هل تجوز شهادة الذمي علي المسلم أمام المحاكم ، ولا يوجد شهود غيره ؟

Mazari

:: مشرف::, قسم VolcanoBox
إنضم
14 أغسطس 2012
المشاركات
1,219
مستوى التفاعل
4,293
النقاط
113
الإقامة
sidi aissa
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




السؤال:
هل تجوز شهادة الذمي علي المسلم أمام المحاكم ، ولا يوجد شهود غيره ؟



الجواب :
الحمد لله
أولا :
أَهْل الذِّمَّةِ هُمُ : الْمُعَاهَدُونَ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يُقِيمُ فِي دَارِ الإْسْلاَمِ . وَيُقِرُّونَ عَلَى كُفْرِهِمْ بِشَرْطِ بَذْل الْجِزْيَةِ وَالْتِزَامِ أَحْكَامِ الإْسْلاَمِ الدُّنْيَوِيَّةِ .
"الموسوعة الفقهية" (7 /141)
ثانيا :
لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جِوَازِ شَهَادَةِ الْمُسْلِمِ عَلَى غَيْرِ الْمُسْلِمِ ، واختلفوا فِي جَوَازِ شَهَادَةِ الْكُفَّارِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ : فَقَال الْجُمْهُورُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ ، وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى الْجَوَازِ ، على تفصيل لهم في ذلك .
راجع : "الموسوعة الفقهية" (37 /185-186) .
ثالثا :
" لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي عَدَمِ جِوَازِ شَهَادَةِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ " .
انتهى من "الموسوعة الفقهية" (37 /185) .
إذ " الأْصْل أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مُسْلِمًا فَلاَ تُقْبَل شَهَادَةُ الْكُفَّارِ سَوَاءٌ أَكَانَتِ الشَّهَادَةُ عَلَى مُسْلِمٍ أَمْ عَلَى غَيْرِ مُسْلِمٍ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ) .البقرة/282 ، وَقَوْلُهُ : ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) الطلاق/2. وَالْكَافِرُ لَيْسَ بِعَدْلٍ وَلَيْسَ مِنَّا ، وَلأِنَّهُ أَفْسَقُ الْفُسَّاقِ وَيَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلاَ يُؤْمَنُ مِنْهُ الْكَذِبُ عَلَى خَلْقِهِ .
وَعَلَى هَذَا الأْصْل جَرَى مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ عَنْ أَحْمَدَ .
لَكِنَّهُمُ اسْتَثْنَوْا مِنْ هَذَا الأْصْل شَهَادَةَ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ فَقَدْ أَجَازُوهَا عَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأْرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ ) المائدة/106 " .
انتهى من "الموسوعة الفقهية" (26/222).
وقال ابن كثير رحمه الله :
" وقوله تعالى: ( إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ ) أَيْ سَافَرْتُمْ ( فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ ) وَهَذَانَ شَرْطَانِ لِجَوَازِ اسْتِشْهَادِ الذِّمِّيِّينَ عِنْدَ فَقْدِ الْمُؤْمِنِينَ : أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي سَفَرٍ، وَأَنْ يَكُونَ فِي وَصِيَّةٍ ، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي ، قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ شريح قال: " لا تجوز شهادة اليهود والنصارى إِلَّا فِي سَفَرٍ، وَلَا تَجُوزُ فِي سَفَرٍ إلا في الوصية " ، وَقَدْ رُوِيَ نحوه عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ إِفْرَادِهِ ، وَخَالَفَهُ الثَّلَاثَةُ فقالوا: لا يجوز شهادة أهل الذمة على المسلمين، وَأَجَازَهَا أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَا بَيْنَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا " انتهى .
وقال البخاري رحمه الله في صحيحه (2/953) :
" بَاب لَا يُسْأَل أَهْل الشِّرْك عَنْ الشَّهَادَة وَغَيْرهَا " .
قال الحافظ رحمه الله :
" هَذِهِ التَّرْجَمَة مَعْقُودَة لِبَيَانِ حُكْم شَهَادَة الْكُفَّار , وَقَدْ اِخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ السَّلَف عَلَى ثَلَاثَة أَقْوَال : فَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى رَدّهَا مُطْلَقًا , وَذَهَبَ بَعْض التَّابِعِينَ إِلَى قَبُولهَا مُطْلَقًا - إِلَّا عَلَى الْمُسْلِمِينَ - وَهُوَ مَذْهَب الْكُوفِيِّينَ ، فَقَالُوا تُقْبَل شَهَادَة بَعْضهمْ عَلَى بَعْض , وَهِيَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد وَأَنْكَرَهَا بَعْض أَصْحَابه وَاسْتَثْنَى أَحْمَد حَالَة السَّفَر فَأَجَازَ فِيهَا شَهَادَة أَهْل الْكِتَاب , وَقَالَ الْحَسَن وَابْن أَبِي لَيْلَى وَاللَّيْث وَإِسْحَاق : لَا تُقْبَل مِلَّة عَلَى مِلَّة ، وَتُقْبَل بَعْض الْمِلَّة عَلَى بَعْضهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( فَأَغْرَيْنَا بَيْنهمْ الْعَدَاوَة وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ) وَهَذَا أَعْدَل الْأَقْوَال لِبُعْدِهِ عَنْ التُّهْمَة " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" لا بد من أن يكون الشاهد مسلماً بدلالة القرآن والنظر الصحيح ؛ لأن الكافر محل الخيانة ، وهو غير مأمون ، قال تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ ) آل عمران/ 118 ، فالكفار يسعون بكل جهد أن يكون عملنا خبالاً ضائعاً لا خير فيه .
فإذا كان الكافر مبرزاً في الصدق ، والكافر قد يكون صدوقاً ، فلا نقبل شهادته.." انتهى من "الشرح الممتع" (15 /419-420) .
وقال أيضا :
" لا تجوز شهادة الكافر ، إلا في حال الضرورة في الوصية إذا مات المسلم في السفر ، ولم يكن عنده مسلم وأوصى وأشهد كافرين : فإن الشهادة حينئذٍ تقبل ، ويقسمان بالله إن حصل ارتيابٌ في شهادتهما " .
انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (11/360) .
فعلى ما تقدم : لا تجوز شهادة الذميين على المسلمين بحال ، لا في المحاكم ولا غيرها ، ولو لم يكن هناك من الشهود غيرهم ؛ لأنهم ليسوا أهلا للشهادة .
إلا في الوصية في السفر عند فقد المؤمنين فإنها تجوز .
لكن قال ابن القيم رحمه الله :
" قَالَ شَيْخُنَا رَحِمَهُ اللَّهُ – يعني ابن تيمية - : وَقَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ – يعني الوصية في السفر عند الموت إذا لم يوجد غيرهم من المسلمين - : " هُوَ ضَرُورَةٌ " يَقْتَضِي هَذَا التَّعْلِيلُ قَبُولَهَا فِي كُلِّ ضَرُورَةٍ حَضَرًا وَسَفَرًا
وعَلَى هَذَا لَوْ قِيلَ : يَحْلِفُونَ فِي شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، كَمَا يَحْلِفُونَ عَلَى شَهَادَاتِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي وَصِيَّةِ السَّفَرِ، لَكَانَ مُتَوَجِّهًا، وَلَوْ قِيلَ: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ عُدِمَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ ، لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ ، وَيَكُونُ بَدَلًا مُطْلَقًا " .
انتهى من "الطرق الحكمية" (ص: 160) .
ولعل ما تقدم من عدم قبول شهادتهم على المسلمين إلا في الوصية في السفر عند فقد المؤمنين هو الراجح .
إلا أن يعتبرها القاضي من القرائن والمرجحات عند تكافؤ الأدلة ، أو عند انعدام البينة الشرعية ، كما في كلام شيخ الإسلام : فهنا يتوجه اعتمادها ؛ لكن هذا من مواضع نظر القاضي ، واجتهاده .
راجع جواب السؤال رقم : (124678) ، (147934) .
والله تعالى أعلم .


موقع الإسلام سؤال وجواب
 

Younsse

:: Super User ::, ,
إنضم
13 أكتوبر 2012
المشاركات
1,163
مستوى التفاعل
2,955
النقاط
0
الإقامة
الجزائر
بارك الله فيك اخي الفاضل على المعلمات القييمة

شكرا جزيلا
 

FaYsSaL_GsM

:: الإدارة ::
إنضم
15 مارس 2012
المشاركات
10,155
مستوى التفاعل
39,218
النقاط
113
الإقامة
Dzgsm
بارك الله فيك على المعلومة القييمة
نعم أعرفها منذ زمن كنــا نسمعها في المساجد قبلا صلاة الجمعة
أااااه لو يعودو مشاييخ ذاك الزمان ............
 
أعلى