفشل في تحقيق وجوده وإمكانياته.
وقد يكون العدوان تدريبا للطفل ليكون مستعدَّا في الوقت المناسب للدفاع عن بقائه ووجوده، وتأكيد ذاته، وقد يكون العدوان كنوع من المقاومة للحقيقة، مثل مقاومة الشخص لكشف حقيقة نزعاته ومواقفه السلبية، وتكون المقاومة في شكل عدواني سافر، وقد يرجع العدوان إلي الحاجة إلي الحرية، فالصغار يثورون طلبًا للحرية، ويستخدمون في ذلك العناد والمخالفة ورفض الطعام والتخريب .... إلخ.
كما يلاحظ أيضا أن مشاهدة الأطفال للعنف في وسائل الإعلام يؤثر بشكل كبير علي سلوك الأطفال.
والطفل الذي يشعر بتقبل والديه له ينجح في التكيف مع بيئته، بخلاف الطفل الذي لا يشعر بتقبل والديه له، فإنه يميل إلي العدوانية، أي أن اتجاه التقبل الوالدي يرتبط بالعدوانية ارتباطًا سالبًا، كما أن اتجاه التفرقة الوالدي يرتبط بالعدوانية ارتباطًا موجبًا.
علاج مشكلة العدوان:
علي الأم معرفة الأسباب الحقيقية التي تؤدي إلي خلق السلوك العدواني لدي الأطفال، وعليها تعليمهم موقف الإسلام من هذا السلوك المرفوض، فالاسلام يحرم العدوان بجميع أشكاله، وليس أدل علي ذلك من قوله تعالي: {وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ الله لا يُحِبُّ المُعْتَدِين} [البقرة: 190]. كما حرم كل أشكال التعاون في هذا الأمر الأثيم، قال تعالي: {وتعاونوا علي البر والتقوى ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان}[المائدة: 2]. وعليها أن تعلم أولادها حب الآخرين، لقوله :) (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) [متفق عليه]. وتدربهم علي العطاء وتساعدهم علي منح الهدايا، قال ( (تهادوا تحابوا) [أبو يعلي]. وغير ذلك من الأخلاق التي تضاد السلوك العدواني لدي الصغار وتبغضهم فيه.
الكــذب
الكذب داء خطير إذا استشرى في المجتمع، ترك أثرًا مدمرًا عليه. لذلك اعتبره الإسلام من صفات المنافقين، قال رسول الله :) "أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن؛ كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غَدَر، وإذا خاصم فَجَر" [متفق عليه].
والطفل يتعلم الصدق من المحيطين به إذا كانوا يراعون الصدق في أقوالهم وأعمالهم ووعودهم، والطفل الذي يعيش في بيت يكثر فيه الكذب لا شك أنه يتعلمه بسهولة، خصوصًا إذا كان يتمتع بالقدرة الكلامية واللباقة وخصوبة الخيال؛ لأن الطفل يقلد من حوله، فيتعود منذ طفولته علي الكذب.
والكذب سلوك مكتسب، وليس سلوكًا موروثًا، وهو عند الأطفال أنواع مختلفة تختلف باختلاف الأسباب الدافعة إليه، ومن هذه الأنواع:
الكذب الخيالي:
الطفل الصغير لا يميز بين الحقيقة والخيال، ومن هنا فإن كلامه يكون قريبًا من اللعب، فيتحدث وكأنه يلعب ويتسلى، ويكون حديثه نوعًا من التعبير عن أحلام طفولته أو ما يطلق عليه (أحلام اليقظة) التي تعبر عن رغباته وأمنياته التي يصعب التعبير عنها في الواقع.
وهذا النوع من الخيال لا يعتبر كذبًا، ولا ينذر بانحراف سلوكي أو اضطراب نفسي، وقد يلفق طفل عمره أربع سنوات قصة خيالية، حيث تختلط الأفكار عنده فلا يفرق بين الصواب والخطأ، أو الحقيقة والخيال.. هذه القصة يجب ألا ينظر إليها علي أنها كذب مما نتعارف عليه، حيث إن خياله قادر علي أن يجعل من الأوهام حقيقة واقعة.
الكذب الادعائي:
قد يعاني الطفل من الشعور بالنقص مما يدفعه إلي محاولة التغلب علي ذلك بالكذب، فيبالغ في حديثه عن الأشياء التي يملكها، وفي حديثه عن صفاته وصفات أفراد أسرته، وذلك قد يحقق له مكانة وقيمة وسط زملائه.
مثال ذلك: أن يدعي الطفل أن عنده لعبة كبيرة، ويأخذ في وصفها وحجمها بشيء من التهويل، كما أنه يلجأ إلي الادعاء والمباهاة بما يملك من اللعب، وهذا النوع من الكذب لا ضرر منه، وقد تراه الأم بشكل متكرر في حديث طفلها، كما يلجأ إليه لجذب انتباه الأم وأفراد الأسرة، فيدعي المرض، ليحصل علي درجة كافية من عطف أبويه.
ومن الأشكال الأخرى لهذا النوع من الكذب: أن تري الأم طفلها يتهم غيره بضربه وإيذائه، وهنا يجب علي الأم أن تسرع بمعالجة الأسباب النفسية التي أدت إليه.
الكذب خوفًا من العقاب: وهذا أكثر أنواع الكذب انتشارًا، وقد يلجأ إليه الأطفال من وقت لآخر خوفًا من العقاب، فقد يكسر الطفل لعبة أخته بطريق الخطأ،فإذا ما سئل عن ذلك أنكر وقوع الحادثة بأكملها، ومن الخطأ في مثل هذه الحالات أن نقسو علي الطفل؛ لأن ذلك لن يحمله علي الاعتراف بأخطائه، أمّا إذا أردنا أن يعترف الطفل بأخطائه فيجب أن نساعده علي ذلك، فيمكن أن تقول له الأم مثلا: لقد كُسرت اللعبة... تري ماذا حدث لها؟ مثل هذه العبارة تساعد الطفل أن يعترف ببساطة: أنا كسرتها. إني آسف.. وذلك بدلا من أن تخاطبه فتقول له عبارة: أنت الذي كسرت هذه اللعبة، اعترف أيها الشقي؟!
وعندما يعترف الطفل بقيامه بخطأ ما، فلا ينبغي أن يُعاقب عقابًا قاسيًا، حتى لا ندفعهُ إلي الكذب في المرة القادمة.
كذب الانتقام والكراهية: يكذب الطفل في هذه الحالة لإسقاط اللوم علي شخص ما يكرهه أو يغار منه، ويكون الكذب في هذه الحالة تنفيسًا عن الكراهية المكبوتة في نفس الطفل ضد من يكرهه.
مثلا: الطفل الذي يغار من أخيه غيرة شديدة، قد تدفعه الغيرة إلي تصور أن ضررًا كبيرًا قد حدث لأخيه لمجرد أنَّه وقع وهو يجري مثلا، عندئذ قد يجري إلي أمه وهو يحمل إليها قصة خيالية، بأن أخيه قد جرح جرحًا شديدًا وسال دمه وأُغمي عليه.
عندما تكتشف الأم مثل هذه المبالغات، فلا تُعاقب الطفل أو تصفه بالكذب، بل يكفي أن تقول له: أنت تخشي عليه إلي هذه الدرجة؟ الحمد لله أنه لم يصب بالشكل الذي وصفته، إنه مجرد جرح بسيط، والآن ساعدني علي تنظيف مكان الإصابة وتطهيره.
وهذا النوع من الكذب خطر علي الصحة النفسية للطفل، وقد يكون أحد أعراض حالة نفسية مرضية.
الكذب التقليدي: يتعلم الأطفال الكثير من الأشياء عن طريق ملاحظتهم للكبار وخاصة الوالدين، فالقدوة وسيلة تربوية مؤثرة، وعلي الأم ألا تكذب علي أطفالها بحجة إسكاتهم عن البكاء، ولقد حذر الرسول ( المربين من الكذب أمام أطفالهم ولو بقصد الإلهاء أو الترغيب، فعن عبد الله بن عامر -رضي الله عنه- قال: دعتني أمي يومًا، ورسول الله ( قاعد في بيتنا، فقالت: ها تعال أعطيك. فقال لها رسول الله :) (وما أردت أن تعطيه؟) قالت أعطيه تمرًا، فقال لها رسول الله :) (أما إنك لو لم تعطيه شيئًا كُتبت عليك كذبة) [أبو داود].
وكثيرًا ما يخدع الآباء الأطفال فيكذبون عليهم في كثير من الأمور، ومن ثم يقلد الأطفال الآباء، ويلجئون إلي نفس السلوك في حياتهم.
مثال ذلك: أن تَعِد الأم الطفل بأنها ستأخذه ليزور أخواله ثم يخرج معها فيفاجأ بأنها ذهبت إلي الطبيب، أو أن يأتي شخص ما ليسأل عن الوالد فتقول الأم بأنه غير موجود، بينما هو جالس أمام طفله ولذا يعرف (بالكذب الإيحائي).
الكذب المزمن: ويندفع الطفل إليه بطريقة غير شعورية... ويكون الكذب عادة تلازمه في أغلب مواقفه.
والطفل الذي يلجأ إلي هذا النوع من الكذب غالبًا ما يكون فاشلا في حياته المدرسية، يعاني من عدم القبول من الأسرة والزملاء، لاتصافه بالكذب، ورغبة منه في تحقيق ذاته وسد الشعور بالنقص الذي يعاني منه، فقد يلجأ إلي السرقة، لتحقيق نوعا من النجاح.
علاج الكذب: إذا أردنا أن نعالج كذب الأطفال، فيجب دراسة كل حالة علي حدة، ومعرفة الدافع إلي الكذب، ومن الأهمية أن يكون عُمر الطفل موضوعا في الاعتبار، فإذا كان عمره أقل من أربع سنوات، فعلي الأم ألا تنزعج مما يصوره له خياله، وتسارع إلي مساعدته ليدرك الفرق بين الواقع والخيال.
ويجب علي الأم أن تكون قدوة يحتذي بها الطفل، فلا تقول إلا الصدق، ولا تكذب عليه حتى لا يتعلم الكذب فيكون كذابًا.
ويجب أن تدرك الأم أنه لا فائدة من علاج الكذب بالتهديد والسخرية والعقاب؛ لأن ذلك لن يجدي مع الطفل، ولن يمنعه من الكذب، بل إن الطفل سيعاند ويستمر في كذبه.
وعلي الأم وأفراد الأسرة إشباع حاجات الطفل النفسية، وتبصرته بأهمية الأمانة والصدق فيما نقوله ونفعله، ونشجعه علي ذلك.
علي الأم قبل أي شيء خلق جو من الطمأنينة والثقة بينها وبين طفلها، وأن تشجعه علي الصدق، بل وتكافئه علي ذلك.
ولا شك أن الكذب لا يمكن أن يتسلل إلي أسرة تتسم كلها بالصدق، والخطر كل الخطر أن يقوم الكبار بصفة مستمرة ويوميَّا بقول الأكاذيب علي مسمع من الأطفال.
وعلي الأم أن تراعي بعض الأمور التي تساعدها في غرس قيمة الصدق عند طفلها فمثلا:
عليها ألا تأمر طفلها بإخفاء شيء ما عن أبيه؛ بحجة أن الأب عصبي، وأن عقابه سيكون شديدًا.
ألا تعوِّ د ابنها علي الكذب، كأن تقول له: إذا اتصلت السيدة فلانة بي، فقل لها أنا لست موجودة، فليس لدي الوقت لمحادثتها.
ألا تُعلِّم طفلها الكذب علي مدرسيه، كأن تصحبه لنزهة، وتطلب منه أن يخبر المدرس أنه كان مريضًا.
***
اضطرابات النـــوم
تعتبر حاجة الطفل إلي النوم حاجة طبيعية؛ ففي الشهر الأول ينام الطفل عشرين ساعة تقريبًا، ثم ينخفض ما يحتاجه من ساعات النوم، فتصل إلي (16) ساعة أو أقل في نهاية الشهور الستة الأولي، ثم تنقص تدريجيًا إلي (12) ساعة في سن الرابعة، وإلي ما يقرب من تسع أو عشر ساعات في دور المراهقة ثم إلي ما يقرب من ثماني ساعات فيما بعد.
ويتوقف عدد ساعات النوم عند الإنسان علي حالته الجسمية من حيث الصحة العامة والتغذية، وحالته النفسية من حيث الهدوء والاضطراب، وكذلك الظروف التي ينام فيها الفرد من تهوية ورطوبة شديدة، وما إلي ذلك.
وفي أحيان كثيرة يضطرب نوم الطفل ويقل، ومن مظاهر قلة النوم: الانقباض، ونوبات الغضب، والكسل، وضعف القدرة علي التركيز، وانعدام الاستقرار، وفقدان التوازن الحركي، وازدياد الحالات العصبية لدي الأطفال في الأيام التي لا ينامون فيها نومًا كافيًا؛ كالتهتهة، ومص الأصابع، وقرض الأظافر.
أسباب عدم النوم عند الأطفال هي:
أسباب غير مرضية: كوجود حشرات بالغرفة كالبعوض والبراغيث، أو إضاءة الغرفة بنور وهّاج ينبه أعصاب الطفل، فيمنع نومه، أو يكون الغطاء ثقيلا في الصيف أو خفيفًا في الشتاء، أو أن تكون الملابس ضاغطة علي جسم الطفل، وخصوصًا حزام البطن واللفة، أو أن يكون الطفل جوعان، أو أن يكون قد تبول أو تبرز ولم يتم تغيير ملابسه.
أسباب انفعالية: كفقدان الطفل للشعور بالأمن، أو اختفاء شخص عزيز عليه، أو إجبار الطفل علي النوم، والإسراع في قطع حالات سرور الطفل إذا حانت ساعة النوم.
أسباب مرضية: كسوء الهضم أو الإمساك أو الإفراط في الأكل قبل النوم، أو اضطراب الغدة الدرقية أو وجود ديدان.
وهناك مشكلات أخري عديدة تتعلق بنوم الطفل، ومن أبرزها:
- نقص قدرة الطفل علي الانتقال من حالة اليقظة إلي حالة النوم إلا بمساعدة خارجية، كأن تحمله الأم علي كتفها، أو تهزه، أو تنام بجانبه حتى يستسلم للنوم، أو أن يضع الطفل أصابعه في فمه.
- إقلاق الطفل أثناء نومه لأسباب تافهة كمداعبته، أو لكي يراه الضيوف.
- كثرة طلبات الطفل عند النوم كالأكل، أو اللعب، أو التدليل.
الأم وعلاج اضطرابات النوم:
- أن تتجنب جعل النوم نوعًا من العقاب، فالتهديد بالنوم مبكرًا يخلق مشاعر سلبية لدي الطفل.
- أن يكون موقف الأم نحو نوم الطفل موقفًا طبيعيًا هادئًا.
- أن لا تقلق ولا تتوتر إذا رفض الطفل الذهاب إلي النوم.
- أن تراعي حالة الطفل قبل نومه؛ فيكون هادئًا مسرورًا، وليس من الحكمة مفاجأة الطفل بمنعه من اللعب ثم إرساله إلي النوم، بل يحسن إنذار الطفل وإعطاؤه مهلة كافية لذلك.
- أن تلتزم بنظام معين للنوم حتى يعتاد الطفل عليه.
- أن تحرص علي أن يتعود الطفل في سرير مستقل، وبصفة عامة يجب ألا ينام الطفل في غرفة والديه بعد عمر السنة والنصف، لأن ذلك قد يسبب له حالة من الاضطراب النفسي.
- أن تحرص علي قراءة قصة لطفلها قبل النوم، وأن تكون القصة خفيفة وأحداثها هادئة، وبعيدة كل البعد عن الإثارة والخوف، بحيث تساعد الطفل علي الاستسلام للنوم.
- أن تستوثق من أن الطفل لا يعاني من أية صعوبات في الهضم أو أصيب بأية حالة مرضية.
- عدم تخويف الطفل لإجباره علي النوم أو لمواصلة النوم إذا استيقظ ليلا. حيث نجد بعض الأمهات يخوفن أطفالهن في هذا الصدد بالعفاريت أو القطط أو غير ذلك.
التبول اللاإرادي
يقلق كثير من الأمهات عندما يجدن أولادهن قد تجاوزوا الرابعة ولا يستطيعون السيطرة علي عملية التبول. ويستطيع الطفل التحكم في عملية التبول النهاري في الشهر الثامن عشر، أما التحكم في عملية التبول الليلي فيستطيع الطفل السيطرة عليها -عادة- في المدة التي تقع بين منتصف العام الثالث ونهايته (2.5- 3 سنوات).
وتعتبر عملية التبول اللاإرادي عند الطفل شيئًا طبيعيَّا حتى سن الثالثة من عمره، وعندما يتجاوز الطفل هذه السن فإنها تصبح مشكلة يجب معالجتها.
أسباب التبول اللاإرادي: وهي أسباب عضوية، وأسباب نفسية:
1- الأسباب العضوية ومنها:
- أمراض الجهاز البولي: مثل التهاب المثانة البولية، أو التهاب قناة مجري البول الخارجية.
- تضخم اللوزتين ووجود زوائد خلف الأنف.
- اضطراب الجهاز العصبي أو حساسيته.
- الإمساك المزمن وسوء الهضم.
- نقص كمية السوائل بالجسم، مما يؤدي إلي تركيز البول وارتفاع نسبة الحموضة فيه.
- الضعف العقلي أو البله الشديد عند الطفل.
2- الأسباب النفسية ومنها:
- عدم إحساس الطفل بالأمن بسبب معاملته في البيت أو المدرسة، أو نتيجة لظروف بيئية مضطربة يعيشها الطفل، أو إحساسه بالخوف من الحيوانات، أو من الحكايات والقصص المزعجة.
- شعور الطفل بالغيرة الشديدة، فيلجأ إلي هذه العملية كوسيلة لجذب الانتباه.
- القسوة الشديدة في معاملة الطفل.
- حرمان الطفل من العطف والحنان، فيجعل من التبول حيلة لا شعورية تساعده علي تحقيق ما تعوده من الأم من الاهتمام الشديد بجميع طلباته.
ومن الأسباب الأخرى:
تقصير الأمهات في إكساب أطفالهن العادات الحسنة وإبعادهم عن العادات السيئة، وعدم اكتراثهن بالتبول اللاإرادي للطفل.
علاج التبول اللاإرادي:
- يمكن علاج التبول اللاإرادي ببعض الأمور، منها:
- فحص الطفل فحصًا طبيًا شاملا، فإذا كان السبب عضويَّا، فيجب علاجه علي الفور.
- استبعاد السوائل من طعام الطفل في المساء، ومنع الأطعمة كثيرة التوابل.
- تدريب الطفل علي العادات السليمة وكيفية التحكم في عملية التبول.
- عدم توبيخ الطفل أو السخرية منه أمام أقرانه وزملائه، لأن ذلك يسبب للطفل إحباطًا نفسيًا، وألا تلجأ الأم والمربي في المنزل والمعلم في المدرسة إلي أي عقاب أو تقريع أدبي، بل يجب ألا نجعل الطفل يشعر بأن ما يفعله جريمة أو غلطة كبيرة، لأن ذلك سوف يؤدي إلي تدهور حالته.
- أن تقوم الأمهات بجولات تفتيشية خلال الليل حتى يستطعن الوقوف علي الميعاد الذي يقع فيه التبول، فإذا وقفن علي الميعاد، وجب عليهن أن يوقظن الطفل، وينبهنه للذهاب إلي دورة المياه.
- تشجيع الطفل بكافة الوسائل علي الامتناع عن التبول اللاإرادي.
وعمومًا علي الأمهات أن يسرعن بمعالجة التبول اللاإرادي؛ لأن هناك مشكلات أخري تتعلق به، وتصاحبه العديد من الأعراض النفسية والتي تنتج عن الشعور بالنقص وضعف الثقة بالنفس، وهذه الأعراض تظهر بصور مختلفة منها: الفشل الدراسي، والخجل، والشعور بالمذلة، والميل إلي الانزواء، أو التهتهة، أو أن تكون الأعراض تعويضية: كالعناد والتخريب، والميل إلي الانتقام، وكثرة النقد، وسرعة الغضب، كما يصاحب التبول اللاإرادي في كثير من الحالات: النوم المضطرب أو الأحلام المزعجة، أو الفزع الليلي.
مشكلات الكلام
من الأشياء التي تؤرق الأم أمراض الكلام التي قد تصيب طفلها، والتي يمكن أن تؤثر علي شخصيته وتهدد مستقبله.
ومن أهم أمراض الكلام عند الأطفال:
- تأخر الطفل في الكلام وقلة عدد الكلمات التي ينطق بها.
- الحبسة (أي احتباس الكلام) وعدم القدرة علي التكلم.
- الكلام الطفولي والكلام التشنجي.
- الإبدال مثل الثأثأة، والعيوب الصوتية.
- عيوب طلاقة اللسان والتعبير مثل اللجلجة والتهتهة.
- السرعة الزائدة في الكلام وما يصاحبها من إدغام وخلط وحذف.
- عيوب النطق والكلام مثل الخمخمة (الخنف) كنتيجة لتشوه خلقي في سقف الحلق.
- الفقدان الهستيري للصوت وفقدان القدرة علي الكلام نتيجة الخوف من بعض المواقف الصعبة.
وهذه الأعراض كلها قد يصاحبها أعراض حركية، مثل: تحريك الكتفين أو اليدين أو الضغط بالقدمين علي الأرض وارتعاش رموش العينين والجفون وإخراج اللسان والميل بالرأس إلي الأمام أو إلي أي اتجاه، كما قد يصاحبها الأعراض النفسية مثل القلق وعدم الثقة في النفس والخجل والانطواء وسوء التوافق.
وهناك مجموعة من العوامل تمهد لظهور صعوبات النطق بعضها عضوي، وبعضها نفسي، وبعضها يرجع إلي الوراثة، وبعضها يرجع إلي التقليد والبيئة.
أولاً: الأسباب العضوية:
- اضطراب الأعصاب المتحكمة في الكلام.
- إصابة المراكز الكلامية في المخ بتلف أو نزيف أو ورم.
- اختلال الجهاز العصبي المركزي المتحكم في عملية الكلام.
- عيوب الجهاز الكلامي (الحنك واللسان والأسنان والشفتين والفكين).
- عيوب الجهاز السمعي حيث تجعل الطفل عاجزًا عن التقاط الأصوات الصحيحة للكلمات مما يؤثر بالتالي علي طريقة نطقها فيما بعد.
ثانيًا: الأسباب النفسية: وهي من أكثر العوامل التي تسبب مشكلات الكلام، وتتركز في:
- التوتر النفسي المصاحب للقلق وعدم الشعور بالأمن والطمأنينة.
- الصراع، والقلق، والخوف المكبوت، والصدمات الانفعالية.
- الشعور بالنقص وعدم الكفاءة.
- قلق الآباء علي قدرة الطفل علي الكلام.
- الرعاية الزائدة أو التدليل الزائد.
- المبالغة في حرمان الطفل من الحنان وجوعه العاطفي يؤديان إلي النتيجة نفسها.
ثالثًا: الأسباب البيئية: ترجع عيوب النطق إلي ظروف بيئية مثل:
- تقليد الطفل للكلام المضطرب والنطق غير السليم من قبل الآباء والأمهات.
- تأخر نمو الطفل بصفة عامة أو ضعفه عقليا.
- تعدد اللغات التي يتعلمها الطفل في وقت واحد.
- الكسل والاعتماد الزائد علي الآخرين.
- المشاكل العائلية وتصدع الأسرة.
- سوء التوافق المدرسي أو الاجتماعي.
- التغير المفاجئ في بيئة الطفل؛ كولادة أخ له، أو الالتحاق برياض الأطفال.
أمراض الكلام:
اللجلجة: وهي من العيوب الكلامية الشائعة عند الأطفال والكبار علي السواء، وأسبابها معقدة، ولكن يعد الشعور بالقلق النفسي من أكثر العوامل التي تؤدي إلي ظهور هذا العيب، فالطفل القلق نفسيا يكون متوترًا في المواقف المختلفة، ولذلك قد يتلعثم ويتلكأ في إخراج الكلام بالصورة التامة المطلوبة، وذلك كنتيجة لشدة تخوفه من المواقف التي يخشى مواجهتها.
اللثغ (التكلم بأسلوب غير ناضج): قد يستمر الطفل في التكلم بأسلوب طفولي كنوع من المحاكاة في تقليد أخيه أو أمه، وكذلك قد تحدث هذه الظاهرة عندما يفقد الطفل أسنان الفك قبل ظهور الأسنان الدائمة.
وهذا العيب أكثر العيوب انتشارًا في أطفال ما قبل المدرسة، وغالبية الحالات التي تعاني من اللثغ ترجع إلي أن الكبار ينطقون الكلمات أمام أطفالهم بصورة غير سليمة علي سبيل المداعبة، فيواصل الطفل الكلام بهذه الطريقة الطفولية معتقدًا أن يلقي استحسانًا من الآخرين، لأنه خفيف الظل.
ولما كان الأطفال الذين يظهر لديهم هذا العيب يتعرضون إلي قدر كبير من السخرية، فإن من يعانون منه لأسباب غير عضوية يتغلبون عليه مبكرا قبل دخول المدرسة، أما اللثغ المستمر وعدم المقدرة علي نطق حروف الكلمات بصورة صحيحة، فقد يكون نتيجة للإصابة بصمم جزئي، أو خطأ خلقِي، وإذا حدث ذلك فإن الطفل يصبح في حاجة للعلاج الطبي قبل بدء حياته.
العي: ويعجز فيها الطفل عن النطق بأول كلمة، والسبب يرجع إلي توتر العضلات الصوتية وجمودها، والطفل يبذل مجهودًا كبيرًا حتى يتمكن من نطق أول كلمة في الجملة، لكنه بعد أن يتمكن من ذلك يندفع في كلامه كالسيل حتى تنتهي الجملة، ثم يعود إلي نفس الصعوبة عند بدء الجملة الثانية، وأغلب حالات العي سببها نفسي، وإن كان بعضها تصاحبه أمراض جسمية كاضطرابات الجهاز التنفسي، أو تضخم اللوزتين وغير ذلك.
وتبدأ الحالة في البداية علي شكل لجلجة وحركات ارتعاشية متكررة تدل علي معاناة الطفل من اضطرابات انفعالية واضحة.
والطفل الذي يصاب بالعي تظهر عليه المعاناة والضغط علي الشفتين وتحريك الكفين أو اليدين أو الضغط بالقدمين علي الأرض أو التحرك يمينًا ويسارًا، أو القيام بحركات هستيرية في رموش وجفون العينين.
مضغ الكلام: ويرجع لقلة نشاط الشفتين أو اللسان أو الفك لسبب أو لآخر، فقد يكون السبب عضويا، كعدم نضج وتطور جهاز النطق، أو شلل في أعضاء الصوت أو بعض العضلات خاصة عضلات اللسان.
وقد يرجع هذا العيب لأسباب انفعالية حيث يندفع الطفل في نطق الكلمات بدون وضوح.
عدم الترتيب والتشوش: وذلك بأن يكون كلام الطفل سريعًا مشوشًا وغير مرتب، وكثيرًا ما يخلط بينه وبين التهتهة، والفرق بينهما أن هذا العيب يمكن التغلب عليه إذا انتبه الطفل لكلامه، وكان يقظًا لما يقول، أما التهتهة فإن الطفل تسوء حالته أكثر إذا اهتم الطفل بكلامه.
ويوجد هذا العيب أساسًا لدي الأطفال الذين تأخر تطورهم اللغوي.
العلاج: ينبغي علي الأم أن تبحث عن السبب وراء اضطرابات النطق عند الطفل، وعليها أن تتحلى بالصبر، وتتخلى عن القلق، فإن هي تعجلت شفاء طفلها، فإن المرض قد يستمر طويلا، أو قد يفشل العلاج.
- وفي البداية عليها أن تتأكد من أن طفلها لا يعاني من أمراض عضوية، وذلك بأن تذهب به إلي طبيب متخصص ليقوم بفحص الطفل، وتصحيح ما قد يوجد من خلل في الجهاز العصبي وجهاز الكلام والجهاز السمعي، وكل النواحي العضوية التي تتصل بإخراج الصوت.
- فحص الطفل نفسيَّا، أو العلاج النفسي للكشف عن الصراعات الانفعالية، وإعادة الاتزان الانفعالي والعاطفي للطفل، وتقليل اتجاه الخجل والارتباك والانسحاب عنده، والتي تؤثر علي شخصيته، وتزيد من أخطائه واضطراباته الكلامية.
- إحاطة الطفل بجو من الدفء العاطفي والمحبة وتحقيق أمن الطفل بكافة الوسائل.
- العلاج الجماعي، والعلاج باللعب وتشجيع النشاط الجسمي والعقلي.
- علاج الطفل عن طريق الاسترخاء الكلامي والتمرينات الإيقاعية في الكلام والتدرج من الكلمات والمواقف السهلة إلي الصعبة، وتدريب اللسان والشفتين والحلق، وتمرينات البلع؛ وذلك لتقوية عضلات الجهاز الكلامي، وتمرينات التنفس... وبصفة عامة تدريب الطفل المريض لتقوية عضلات النطق والجهاز الكلامي.
أسئلة الأطفال الحرجة
فجأة وبدون سابق إنذار، قد يأتي الطفل إلي أمه ليسألها: أين الله؟ ما هو الموت؟ من أين جئت؟.. وأسئلة كثيرة قد يصعب علي الأم الإجابة عنها بشكل مناسب.
وقد تعتبر الأم أن مثل هذه الأسئلة غير هامة، وتتهرب من الإجابة عنها أو تجيب بكلام مبهم لا يمت للحقيقة بصلة. وهذا خطأ كبير؛ فالطفل من حقه أن يعرف ويسأل، وإذا لم يعرف الإجابة سوف يشعر بالحيرة والقلق والتوتر النفسي، بل والخوف أحيانًا.
وتخطئ الأم إذا لجأت إلي الصمت تجاه أسئلة طفلها، لأن الطفل سيحاول معرفة الإجابة من زملائه، أو بأي أسلوب آخر، مما قد يضره نفسيَّا، ويضلله علميَّا. بالإضافة إلي أنه سوف يشعر بالذنب مما قد يؤدي لانطوائه عن الحياة الاجتماعية.
أسباب أسئلة الأطفال الحرجة ودوافعها:
تكثر أسئلة الطفل في السنوات الأولي من عمره ــ من سن عامين إلي خمسة أعوام بسبب مخاوفه، وعدم وجود خبرة سابقة مباشرة، ومن الأسباب العديدة لأسئلة الطفل:
(1) الخوف والقلق.. فالأطفال يسألون كثيرًا عما يخافون منه؛ طلبًا للشعور بالأمن والطمأنينة من خطر المجهول، فهم يخافون حتى ولو لم يهاجمهم في حياتهم حيوان ما كالكلب أو الذئب أو خلافه، وهم يخافون اللصوص والمجرمين والمتسولين.
(2) حب الاستطلاع... فهو يجهل ما حوله وما يحدث، ويريد أن يعرفه.
(3) الاستحواذ علي الانتباه، والحصول علي الاهتمام.
(4) المقاومة والتمرد علي الكبار، أو السخط علي سلطة الأب والأم أو غيرهما.
(5) ممارسة اللغة والمباهاة بها، لإدراكه أنه أصبح يتقن لغة الكلام والمخاطبة والتفاهم.
تصرفات الأم تجاه أسئلة أطفالها، وتأخذ صورًا متعددة منها:
(1) التهرب من الإجابة بالصمت.
(2) تجاهل الأمر، وتغيير موضوع الحديث.
(3) الإجابة بردود غير مقنعة وغير صحيحة، أو بإجابات عشوائية.
(4) الإجابة الصحيحة وبشكل علمي.
وتصرف الأم الصحيح تجاه أسئلة طفلها أن تهتم بتساؤلاته، وأن تجيبه بإجابة مناسبة، وأن تكون الإجابات محددة، مبسطة، قصيرة، وبطريقة ذكية لا تتطلب التدقيق والتفاصيل، ولا تثير لدي الطفل أسئلة أخري، وأن تكون مناسبة مع مداركه ومزاجه الشخصي.
وترجع أهمية إجابة الأم عن أسئلة طفلها إلي:
(1) زيادة الثقة بالنفس، وتحقق الهدف الذي سأل من أجله.
(2) مُساعدته علي النمو نفسيَّا بشكل سوي، وعلي التكيف الاجتماعي.
(3) تنمية مقدرته اللغوية.
(4) إكسابه الأخذ والعطاء.
(5) تعليمه الإصغاء والاستماع.
(6) استمتاعه بمشاركة والديه وجدانيَّا.
وعلي الأم والأب أن يعلما أنه من الأفضل أن يتعلم طفلهما من خلال أسئلته ما يتعلق بالتربية الجنسية السليمة، بدلا من تلقيه بعض المعلومات الخاطئة غير الصحيحة من أصدقاء السوء أو من مصادر أخري مشبوهة.
وإذا وجه الطفل أسئلة لا تعرف الأم الإجابة عنها، فيُمكنها أن تقول له هذا سؤال جيد.. ولكن لا أستطيع الإجابة عنه،فسوف نسأل والدك أو نبحث عن الإجابة في أحد الكتب.
وعندما تشجع الأم طفلها علي توجيه الأسئلة، وتعطيه إجابات وافية، تجعله سعيدًا سويَّا، ويشعر أنه ذو قيمة عند أبويه، وأن له شأنًا، وأن لديهما ما يحتاج إليه وما يفيده.
ومن حق الطفل علي المحيطين به الإجابة عن كل تساؤلاته، وذلك لأنه فطر علي حب الاستطلاع لمعرفة ما يدور حوله.
وهذه المعرفة التي يحصل عليها تدفعه لمعرفة ذاته، ومعرفة الكون المحيط به، وإلي المعرفة الحقيقية بالإله الخالق، فمتي عرف الولد ربه، استطاع أن يعبده حق عبادته.
وقد أودع الله روح البحث والتساؤل في الإنسان منذ بداية حياته... غير أن معظم المربين (آباء وأمهات وغيرهم) يرتكبون أخطر الأخطاء حينما يقتلون هذه الروح، وذلك عندما يتجاهلون تساؤلات الأطفال واستفساراتهم، بل يضيقون ذرعًا بها وبهم، فيهربون من الإجابة عن تساؤلاتهم، ويصدونهم بطريقة خاطئة.
وقد يكون من المفيد أيضًا أن لا تنتظر الأم حتى يسألها ولدها، بل عليها أن تبدأه هي بالتعليم والإرشاد، وتوجيهه إلي ما يجهله، وما يجب عليه معرفته، مراعية في ذلك سنه وقدراته، وقد يصير هذا الأمر واجبًا عليها إذا أحست أن ابنها لا يسأل، ولا يحب أن يعرف، فإن سلوكها هذا سيلفت نظره إلي ضرورة المعرفة واستكشاف العالم من حوله.
السرقة
يحكي أن قاضيًا في إحدى المحاكم الشرعية حاكم لصَّا، وبعد المداولة أعلن حكمه بقطع يده، فقال اللص: (قبل أن تقطعوا يدي اقطعوا لسان أمي). لماذا قال اللص ذلك؟.. لأنه عندما سرق بيضة من جيرانه، ذهب بها إلي أمه، فلم تغضب، ولم تعترض، ولم تنصحه بإعادتها إلي الجيران، بل فرحت به وبما فعله. وصدق اللص حين قال: لولا لسان أمي الذي زغرد للجريمة لما كنت في المجتمع سارقًا.
فالأم مسئوليتها خطيرة، وعليها أن تنشِّئ طفلها علي مراقبة الله والخشية منه، وأن تعوده الأمانة، وأن يحافظ علي حقوق الآخرين.
ويهمل كثير من الآباء والأمهات التمييز بين ما يملكه الطفل ومالا يملكه، فيتركونه بلا ملكية محددة، فلا يشعر الطفل أنه يملك شيئًا، حيث إن أبويه يشتريان له ولإخوته دون تمييز علي أساس أن هذا يفيد في تعليم التعاون، لكن ذلك قد يؤدي إلي أن الطفل لا يفصل بين ممتلكاته وممتلكات غيره،ويستمر ذلك معه في كبره.
أسباب السرقة ودوافعها:
السرقة لها دوافع، ومعرفة الدافع وتحديده بدقة ضرورة؛ لأنها طريق العلاج، وهذه الدوافع كثيرة، ومنها:-
الانتقام: قد يسرق الطفل لأن والده يعامله بقسوة، فيغيظه أو يضايقه باللجوء إلي السرقة.
الجهل وعدم الإدراك الكافي: الطفل قد يسرق قلمًا من أخيه أو زميله؛ لأنه لا يدرك معني الملكية واحترام خصوصيات الآخرين، وذلك لنقص إدراكه وعدم تمييزه بين ما له وما ليس له.
إثبات الذات: فالطفل الذي ينتمي إلي طبقة اجتماعية متوسطة، ويخالط أقرانًا من طبقات اجتماعية عليا، قد يلجأ إلي السرقة، ليثبت لهم أنه في مستواهم.
نشأته الإجرامية: قد ينشأ الطفل في بيئة إجرامية تعوده علي السرقة والإعتداء علي ملكية الغير. قال الشاعر:-
وينشأ ناشيء الفتيان منا .. علي ما كان عوَّده أبوه
انخفاض الذكاء: قد يكون سبب السرقة الضعف العقلي أو انخفاض الذكاء، والوقوع تحت سيطرة أولادٍ يفوقونه ذكاءً فيوجهونه إلي السرقة.
التدليل الزائد: الطفل الذي تعود أن تلبي كل رغباته، ولا يطيق أن يقف أمامه ما يحول دون تنفيذ ما يريده، ثم يفاجأ بامتناع والده عما يطلبه من رغبات يلجأ إلي السرقة.
الرغبة في الحصول علي مركز مرموق: قد يسرق الطفل للتفاخر بما لديه من حاجيات ليست عند أحد من رفاقه، أو يعطي زملاءه؛ ليكون مقبولا لديهم.
التخلص من مأزق معين: فقد يفقد الطفل النقود التي أعطاها له والده ليشتري بها شيئًا ما، ويخاف من العقاب، فيهديه تفكيره للسرقة.
الحرمان: فقد يسرق الطفل لأنه محروم من المتطلبات الضرورية للمعيشة، كأن يسرق الطعام لأنه جائع.
إشباع ميل أو عاطفة أو هواية: يميل بعض الأطفال أحيانًا إلي ركوب الدراجات، أو الذهاب إلي السرك، ولا يملكون المال اللازم لذلك، فيسرقون لإشباع هذه الهوايات.
الإصابة بمرض نفسي: الطفل المصاب بمرض نفسي قد يدفعه هذا المرض إلي السرقة الغير إرادية أو ما يسمي بالقهرية، والتي تعرف بحالة (الكلبتومانيا).
علاج السرقة: قال عبد الله بن دينار: خرجت مع عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - إلي مكة، فانحدر بنا راع من الجبل، فقال عمر -ممتحنا- يا راعي بعني شاةً من هذه الغنم. فقال: إني مملوك. فقال ابن عمر: قل لسيدك أكلها الذئب. فقال الراعي: فأين الله؟ فبكي ابن عمر -رضي الله عنه- ثم غدا مع المملوك، فاشتراه من مولاه وأعتقه، وقال له: أعتقتك في الدنيا هذه الكلمة، وأرجو أن تعتقك في الآخرة.
فلا شك أن المملوك قد نشأ علي خشية الله ومراقبته، وتعوَّد علي الأمانة، لذلك لم يمد يده إلي أموال سيده، وهكذا فإن الأم عندما تعود طفلها علي التقوي والعمل الصالح، فإنه ينشأ أمينًا لا يمد يده إلي ممتلكات الآخرين.
وعند علاج السرقة يجب أن ندرس كل حالة علي حدة، حتى نعرف الدوافع التي أدت إليها، وبالتالي يسهل أسلوب علاجها.
وعلي كل أم أن توضح لطفلها قبح السرقة، كما ينبغي عليها أن تضرب لطفلها المثل الأسمي في احترام ملكية الآخرين.
وعلي الأم أن تراعي إشباع رغبة الطفل في الدفء العاطفي والحنان، حتى يشعر بالثقة في النفس، ولا يشعر بأي نقص قد يدفعه إلي السرقة.
وتعتبر تربية الطفل علي مبادئ الإسلام، ومخافة الله، كفيلة بإبعاده عن أي سلوك منحرف مثل السرقة.
الخجل
الطفل الخجول هو الذي ليس لديه القدرة علي التجاوب مع زملائه في المدرسة، أو الأشخاص الذين يراهم لأول مرة،سواء كان في البيت أو خارجه، وهو لا يندمج معهم، ولا يستطيع مواجهتهم بجرأة، لذلك فإن تجاربه في الحياة تكون محدودة، كما تكون صداقاته قصيرة الأجل غير مستديمة، وكذا لا يتحمل نقد الآخرين له، أو ملاحظاتهم البسيطة نحوه.
كل هذه الصفات تجعل منه شخصا انعزاليَّا غير نافع لنفسه أو لمجتمعه.
والحياء شيء والخجل شيء آخر، والفرق بينهما كبير؛ لأن الخجل هو انطواء الولد وابتعاده عن معاملة الآخرين والتعامل معهم، أما الحياء فهو خلق وفضيلة من أخلاق الإسلام، يمنع من ارتكاب الخطأ والمحرمات، ولقد أوصي به رسول الله ( حين قال: (استحيوا من الله حق الحياء). قلنا:يا رسول الله إنا نستحي والحمد لله. قال: ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعي، والبطن وما حوي، ولتذكر الموت والبِلَي، ومن أراد الآخرة، ترك زينة الحياة، فمن فعل ذلك؛ فقد استحيا من الله حق الحياء) [الترمذي].
أسباب الخجل:
وأسلوب تربية الطفل قد يجعله خجولا؛ حيث إن زيادة التدليل قد تسبب الخجل، كما أن التشدد في المعاملة وتكرار التوبيخ، والزجر والتأنيب بغير سبب، واستخدام القسوة في تصحيح الأخطاء خاصة أثناء وجود الغير، كل ذلك قد يؤدي إلي فقدان الثقة في النفس والشعور بالنقص، وبالتالي يؤدي إلي الخجل والانطواء عن الناس والمجتمع، وقد كان رسول الله ( يلاطف الصغار حتى يشعرهم بالثقة في أنفسهم.
وقد يكون من أسباب الخجل، الشعور بالنقص لدي بعض الأطفال الذين يعانون من عاهات وعيوب خِلقية، مما يجعلهم يميلون للعزلة.
كما أن التأخر في الدراسة قد يكون سببًا في الشعور بالنقص، وضعف الثقة في النفس مما يؤدي لأن يصبح الطفل خجولا.
والطفل الوحيد غالبًا ما يعاني من الخجل نظرًا للاهتمام الزائد به، والخوف الشديد، واللهفة عليه أكثر مما يعامل الآباء الأطفال الذين في مثل سنه، وقد يؤدي ذلك للسخرية منه من قبل بعض زملائه مما يزيد من حدة المشكلة.
علاج الخجل:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن الأقرع بن حابس -رضي الله عنه- أبصر النبي ( وهو يقبل حسينًا فقال: إن لي عَشَرَةً من الولد ما فعلت هذا بواحد منهم. فقال رسول الله :) (من لا يرحم لا يرحم) [أبو داود].
وكان رسول الله ( يتلطف مع أبناء الصحابة ويسلم عليهم، ويهتم بهم ويرحمهم. وروي لنا ذلك أنس بن مالك فقال:(إنه كان له أخ صغير اسمه عمير، وكان له طائر يلعب معه، فلما مات حزن عليه حزنًا شديدًا، فكان رسول الله ( إذا رآه داعبه ولاطفه وسرّي عنه بقوله (يا أبا عمير ما صنع النغير) [متفق عليه]، وكثيرًا ما كان يركب الحسن والحسين علي ظهره ( ويقول: (اللهم إني أحبهما، فأحبهما، وأحب من يحبهما) [الطبراني]. فالرحمة والحنان الغير زائدين عن الحد المعقول من العوامل المؤثرة التي تقي الأطفال من الخجل.
ويمكن للأم علاج طفلها من الخجل والانطواء، وذلك بتربيته علي الجرأة، وأن يصطحبه أبوه في المجالس العامة، لأن هذه المخالطة تجعله أقل خجلا من الأطفال الذين لا يخالطون الناس.
وعلي الأم أن توفر لطفلها قدرًا كافيًا من العطف والرعاية والمحبة، وإشعاره بالأمن والطمأنينة، وأن تحذر من التفرقة في المعاملة بين أبنائها حتى لا تحدث الغيرة لدي الطفل، فيشعر بعدم القبول فينتج عن ذلك انطواؤه وخجله، فالأطفال يكونون في غاية الحساسية، ولقد نهي النبي ( عن ذلك فقال: (اعدلوا بين أولادكم في النِّحَل، كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر) [الطبراني]. والتربية الاستقلالية في شخصية الطفل خير وسيلة للوقاية والعلاج من الخجل، لذلك كان رسول الله ( قدوة صالحة في تربية السلف الصالح علي الجرأة.
فعن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- أن رسول الله ( أُتِي بشراب، فشرب منه -وعن يمينه غلام، وعن يساره الأشياخ (أي المسنين)- فقال للغلام: (أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟) فقال الغلام: لا والله يا رسول الله، لا أوثر بنصيبي منك أحدًا) [متفق عليه].
وعلي الأم أن تعيد لطفلها ثقته بنفسه، فإذا كان متفوقًا في دراسته، أو ماهرًا في موهبة كالرسم مثلا وجب عليها أن تشجع فيه هذه الموهبة، وأن تعلي من قيمتها عنده، وأن تمدحه وتشعره أنه متفوق.
وعلي الأم أن تكون صبورة في علاج الخجل عند طفلها؛ لأنه يحتاج إلي وقت طويل، ويتم علي مراحل، وعليها أن تبدي سعادتها كلما تخلص من بعض خجله، ولكن إذا فشلت؛ فعليها أن تحاول معه مرة أخري حتى يتحقق هدفها الذي تتطلع إليه.
وعلي الأم الاهتمام بطفلها والإنصات له عندما يتكلم، وعدم السخرية من حديثه أو أفعاله، لأن هذا يكسبه الثقة في نفسه، بل يشجعه علي التحدث مع الآخرين بلا خوف أو خجل.
الغضب
كثيرًا ما تشتكي الأم فتقول: ابني سريع الغضب.. فما السبب؟ وما الحل؟
الغضب حالة انفعالية يشعر بها الطفل في الأيام الأولي من حياته، وتصحبه في جميع مراحل عمره.
والغضب غريزة إنسانية قد تكون مفيدة في بعض الأحيان، كأن يشحذ العزائم للمحافظة علي النفس، والمحافظة علي الدين، والعرض، والوطن.
أمَّا الغضب المذموم فهو الغضب من غير مبرر معقول، وفي غير حق، لذلك أوصي رسول الله ( بعدم الغضب. روي أبو هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رجلا قال للنبي ( أوصني؛ قال (لا تغضب) فرددها مرارًا، قال (لا تغضب) [البخاري].
وعن بن عمر -رضي الله عنهما- أنه سأل رسول الله ( فقال له: ما يباعدني من غضب الله؟ قال: (لا تغضب) [أحمد والبخاري].
وامتدح القرآن الكريم الذين يملكون أنفسهم عند الغضب، فقال: {الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} [آل عمران: 134].
وقال :) (ليس الشديد بالصُّرَعَة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) [متفق عليه].
وتظهر بوضوح نوبات الغضب لدي الأطفال في الفترة ما بين الشهر السادس والسنة الثالثة من حياة الطفل، وهناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلي غضب الطفل منها:
- عدم تحقيق رغباته خصوصًا الفسيولوجية (الطعام - الإخراج).
- إذا ترك وحيدًا في الحجرة، كما أنه قد يثور أيضًا عندما نغسل له وجهه أثناء الاستحمام، أو عند خلع ملابسه.
- تذبذب المعاملة بين أساليب الشدة والتراخي.
- تقييد حرية الطفل الحركية في لعبه وتحركاته، خاصة وأنَّ الطفل مفطور علي حب الحركة واللعب والانطلاق؛ لأن في ذلك وسيلة للتعبير عما بداخله من طاقات متوقدة.
وتقييد حرية الطفل في التعبير عن رأيه أيضًا يؤدي إلي غضبه، لأن الطفل وإن كان صغيرًا إلا أنه يشعر بالرغبة في أن يكون له شخصية مستقلة، ورأي خاص به يعبر عنه حتى يشعر بذاته.
- قسوة الوالدين ونزوعهم إلي الشدة والنقد اللاذع، كل ذلك يؤدي إلي تفجير ثورة غضب الطفل. وإن كان بعض الأطفال لا تبدو عليهم ثوراتهم وانفعالاتهم ، ولكن لها آثارها السلبية أيضًا كالاكتئاب والانطواء.
- زيادة تدليل الأبوين للطفل يؤدي إلي نوبات الغضب المرضية، حيث تجاب كل رغباته في صغره مما يجعله يتوقع ممن حوله أن ينفذوا كل رغباته حتى في كبره.
- عصبية بعض الآباء والأمهات وثورتهم لأتفه الأسباب تؤدي إلي عصبية الأطفال وثورتهم وغضبهم، لذلك فإن علي الأبوين أن يحرصا علي أن يكونا نموذجًا للهدوء وعدم العصبية الزائدة عن الحد.
- النقص العام أو ضعف صحة الطفل، والتي تؤدي إلي ضعف مقدرته علي السيطرة علي موقف ما قد يجعل الطفل هائجًا غاضبًا، فبعض الأطفال لعدم قدرتهم علي المشي أو الكلام أو الرؤية أو اللعب مثل سائر أقرانهم يجعلهم في حالة تقزز واستعداد للغضب.
العلاج: الخطوة الأولي لعلاج أي مشكلة هو دفع وإزالة أسبابها، لذلك فإن علي المربين مساعدة الطفل علي الهدوء والتحكم في انفعالاته.
ويبرز دور الآباء والأمهات في تقديم صورة صالحة لأطفالهم، فعليهم ألا يغضبوا ويثوروا لأتفه الأسباب، بل الواجب أن ينزهوا ألسنتهم عن كلمات التحقير والإهانة.. حتى لا تترسخ في نفس الولد الآفات النفسية، وانفعالات الغضب، وبذلك يكون الآباء والأمهات قدوة صالحة في الحلم والأناة وضبط النفس عند الغضب.
ويجب أن يكون تدخل الأبوين في أعمال الطفل بصورة تربوية لا تجعله يشعر بتقييد حركته أو إرغامه علي الطاعة بدون إفهامه أو إقناعه، فالطفل بطبيعته تكمن بداخله طاقات هائلة متوقدة إلا أن قدراته الإدراكية لا تمكنه من توجيه هذه الطاقات بصورة إيجابية في مكانها المناسب.. وهنا يبرز دور المربي في توجيه هذا النشاط الزائد إلي بعض الأشغال والهوايات اليدوية المفيدة التي تنفس عن مشاعر الطفل المكبوتة فضلا عن أنها تشعر الطفل بقيمته الذاتية.
ويجب علي المربين ألا يبالغوا في تدليل الطفل أو تلبية كل رغباته، فإنه عندما يتعامل مع الآخرين، فإنه يتوقع منهم نفس المعاملة، لكنه يري معاملة قاسية فتثور في نفسه مشاعر الغضب.
ومن عظمة ديننا الإسلامي أنه لم يترك شيئًا إلا وقد أحاط به، فهناك علاج ناجح أرشدنا إليه المنهج النبوي في تسكين الغضب، وعلي الآباء والأمهات أن يعوِّدوا أبناءهم عليه قدر المستطاع.. وللمنهج النبوي في ذلك عدة مراحل: ــ
- تغيير الوضع الذي يكون عليه الغاضب، فعن رسول الله ( أنه قال: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب.. وإلا فليضطجع) [أبو داود وأحمد].
- اللجوء إلي الوضوء في حالة الغضب؛ عن رسول الله ( أنه قال: (إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تُطْفَأُ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ) [أبو داود].
- التعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. فقد استبَّ رجلان عند النبي ( وأحدهما يسب صاحبه مغضبًا قد احمر وجهه، فقال النبي :) (إني لأعلم كلمة لو قالها، لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) [متفق عليه].
- مغادرة المكان الذي حدث فيه الغضب، فقد حدثت مشادة بين علي كرم الله وجهه وفاطمة الزهراء -رضي الله عنها- فغضب كل منهما من الآخر، فخرج الإمام علي إلي المسجد، فمكث فيه، فلما علم رسول الله ( بذلك ذهب إلي علي، وقد وقع عليه بعض التراب، فأخذ ينفضه عنه، ويقول: (قم يا أبا تراب) [الطبراني].
- والأشياء التي تفيد في معالجة الغضب: التخلق بالخلق المضاد له، وهو الحلم والأناة.. فعلي الأم أن تنمي في أولادها الصبر والأناء بذاتهما، فإن الإنسان الحليم، لايعرف الغضب إلا لله.
- كما عليها أن توظف ملكة الغضب في أبنائها التوظيف المناسب الذي يتلائم مع طبيعة الموقف، فإذا كان هناك موقف يقتضي الغضب، فعلي الأم أن تنبه ابنها عليه، وتعلمه أن الغضب هنا من الصفات المحمودة. وإذا كان الحلم في موقف ما أولي وأحسن، فعليها أن تذكر أبناءها بذلك وتحملهم عليه. فما ليس بخلق في الأصل يسهل الوصول إليه وجعله خلقًا بالتخلق به، والتطبع عليه حتى يصير خلقًا وطبعًا.
- اكتساب عادة الحلم..فإن الحلم من أعظم الفضائل النفسية التي يجب أن يتحلي بها الإنسان.
فالتدريب علي ضبط انفعالات الغضب عنصر جوهري من عناصر النمو الانفعالي الصحيح... ومن الأحاديث المأثورة عن الرسول ( أنه قال: (إن من أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقًا) [الترمذي].
وهكذا يصبح ضبط النفس عند الغضب أمر ضروري ولا يعني هذا كبتها أو قمعها.

zd11.gif

 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
طفلك والمرض

zd11.gif


طفلك والمرض

طفلي مريض.. ماذا أفعل؟؟ وكيف أتصرف؟؟
المسلمة تعلم أن الله هو الشافى، وأن الطبيب المختص هو المداوى، وهى تسأل هذا السؤال لمعرفة السلوك الصحيح الواجب اتباعه قبيل عرض الطفل على الطبيب، ولمعرفة الوسائل الوقائية التى تحمى طفلها من المرض.
ويظهر القلق الشديد والاضطراب عند كثير من الأمهات إذا مرض أطفالهن، وهذا القلق سرعان ما ينتقل من الأم إلى الطفل، فيضاعف من خوفه واضطرابه، لذلك فإن لهدوء الأم وعدم انفعالها أمام طفلها المريض دورًا كبيرً ا فى نزع الرهبة والخوف منه، مما يسهم فى سرعة شفائه.
ويجب أن تكون الأم صادقة مع طفلها فيما يتعلق بالعلاج، وما قد ينجم عنه من ألم، فإذا قرر الطبيب أن يحقن الطفل، فمن الخطأ إيهامه بأن الحقن لن يسبب له أى ألم، فالأطفال يتوقعون الصدق من الكبار وعلى الأخص الأم.
وبعض الأمهات يفتقدن السلوك الصحيح أثناء إعطائهن الدواء لأطفالهن، فيبدين علامات الاشمئزاز أثناء ملء الملعقة من الزجاجة؛ لأنهن يكرهن رائحة الدواء.
فما أجمل أن تقترب الأم من طفلها وعلى وجهها ابتسامة مشجعة، وتحفزه على تناول الدواء بكلمات عذبة رقيقة، دون أن تضغط على الطفل أو ترغمه على أخذ الدواء، بل تتبع معه مختلف طرق التسلية والإغراء، فتتحدث إليه حديثا مشوقًا، إذ يتوقف قبول تناول الدواء من عدمه على الطريقة الجذابة لتقديمه إليه.
وإذا أبدى الطفل تعاونًا عند تناوله للدواء، فيجب عليها أن تشجعه وتشيد به، وتشعره بتقديرها لتعاونه.
ويمكن للأم المحافظة على صحة طفلها بثلاث وسائل أساسية هى: الغذاء الكامل، والنظافة، والنوم الكافى.
الغذاء الكامل:
على الأم أن تراعى عند تقديم الغذاء لطفلها أن يكون محتويًا على كمية مناسبة من البروتين، حتى تكفى لإمداد جسم الطفل بالأحماض الأمينية الضرورية. وكذا أن يكون به كمية كافية من الأملاح المعدنية اللازمة للجسم وبالنسبة الصحيحة. واحتواؤه أيضًا على كمية مناسبة من الدهون والمواد النشوية والمعادن والفيتامينات الأساسية.
النظافة: وهى مهمة جدًا لصحة الطفل، فيجب أن يتعلم منذ صغره كيف يحافظ على نظافة جسمه وثيابه وغرفته، وذلك يستغرق وقتًا طويلا من المثابرة الدائمة كى يكتسب عادات النظافة.
النوم: والنوم المنظم الكافى للطفل من أهم العوامل لاستمرارية الصحة الجيدة للطفل.
الأمراض الشائعة عند الأطفال:
ارتفاع درجة الحرارة: تعتبر درجة حرارة الطفل من الأدلة المهمة على حالة الطفل الصحية، وتتراوح درجة الحرارة الطبيعية بين 36.5 درجة مئوية - 37.4 درجة مئوية.
وتقاس درجة الحرارة إما عن طريق الفم أو الشرج، وعلى الأم أن يكون فى بيتها ترمومتر لقياس الحرارة، أن تتعلم كيفية استعماله.
وقياس درجة الحرارة عن طريق الشرج أكثر الطرق أمنًا للأطفال الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات، والأطفال الذين يكونون فى غيبوبة، أو فى حالة تهيج عصبى، وفى هذه الحالة يجب على الأم أن تظهر الترمومتر وتتأكد من صلاحيته للاستعمال، بحيث يكون الزئبق فى الخزان، ثم يدهن بالجلسرين لتسهيل إدخاله فى فتحة الشرج، ثم يرقد الطفل على أحد جانبيه، وتثنى رجله نحو بطنه، تمسك بساقيه جيدًا بإحدى اليدين، ثم تدخل الترمومتر فى فتحة الشرج بحركة لولبية، بحيث يكون خزان الزئبق كله فى فتحة الشرج، ويستمر وضعه لمدة ثلاث دقائق، وتقرأ الترمومتر بعد إخراجه، وتحسب درجة الحرارة بعد خصم (0.5) درجة من القراءة وهناك نوع من الترمومتر يوضع على الجبين، ويظهر درجة الحرارة.
وتقاس درجة الحرارة من الفم للأطفال الكبار الذين تسمح حالتهم باستعمال هذه الطريقة، ويوضع الترمومتر فى هذه الحالة بعد تطهيره فى فم الطفل لمدة ثلاث دقائق، ثم يستخرج للتعرف مباشرة على درجة حرارة الطفل.
وقد تقاس درجة الحرارة من تحت الإبط مع إضافة (0.5) درجة مئوية.
ومن المهم أن يعرض الطفل على الطبيب لمعرفة سبب ارتفاع درجة الحرارة وإعطائه العلاج اللازم.
الإسهال: وهو من أكثر الأمراض شيوعًا بين الأطفال، ويتسبب عنه فقد سوائل الجسم، مما يؤدي إلى إصابة الأطفال بالجفاف.
وترجع أسباب الإسهال إلى تناول بعض الأطعمة المصابة بالميكروبات، أو عدم تحضير غذاء الرضيع بطريقة سليمة تناسب عمره وصحته، أو التسمم الغذائى. وقد يصاحب الإسهال بعض الأعراض مثل القىء، وارتفاع درجة الحرارة، والمغص، وفقدان الشهية، أو وجود دم مع البراز.وعلى الأم تعويض الطفل المصاب بالإسهال ببعض السوائل المناسبة لذلك: كالشوربة، أو الحبوب المطبوخة والمخففة بالماء، أو لبن الأم، كما يتوافر فى الصيدليات محلول معالجة الجفاف الذى يمكن تحضيره بسهولة.
وبعض الأمهات يتوقفن عن الرضاعة الطبيعية عند حدوث الإسهال، وهذا غير صحيح، فعليهن الاستمرار فى إرضاع أطفالهن، هذا فى حالة عدم حدوث جفاف للطفل، أما فى حالة حدوثه، فيجب إيقاف الرضاعة لمدة تتراوح بين أربع إلى ست ساعات، يتناول الطفل خلالها محلول معالجة الجفاف بكثرة لتعويض ما فقده، ثم تبدأ الرضاعة بعد ذلك.
وللوقاية من الإسهال يجب على الأم ألا تلجأ إلى الرضاعة الصناعية إذا كان فى مقدورها أن ترضع طفلها رضاعة طبيعية، حيث إن الإسهال أقل حدوثًا عند الأطفال الذين يرضعون من أمهاتهم، أما إذا اضطرت الأم إلى الرضاعة الصناعية، فعليها تحضير الغذاء بطريقة سليمة معقمة، وعليها أن تحرص على غسل يديها بالماء والصابون قبل تحضيرها لوجبة طفلها، وتحضير الأغذية المناسبة لطفلها حسب سنه فى كل مرحلة من المراحل التى يمر بها.
ومن المهم تغطية الطعام والماء المستعمل للشرب، لحمايتهما من التعرض للذباب والحشرات، وحتى لا يكون مصدرًا لتكاثر الميكروبات.
الأنيميا: يوجد العديد من الأسباب التى يمكن أن تؤدى إلى سوء التغذية، إلا أن السبب الرئيسى هو نقص ما يتناوله الطفل من المواد الغذائية، وقد يكون السبب فى بعض الأحيان هو ضعف عملية الامتصاص لنوع أو أكثر من مكونات الطعام بعد تناوله وهضمه، وعدم تناول الطعام الغنى بالحديد، أو نقص الشهية للطعام نتيجة لسوء العلاقة بين الطفل وأمه، وكذلك نقص الفيتامينات أو المواد الأساسية فى الطعام.
وأعراض الأنيميا هى: شحوب الوجه، والإحساس بالتعب لأقل مجهود، والدوار، وقد يصاحب ذلك فقدان الشهية للطعام.
ويجب على الأم أن تقدم لطفلها الأطعمة التى تحتوى على عنصر الحديد والعناصر الأخرى التى يحتاجها الطفل لتكوين الهيموجلوبين وأهمها: الكبد، واللحوم، والفول، والسبانخ، والبازلاء، والبطاطس وغيرها من الأغذية الرئيسية التى تكفل له الصحة وتساعده على النمو الطبيعى. وفى حالة ما إذا كان الطفل رضيعًا، فإن أفضل غذاء له هو لبن الأم.
الوقاية والإسعافات الأولية:
كثيرًا ما تقع الأم في حيرة، وتصاب بالهلع والرعب عندما يتعرض طفلها لحادث مفاجئ وغير متوقع، وقد يقع هذا الحادث الطارئ وليس هناك طبيب بالقرب من المنزل، ونظرًا لعدم إلمامها بالإسعافات الأولية، فإنها لا تدرى ماذا تفعل، بل وتصاب بالارتباك والاضطراب أو تقوم ببعض التصرفات الخاطئة التى قد تزيد من إصابة طفلها، أو تكون سببًا فى فقدانه لحياته.
أما إذا كانت الأم على علم بالإسعافات الأولية، وعلى دراية بها، فإنها يمكنها أن تنقذ حياة طفلها، أو على الأقل تقلل من خطر إصابته. ومن المخاطر التى يتعرض لها الطفل:
الحروق: ولها مصادر متعددة، فقد يكون مصدرها: النار، أو الماء الساخن، أو المواد الكيمائية، أو الكهرباء. والوقاية خير من العلاج؛ لذلك فإن الأم يمكنها أن تجنب طفلها المخاطر والحروق على وجه الخصوص، إن هى قامت بتأمين مصادر النيران، فعليها -مثلا- أن تتأكد من إغلاق أنابيب الغاز، وتغطىة أسلاك الكهرباء، وأن تبعد المواد الكيميائية الحارقة عن متناول أيدى الأطفال، وتمنعهم من الاقتراب من النار المشتعلة.
ولكن ماذا تفعل الأم فى حالة تعرض طفلها للإصابة بالحروق؟
إذا اشتعلت النار فى ملابس الطفل، فعلى الأم أن تسرع - أولا إلى إطفاء النار المشتعلة، وذلك بلفه بغطاء، ويفضل أن يكون من الصوف، ولا تحاول أن تنتزع ملابس الطفل المشتعلة، فإنه لا ضرر منها إذ بالنار أصبحت معقمة، وعليها بعد ذلك أن تنقله إلى أقرب مستشفى، ليأخذ العلاج اللازم.
الحروق بالكهرباء: الأطفال لديهم حب استطلاع شديد، لذلك فهم يعبثون بكل شىء يقع تحت أيديهم، ولأن معرفتهم بالأخطار محدودة، فإن تركهم دون مراقبة يعرضهم للهلاك. والكهرباء من أشد الأشياء خطرًا على حياة الطفل؛ لأنها تسبب الصعق الكهربى الذى قد يفضى إلى الموت لتوقف عضلة القلب، والحروق التى تنتج عنها غالبًا ما تكون عميقة، على الرغم من أن مساحتها تكون محدودة.
ويمكن للأم أن تقى طفلها هذا الخطر الجسيم، إذا راقبت الطفل مراقبة جيدة، وقامت بتغطية الأسلاك الكهربائية المكشوفة بمواد عازلة؛ كذلك عليها أن تحرص على جعل مصادر الكهرباء فى أماكن مرتفعة بعيدة عن متناول أيدى الأطفال.
ماذا تفعل الأم عند الحروق بالكهرباء؟
1- الإسراع بإبعاد مصدر الكهرباء عن جسم الطفل، وذلك بدفعه بشىء عازل للكهرباء (من الخشب أو البلاستيك).
2- عمل التنفس الصناعى عن طريق الفم، مع التدليك الخارجى للقلب إذا لزم الأمر.
3- نقل الطفل إلى المستشفى فورًا
الحروق بالمواد الكاوية: قد تكون الأم منهمكة فى غسل الملابس، وبجوارها البوتاس الذى تستخدمه فى الغسل، معبأ فى زجاجة تشبه زجاجة المياه الغازية، وفجأة يتناول الطفل الزجاجة ويشرب ما فيها، معتقدًا أن فى الزجاجة المشروب الذى يحبه، والنتيجة أن يصاب الطفل بحرق كيميائى يحدث كيَّا خطيرًا فى الغشاء المبطن للمرىء، ويؤدى فى النهاية إلى ضيقه الشديد أو انسداده، ويكون العلاج بعملية جراحية كبيرة إذا أخفقت محاولات التوسيع.
ماذا تفعل الأم عند الحرق بالمواد الكيميائية؟
1- إزالة المادة الكيميائية الحارقة بأسرع ما يمكن من خلال تركيز صنبور المياه على الجزء المصاب.
2- استعمال المواد المضادة، فيستعمل الخل مثلا لمعادلة المواد القلوية (مثل الصودا الكاوية) ويستعمل محلول كربونات الصوديوم (الكربوناتو) لمعادلة المواد الحمضية مثل (ماء النار)
3- إذا كانت الإصابة بالعين، فلابد من غسلها لمدة لا تقل عن خمس دقائق مستمرة بالماء أو محلول الملح.
4- نقل الطفل إلى المستشفى لتلقى العلاج اللازم.
ماذا تفعل الأم بعد حدوث الحروق بصفة عامة؟
1- إطفاء النار المشتعلة.
2- إبطال مفعول مصدر إشعال النار، أو قطع التيار الكهربي إذا كان هو مصدر الحريق.
3- وضع الطفل في مكان أمين بعيدًا عن التيار الكهربائي ، ومكان الحريق الملىء بالدخان والغازات.
4- حماية المكان الذي أصيب بالحروق من التلوث، وذلك بوضع غيار معقم عليه.
5- نقل المصاب فورًا إلى المستشفى حتى يأخذ العلاج المناسب فى وقت مبكر.
الكسور: الطفل دائم الحركة والتنقل، يعشق اللعب، ويمل الهدوء والسكون.. يجرى هنا وهناك سعيدًا بما يفعل، وإذا منعه أحد يبكى ويصرخ حتى تطلق حريته، لذلك فإن الأطفال كثيرًا ما يتعرضون للكسور نتيجة لهذا النشاط الزائد.
ماذا يجب على الأم فى حالة تعرض طفلها للكسر؟
1- إسعاف الطفل من الصدمة بتهدئته وتدفئته ببعض الأغطية.
2- إعطاء الطفل مُسكنًا لتخفيف الألم.
3- إذا وجد نزف فى الجرح، فيجب أن يوقف النزف مباشرة، ويضغط غيار معقم على مكان النزيف.
4- إذا كان الطفل فى حالة غيبوبة، فيجب أن تتأكد الأم من عدم وجود انسداد فى المسالك الهوائية، وذلك بفتح فم الطفل. وجذب لسانه إلى الخارج. مع وضع ممر هوائى بالحنجرة.
5- نقل الطفل إلى أقرب مستشفى للعلاج .
وعلى الأم أن تراعي ما يأتي:
1- لا تحرك العظام المكسورة، لأن ذلك يسبب ألمًا شديدًا للطفل، ويؤدي إلى مضاعفات كثيرة.
2- إذا كان الطفل فى حالة إغماء، وملقى على الأرض، فلا تحاول رفع رأسه أو إجلاسه، فذلك يزيد من آثار الصدمة ويضره كثيرًا.
3- لا تحاول تدليك الجزء المصاب، فذلك يزيد من النزف.
4- لا تحاول وضع رباط ضاغط حول مكان الكسر؛ لأن ذلك يؤدى إلى انقطاع الدورة الدموية.
5- لا تضع كمادات ساخنة مكان الإصابة، حتى لا يزيد النزف.
الأجسام الغريبة التى تدخل جسم الطفل: لما كان الطفل يعبث بكل شيء يقع تحت يديه، فإنه فى أوقات كثيرة قد يبتلع قطعة معدنية، أو يدخل الأشياء الدقيقة في أنفه وأذنه، وقد تتسرب هذه الأشياء إلى الأعضاء الأخرى فى الجسم، فتسبب متاعب ومضاعفات للطفل؛ وتصرخ الأم ويصيبها الفزع، خوفًا على حياة طفلها، ولا تعرف التصرف الصحيح، وهناك العديد من المنافذ التى تدخل من خلالها هذه الأجسام الغريبة.
الأشياء التي تدخل في قناة الأذن الخارجية: كثيرًا ما يُدْخِل الأطفال الأشياء الصغيرة فى آذانهم، تقليدًا للكبار، عندما يشاهدونهم ينظفون آذانهم، ويأتى الخطر عندما يدخل الطفل القطع المعدنية المدببة أو قطع الزجاج الحادة فى أذنه، وكذلك المواد الكاوية أو عندما تتسلل بعض الحشرات مثل النمل أو البراغيث داخل الأذن، وفى مثل هذه الحالات يكون الألم شديدًا على الطفل، ولا يهدأ له بال حتى يتم استخراج هذه الأشياء.
ويجب على الأم عمل الآتي:
- نقل الطفل إلى الإخصائي مباشرة حتى يقوم بالعلاج اللازم.
- ألا تحاول إخراج أو إزالة الأشياء بنفسها حتى لا يندفع الجسم الغريب داخل قناة الأذن، فيكون سببًا فى ثقب طبلة الأذن.
الأشياء التى تدخل الأنف: يحدث -كثيرًا - أن يدخل الطفل بعض المأكولات كالحمص واللب والفول السودانى - من باب التجريب - فى أنفه، ويستمر هذا الوضع دون أن تعرف الأم شيئًا. وفجأة تحدث المضاعفات فتكثر إفرازات الأنف، وتتغير رائحة التنفس، وقد يحدث نزيف دموى من الأنف.
ويجب على الأم عمل الآتى:
- أن تبعد الأجسام الغريبة والدقيقة عن متناول الطفل.
- نقل الطفل إلى الطبيب المختص للقيام باللازم.
أجسام غريبة فى الجهاز الهضمى: كثيرًا ما يبلع الطفل بعض الأجسام الغريبة فلا تستمر فى الفم، بل تندفع بقوة البلع إلى البلعوم ثم إلى المرىء ومنه إلى المعدة فالأمعاء، وغالبًا تخرج هذه الأجسام مع الفضلات إلا إذا كانت هذه الأشياء كبيرة الحجم مثل العملات المعدنية، فإنها ربما تتوقف عند مدخل المرىء.ويسبب قيئًا وألمًا وصعوبة فى البلع، وجريان اللعاب، وبحة فى الصوت أحيانًا للضغط من الخلف على الحنجرة أو القصبة الهوائية.
أما إذا كانت الأشياء التى بلعها مدببة أو حادة الجوانب، مثل الزجاج، والمسامير، والدبابيس، فإنها تسبب مضاعفات خطيرة. ويجب على الأم عمل الآتى:
- إبعاد الأجسام الغريبة عن متناول يد الطفل.
- نقل الطفل إلي الطبيب المختص لاتخاذ اللازم.
أجسام غريبة فى الحنجرة والجهاز التنفسى: إذا دخل جسم غريب إلى حنجرة الطفل، فقد يستقر فيها إن كان كبيرًا، أو ينزلق بين الأحبال الصوتية إن كان صغيرًا؛ حتى يصل إلى الجهاز التنفسى. وفى الحالتين يكون الخطر كبيرًا والضرر مؤكدًا على الطفل ما لم يسعف فى أسرع وقت. ويشعر الطفل بضيق فى التنفس، وبحة فى الصوت مع ألم وسعال مستمر، وتستمر هذه الأعراض حتى إزالة ما بداخل الحنجرة بواسطة الإخصائى، وقد تكون حالة الطفل خطيرة، إذا انحشر الجسم الغريب فى مدخل الحنجرة، وأغلق مدخل الهواء تمامًا، ويجب على الأم أن تسرع بإسعاف الطفل المصاب على الفور، فتقلبه إلى أسفل، وتحمله من رجليه وتضربه على ظهره بكف يدها حتى يخرج من فمه ما ابتلعه، ويعود تنفسه إلى طبيعته.
جسم غريب داخل عين الطفل: قد يدخل جسم غريب إلى عينى الطفل.. وعلى الأم أن تسرع بإخراجه حتى لا يسبب التهابًا للعين.
ويمكن للأم أن تتخلص من هذا الجسم الغريب، بأن تتبع الخطوات التالية:
- إعداد قطعتين من القماش الخفيف النظيف، وغمسهما فى ماء مغلى وعصرهما،وتستعمل إحداهما فى تجفيف الدموع، والأخرى فى إخراج الجسم الغريب.
- الوقوف خلف الطفل وجعله يقلب رأسه إلى الخلف.
- البحث عن الجسم الغريب فى الجفن العلوى أو السفلى حتى يتم تحديده.
- عند العثور على الجسم الغريب يجب إخراجه،وذلك بدفعه برفق بواسطة الضمادة المعدة لذلك.
- غسل عين الطفل بالماء، ثم ينقل للطبيب المختص فورًا.
نزيف الأنف: تصاب الأم بالفزع عندما ترى ملابس طفلها ملطخة بالدماء، وعندما تسأله عن السبب يشكو لها من أن أنفه نزفت فجأة.
وعلى الأم ألا تصاب بالهلع والرعب، وتُظهر ذلك أمام الطفل، فقد يظن أن إصابته خطيرة لن يشفى منها أبدًا، بل عليها أن تتحكم فى انفعالاتها حتى لا يصاب الطفل بالقلق والخوف، وهذا النزيف يحدث كثيرًا للأطفال، ولا خوف منه، ولا يشكل خطرًا غالبًا، وقد يرجع هذا النزيف إلى:
- ضعف الأوردة فى الحاجز الأنفى لدى الطفل.
- قيام الطفل بمجهود عضلى أكثر من طاقته فى الجو الحار، فيرتفع ضغط الدم فى أوردة الأنف، ومن ثم يؤدى إلى النزيف.
- إصابة الطفل بضربه على أنفه أو سقوطه واصطدامه أثناء اللعب مما يؤدى إلى انقطاع أحد الأوعية داخل الأنف، ويحدث النزيف.
- اعتياد الطفل على العبث بأنفه مما يؤدى إلى جرح فى الغشاء المخاطى.
- وجود أجسام غريبة داخل الأنف.
والواجب على الأم عمل الآتى:
- أن تريح طفلها راحة تامة.
- تجنب الطفل الرقاد على الظهر كما هو شائع، والأفضل وضع الجلوس مع ثنى الرقبة للأمام.
- تضع كمادات باردة على وجهه.
- فك ملابس الطفل.
- على الأم ألا تجعل طفلها يمخط؛ لأن ذلك يزيد النزيف.
- أن تضغط على نهاية أنفه عند المكان اللاحق لفتحتى الأنف بالسبابة والإبهام بقوة لمدة عشر دقائق تقريبًا.
إذا لم يتوقف النزيف، فعلى الأم أن تلجأ فى هذه الحالة إلى الطبيب، وخصوصًا إذا تكررت مثل هذه الحالات، حيث تكون هناك أسباب أخرى للنزف مثل:
- اعوجاج الحاجز الأنفى.
- تضخم لحميّة الأنف.
- أمراض الدم مثل الهيموفيليا أو اللوكيميا.
- نقص فيتامين (ك) وفيتامين (ج).
- التهاب الأغشية المخاطية للأنف.
- آثار استعمال الإسبرين ومركبات السلفا.
حالات تسمم الأطفال:
تهمل الكثير من الأمهات فيتركن المواد السامة كالمبيدات الحشرية ومستحضرات التنظيف فى متناول أيدى الأَطفال، مما يؤدى إلى فقدان الطفل حياته. والواجب على الأم أن تحفظ هذه المواد السامة بعيدًا عن متناول الطفل.
كيف تواجه الأم حالات التسمم؟
1- إفراغ معدة الطفل فورًا، بأن تجعل الطفل يتقيأ، ويتم ذلك بوضع طرف ملعقة فى مؤخرة الحلق والضغط بها على قاعدة اللسان.
2- يوضع الطفل فى حضن الأم أثناء القيام بعملية غسيل المعدة.
3- يقلب الطفل على بطنه ووجهه إلى أسفل ورأسه أقل من مستوى جسمه، وذلك حتى لا يدخل قىء الطفل فى القصبة الهوائية.
4- يوضع إناء لحفظ قىء الطفل، وذلك مهم جدًا حتى يمكن التعرف على نوع المادة السامة التى تناولها الطفل، وعلى أساس ذلك يمكن إعطاؤه العلاج السليم.
5- إعطاء الطفل بعض الماء المذاب فيه الصابون، أو محلول بيكربونات الصودا، وهذه السوائل تقلل من أثر السم وتخرجه من المعدة.
6- نقل الطفل إلى المستشفى لأخذ العلاج اللازم.
الـغـيــرة
{لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين. إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلي أبينا منا ونحن عصبة إنا أبابنا لفي ضلال مبين. اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضًا يخلو لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قومًا صالحين} [يوسف: 7- 9].
والمتتبع لقصة -يوسف عليه السلام- مع إخوته، يتضح له أن الغيرة الناتجة عن زيادة حب يعقوب لولده يوسف -عليهما السلام- كانت دافعًا قويًا لأشقائه فى التفكير فى قتله والتخلص منه، فالغيرة مشكلة لا يستهان بها. وتعتبر الغيرة من المشاكل الطبيعية بالنسبة للطفل، وقد يكون لها أثر إيجابى فى دفعه لكى يكون أفضل وأحسن مما هو عليه، لكنها فى بعض الأحيان تخرج عن حد الاعتدال، وهنا تسبب للطفل مشكلات كثيرة، وقد تؤدى الغيرة إلى المشاجرة والاعتداء على الآخرين.
ومن مظاهر الغيرة: الغضب بمظاهره المختلفة من ضرب أو سب أو تخريب أو ثورة أو نقد وغير ذلك، ومن مظاهرها كذلك الميل للصمت أو الانسحاب والانطواء أو فقد الشهية.
وقد ينعكس التأثير النفسى للغيرة على الصحة الجسمانية للطفل، فقد ينقص وزنه ويشعر بالتعب أو يصاب بالصداع.
ومن الأشياء التى تؤدى إلى غيرة الطفل التفريق فى المعاملة بينه وبين إخوته.. لذلك نهى رسولنا ( عن ذلك؛ فقد روى عن أنس -رضى الله عنه- أن رجلا كان عند النبى (، فجاء ابن له فقبله وأجلسه على فخذه، وجاءته بنت له فأجلسها بين يديه، فقال :) (ألا سويت بينهم؟) [البزار والهيثمى]. وتحدث الغيرة من المقارنة بين طفل وآخر، وتؤدى هذه المقارنة إلى خلق عقدة النقص وإضعاف الثقة فى نفس الطفل لدرجة قد تصيبه بمشاعر الإحباط.
أما أشد أنواع الغيرة تأثيرًا على نفس الطفل فهو ما يأتى نتيجة لشعوره بالنقص خاصة إذا ما كانت جوانب النقص هذه ترجع إلى عيوب جسمية أو عقلية.
العلاج: إذا كانت مشاعر القلق والخوف وضعف الثقة بالنفس والتفريق فى المعاملة من أهم العوامل التى تولد الإحساس بالغيرة لدى الطفل، فإن إزالة أسباب هذه المشاعر تعتبر من أولى الخطوات لعلاج الغيرة عند الطفل، ويصبح من الضرورى إعادة أو زيادة الثقة فى نفسه، وإسناد بعض المهام التى فى استطاعته القيام بها، والثناء عليه عند النجاح فيها.
وعلى المربى أن يكون حكيمًا فى تربية الولد؛ وذلك باتباع أنجح الوسائل فى إزالة ظاهرة الغيرة من نفسه.. فإذا كان مجىء وليد جديد فى الأسرة يشعره بفقدان محبة أبويه وعطفهما، فعلى الأبوين أن يبذلا جهدهما فى إشعاره أن هذه المحبة باقية ولن تزول، لأن تفضيل أحد إخوته عليه فى معاملة أو عطاء يغيظه، ويولد فى نفسه الغيرة.. فعلى الآباء العدل والمساواة بين أبنائهم.
وعلاج الحسد والغيرة أمر حث عليه الإسلام، لما للغيرة والحسد من خطر كبير على المجتمع، قال رسول الله :) (لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا) [الطبرانى].
التغذية
الإقبال على الطعام علامة من علامات الصحة النفسية والجسمية عند الطفل، بشرط أن يكون تناوله للطعام فى الحدود المعقولة التى لا تزيد عن حاجة جسمه.
والأم لها دور مهم فى تنشئة طفلها على العادات السليمة فى تناوله الطعام، كما أن هدوءها وعدم قلقها على تغذية طفلها يجنبه الاضطراب السلوكى والنفسى.
ومن المشاكل المتعلقة بتغذية الطفل: قلة الأكل، والإفراط الشديد فى الأكل، والبطء الشديد فى الأكل، وفقدان الشهية وانعدام الرغبة فى تناول الطعام، والإمساك عن الأكل، والتأفف والضيق أثناء الأكل، والتقيؤ والشعور بالغثيان.
انعدام الرغبة فى تناول الطعام: قد يرجع السبب فى ذلك للآتى:
- أسباب عضوية مثل أمراض الفم والأسنان والجهاز الهضمى.
- رغبة الطفل فى أن يصبح محور اهتمام الأم والأسرة كلها، فيلجأ إلى هذه الوسيلة لجذب الانتباه.
- إعداد الطعام بطريقة خاطئة، وتقديم الطعام غير المألوف، بالإضافة إلى إهمال الأم فىِ إعداد الطعام وعدم الاهتمام بتنويعه.
- إرغام الطفل على أكل أنواع معينة، وتدخُّل الأم، وكثرة أوامرها له فى أسلوب تناوله للطعام.
- ارتباط الأكل بخبرات مؤلمة كالتأنيب والنصائح والأوامر أثناء الأكل، أو التحايل على الطفل بوضع الدواء فى الأكل.
- تناول الطفل الطعام بين الوجبات مما يفقده رغبته فى تناوله عند حلول موعده.
- البطء فى تناول الطعام: يستغرق بعض الأطفال وقتًا طويلا أثناء تناولهم الطعام، أو يأكلون كميات بسيطة جدًا من الطعام لا تفيدهم ولا تقيهم شر أمراض سوء التغذية.
وقد يرجع السبب فى ذلك إلى إصابة الأسنان أو الفكين مما يعرض الطفل لصعوبات فى مضغ الطعام، كما أن إجبار الطفل على تناول الطعام رغم إحساسه بالشبع، أو كراهية نوع الطعام المقدم له من أسباب البطء أثناء تناول الطفل الطعام.
- الشعور بالغثيان والقىء: قد ترجع أسباب هذه المشكلة إلى عوامل عضوية كالمرض، ويكون القىء فى هذ الحالة مؤقتًا يزول بزوال الحالة المرضية.
وقد يكون السبب نفسيًا: فكثيرًا ما يحدث القىء نتيجة لإرغام الطفل على تناول طعام لا يحبه.
ومن الممكن أن يكون القىء وسيلة يستخدمها الطفل لجذب الانتباه، ليكون محور اهتمام الأسرة لفقدانه الشعور بالحنان أو الاهتمام من قبلهم.
ويعتبر الاضطراب الانفعالى الشديد أو التقزز من نوع من أنواع الطعام أحد الأسباب المؤدية إلى شعور الطفل بالغثيان أثناء تناول الطعام.
الشَرَه: إذا كانت الأم تشعر بالقلق عند امتناع طفلها عن تناول الطعام، فإنها فى نفس الوقت تصاب بالتوتر عندما تجده يأكل فوق طاقته وأكثر مما ينبغى.
وإصابة الطفل بالديدان أو الاضطراب الغددى أو غير ذلك من أكثر العوامل التى تؤدى إلى شره الأطفال.
وقد يكون السبب فى ذلك نفسيًا، فالطفل المدلل الذى لا يمكن أن يقاوم رغبة من رغباته، وكذلك الطفل المحروم قد يصاب بالشره فى تناول الطعام. والأطفال المصابون بالقلق النفسى يشعرون بالاكتئاب، فليجئون إلى الأكل كوسيلة من وسائل التهرب من المشاكل النفسية.
وقد يرجع الشره إلى طول وقت الفراغ، فيشعر الطفل بالملل والرتابة، ويصبح الأكل عنده هواية.
العلاج: تتعدد وسائل علاج مشكلات التغذية عند الأطفال ومنها:
- استشارة الطبيب للتأكد من سلامة الطفل من الأمراض التى تحول بينه وبين تناول الطعام.
- الحرص على تكامل عناصر غذاء الطفل، والبعد عن الطعام الذى يحتوى على المواد الدهنية التى تفقد شهية الطفل للطعام.
- علاج الاضطرابات الانفعالية لتحقيق الأمن والهدوء للطفل.
- تنويع الطعام وتقديمه بطريقة جذابة.
- تأجيل الطعام لوقت آخر إذا رفض الطفل تناوله وذلك لفترة قليلة.
- عدم اللجوء إلى العقاب أو الإجبار على الأكل.
- الحرص على جعل أوقات تناول الطعام أوقاتًا سعيدة.
طرق تربية الأطفال
أطفالنا فلذات أكبادنا... كيف نربيهم التربية الصحيحة، التي تجعل منهم أفرادًا صالحين، ينفعون دينهم وأوطانهم؟
إن مهمة التربية ليست أمرًا سهلا، بل هى من أصعب الأمور وأشقها على الأب والأم، لذلك تفتح الجامعات فى بعض البلاد الغربية أبوابها للآباء والأمهات ليتعلموا فن التربية !!
وإذا كانت تربية الأطفال أصبحت علمًا معترفًا به فى أغلب جامعات العالم، فإن الإسلام سبقها فى ذلك، ووضع لها الخطوط العريضة التى تنمى ملكات الطفل، وتهذب صفاته الأخلاقية.
ولعل الأم المسلمة تتساءل: ما الأسس التى يمكن أن أرتكز عليها فى تربية أبنائى؟
والإجابة هي أنه يوجد بالفعل بعض الطرق التي يمكن للأم المسلمة أن تسير عليها في تربية أبنائها، ومن هذه الطرق: القدوة، والثواب والعقاب، والممارسة العملية، والقصة، والموعظة، وضرب الأمثال..
القدوة:
تعد القدوة من أهم طرق تربية الطفل، لما يتميز به الطفل من قدرة فائقة على التقليد والمحاكاة، فالطفل بمثابة "رادار" يلتقط كل ما يدور حوله، ويسجل كل التصرفات التى تقوم بها أمه وجميع من حوله، لذلك فإن عليها مسئولية خطيرة، فهى ملتزمة أمام الله بأن تكون قدوة صالحة، ونموذجًا طيبًا لولدها.. فحركاتها، وإيماءاتها، وألفاظها، ومجمل سلوكها محسوب عليها، فإذا رأى الولد أمه تصلى، وتذكر الله، وتعطف على الفقراء والمساكين، وترحم الضعفاء، فإن هذه التصرفات تنطبع فى ذهنه ويعمل على تقليدها.
ويمكن للأم أن تعلم ولدها آداب الإسلام من خلال سلوكها وتصرفاتها داخل البيت وخارجه، فإذا استعملت يدها اليمنى فى الأخذ والعطاء والأكل والشرب، وسمَّت الله عند أول كل عمل، وحمدته عند الانتهاء منه، فإن الطفل سيتصرف كما تصرفت أمه.
وإذا رأى الولد أنها تعامل جيرانها بأدب، تفرح لفرحهم، وتحزن لحزنهم، فإنه سيشبُّ على حب جيرانه، ويعاملهم معاملة حسنة.
وإذا رأت الطفلة أمها تلبس اللباس الشرعى عند خروجها من البيت، فإنها لن تشعر عند الكبر بأن هذا اللباس غريب عليها، فتتمسك به، وتواظب على ارتدائه.
والتربية بالقدوة ليست مقصورة على الأم وحدها، لكن دورها فى هذا الأمر أخطر من غيرها، وتأثيرها أكثر من أى فرد من أفراد الأسرة.
والتربية بالقدوة لا تجدى إلا إذا كان أفراد الأسرة جميعهم نماذج طيبة وصالحة يقتدى بها الطفل وإلا ضاعت جهود الأم هباء منثورًا.
والطفل لا يجب أبدًا أن يرى سلوك أمه مخالفًا لأقوالها، لأنها فى ذلك تقدم نموذجًا سيئًا لولدها، فكيف تأمره بالصدق وهى تكذب؟! أو تنصحه بالأمانة وهى تغش وتخون؟ ! وكيف تأمره بتجنب الألفاظ البذيئة وهى سليطة اللسان؟! قال الشاعر:
وهَلْ يُرْجَى لأطفالٍ كمالٍ إذا رَضَعُوا ثَدْىَ الناقِصَــاتِ
فلا فائدة ترجى من قول لا يترحم إلى عمل..قال تعالى: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلي الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين} [فصلت: 33] وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} [الصف: 2- 3].
ولكن إذا كان الإنسان عرضة للخطأ والنسيان، فلابد أن تربط الأم أبناءها بالقدوة المعصومة التى لا تخطئ، والمثل الأسمى الذى لا ينبغى له الخطأ: رسول الله (. قال تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [الأحزاب: 21]. كذلك عليها أن تحدثهم عن السلف الصالح وأمهات المؤمنين وصحابة رسول الله ( والتابعين رضى الله عنهم أجمعين تحقيقًا لقوله تبارك وتعالى: {أولئك الذي هدي الله فبهداهم اقتده} [الأنعام: 90].
يقول سعد بن أبى وقاص -رضى الله عنه-: كنا نعلم أولادنا مغازى رسول الله ( كما نعلمهم السورة من القرآن.
والطفل عندما يستمع إلى البطولات والقيم الأخلاقية - التى كان يتمتع بها رسول الله ( وصحابته وتابعوهم - لا شك أنها تنطبع فى نفسه، مما يجعله يشب على الشجاعة والإقدام.
ولابد من تكامل الأسرة مع المدرسة فى تربية الأطفال بالقدوة، فلن تؤتى تربية الأسرة ثمارها إذا كانت البيئة المدرسية غير صالحة أو كان سلوك المعلم سلوكًا غير مقبول.
يقول على بن أبى طالب -رضى الله عنه- موضحًا أثر القدوة فى سلوك الأفراد: من نصب نفسه للناس إمامًا فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم إذا عجز عن تعليم نفسه وتأديبها.
وعلى الأمهات أن يعلمن أن التربية بالقدوة الصالحة هى الأساس فى تقويم سلوك الطفل بقيم وآداب الإسلام.
الثواب والعقاب:
الثواب والعقاب مبدأ إلهى يطبقه الله عز وجل على عباده، فمن اتبع منهم طريق الحق، جعل له جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدًا فيها، يقول الله تعالى: {ولأدخلناهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابًا من عند الله} [آل عمران: 195].
ومن اتبع طريق الشيطان وانحرف عن الحق، عاقبه الله عقابًا شديدًا؛ يقول الله تعالى: {ثم أخذتهم فكيف كان عقاب} [الرعد: 32].
ومبدأ الثواب والعقاب من الوسائل المؤثرة التى يمكن أن تحقق نتائج طيبة فى تربية الأطفال، وهما شكلان من أشكال الضبط الاجتماعى، والجمع بينهما أفضل فى كثير من الأحوال، فالعقاب يستخدم لمنع تكرار الخطأ، وهو ألم مؤقت يزول إذا اعتذر الطفل عن أخطائه. وللثواب أثر طيب فى إنجاح عملية التعليم، فهو يعمل على تدعيم وتعزيز السلوك السوى للطفل، أما العقاب فيعمل على تقويم السلوك المعوج لديه.
وهناك أمور يجب أن تراعى فى مبدأ الثواب والعقاب للطفل، وهى:
- كلما كانت الفترة الزمنية بين سلوك الطفل والثواب والعقاب قصيرة كان التأثير أفضل.
- الثواب والعقاب جزء من بناء الشخصية للطفل، فكثرة العقاب قد تجعله أحيانًا ضعيف الشخصية لا يثق بنفسه، وقد تجعله عدوانيَّا، وكذا الثواب قد يجعل الطفل مدللا، غير قادر على تحمل المسئولية، لذلك يراعى الاعتدال فيهما.
- التحرى قبل الثواب والعقاب وعدم التسرع.
- أن يكون حجم الثواب والعقاب متناسبًا مع حجم السلوك الذى قام به الطفل.
- أن الثواب أقوى وأبقى أثرًا فى تربية الأطفال كلما أحسنوا، ولو بكلمة طيبة أو ابتسامة صافية. ومدح الصغير له أثر طيب على شخصيته وسلوكه بوجه عام.
- ألا يفسد أحد الأبوين ما يفعله الآخر من ثواب أو عقاب بالاعتذار عنه أو بالاعتراض عليه، فالتذبذب فى المعاملة على نفس الموقف الذى قام به الطفل له أثر سيئ.
- مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال فى تطبيق مبدأ الثواب والعقاب، فالذى يمكن أن نطبقه على طفل ليس من الضرورى أن نطبقه على طفل آخر.
- مراعاة نوع الطفل، فالابن غير البنت فى هذا المبدأ أيضًا.
- أن يقوم بتطبيق مبدأ الثواب والعقاب والد أو والدة الطفل - إن أمكن - ولا يترك الأمر لأشقائه أو أقاربه حتى لا يسبب ذلك ألمـًا نفسيًا للطفل لا يستطيع التخلص منه فى الكبر.
- المساواة بين الأبناء فى الثواب والعقاب حتى لا يشعروا بالظلم أو انعدام المساواة.
- أن يكون لكل من الثواب والعقاب مبرر واضح العلاقة بما يتم العقاب عليه أو الثواب له.
- السر أفضل عند العقاب، فلا يجب أن يرى ذلك أصدقاء الطفل أو جيرانه أو الضيوف مثلا، وكذلك فالإعلان عن العمل الطيب الذى قام به الطفل جزء من الثواب.
- الالتزام بما حدده الشرع فى العقاب والثواب، فلا يعاقب بالتعذيب بالنار، أو بحرمانه من الطعام، وأيضا فى الإثابة فلا يثاب الطفل بالسماح له بالذهاب إلى الأماكن الفاسدة أو المنحلة أخلاقيًا، أو أن يثاب الطفل بالسماح له بترك الدراسة أو غير ذلك.
الثواب:
توصل علماء النفس إلى أن الطفل يتحسن سلوكه إذا وجد الإثابة والتشجيع من والديه، ويحاول قدر طاقته أن يكون أداؤه أفضل مما كان عليه قبل ذلك. ومبدأ الثواب لابد أن يستخدم فى تربية الأطفال بحكمة. لذلك ينصح بعدم المبالغة فيه، حتى لا يخرج الثواب عن معناه التربوى إلى معنى آخر، وهو (التدليل) الذى تكون له آثاره السيئة على الطفل.
وتخطئ الأم حينما تعتقد أن مبدأ الثواب مقصور على الناحية المادية فقط، كأن تشترى له مثلا دراجة أو ساعة ثمينة مقابل سلوك طيب قام به، مع العلم أن هناك نوعًا آخر قد يكون أفضل كثيرًا من هذه الهدايا الثمينة، يسمى بالثواب المعنوى، فتشجعه على الاستمرار فى هذا السلوك الطيب الذى قام به بمدحه أو بإعطائه قبلة على جبينه، ويفضل الجمع بين هذين النوعين حتى يكون التدعيم والتعزيز أكثر فاعلية وتأثيرًا.
وإذا كانت الأم لا تقدر على الثواب المادى عن طريق شراء الهدايا واللعب الثمينة، فيمكنها أن تستخدم الخامات المتوفرة فى البيت، فتصنع لأبنائها بعض اللعب كثواب على أفعال حسنة قاموا بها، وبذلك لا تحرمهم من تنمية قدراتهم العقلية والمهارية.
ويفضل أن يكون الثواب المادى ذا معنى تربوى مركب، فبالإضافة إلى معنى الإثابة يكون هناك معان أخرى ثقافية - مثلا -عن طريق إعطائه كتابًا، أو رياضية عن طريق إهدائه دراجة أو ملابس رياضية... إلخ.
العقاب:
معاملة الطفل باللين والرحمة هى الأصل، لذلك فقد قرر المربون المسلمون عدم استخدام العنف إلا عند الضرورة، وبعد استنفاذ كل وسائل التربية الأخرى.
والعقاب لابد أن يكون معتدلا، لا يجرح كبرياء الطفل، فيفقده الثقة فى نفسه، أو يشعره بالنقص، لذلك فإن الإسلام حين أقر مبدأ العقوبة، فإنه أحاطها بدائرة من الحدود وسياج من الشروط، كما وضع العديد من المبادئ لتطبيق العقاب ليهتدى بها المربى. والطفل الذى يقع عليه العقاب عادة ما يمر بثلاث مراحل:
- مرحلة التألم من الشعور بالذنب.
- مرحلة التضايق من التوبيخ والكراهية لمصدره.
- مرحلة عدم إعارة التوبيخ أى اهتمام.
درجات العقاب: العقاب له عدة درجات أو مستويات، هى:
التسامح مع خطأ الطفل لأول مرة: فإذا أخطأ الطفل وقام بسلوك غير مقبول فلا ينبغى أن يعاقب عليه، خصوصًا إذا كان هذا السلوك يحدث منه لأول مرة، ولم يعهد عليه أن قام بهذا العمل من قبل، فينبغى للمربى أن يتسامح فى الأخطاء العفوية أو غير المقصودة، فربما لم يقصد الطفل القيام بهذا السلوك، وإذا كان الخطأ متعلقًا بالغير فينبغى على المربى تداركه وإصلاح ما أفسده الصغير من غير تعنيف له، حتى يتعلم الصغير أنه لا يجوز الخطأ فى حق الغير أو إيقاع الضرر به، والتسامح فى الخطأ لا يعنى إهماله، ولكن على المربى بيان الخطأ للصغير، وتعليمه ما ينبغى فعله وتحذيره من تكراره.
الإرشاد والتوجيه سرًا أول درجات السلم: فإذا عاد الطفل إلى ارتكاب الخطأ الذى سبق وتسامح فيه المربى، فيحسن بالمربى أن يكرر تحذيره، ولكن بنبرة توحى للصغير بالغضب لتكرار الخطأ وعدم تجنبه، ويجب أن يحدث هذا الأمر سرًا بين المربى وبين الصغير المخطئ، فهذا أحسن من القيام بهذا الأمر أمام الآخرين مما قد يترتب عليه أذى لنفس الصغير وعقله.
عن عمر بن أبى سلمة - رضى الله عنهما - قال: كنت غلامًا فى حجر رسول الله ( وكانت يدى تطيش فى الصحفة (أى تتحرك هنا وهناك فى القصعة) فقال لى رسول الله :) (يا غلام، سم الله، وكل بيمينك وكل مما يليك، فمازالت تلك طعمتى بعد) [متفق عليه]. فالرسول ( أرشد إلى الخطأ بالتوجيه المؤثر، على أن يتواكب هذا مع كف الطفل عن الاستمرار فى الخطأ الذى بدأه مع بيان علة المنع والكف حتى يتعلم الصغير، فبيان العلة والسبب خير من الثواب أو العقاب من غير بيانهما..عن حذيفة بن اليمان -رضى الله عنه- قال: كنا إذا حضرنا مع رسول الله ( طعامًا لا نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله ( فيضع يده، وأنا حضرنا معه مرة طعامًا، فجاءت جارية كأنها تدفع (جاءت مسرعة) فذهبت لتضع يدها فى الطعام، فأخذ رسول الله ( بيدها، ثم جاء أعرابى كأنما يدفع (مسرعًا)، فأخذ بيده، وقال رسول الله :) " إن الشيطان يستحل الطعام (يأكل منه) أن لا يذكر اسم الله عليه، وأنه جاء بهذه الجارية يستحل بها فأخذت بيدها، فجاء بهذا الأعرابى ليستحل به فأخدت بيده، والذى نفسى بيده إن يده فى يدى مع أيديهما" ثم ذكر اسم الله تعالى وأكل.[مسلم].
عتاب الطفل ولومه: فإذا لم يرتدع الطفل بعد عتابه على الخطأ سرًا واستمر فى الخطأ، عوقب على ذلك أمام رفاقه والمحيطين به.. فالجهر باللوم قد يكون من العقوبات التى ترمى إلى استغلال الخوف الأدبى، ليحفظ الطفل كرامته أمام رفاقه، خاصة إذا لجأ إلى الخطأ الجهرى المعلن، ولكن لابد من الحرص على الاقتصاد فى استخدام اللوم والتوبيخ وأن يكون اللوم منصبًا على تقبيح الفعل (الخطأ فقط) وبعيدا ما أمكن عن تقبيح الصغير والتحقير من شأنه.
عقوبة الضرب: قال التربويون: آخر الدواء الكى. وقد أباحوا الضرب كعقوبة لتأديب الطفل إلا أنهم قد أباحوه فى حدود ضيقة للغاية، ووضعوا شروطا محكمة لاستخدامه حتى لا تخرج عقوبة الضرب عن مغزاها ومعناها التربوى، فيخرج عن هدفه الأساسى وهو الزجر والإصلاح إلى التشفى والانتقام، وجاء فى الحديث: (علموا الصبى الصلاه ابن سبع سنين، واضربوه عليها ابن عشر) [الترمذى] وهذا الحديث دليل كاف على تأخير مرحلة الضرب كثيرًا عن بداية التعليم والتأديب بما دون الضرب، حتى إذا ما ثبتت قدرة الصغير على ترك الخطأ، ومع ذلك هو مستمر فيه، فعندها يحل ضربه وعقوبته، وهناك شروط يجب مراعاتها عند اللجوء إلى استخدام عقوبة الضرب، وهى:
-عدم لجوء المربى إلى الضرب إلا بعد استنفاذ جميع الوسائل التأديبية التى سبق بيانها،
- تجنب الضرب فى الأماكن الحساسة كالرأس والوجه والصدر والبطن، لقوله :) (... ولا تضرب الوجه) [أبو داود].
فضربة شديدة للطفل قد يختل توازنه معها، فيقع على عموده الفقرى بدلا من مؤخرته، وصفعة على أذنه قد تسبب انفجارًا فى طبلة الأذن أو الإصابة بالصمم، كما أن هزة شديدة للطفل قد تسبب له ارتجاجًا أو إصابة فى ظهره. وقد حدد الفقهاء مواضعا لضرب الصبى لا تلحق به الأذى، ولا تصيبه بالضرر مثل اليدين أو الرجلين، وأن لا تزيد الضربات عن عشر، فلا تعزير فوق عشر ضربات، إلا إذا رأى المربى أن الصغير لا يرتدع بها، قال رسول الله :) (لا يجلد أحد فوق عشر أسواط إلا فى حد من حدود الله) [مسلم].
أما أداة الضرب فيجب أن تكون معتدلة الحجم، ومعتدلة الرطوبة، فلا تكون رطبة قد تشق الجلد لثقلها، ولا شديدة اليبوسة فلا تؤلمه لخفتها.
- وأن يكون الضرب فى المرات الأولى من العقوبة غير شديد وغير مؤلم.
- أن يكون ضرب المربى لولده بنفسه، مع عدم ترك هذا الأمر لأحد من الإخوة حتى لا يشعل بينهم نيران الأحقاد.
- مراعاة الفروق الفردية، فقد اتضح خلال البحوث والدراسات أن الأطفال المنبسطين (الاجتماعيين) يضاعفون جهودهم عقب اللوم، فى حين أن المنطوين يضطرب إنتاجهم عقب اللوم. وبعض الأطفال تجدى معهم النظرة العابسة للزجر والإصلاح، وقد يحتاج طفل آخر إلى استعمال التوبيخ فى عقوبته، وقد يلجأ المربى إلى استعمال العصا فى حالة اليأس من نجاح الموعظة.
- عدم ضرب المربى لطفله وهو فى حالة عصبية شديدة؛ مخافة إلحاق الضرر بالولد.
- عدم توبيخ الصغير أو ضربه على أمر خارج عن إرادته أو لا يستطيعه، فقد جاء فى الحديث: (لا تعذبوا (تعاقبوا) صبيانكم بالغمز من العُذْرة (وجع في الحلق) وعليكم بالقسط). [البخارى]. [القسط: العود الهندى الأبيض].
- التسامح مع الطفل وعدم معاقبته إذا كان ممن لا يعهد عنهم الخطأ لقوله :) (أقيلوا ذوى الهيئات عثراتهم) [أبو داود]، ولأن مثل هذا الطفل غالبًا ما يرتدع بما هو دون الضرب بكثير.
لذلك فنحن نهيب بالمربين إذا لجئوا إلى الضرب كعلاج أخير، أو كوسيلة مصاحبة لغيرها من الوسائل التربوية أن يقترن هذا الفعل بإرشاد الصغير إلى مصادر اللذة المباحة بدلا من التى حصل عليها من طرق غيرمباحة، وإرشاده إلى الصاحب الصالح كبديل لصديق السوء.. وهكذا يقترن العقاب البدنى بمعاونة الصغير على التخلص من العيب، وذلك بعزله عن مصدر الخطأ، وإرشاده إلى بدائله من الأفعال المستحسنة وعونه على فهم ذلك الجو الجديد، وتعريفه أنه ليس من فعل الخطأ فيعاقب المرء عليه، وأن هناك وسيلة صحيحة يمارس بها هذا الفعل ولا عقوبة عنها ولا مضرة فى اتباعها، وذلك خير من الضرب فقط.
- ثم هناك أمر مهم أيضًا هو أن يتواكب مع كل هذا أن يدعو المربون للصغير بالصلاح والهداية يقولون: {رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء} [آل عمران: 38]، {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة} [البقرة: 128]. ، {رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلي والدي وأن أعمل صالحًا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين}
ّرّبٌَ أّوًزٌعًنٌي أّنً أّشًكٍرّ نٌعًمّتّكّ بَّتٌي أّنًعّمًتّ عّلّيَّ " أّعًمّلّ صّالٌحْا تّرًضّاهٍ لٌي فٌي ذٍرٌَيَّتٌي إنٌَي تٍبًتٍ إلّيًكّ مٌنّ بًمٍسًلٌمٌينّ [الأحقاف: 15]. {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا} [الفرقان: 74].
لذلك ننصح المربين بعدم استعمال العقوبة إلا فى حالات الضرورة القصوى، فقد لوحظ:
- أن الأطفال الذين يستخدم معهم العقاب البدنى وحده يكونون أكثر عدوانية من غيرهم.
- وأن عقاب الطفل قد يحدث أثره فى اللحظة الراهنة فقط، وذلك الطفل قد يمتنع عن القيام بالفعل الخاطئ خوفًا من تلك اللحظة، لكنه قد يكرر الخطأ مرة أخرى عند غياب الوالدين.
- وأن العقاب يؤدى إلى الإحساس بالخوف وغياب الدفء العاطفى، وقد يتولد لدى الصغير إحساس بكراهية والديه أو القائمين على أمره، كذلك فإن الطفل المعاقب لن يتذكر من العقاب سوى الألم، ولن يثير لديه سوى الغضب، وهذا الجو من الخوف والرهبة يعوق قدرة الطفل على تعلم السلوك المقبول الذى نريده.
الممارسة العملية وأهميتها فى تربية الأبناء: حرص رسول الله ( على تربية الأطفال بهذا اللون من ألوان التربية مؤكدًا بذلك قيمة الممارسة العملية فى التعليم، فعن ابن عباس قال: بِتُّ فى بيت خالتى ميمونة، فقام رسول الله ( من الليل فأطلق القربة فتوضأ ثم أوكأ القربة، ثم قام إلى الصلاة، فقمت فتوضأت كما توضأ، ثم جئت فقمت عن يساره، فأخذنى بيمينه فأدارنى من ورائه، فأقامنى عن يمينه فصليت معه. [أبو داود].
وكان الناس يحجون أيام رسول الله ( ومعهم صبيانهم -وإن كان ليس على الصغار حج- حتى يتعودوا مناسك الحج ويتعلموها، فعن جابر -رضى الله عنه- قال: " حججنا مع رسول الله ( ومعنا النساء والصبيان ورمينا عنهم ". [ابن ماجه وأحمد].
وكان المسلمون الأوائل يعوِّدون أطفالهم على الصوم فى سن حداثتهم. عن الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ فى صوم عاشوراء قولها: كنا نصومه، ونُصَوِّم صبياننا الصغار منهم إن شاء الله، ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللُّعبة من العِهْن (الصوف)، فإذا بكى أحدهم على الطعام، أعطيناه إياها عند الإفطار. [متفق عليه]. ويمكن تدريب الطفل منذ طفولته المبكرة على بعض المواقف الأخلاقية كالأمانة بأن تأتمنه الأسرة على قدر معين من المال، أو تدربه على إتقان العمل، فتسند إليه بعض الأعمال، وتطلب منه الدقة فى أدائها، وعلى قدر أمانته وإتقانه العمل يكافأ.
وتعليمه الآداب، وقد ذكرنا قبل ذلك أن رسول الله ( كان يعلم الأطفال آداب الطعام، كما أرشد القرآن إلى تعليمهم آداب الاستئذان وغير ذلك.
وعلى ذلك فالطريقة العملية وما يصاحبها من تكرار وممارسة تؤدى إلى تعلم جيد وإلى تثبيت خبرات الطفل التى اكتسبها.
الملاحظة وأهميتها فى تربية الأبناء: يخطئ الكثير من الأمهات عندما يتركن أطفالهن للمربيات أو لأشخاص آخرين ليقوموا بدلا منهن بالإشراف على تربيتهم، وغالبًا ما يحدث ذلك للأمهات العاملات اللاتى يرهقهن العمل، فيتركن فلذات أكبادهن فريسة للانحراف والضياع، ويتجاهلن أن ملاحظة الولد ومراقبته من أفضل أسس التربية، وأن الولد لابد أن يوضع دائمًا تحت مجهر الملاحظة والملازمة حيث ترصد الأم جميع تحركاته وأفعاله واتجاهاته، فإن رأت خيرًا أكرمته وشجعته، وإن رأت منه شرًا نهته عنه وحذرته منه، وبينت له عواقبه الوخيمة ونتائجه الخطيرة.
وعلى الأمهات أن يلاحظن أصدقاء أولادهن، حيث إن الرفيق الصديق له تأثير خطير على شخصية الطفل، فكم من أطفال ساروا فى طريق الرذيلة والانحراف بوحى من رفقاء السوء؛ ولذلك فإن الأم عليها أن تشارك في اختيار الرفيق الصالح لولدها، وأن تحذره دائمًا من مخالطة رفقاء السوء.
والأحاديث النبوية التى تحض على الملازمة والملاحظة أكثر من أن تحصى.. ومن ذلك قوله :) (...والرجل راع فى أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية فى بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها) [متفق عليه]، وقال :) (إن الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه) [النسائى وابن حبان].
القصص ودورها فى تربية الأبناء: أجمع المربون على أن القصة هى أكثر أنماط الأدب حيوية وامتلاء بالصور الحسية للأطفال، وأقواها جاذبية ومتعة، فبجانب ما تقوم به القصة من إشباع رغبات الأطفال إلى التطلع والمعرفة، فهى من وسائل التربية الناجحة المؤثرة.
ونظرًا للأسلوب الأخَّاذ للقصة، فقد ربى بها الله سبحانه وتعالى رسوله (، قال سبحانه: {وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك} [هود: 120].
والقصة فى مجال التربية عامل عقلى تربوى يقدم العقيدة الإسلامية والخلق السليم بأسلوب يتناسب ومستوى الإدراك الطفولى بصورة متدرجة ونامية.
ويمكن أن نعلِّم أطفالنا الأخلاق الفاضلة والمثل العليا من خلال سرد القصص المناسبة، ولا سيما قصص الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - والتى يمكن أن تكون أحداثها وأشخاصها أكبر عون للصغار على فهم الحياة، فيشقوا طريقهم فيها بنجاح وفلاح.
ولن تستطيع الأم استخدام القصة كوسيلة تربوية فعالة ومؤثرة إلا إذا توافر الدفء العاطفى بينها وبين طفلها.
ضرب الأمثال وأثره فى تربية الأبناء: لا يستطيع الطفل إدراك الأشياء المجردة غير المحسوسة إلا عن طريق التشبيه والتمثيل الذى يقرب المعانى المعنوية إلى ذهنه.
وهذه الوسيلة بالإضافة إلى أنها تقرب المعنى إلى ذهن الطفل، فإنها فى الوقت نفسه تربى عقله على التفكير الصحيح والقياس المنطقى السليم، وتثير عواطفه التى تحرك إرادته لعمل الخيرات واجتناب المنكرات.
وقد استخدم القرآن الكريم ضرب الأمثال فى تربية المسلمين لزيادة التأثير وتقريب المعنى إلى أفهامهم، قال تعالى: {مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارًا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين} [الجمعة: 5].
كما استخدم رسول الله ( طريقة ضرب الأمثال فى تربية المسلمين، عن أبى هريرة - رضى الله عنه - قال: سمعت رسول الله ( يقول: (أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟) قالوا: لا يبقى من درنه شىء. قال: (فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا) [متفق عليه].
العبرة والموعظة ودورها فى تربية الأبناء: العبرة والموعظة من الأساليب التربوية الفعالة التى استخدمها الإسلام وما زال يستخدمها حتى اليوم فى حث المسلمين على فعل الخيرات واجتناب المنكرات.
وهذه الوسيلة يمكن استخدامها فى تحريك قلب الطفل، وتربية عواطفه على حب الفضيلة، وكره الرذيلة، كما يمكن أن تستخدم فى تثبيت عقيدة التوحيد والخضوع لشرع الله والانقياد لأوامره.
والأم عليها أن تنصح طفلها وتعظه، ويفضل أن يكون ذلك بطريقة غير مباشرة عن طريق قصة أو حكاية يستخلص منها الطفل العبرة والموعظة فى الوقت الذى يستمتع فيه بأحداث القصة.
ويفضل أن تستعين فى ذلك بالقصص القرآنى الكريم، وكذلك ما جاء من قصص فى أحاديث رسول الله ( وذلك بأسلوب سهل يمكن للطفل أن يستوعبه، ومن أمثلته: قصة الذبيح إسماعيل -عليه السلام-، وقصة أصحاب الجنة، وقصة يوسف -عليه السلام-. ومن القصص النبوى: قصة الثلاثة أصحاب الغار، وقصة الغلام والساحر، وغير ذلك كثير.
هذا بالإضافة إلى القصص الموجود فى كتب سير الصالحين مثل: بائعة اللبن -شجاعة فتى (حادث الطريق بين عبد الله بن الزبير وعمر بن الخطاب رضى الله عنهما)، وغير ذلك.
وليست الأسرة وحدها هى المسئولة عن تربية الطفل ورعايته، ولكن هناك جهات أخرى تشاركها فى هذه المسئولية الخطيرة.
فدور الحضانة فى عصرنا الحالى تعد قاعدة أساسية فى تعليم وتربية الطفل، وقد أكد العلماء أن تربية الناشئين تصعب وتتعثر فى المراحل المختلفة بسبب إهمال تربيتهم فى سن الحضانة، وأنه لكى يسير نموهم سيرًا سليمًا وتصلح تربيتهم، مستقبلا، أن نبدأ البداية الصحيحة برعايتهم وتعهدهم منذ نعومة أظفارهم.
كما تلعب المدرسة دورًا مهمَّا فى تنشئة الأطفال وتربيتهم، وذلك من خلال تقديم مناهج تربوية قائمة على أسس علمية، ودورها مكمل لدور الأسرة، إذ إنها تهيئ الطفل لمواجهة أعباء الحياة، وهى تسهم بدور كبير فى تنشئة رجال الغد.
وأصبحت وسائل الإعلام تشارك الآباء فى تربية أبنائهم، وتساهم فى توجيه النشء وخلق اتجاهات معينة لديهم، وذلك بما يتوافر لديها من خصائص وإمكانيات.
ولا أحد ينكر ما تلعبه هذه الوسائل سواء أكانت سمعية أو مرئية أو مطبوعة فى تربية النشء؛ حتى أن أحد هذه الوسائل وهو التليفزيون أصبح يلقب بالوالد الثالث، نظرًا للساعات الطويلة التى يقضيها الطفل أمامه.
ونفس الدور تلعبه بقية وسائل الإعلام كالإذاعة والصحافة والسينما والمسرح وكذلك الكتب المختلفة.
وهناك المؤسسات الاجتماعية المختلفة كالأندية وغيرها التى تلعب دورًا فعالا فى تربية الأبناء.
لذا فإن العملية التربوية لن تؤتى ثمارها بشكل كامل إلا بتكامل الجهود وتضافرها بين الأسرة والمؤسسات التربوية الأخرى.
أساليب خاطئة فى تربية الأطفال:
هناك العديد من الأساليب الخاطئة التى يجب على الأمهات أن تتجنبها أثناء تربيتهن للأطفال، منها:
التسلط: فلا ينبغى على الأم أو الأب أن يقفا أمام رغبات الطفل التلقائية أو يمنعاه من القيام بسلوك معين، أو يفرضا رأيهما عليه، مستخدمين فى ذلك ألوان التهديد المختلفة أو الخصام أو الإلحاح أو الضرب والحرمان وغير ذلك.
القسوة: فكثير من الأمهات يستخدمن أساليب العقاب البدنى أو كل ما يؤدى إلى إثارة الألم الجسمى كأسلوب أساسى فى عملية تنشئة الطفل، وقد بينا الأضرار النفسية التى يتعرض لها الطفل نتيجة لاتباع هذا الأسلوب.
الإهمال: فترك الطفل دون توجيه أو إرشاد، أو ملاحظة سلوكه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، يترك أثرًا لا يستهان به على الطفل، فقد ينحرف الطفل نتيجة لهذا الإهمال. أما متابعته وملاحظته عن قرب، وتشجيعه على السلوك المقبول، ومحاسبته على السلوك غير السوى، فإنه يُعد إحدى الطرق الفعالة فى تنشئة الطفل.
التدليل: فإجابة كل رغبات الطفل وتلبية كل طلباته -المقبولة منها وغير المقبولة- تجعل من الطفل شخصية غير قادرة على تحمل المسئولية فى المستقبل، فهو يتصور أن المجتمع سوف يقوم بنفس الدور الذى قام به والده، وأنه سيلبِّي رغباته دون بذل أى مجهود، ولكنه يُصاب بصدمة عندما يتعرف على الحقيقة، فينطوى على نفسه، ويصبح عصبى المزاج. لذلك ننصح الأمهات بعدم الإفراط فى تدليل أطفالهن.
الحماية الزائدة: قد تلجأ بعض الأمهات إلى حماية أطفالهن بصورة زائدة عن الحد، متصورات أن ما يقمن به فى صالح الطفل، والواقع أن العكس هو الصحيح، فالحماية الزائدة لا تختلف عن التسلط، فالأمهات اللاتى يعتمدن على الحماية الزائدة فى التربية لا يعطين الأبناء الفرصة فى كثير من الأمور، كاختيار الملابس، أو اختيار الأصدقاء، بل يتحملن نيابة عنهم القيام بمثل هذه الأمور، مما يعنى فقدان الطفل لشخصيته المستقلة.
التذبذب: ويعنى عدم استقرار الأم أو الأب فى استخدام أساليب الثواب والعقاب، ومثال ذلك أن الطفل قد يقوم بسلوك معين، فيثاب عليه، لكنه يفاجأ فى وقت آخر أن نفس السلوك الذى لاقى استحسانًا يُعاقب عليه من قبل والديه. فيصاب الطفل بالحيرة وتختلط المعايير عنده.
التفرقة: فعدم المساواة بين الأبناء، وتفضيل أحدهم على الآخر لجنسه أو سنه أو لأى سبب آخر يُعد من أساليب التربية الخاطئة التى تقع فيها الكثير من الأمهات، وقد دعا الإسلام فى أكثر من موضع إلى العدل بين الأبناء حتى ولو كان ذلك فى القُبَل، وذلك حتى لا تشتعل مشاعر الغيرة بينهم.
إثارة الألم النفسى: ويقصد به عقاب الطفل نفسيَّا عن طريق إشعاره بالذنب إذا قام بسلوك غير مرغوب فيه أو عن طريق تحقيره والتقليل من شأنه وإذلاله.
وهذا الأسلوب له ضرر جسيم على الطفل؛ حيث يصيبه بالكثير من الأمراض النفسية التي لا يمكنه التخلص منها إلا من خلال العلاج النفسي.

zd11.gif

 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
ثقافة الطفل

zd11.gif


ثقافة الطفل

قراءات الأطفال: تؤثر القراءة تأثيرًا واسعًا وعميقًا على الطفل، فهى تشبع لديه حب الاستطلاع، وتمده بالمعلومات الضرورية التى تساعده على حل كثير من المشكلات.
ويستطيع الطفل عن طريق القراءة اكتساب الثقة بنفسه، والقدرة على التعبير عن الأفكار والمشاعر بسهولة إلى جانب إثراء اللغة التى يتحدث بها، وتمهد القراءة للطفل طريق الاستقلال عن أبويه وعن الكبار بوجه عام.
وهى تفيد الطفل فى الإعداد العلمى، فعن طريقها يتمكن الطفل من التحصيل العلمى الذى يساعده على السير بنجاح فى حياته المدرسية، كما تساعده على التوافق الشخصى والاجتماعى، وإلى جانب ذلك، فإن القراءة تحقق للطفل التسلية والمتعة. وتهذب لديه مقاييس التذوق.
دور الأم فى عملية القراءة: ويعتقد كثير من الأمهات أن الطفل لا يتأثر بالكتاب قبل دخوله المدرسة، لأن الطفل لم يتعلم القراءة بعد، وهذا الاعتقاد خاطئ، لأن الطفل الصغير الذى يتصفح الكتاب يتشوق إلى الاهتمام بالقراءة فيما بعد، كما أن مشاركة الأم فى تصفح الكتاب مع طفلها الصغير تعينه على تعلم اللغة بشكل سليم، وتفتح أمامه آفاقًا واسعة من المعرفة والاكتشاف، وتصفح الأم والطفل لكتاب يوجد علاقة حميمة بينها وبين طفلها، لذلك فعلى الأم أن تشارك ابنها فى الاهتمام بالكتاب بإلقاء الأسئلة، ومساعدته على التعرف على ما لا يستطيع فهمه.
ونتيجة لذلك ستجد الأم طفلها يقبل على الكتاب ويذهب لإحضاره بنفسه، ويطلب من أمه مرافقته له فى قراءته.
وخلال عملية القراءة يجب أن يكون صوت الأم محفزًا للطفل على المتابعة، وأن تحرص على أن يشاهد الطفل الصور ويتأمل الحروف، مما يدعو الطفل إلى أن يمسك القلم، وأن يحاول رسم ما يرى أو يقلد أشكال الحروف.. وهذا يغرس فى نفس الطفل التذوق الفنى.
ويمكن للأم أن تنمى ميول القراءة لدى طفلها منذ عامه الأول، وذلك عن طريق عرض بعض الكتب المصنوعة من القماش والمزودة بالصور الملونة بألوان زاهية مبهجة، وتكوين خبرة سارة بالكتب، وتقريبها إلى الطفل عن طريق التركيز على شراء الكتاب المصور ذى الألوان المبهجة كالأحمر، والبرتقالى، والأصفر، والأخضر، والألوان الفاتحة أيضًا، وعلى الأم أن تهيئ لطفلها الجو المناسب للقراءة، فيجب أن يكون مكان القراءة جيد التهوية، نظيفًا واسعًا، به مقاعد ومناضد مريحة وسجاجيد إذا رغب الطفل فى الجلوس على الأرض، وأن تكون جدران الغرفة التى يقرأ فيها مزينة بلوحات ورسوم جذابة، حتى يستمر الطفل فى القراءة أطول مدة ممكنة.
وعلى الأم أن تتأكد من أن الكتب التى يقرؤها جيدة الطباعة، واضحة الحروف، وذلك حرصًا على عينى طفلها أثناء القراءة.
ويجب على الأم أن تنتبه إلى نقطة هامة، وهى: أن الطفل يميل إلى التقليد والمحاكاة، لذلك يجب إعطاؤه القدوة الحسنة بالإكثار من القراءة أمامه. وعلى الأم توفير مجموعة من الكتب الصغيرة البسيطة لطفلها فى مرحلة ما قبل المدرسة لصعوبة تردده على المكتبات وقلة معرفته بالكتب.
ومن الأمور المهمة أثناء عملية القراءة تدريب الطفل على فهم ما تشير إليه الكلمات، وزيادة الثروة اللفظية للطفل عن طريق معرفة كلمات جديدة، أو معرفة معان جديدة لكلمات قديمة، أو عمل قوائم كلمات كالأوصاف مثلا. ومعرفة معنى الكلمات فى النص.
وعلى الأم أن تعود طفلها على الدقة والعمق فى فهم المادة المقروءة، فيتم تدريب الطفل على استخلاص الأفكار والاحتفاظ بالمعلومات، واكتشاف موضوع القطعة، ومعرفة تتابع الحوادث وتسلسل الأفكار، واستنباط الأفكار والمعلومات الأساسية، وإصدار حكم بسيط على الأفكار التي قرأها.
حكايات الأطفال: الحكايات من أحب الأشياء إلى قلب الطفل، وتظل عالقة فى ذاكرته إلى أن يصبح رجلا، بل إنها تشكل شخصيته فى المستقبل، وذلك لأن لها أثرًا خطيرًا على عقليته، فقد تجعل منه إنسانًا سويَّا يواجه المصاعب، ويتحمل أعباء الحياة، أو تجعل منه إنسانًا جبانًا، يعانى من العزلة والانطواء والخوف، وذلك بما تحمله من مضامين.
وتجلس الأم لتحكى لطفلها حكاية (حدوتة). والطفل يتابع أحداثها بشغف شديد، ولا يمل من الاستماع إليها، ويطلب منها المزيد كلما أوشكت على الانتهاء.
وما زالت الأم تحكى لطفلها الحكايات القديمة مثل (أمنا الغولة)، و (أبو رجل مسلوخة )، و(أم أربعة وأربعين )، وغيرها من الحكايات المخيفة التي تبث الرعب فى قلب الطفل.
وهذه الحكايات لم تكن معدة أصلا للأطفال، بل كان يتداولها الكبار فى العصور القديمة، وعلى ذلك فمن الخطأ أن تحكى الأم لطفلها تلك الحكايات التي تعبر عن واقع غير واقعنا، إضافة إلى مخالفتها للقواعد التربوية السليمة،فمعظم هذه الحكايات تخلق فى نفس الطفل روح العدوان والوحشية، وتبرز صور الخوف والقلق.
وعلى الأم أن تنتقى لطفلها الحكايات التي تشجع على التعاون وحب الخير، بحيث تبدو ملائمة للحياة المعاصرة، فلا يحق للمرأة أن تجعل طفلها حبيسًا لأخيلة وتحليلات وتصورات وتأملات مجتمعات متخلفة، بل عليها أن تحاول أن تسعى جاهدة أن تطوع وتطور الحكايات التي سمعتها من أمها أو جدتها، بحيث تصبح ملائمة لطفلها، بل إن هناك قصصًا معروفة يمكنها الاعتماد عليها، ثم تعديلها لتلائم أذواق الأطفال وقدراتهم العقلية والعاطفية واللغوية، وفقًا لما استجد من أسس ونظريات فى مجالات التربية وعلم النفس والإعلام.
وعلى ذلك يمكن أن تؤدى هذه الحكايات دورها فى تنمية عقول وأخيلة الأطفال بدلا من أن تصيبهم بالأمراض النفسية، أو تعلمهم الهروب من المسؤولية والاندفاع عندما يكون الحذر مطلوبًا، والجبن والتواكل، وتبث فيهم التقليد والتقيد بالقوالب والشكليات الجامدة، وستجد الأم فى حياة الأنبياء وفى سيرة الرسول ( وصحابته الكرام والتابعين وغيرهم من الصالحين والعلماء والأبطال مادة خصبة لذلك، وستجد فيما تعرفه عن عالم الملائكة مادة خصبة لتنمية خيال الطفل ومداركه، وتعويده على الإيمان بالغيب منذ الصغر، كملمح من ملامح الإيمان.
قصص الأطفال: ومن المعروف أن الهدف من قصص الأطفال هو تنمية خيالهم، وإثراء معلوماتهم، وحثهم على التحلى بالقيم الفاضلة، لكن هناك الكثير من القصص التي تقدم لأطفالنا تحرض على العنف، بل وتحاول طمس هويتهم الإسلامية بما تبثه من أفكار مسمومة وقيم سلبية. لذلك يجب على الآباء والأمهات انتقاء أفضل القصص التي تسهم فى تقديم العقيدة الإسلامية والخلق السليم بأسلوب قصصى يتناسب مع مستوى إدراك الطفل.
وتستطيع الأم أن تعلم أبناءها القيم والأخلاق الإسلامية من خلال القصة عن طريق سرد المواقف المناسبة، ولا سيما سرد قصص الأنبياء والتي تتمثل فيها نماذج للتربية بجميع أنواعها.
التليفزيون والفيديو: يجلس الأطفال الساعات الطويلة أمام شاشات التليفزيون أو الفيديو، وتستغله بعض الأمهات كوسيلة لإلهاء الطفل، حتى تتفرغ لأعمالها فى البيت، فتكون النتيجة،أن الطفل يشاهد كل ما يوجه إليه عبر الشاشة من برامج وفقرات مليئة بكل أنواع الإباحية والفجور والأغانى الخليعة، فينشأ الطفل على أن هذه الأشياء التي رآها ووعاها فى طفولته من الأمور العادية، فيقلد ما شاهده، ويسلك سلوكًا منحرفًا فى شبابه. والأفضل أن تتخير الأم لطفلها البرامج والفقرات الهادفة التي تغرس فى نفسه الفضيلة والشرف والأمانة، وتنمى قدراته، ويمكن استخدام الفيديو كوسيلة تربوية، وذلك من خلال التحكم في الشرائط التي تعرض، فيختار منها ما يكون مفيدًا وهادفًا.
الراديو: وقد تعتقد الأم أن انعدام وجود الصورة فى الراديو، قد تجعله وسيلة إعلامية أقل تأثيرًا عن غيرها من وسائل الإعلام الأخرى، ولكن يمكن القول إن انعدام الصورة يساعد الطفل على تركيز انتباهه على الكلمة وعلى النص المذاع، مما يؤدى إلى زيادة وتعميق استفادته وتحصيله فى هذا المجال، ولكن على الأم أن تعلم أن البرامج الإذاعية التي تتناسب مع الطفل هى تلك التي تتميز بالوضوح والبساطة، مع امتلاكها لعناصر الجذب كالمؤثرات الصوتية التي تثير خياله وتنمى ملكاته. ويمكن للأم أن تتخير لطفلها البرامج الإذاعية التي تكسبه القيم والاتجاهات المرغوبة، وكذلك مبادئ وتعاليم الإسلام.
أناشيد الأطفال: إن الأسرة كلها -والأم على وجه الخصوص- مسئولة عن تشكيل ذوق الطفل، وذلك بإنشاد أو قراءة بعض الأناشيد التي تتضمن القيم التربوية الإسلامية لطفلها وتحفيظه إياها، وهى بذلك تربى ذوق الطفل منذ طفولته المبكرة على الفضيلة، فينشأ صلبًا شجاعًا يغار على دينه ووطنه، أما إذا استمع الطفل إلى الأغانى الهابطة، فإنها قد تقتل فيه روح النخوة والرجولة، فتجعل منه شخصية غير متزنة لا يحرك ساكنًا إذا اعتدى الآخرون على دينه وعرضه، ولم لا، وهو قد تعود على التراخى والاستماع إلى النغمات الراقصة التي قتلت فيه روح الشجاعة والإقدام!!
والحق أننا لا نستطيع أن نحمل الأم وحدها المسئولية فى هذا الأمر، بل المجتمع كله من حكام ومحكومين، مسئول أمام الله عن ذلك.
فالطفل قد ينشأ بين أحضان الأسرة متمسكًا بتعاليم وقيم الإسلام، فتحرم على نفسها الاستماع إلى هذه الأغانى الماجنة، لكن بمجرد خروج الطفل إلى الشارع، فإنه يواجه بسيل من الأغانى الهابطة، فيستمع إليها رغمًا عنه.
وقد انتشرت فى الآونة الأخيرة أناشيد الأطفال الخاصة بهم، وهى ذات طابع إسلامى يناسب طفولتهم وإمكانياتهم فى الأداء، وهى فى نفس الوقت رخيمة عذبة، تعمق فى نفوس الأطفال القيم الجمالية، وتسمو بعواطفهم، وتنمى أخيلتهم، وتحرك إحساساتهم ومشاعرهم، وتمنحهم لونًا من المتعة، وهى إضافة لذلك كله تقربهم من الله بما تحمله من قيم إيمانية.
وهذه الأناشيد تهذب مشاعرهم المتشنجة، وتبث الروح الحماسية فيهم، وتثبت فى نفوسهم الشجاعة والإقدام، وتدفعهم إلى الرقة والعطف فى التعامل، وتثير عندهم العواطف والانفعالات الطيبة، وهى كذلك مصدر السعادة والبهجة لهم، سواء كانوا مجرد مستمعين أو كانوا يقومون بدور إيجابى فى الأناشيد.
كما يمكن أن تكون هذه الأناشيد أداة من أدوات التربية الخلقية والعاطفية، ووسيلة من وسائل التعليم والتدريب على المهارات الحركية.
فمن المهم إشباع رغبة الطفل فى الاستماع إلى الإيقاعات العذبة الجميلة من خلال هذه الأناشيد الطيبة، وأن تبعد عن أذنى الطفل كل ما هو رخيص، ويمكن أن يتم ذلك من خلال تدريبه على سماع الأصوات الصادرة عن الطبيعة، والكلام المنغم، والإلقاء الحسن.
وعلى الأم أن تختار الأناشيد المناسبة التي تهدف إلى غرس الخير والفضيلة والشجاعة والإقدام فى نفوسهم، وتهذيب الألفاظ والكلمات، حيث يمكن لهذه الأناشيد أن تساعد الأطفال على نطق الألفاظ والكلمات بشكل صحيح، ورفع مستوى التذوق عند الطفل، والعمل على زيادة النمو الحسى والإدراكى والوجدانى للطفل. وعليها أن تأخذ فى اعتبارها أن تختار الأناشيد التي تحمل معانى صادقة، تفيض بالمرح والتفاؤل، وأن تكون الكلمات سهلة وغير معقدة يسهل على الأطفال فهمها، وكذلك أن تتناول هذه الأناشيد الموضوعات والمعانى والشخصيات والأسماء المحببة إلى الطفل، بالإضافة إلى ذلك يجب أن تشيع هذه الأناشيد الأمل فى نفوسهم، وتجنبهم كل ما يثير أحزانهم ويدعوهم إلى الخمول والكسل.

zd11.gif

 

Hamza42

:: Super User ::, ,
إنضم
16 مارس 2012
المشاركات
2,599
مستوى التفاعل
7,768
النقاط
0
الإقامة
تيبازة
التربية الإسلامية

zd11.gif


التربية الإسلامية

اهتم الإسلام بالتربية الصالحة للأبناء، وإعدادهم الإعداد المناسب بحيث يصبحون نافعين لدينهم ومجتمعهم.
ويعتبر دور الأم فى هذا المجال دورًا مؤثرًا وخطيرًا؛ لأنها تلازم طفلها منذ الولادة إلى أن يشب ويترعرع ويصبح رجلا يعتمد على نفسه، وهذه المسؤولية كبيرة وشاقة على الأم، ولكنها قادرة عليها بما وهبها الله من عزيمة وصبر وحنان على أبنائها.
وقد دعا القرآن الكريم إلى العناية بالأبناء، فقال تعالى: (يُوصيكُمُ اللهُ في أولادِكُمْ) [النساء: 11]، وقال: (يَا أيُّهَا الّذِين آمَنُوا قُوا أَنفسَكُمْ وأَهْليكُمْ نارًا وقُودُهَا النَّاسُ والحِجَارَةُ) [التحريم: 6]، وقال: (وَأْمُرْ أَمُر أَهْلَكَ بالصَّلاةِ واصْطَبِرْ عَلَيْهَا) [طه:132]، كما أكد الرسول ( على أهمية تأديب الطفل وتربيته (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم فى المضاجع) [أبو داود].
وقد قص القرآن الكريم الكثير من صور التأديب والاهتمام بالولد مثل وصية لقمان لابنه.
وعلى الأم أن تعمل على تربية طفلها إيمانيَّا واجتماعيَّا، وأن تعمل على تأديبه بآداب الإسلام.
التربـية الإيمانية: بما يعنى تقوية علاقة الطفل بربه، وبحيث يملأ الإيمان قلبه. ومما يساعد على ذلك:
استحباب التأذين فى أذن المولود اليمنى، والإقامة فى أذنه اليسرى.
ذلك حتى تكون كلمة التوحيد، وشعار الدخول فى الإسلام أول ما يقرع سمع الطفل، وأول ما ينطلق بها لسانه.
- على الأم أن تردد على مسامعه دائمًا كلمات الله، وتسمعه آيات من القرآن الكريم، فالطفل وإن كان لا يعقل ما يسمعه إلا أنه يشعر بالاطمئنان والسكينة.
- على الأم أن تساعد طفلها على التفرقة بين الحلال والحرام، حتى ينشأ على الالتزام بأوامر الله واجتناب نواهيه.
- تشجعه على الصلاة وتحفزه على أدائها.
- كذلك عليها أن تشجعه على حفظ القرآن الكريم وتلاوته ؛ حتى يتقوم لسانه، وتسمو روحه، ويخشع قلبه، ويرسخ فى نفسه الإيمان واليقين.
- تبذر فى قلبه بذور الحب لله ورسوله ( وصحابته -رضوان الله عليهم-.
- تفهمه أن الله خالق هذا الكون وصانعه، وأن عليه أن يطيعه ويشكره.
- إذا وصل الطفل إلى سن السابعة فعليها أن تأمره بالصلاة.. روى عن رسول الله ( أنه قال: (مروا الصبى بالصلاة إذا بلغ سبع سنين) [أبو داود].
- أن تدربه على الصوم بأن تجعله يصوم ساعة أو ساعتين أو بعضًا من اليوم حتى يطيق الصوم فى الكبر، وينشأ على طاعة الله والقيام بحقه، والشكر له. عن الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ قالت: أرسل رسول الله ( صبيحة عاشوراء إلى قرى الأنصار: (من كان أصبح صائمًا فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرًا، فليتم بَقِيَّة يومه). فكنا نصومه بعد ذلك ونُصَوِّم صبياننا الصغار منهم -إن شاء الله- ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللُّعبة من العِهْن، فإذا بكى أحدهم على الطعام، أعطيناه إياه عند الإفطار. [متفق عليه].
كذلك على الأم أن تؤدب ولدها على حب رسول الله (، وحب آل بيته وتلاوة القرآن الكريم.. لما روى عن النبى ( أنه قال: (أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب آل بيته وتلاوة القرآن، فإن حملة القرآن فى ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله) [الديلمي].
ويمكن للأم أن تنتهز أية فرصة لتشرح له قدرة الله عز وجل، وتتدرج معه من المحسوس إلى المعقول، ومن الجزئي إلى الكلى، ومن البسيط إلى المركب ؛ حتى تصل معه فى نهاية الشوط إلى قضية الإيمان عن اقتناع وبرهان.
- وعليها أن تغرس فى نفسه روح الخشوع والتقوى والعبودية لله رب العالمين.
الآداب الإسلامية:
- على الأم أن تحرص على تعليم ولدها الآداب الإسلامية إذا بلغ سن السادسة، حتى يتعود عليها. كأن تعلمه بأن يسمى الله عند الأكل، وأن يأكل بيمينه، ومما يليه. قال رسول الله ( (يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك) [مسلم]، وقال رسول الله ( أيضًا: (إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى، فإن نسى أن يذكر اسم الله تعالى فى أوله فليقل: (باسم الله أولَه وآخرَه).
[أبو داود والترمذي].
- على الأم أن تغرس فى طفلها الصدق والإخلاص، وذلك عن طريق الوفاء بالوعود التي تعطيها له، وأن تكون قدوة له دائمًا.
- على الأم أن تعلم طفلها ألا يكون منافقًا، مع توضيح علامات المنافق التي ذكرت فى حديث رسول الله :) (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان)
[متفق عليه].
- أن تعلمه آداب العطس.. قال :) (إذا عطس أحدكم فليضع كفيه على وجهه وليخفض صوته) [الحاكم والبيهقى]. وقال :) (إذا عطس أحدكم: فليقل الحمد لله، وليقل له أخوه -أو صاحبه-: يرحمك الله. فإذا قال يرحمك الله، فليقل: يهديكُم الله ويصلح بالكُم) [البخاري والترمذي].
- على الأم أن تحثه دائمًا وتذكره أن يقول: (الحمد لله ) عند الانتهاء من أى عمل يقوم به. قال :) (إن خير عباد الله يوم القيامة الحمادون) [أحمد].
- وعليها أن تؤكد له دائمًا أن المسلم ليس شتامًا ولا لعانًا.. قال :) (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) [متفق عليه]. وقال :) (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء) [الترمذي].
وعليها أن تعلمه أن حق المسلم على المسلم خمس.. قال :) (حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس) [متفق عليه].
وتحرص الأم حرصًا شديدًا على مشاركة ولدها - دون تدخل واضح - فى اختيار أصدقائه لما لهم من تأثير كبير على شخصية طفلها.. قال رسول الله :) (مثل الجليس الصالح، والجليس السوء كمثل حامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك (يعطيك)، أو تشترى منه، أو تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، أو تجد منه ريحًا خبيثة منتة) [البخاري]. وقال :) (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) [أبو داود، الترمذي، أحمد].
وتنبه ولدها إلى آداب الصداقة، فيسلم على صديقه إذا لقيه، ويعوده إذا مرض، ويشمته إذا عطس، ويعينه فى وقت الشدة، ويجيبه إذا دعاه، ويهنئه فى المناسبات السارة
وعليها أن تحرص دائمًا على أن تؤكد لطفلها أن لوالديه عليه حقوقًا، فعليه أن يحترمهما ويقدرهما ويحسن إليهما، فرضاهما من رضا الله سبحانه وتعالى، قال جل شأنه فى كتابه الكريم: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا} [الإسراء: 24].
وعلى الأم أن تحرك فى أعماق طفلها عاطفة القرابة، وتشجعه على صلة الرحم، لتنمو فى نفسه محبة من تربطه وإياهم رابطة النسب حتى إذا بلغ سن الرشد قام بواجب العطف والإحسان لهم، وتستطيع أن تطبق ذلك بصورة عملية فتأخذ طفلها معها عند زيارتها - مع محرم - لمن يرتبطون بهم بصلة قرابة، فيتعود الطفل هذا السلوك الإسلامى، قال تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا وبذي القربي واليتامي والمساكين والجار ذي القربي} [النساء: 36].
وعليها أن تشرح له أن عليه حقوقًا لجيرانه، يعاملهم بإحسان، ولا يؤذيهم، بل يحميهم ممن يتعرض لهم بسوء.. قال رسول الله :) (والله لا يؤمن،والله لا يؤمن). قيل: من يا رسول الله؟ قال : (الذى لا يأمن جاره بوائقه (شروره) [متفق عليه].
وعلى الأم أن تنبه ولدها إلى احترام معلمه، وتوقيره، وأن ذله لمعلمه عز ،وتواضعه له رفعة.. قال رسول الله :) (ليس من أمتى من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه) [أحمد].
وعلى الأم أن تعلم طفلها منذ الصغر آداب الاستئذان، حتى لا يدخل بيت أحد بغير إذن صاحبه، مع تعليمه أن يستأذن ثلاث مرات قبل الدخول، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتي تسأنسوا وتسلموا علي أهلها} [النور: 27] وقوله: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم علي بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم} [النور: 58].
وعليها أن تعلمه كيفية قضاء حاجته، وذلك فى الأماكن المخصصة، وعليها أن تعلمه بأن يدخل تلك الأماكن برجله اليسرى مع التزام ذكر دعاء الدخول، وهو كما قال رسول الله :) (بسم الله، اللهم إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث) [متفق عليه].
وعليها أن تعلمه تحية الإسلام " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ".
وعلى الأم أن تنفره من الكذب والكذابين، قال :) (إياكم والكذب، فإن الكذب يهدى إلى الفجور، والفجور يهدى إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا)[متفق عليه]. وفى المقابل تحثه على الصدق، وتذكر له أنه خلق طيب أمر به الإسلام.. قال :) (إن الصدق يهدى إلى البر، وإن البر يهدى إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صِدِّيقًا)
[متفق عليه].
- عليها أن تعلمه أن الحياء خلق طيب من أخلاق الإسلام، قال :) (إن لكل دين خلقًا، وإن خلق الإسلام الحياء) [ابن ماجه].
- وعليها أن تغرس فى قلبه الرحمة على الفقراء والمساكين حتى يلين قلبه.. قال :) (إن أردت أن يلين قلبك، فأطعم المسكين، وامسح على رأس اليتيم ) [أحمد].
تربـية الذوق: وتربية الذوق وتنميته فى نفوس أطفالنا أمر مطلوب، لذلك فإن على الأم أن تحرص على تدريب طفلها على تذوق الجمال، مع تعويده على المحافظة على بقاء الأشياء الجميلة، فلا يتلف المزروعات، ولا يقطف الأزهار من الحدائق، ومن المستحب أن تكلف الأم طفلها برعاية بعض النباتات الموجودة فى البيت كنباتات الزينة مثلا، وتعلمه كيفية ترتيب حجرته، وتنظيم حاجاته، حتى يتعود على تذوق الجمال منذ صغره.
- ومن الذوق أيضًا أن تعلمه أصول الخطاب مع الغير، ومراعاة عدم جرح مشاعر الآخرين، ومعاملة الناس باحترام ولباقة، مع اختيار الألفاظ المهذبة، وخفض الصوت، وعدم رفعه، خاصة مع من يكبرونه فى السن والمقام.
- قال رسول الله :) (ما أكرم شاب شيخًا لسنه، إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه) [الترمذي]، وورد عن رسول الله :) (ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقِّر كبيرنا) [الترمذي].
- وعلى الأم كذلك أن توضح لطفلها أن العيب كل العيب أن يهزأ من الكبير، أو يسخر منه أو يسىء الأدب معه.
- وزيادة فى تعويد الطفل على احترام الكبير، فيستحب له تقبيل يد الكبير خاصة الوالدين والجدين حتى ينشأ الولد على التواضع والاحترام وإنزال الناس منازلهم، بشرط ألا يغالى فى ذلك ولا يزيد فى الاحترام عن الحد الذى أمر به الشرع الحنيف كالانحناء أثناء القيام أو الركوع أثناء التقبيل.
التربـية الاجتماعية:
- على الأم أن تسعى جاهدة لتعليم طفلها منذ نشأته التزام الآداب الاجتماعية الفاضلة المستقاة من ديننا الإسلامى الحنيف حتى يستطيع الطفل في المستقبل الالتزام بها دون أن يشعر أنها تشكل عبئًا عليه، كذلك فإن قيام الأم بهذا الدور على وجهه الصحيح، يسهم فى إقامة مجتمع إسلامى تقوم دعائمه على الأخلاق والقيم الإسلامية الرفيعة.
- لذلك فإن على الأم أن تعلم طفلها الأخوة، والحب فى الله... قال تعالى: إنما المؤمنون إخوة [الحجرات: 10]، وقال :) (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله ولا يحقره، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه، التقوى هاهنا) (ثلاث مرات) ويشير إلى صدره [الترمذي]. وقال :) (مثل المؤمنين فى توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى) [مسلم].
- وعليها أن تعلمه الإيثار، وهو: أن يفضل غيره على نفسه فى الخيرات، ويمكنها أن تدربه على ذلك بأن تعطيه شيئًا يحبه حبًا شديدًا، وتطلب منه برفق وحنان أن يعطيه لأخيه، فيتعود منذ الصغر على هذه العادة الإسلامية السامية.. قال تعالى: {ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} [الحشر: 9].
- وعلى الأم أن تعلم طفلها التسامح والعفو عند المقدرة، فإذا اعتدى عليه أحد الأطفال، تطلب منه الأم أن يسامحه ،وأن يعفو عنه، لأن الله سبحانه وتعالى يحب العافين عن الناس.. قال تعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} [آل عمران: 134].
- وعليها أن تعلمه الشجاعة والجرأة وقول كلمة الحق، ويمكنها أن تطبق ذلك بطريقة عملية، فإذا أخطأت، وأدرك الطفل ذلك فنبهها إلى الخطأ، فلا تعنفه أو تعاقبه على جرأته، بل تشجعه على ذلك بأن تقول له: نعم أخطأت ولن أكرر ذلك مرة ثانية. فينشأ الطفل جريئًا شجاعًا، لا يسكت عن الحق فى المستقبل، لأنه تعود عليه منذ الصغر.
التربـية الجنسية:
على الأم أن تعمل على:
- تصحيح المعلومات والأفكار والاتجاهات الخاطئة نحو بعض أنماط السلوك الجنسى الشائع.
- تربية الأطفال على ستر عوراتهم حتى يتربوا على الحياء والحشمة.
- تنمية الضمير الحى فيما يتعلق بأى سلوك جنسى يقوم به الطفل بحيث لا يقوم إلا بما يشعره باحترامه لذاته.
- التفرقة بين الأبناء والبنات فى المضاجع إذا ما بلغوا عشر سنين.. فقد ورد عن النبى ( أنه قال: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم فى المضاجع) [أبو داود وأحمد].

zd11.gif

 

FaYsSaL_GsM

:: الإدارة ::
إنضم
15 مارس 2012
المشاركات
10,155
مستوى التفاعل
39,218
النقاط
113
الإقامة
Dzgsm
بارك الله فيك أستاذي حمزة مميز كالعادة بالمواضيع المهم والمفيدة دوما
فعلا هذا المضوع يعتبر مرجعا مشاء الله عليه

لي عودة لقرائته بحول الله تعالى


ســــــــــــــــــلام
 
أعلى